الأسواق العالمية تتعافى بعد «ثلاثاء مضطرب»... لكن المخاوف مستمرة

الأسواق العالمية تتعافى بعد «ثلاثاء مضطرب»... لكن المخاوف مستمرة
TT

الأسواق العالمية تتعافى بعد «ثلاثاء مضطرب»... لكن المخاوف مستمرة

الأسواق العالمية تتعافى بعد «ثلاثاء مضطرب»... لكن المخاوف مستمرة

بعد اطمئنان طويل دام لأكثر من عام، وبيئة تميل إلى الأمان في الأسواق العالمية حتى مع التعرض لبعض الكبوات، نُقل المستثمرون يوم الثلاثاء إلى «بيئة مختلفة» عن البيئة التي بدأت بها الأسواق افتتاحية العام، والتي تمتعت خلالها الأسواق بأفضل موجة تعاف منذ الأزمة المالية العالمية... ولكن على ما يبدو أن هذا العصر الجديد غير قابل للتنبؤ بشكل كبير، بينما يؤدي عدم اليقين إلى تفاقم مخاوف المستثمرين.
وشهدت الأسواق حركة تراجع كبرى بدأت في تعاملات الاثنين، واستمرت يوم الثلاثاء، ورغم ظهور بعض الإشارات على التعافي في تعاملات أمس، فإن المخاوف تبقى واسعة النطاق من تقلبات أخرى غير متوقعة.
ومع نهاية تعاملات الثلاثاء، كانت «وول ستريت» قد محت مكاسبها منذ بداية العام، إذ هبط مؤشر داو جونز الصناعي القياسي 2.21 في المائة ليصل إلى 24465.64 نقطة، ومؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقا بنسبة 1.82 في المائة، ليصل إلى 2641.89 نقطة. وفقد مؤشر ناسداك المجمع لأسهم التكنولوجيا1.75 في المائة، ليصل إلى 6526.96 نقطة، مسجلا أدنى مستوى له منذ أبريل (نيسان) الماضي.
وتراجع سهم آبل بأكثر من 20 في المائة من أعلى مستوى له في 52 أسبوع عند 233.47 دولار للسهم، ووصل سعر السهم صباح جلسة تداول الثلاثاء إلى 179.32 دولار للسهم، وهي بالتقريب القيمة السوقية نفسها لوول مارت.
ورغم ذلك أكد غولدمان ساكس على تصنيفه الحيادي لأسهم آبل وخفض السعر المستهدف للسهم إلى 182 دولارا للسهم من 209 دولارات سابقا.
وأرجع الخبراء هذا التراجع إلى تضرر أسهم «فانغ»، وهي خمسة أسهم لشركات كبرى تشمل «فيسبوك» وآبل وأمازون ونتفلكس وغوغل، التي دعمت أسهمها مكاسب السوق الأميركية في السنوات الأخيرة.
وتعد التقلبات الحادة التي شهدتها تلك الشركات، والتي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، أمرا غير عادي، وأثار قلق كثير من المحللين ومديري الصناديق.
وإضافة إلى تراجع عمالقة التكنولوجيا، وتقلص موجة صعود قطاع التجزئة الأميركي بشكل ملحوظ خلال الشهور الأخيرة، شهدت السوق أيضا انحرافات أخرى، كفشل السندات ذات التصنيف العالي في الحفاظ على أسعارها المعتادة، وهو الأمر الذي يجعل تقنيات حماية المحافظ النموذجية أكثر صعوبة.
ويوصي غولدمان ساكس المستثمرين الآن بصرف المزيد من المال، خاصة في ظل توقعات بعوائد منخفضة أكثر احتمالا من هبوط مستمر في الأسواق، وبالتذكير بأن فترات التقلب التي شهدتها الأسواق في فبراير (شباط) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين كان لها انعكاسات كبيرة على العوائد.
ورفعت توقعات زيادة الفائدة وتقليص الميزانية العمومية عوائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 3 أشهر إلى 2.38 في المائة وهو أعلى مستوى منذ يناير (كانون الثاني) 2008، وأرجع خبراء ذلك إلى أن التضييق المالي الذي تشهده الاقتصادات الكبرى هو أحد الأسباب الرئيسية في الموجات البيعية المكثفة.
ويؤكد غولدمان ساكس وجي بي مورغان توقعاتهم بشأن رفع الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي) أسعار الفائدة بنحو خمس مرات أخرى بنهاية عام 2019، حتى مع ارتداد الأسواق المالية، وهو الأمر الذي انعكس على أسواق الأسهم بموجات تصحيحية بسبب الارتفاع المبالغ فيه في أسعار الأصول. وقال جي بي مورغان في مذكرة أمس إن «البنوك المركزية ستشدد سياستها أكثر مما تتوقع الأسواق في الوقت الحالي». وأضاف أن انخفاض معدل البطالة إلى 3.3 في المائة وزيادة معدل التضخم إلى 2.3 في المائة سيدفع الفيدرالي إلى رفع مستهدفه للمؤشر إلى 2.25 في المائة. ورجح غولدمان ساكس أن هناك احتمالية كبيرة بنسبة 90 في المائة لارتفاع آخر في ديسمبر (كانون الأول)، وأن المخاطر المتعلقة بالدعوة إلى أربع زيادات أخرى في عام 2019 «متوازنة على نطاق واسع». واعترف الاقتصاديون في غولدمان ساكس بموجات البيع الأخيرة في أسواق الأسهم، حيث إن مراجعة انخفاضات السوق منذ عام 1994 تشير إلى أن الفيدرالي لم يتحول إلى السياسات التكيفية إلا عندما تدهورت مقاييس أخرى للأوضاع المالية بشكل كبير أو تراجع النمو الاقتصادي على المدى الطويل. ويرى غولدمان ساكس في مذكرته أنه رغم اتساع هوامش الائتمان إلى حد ما في الآونة الأخيرة فلا يزال النمو أعلى من التوقعات.
ويشكك المستثمرون أكثر فيما إذا كان الفيدرالي سوف يكون عدائيا خلال الاجتماع المقبل، بينما يعتبر مورغان ستانلي من بين أولئك الذين يتوقعون مرتين في رفع الفائدة العام المقبل بعد زيادة ديسمبر (كانون الأول)، فيما يتوقع اقتصاديو بلومبيرغ ثلاث زيادات أخرى في عام 2019. ويذكر أن مؤشر الخوف زاد بأكثر من الضعف خلال شهر أكتوبر الماضي.
وتعافت السوق الأميركية في التعاملات المبكرة أمس، ليرتفع داو جونز 160 نقطة بنسبة 0.6 في المائة، ليتعافى قليلا من التراجع الذي شهده أول من أمس الذي بلغ 550 نقطة، وصعدت أسهم التكنولوجيا مع صعود آبل بنسبة 1.5 في المائة.
وارتفعت الأسواق في الصين بعد ظهر الأربعاء وسط ثقة هشة بعد الخسائر الحادة، ليصعد مؤشر هانغ سينغ في هونغ كونغ بنسبة 0.23 في المائة، وارتفع مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.21 في المائة بغلق عند 2651.51 نقطة، وارتفع مؤشر تشينزن المركب 0.544 في المائة لينهي التداول عند 1386.43 نقطة.



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.