تركيا: الركود والديون وضعف الطلب تلقي بظلال قاتمة على نمو الاقتصاد

دعوة لرجال الأعمال العرب للاستثمار بقطاع التكنولوجيا

لا يرغب الرئيس التركي في اقتصاد راكد قبل الانتخابات المحلية التي ستجرى في 31 مارس (آذار) المقبل
لا يرغب الرئيس التركي في اقتصاد راكد قبل الانتخابات المحلية التي ستجرى في 31 مارس (آذار) المقبل
TT

تركيا: الركود والديون وضعف الطلب تلقي بظلال قاتمة على نمو الاقتصاد

لا يرغب الرئيس التركي في اقتصاد راكد قبل الانتخابات المحلية التي ستجرى في 31 مارس (آذار) المقبل
لا يرغب الرئيس التركي في اقتصاد راكد قبل الانتخابات المحلية التي ستجرى في 31 مارس (آذار) المقبل

توقع خبراء اقتصاديون أن يعرقل الركود، إلى جانب ضعف الطلب الاستهلاكي والديون العالية وأسعار الفائدة المرتفعة، نمو اقتصاد تركيا في الربع الثالث من العام الجاري، كما سينتج عنه انكماش اقتصادي في الربع الرابع وقد يمتد ذلك إلى العام المقبل (2019).
وأوضح الخبراء أن التحسن الذي شهدته قيمة الليرة التركية مقابل الدولار، منذ انتهاء التوتر الشديد في العلاقات بين واشنطن وأنقرة على خلفية محاكمة القس الأميركي أندرو برانسون في تركيا بتهمة الإرهاب، قد يؤثر في حماية الشركات التي تعاني من ضعف الطلب والركود.
وكانت الليرة التركية فقدت أكثر من 40 في المائة من قيمتها منذ مطلع العام الجاري بسبب التوترات بين تركيا والولايات المتحدة، والقلق بشأن سياسات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الاقتصادية.
وأدت أزمة العملة، التي بلغت ذروتها في شهر أغسطس (آب) الماضي، وارتفاع أسعار الفائدة التي أقرها البنك المركزي في سبتمبر (أيلول) التي بلغت 24 في المائة، إلى شل بعض الشركات، ما قلل الطلب على القروض والاستثمارات الجديدة.
وبحسب الخبير الاقتصادي إنان دمير من شركة «نومورا إنترناشيونال» في لندن، فقد «شهدت الليرة التركية مراحل انتعاش سابقة بعد مرحلة ركود، لكن الاختلاف هذه المرة هو أن الاقتصاد التركي ليس قويا بما يكفي».
وقالت وكالة «موديز» الدولية للتصنيف الائتماني، في تقرير لها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إن الاقتصاد التركي سينكمش على الأرجح خلال النصف الأول من العام المقبل، وتوقعت نموا يقتصر على نسبة 1.5 في المائة في عام 2018، يليه انكماش بنسبة 2 في المائة في عام 2019.
كما توقع صندوق النقد الدولي أن ينخفض معدل النمو إلى 0.4 في المائة في عام 2019. من مستوى 3.5 في المائة العام الحالي، بسبب ضعف الليرة، وارتفاع تكاليف الاقتراض.
وستنشر هيئة الإحصاء التركية بيانات نمو الربع الثالث في 10 ديسمبر (كانون الأول) الجاري.
ولا يرغب الرئيس التركي في اقتصاد راكد قبل الانتخابات المحلية التي ستجرى في 31 مارس (آذار) المقبل، التي ينظر إليها باعتبارها مؤشرا على دعم سياساته، حيث بنى إردوغان - بحسب الخبراء - نجاحه السياسي على النمو الاقتصادي، مدعوما بالتسهيل الائتماني وقوة ميزان الطلب.
لكن بعض الاقتصاديين يصفون هذه السياسة الاقتصادية بـ«استراتيجية نمو غير مستدام، وأنها انتهت فعليا».
ويقول الخبراء إنه رغم ذلك لم تتراجع حكومة إردوغان عن هذه السياسة الاقتصادية. ومؤخرا خفضت الضرائب على السيارات والأجهزة المنزلية حتى نهاية العام الجاري، فيما يبدو أحد حوافزها قبل الانتخابات المحلية.
من ناحية أخرى، دعا محمد فاتح كاجير، مساعد وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي، رجال الأعمال العرب إلى الاستثمار في قطاع التكنولوجيا، موضحا أن الشركات العاملة في هذا المجال ستشهد تطورا كبيراً خلال السنوات القليلة القادمة.
وأشار كاجير، في كلمة له خلال مشاركته في افتتاح مؤتمر «بادر» الأول للاستثمار في مدينة إسطنبول، برعاية وزارة التجارة وبدعم من مكتب الاستثمار الرئاسي، إلى أن تركيا تقدّم فرصا استثمارية مهمة للمستثمرين العرب في مجال التكنولوجيا، على غرار الفرص المتاحة في قطاع العقارات.
وأوضح أن تركيا تمتلك طاقات شابة تتمتع بالخبرة، إلى جانب موقعها الجغرافي الاستراتيجي. وأضاف أن الحكومة التركية أقدمت على خطوات مهمة من شأنها القضاء على البيروقراطية التي كانت تعيق قدوم المستثمرين الأجانب إلى البلاد.
وتابع: «أرجو من المستثمرين التوجه إلى قطاع التكنولوجيا والاستثمار فيه وعدم الاكتفاء بالقطاعات التقليدية، فتركيا تمتلك حاليا أكثر من 60 حديقة تكنولوجية، وأكثر من ألف مركز للأبحاث، وبفضل الدعم الذي نوفره فإن الكثير من الشركات العالمية يستثمرون في بلادنا بمجال التكنولوجيا».
من جانبه أشار رئيس مجلس إدارة منصة بادر للاستثمار بدر السعيد، إلى زيادة نسبة الاستثمارات في البنية التحتية والفوقية بتركيا خلال الآونة الأخيرة. وأكد أن الحكومة التركية بإجراءاتها الناجحة، تمنح الثقة للمستثمرين الأجانب الراغبين بالاستثمار في هذا البلد. وأضاف أن «تركيا الآن لديها فرص استثمارية كثيرة، ولذلك أسسنا منصة «بادر»، وأود أن أقول بأن الاستثمارات المتوفرة حاليا في تركيا، لا يمكن أن تتوفر في مكان آخر».
على صعيد آخر، بلغت واردات السياحة العلاجية في تركيا منذ انطلاقها إلى مليار ونصف المليار دولار. وقال وزير الصحة التركية فخر الدين كوجافي تصريحات لوكالة الأناضول أمس، إن واردات السياحة العلاجية ليست قليلة، وإن الوزارة ترغب في مضاعفة هذا الرقم خمس مرات حتى عام 2023. ونوه إلى أن مواطني أذربيجان والعراق وجورجيا وألمانيا وروسيا يفضلون السفر إلى تركيا لغرض العلاج.
وأشار إلى أن القادمين إلى تركيا للسياحة العلاجية يتلقون خدمات ذات جودة عالية في الكثير من الاختصاصات وفي مقدمتها علم الأورام، والعيون وجراحة الدماغ والعلاج الإشعاعي. وأَضاف أن من أهم مميزات تركيا في السياحة العلاجية هو موقعها الجغرافي المتميز، حيث إنها تبعد أربع ساعات بالطائرة عن 1.5 مليار نسمة ذات مستوى دخل متوسط وعال، وأنهم ينظرون إلى قطاع السياحة العلاجية باعتباره هدفا استراتيجيا كبيرا.
وقال الوزير إن القطاع الصحي في تركيا يحتل مرتبة جيدة جدا من ناحية البنية التحتية والتكنولوجيا والكوادر الطبية لافتا إلى أن القطاع الصحي التركي سيشهد قفزة نوعية بعد دخول المدن الطبية التي يجري إنشاؤها حيز الخدمة.



