ازدياد الأمراض النفسية بين المراهقين

انتشار ظاهرة ترددهم على غرف الطوارئ

ازدياد الأمراض النفسية بين المراهقين
TT

ازدياد الأمراض النفسية بين المراهقين

ازدياد الأمراض النفسية بين المراهقين

لا تخلو فترة المراهقة من الأزمات النفسية. وفي الأغلب يتم التعايش مع هذه الضغوط، وفي بعض الأحيان يمكن اللجوء إلى الطبيب النفسي للعلاج. لكن لم يتوقع أحد أن تمثل هذه الضغوط النفسية عاملاً من عوامل الذهاب العاجل للمستشفى لتلقي المساعدة الطبية بشكل يمثل قلقاً للقطاع الصحي المسؤول عن الصحة النفسية للمراهقين في دولة بحجم الولايات المتحدة. وهذا هو ما أظهرته دراسة أميركية حديثة تمت مناقشتها في اجتماع «الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال» American Academy of Pediatrics في أورلاندو مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، سوف يتم نشرها لاحقاً.
- حالات متزايدة
هذه الدراسة أشارت إلى زيادة كبيرة بشكل ملحوظ في أعداد المراهقين الذين ترددوا على غرف الطوارئ جراء الحالات النفسية المختلفة في الفترة من 2012 وحتى 2016.
وقال الباحثون إن الزيادة كانت أكثر بين الأقليات من المجتمع الأميركي، ومنهم المراهقون من أصل أفريقي، وبلغت نسبة الزيادة في الحالات نحو 50 في المائة عبر الولايات المتحدة كلها، وإن اللافت للنظر لم يكن حجم الزيادة فقط، ولكن تنوعها على المستوى العرقي. وأضافوا أن السبب الحقيقي وراء ذلك غير معروف بشكل كامل حتى الآن. وأشار الباحثون إلى أن الهدف الأساسي من الدراسة كان رصد التردد على غرف الطوارئ أكثر من تحليل الأسباب، وأنهم بصدد دراسة أخرى لتحليل أسباب الزيادة ومعرفة تنوعها.
وأوضح الفريق البحثي أن نحو 17 مليون مراهق أميركي يعانون شكلاً من أشكال الاضطراب النفسي، وأن هناك نسبة تتراوح بين 2 و5 في المائة من زيارات الأطفال لغرف الطوارئ في المستشفيات، تكون نتيجة لعرض نفسي طارئ. وتم جمع هذه البيانات من خلال «نظام معلومات صحة الأطفال» Pediatric Health Information System وشملت جميع الحالات التي أتت إلى غرف الاستقبال في الطوارئ نتيجة لمشكلة نفسية؛ سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر (بمعنى أنه على سبيل المثال في حادث قيادة لمراهق تحت تأثير مخدر، أو معاناة من مرض نفسي بسببه قاد المراهق سيارة والده وتمت إصابته). وتضمنت فترة العمر منذ بداية المراهقة وحتى عمر 21 عاما في أكتر من 45 مستشفى في أنحاء البلاد.
وشملت الأمراض النفسية التي تناولتها الدراسة القلق الحاد acute anxiety والهذيان وعدم الاتزان، وعدم المقدرة على التكييف، وإدمان الكحوليات وإدمان العقاقير؛ بما فيها العقاقير المخدرة، والهيروين، والاكتئاب العادي والاكتئاب ثنائي القطب bipolar disorders (يتراوح بين الاكتئاب الشديد ولحظات من النشاط والبهجة المفرطة)، واضطراب السلوك، واضطراب الطعام سواء الشراهة أو عدم المقدرة على تناول الطعام والعزوف عنه، وكذلك اضطرابات الطفولة والوساوس القهرية والفصام والذهان؛ وأهمها محاولات الانتحار.
وقدرت الدراسة عدد المراهقين الذين كانوا قد تعدوا الثالثة عشرة بالكاد وترددوا على الطوارئ للحالات النفسية بـ293 ألف حالة أثناء فترة الدراسة البالغة 4 سنوات فقط، ولاحظ الباحثون أن العدد ارتفع بشكل حاد من 50 زيارة فقط لكل 100 ألف حالة عام 2012، إلى 79 زيارة لكل 100 ألف حالة عام 2016، وهي نسبة زيادة كبيرة جدا تبعا للتقرير، وحينما تم تقسيم الزيادة إلى كل عرق لم تكن الزيادة بالتساوي بين جميع الأعراق.