لاغارد: عملية خفض التضخم تسير على المسار الصحيح

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

لاغارد: عملية خفض التضخم تسير على المسار الصحيح

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن قرار مجلس الإدارة بخفض أسعار الفائدة الرئيسية الثلاثة للمركزي الأوروبي بمقدار 25 نقطة أساس، يستند إلى التقييم المحدث لآفاق التضخم، وديناميكيات التضخم الأساسي، وقوة انتقال السياسة النقدية. وأشارت، في المؤتمر الصحافي عقب إصدار القرار، إلى أن عملية خفض التضخم تسير وفق المسار المخطط لها.

ويتوقع موظفو البنك أن يكون متوسط التضخم الرئيسي 2.4 في المائة خلال 2024، و2.1 في المائة خلال 2025، و1.9 في المائة خلال 2026، و2.1 في المائة خلال 2027، عندما يبدأ العمل بنظام تداول الانبعاثات الموسّع في الاتحاد الأوروبي. وبالنسبة للتضخم، الذي يستثني الطاقة والطعام، يتوقع الموظفون متوسطاً يبلغ 2.9 في المائة خلال 2024، و2.3 في المائة خلال 2025، و1.9 في المائة في كل من 2026 و2027.

وأضافت لاغارد: «يشير معظم مقاييس التضخم الأساسي إلى أن التضخم سيستقر حول هدفنا متوسط المدى البالغ 2 في المائة بشكل مستدام. وعلى الرغم من انخفاض التضخم المحلي قليلاً، فإنه لا يزال مرتفعاً. ويرجع ذلك، في الغالب، إلى أن الأجور والأسعار في بعض القطاعات لا تزال تتكيف مع الزيادة السابقة في التضخم بتأخير ملحوظ».

وتابعت: «جرى تسهيل شروط التمويل، حيث أصبح الاقتراض الجديد أقل تكلفة للشركات والأُسر تدريجياً نتيجة خفض الفائدة الأخير. لكن هذه الشروط لا تزال مشددة؛ لأن سياستنا النقدية تظل تقييدية، والفوائد المرتفعة السابقة لا تزال تؤثر على رصيد الائتمان القائم».

ويتوقع الموظفون، الآن، تعافياً اقتصادياً أبطأ من التوقعات السابقة في سبتمبر (أيلول) الماضي. وعلى الرغم من تسارع النمو، خلال الربع الثالث من هذا العام، تشير المؤشرات إلى تباطؤه خلال الربع الحالي. ويتوقع الموظفون أن ينمو الاقتصاد بنسبة 0.7 في المائة خلال 2024، و1.1 في المائة خلال 2025، و1.4 في المائة خلال 2026، و1.3 في المائة خلال 2027.

وقالت لاغارد: «نحن ملتزمون بضمان استقرار التضخم بشكل مستدام عند هدفنا متوسط المدى البالغ 2 في المائة. سنتبع نهجاً يعتمد على البيانات ويعتمد على الاجتماع تلو الآخر لتحديد السياسة النقدية المناسبة. بشكل خاص، ستكون قراراتنا بشأن الفائدة مبنية على تقييمنا لآفاق التضخم في ضوء البيانات الاقتصادية والمالية الواردة، وديناميكيات التضخم الأساسي، وقوة انتقال السياسة النقدية. نحن لا نلتزم مسبقاً بمسار معين للفائدة».

النشاط الاقتصادي

نما الاقتصاد بنسبة 0.4 في المائة، خلال الربع الثالث، متجاوزاً التوقعات. وكان النمو مدفوعاً أساساً بزيادة الاستهلاك، جزئياً نتيجة العوامل الفريدة التي عزّزت السياحة في الصيف، وبناء الشركات للمخزونات. لكن أحدث المعلومات يشير إلى فقدان الاقتصاد الزخمَ. وتشير الاستطلاعات إلى أن التصنيع لا يزال في حالة انكماش، وأن نمو الخدمات يتباطأ. وتُحجم الشركات عن زيادة الإنفاق على الاستثمار في ظل الطلب الضعيف وآفاق غير مؤكَّدة. كما أن الصادرات ضعيفة، مع مواجهة بعض الصناعات الأوروبية صعوبة في الحفاظ على قدرتها التنافسية.

ووفق لاغارد، لا تزال سوق العمل مرنة، حيث نما التوظيف بنسبة 0.2 في المائة خلال الربع الثالث، متجاوزاً التوقعات. وظلَّ معدل البطالة عند أدنى مستوى تاريخي له بنسبة 6.3 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي الوقت نفسه، لا يزال الطلب على العمل في تراجع، حيث انخفض معدل الوظائف الشاغرة إلى 2.5 في المائة خلال الربع الثالث، وهو أقل بمقدار 0.8 نقطة مئوية من ذروته. وتشير الاستطلاعات أيضاً إلى تقليص خلق الوظائف في الربع الحالي.

تقييم المخاطر

أشارت لاغارد إلى أن المخاطر الاقتصادية تظل مائلة نحو الجانب السلبي، حيث يمكن أن تؤثر الاحتكاكات التجارية والتوترات الجيوسياسية على نمو منطقة اليورو، وتقلل من الصادرات وتضعف الاقتصاد العالمي. كما قد يعوق تراجع الثقة تعافي الاستهلاك والاستثمار. في المقابل، قد يتحسن النمو إذا أسهمت الظروف المالية الميسَّرة وانخفاض التضخم في تسريع التعافي المحلي.

وأضافت: «قد يرتفع التضخم إذا زادت الأجور أو الأرباح أكثر من المتوقع، كما أن التوترات الجيوسياسية قد تدفع أسعار الطاقة والشحن إلى الارتفاع، وتؤثر سلباً على التجارة العالمية. علاوة على ذلك، قد تؤدي الأحداث المناخية المتطرفة إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بشكل أكبر. في المقابل، قد ينخفض التضخم إذا أدى انخفاض الثقة والمخاوف الجيوسياسية إلى إبطاء تعافي الاستهلاك والاستثمار، أو إذا كانت السياسة النقدية تعوق الطلب أكثر من المتوقع، أو إذا تفاقم الوضع الاقتصادي عالمياً. كما يمكن أن تزيد التوترات التجارية من عدم اليقين بشأن آفاق التضخم في منطقة اليورو».