على سبيل المثال؛ في عام 2016 كان هناك 52 طفلا من أصل أبيض من بين كل 100 ألف حالة في غرف الطوارئ، وقفز هذا العدد ووصل إلى 78 حالة لكل 100 ألف طفل من أصل أفريقي. وبين الأطفال من أصول لاتينية أو غير بيضاء قفز العدد إلى 79 طفلا.
- أطباء نفسيون للطوارئ
وأوضح الباحثون أن هذه النتائج يجب أن تلفت نظر القائمين على الصحة النفسية لخطورتها، ومحاولة التعامل الصحيح معها. وأعرب الباحثون عن قلقهم من إمكانية أن تكون الأعداد أكثر من هذه، وأرجعوا الاختلاف بين العرقيات إلى العوامل الاجتماعية والبيئية التي تعيشها الأقليات، خصوصا المهاجرين غير الشرعيين، فضلا عن أن الآباء في الأغلب يذهبون بالأطفال إلى الطوارئ بهدف الحصول على الرعاية الطبية والسلوكية أكثر من العيادات الخارجية.
وأوصت الدراسة بضرورة أن يتم تحليل هذه الإحصاءات ووضع عوامل الفقر والعنف والصعوبات الاجتماعية في الحسبان أثناء المقارنة بين أعداد البيض والأفارقة واللاتين، وأوضحت أن هناك دراسات تشير إلى أن مستوى الفقر بين الأطفال من أصل أفريقي يبلغ 27 في المائة، بينما لا تزيد النسبة على 10 في المائة فقط بين الأطفال البيض. وأوضح الباحثون أنه أياً كانت العوامل فيجب رفع مستوى الاهتمام بالصحة النفسية للأقليات وتوفير الدعم النفسي للمراهقين من خلال المدارس والنوادي والتجمعات الشبابية المختلفة.
ونصحت الدراسة بضرورة أن يكون هناك طاقم من الأطباء النفسيين في غرفة الطوارئ جاهزين لاستقبال الحالات النفسية الطارئة psychiatric emergencies مثل الإقدام على الانتحار، خصوصا بين المراهقين الذين لديهم تاريخ مرضي من الإصابة بالأمراض النفسية والاكتئاب وتعاطي المخدرات أو الأدوية النفسية؛ حيث إنه في بعض الأحيان يتناول المراهق زجاجة الدواء كاملة بغرض الانتحار.
كما نصحت الدراسة الآباء بضرورة الذهاب بأطفالهم إلى غرفة الطوارئ في حالة إيذاء النفس عن طريق الجروح القطعية، أو الدخول في حالة من تغير الوعي؛ بمعنى عدم الإحساس بالوقت بشكل صحيح، أو ملاحظة أعراض جسدية على المراهق مثل عدم القدرة على تركيز البصر واحمرار العينين بشكل دائم وتورمهما، وكذلك ظهور آثار لعلامات تعاطي حقن متعددة عن طريق الوريد.

- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)
أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)
TT

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)
أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)

تشير دراسة أميركية موسعة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضةً للوفاة المبكرة.

وكتب باحثون في «المجلة الطبية البريطانية» أن الحالتين الشائعتين بين النساء مرتبطتان بمخاطر أكبر مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وبعض أنواع السرطان، لكن تأثيرهما على احتمال الوفاة قبل سن السبعين لا يزال غير واضح، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

وتتبعت الدراسة نحو 110 آلاف امرأة كانت أعمارهن تتراوح بين 25 و42 عاماً في عام 1989، ولم يكن لديهن تاريخ في استئصال الرحم أو أمراض القلب والأوعية الدموية أو السرطان. وعانت حوالي 12 ألف امرأة من بطانة الرحم المهاجرة، وهي حالة مزمنة تسبب ألماً نتيجة نمو نسيج مشابه لبطانة الرحم خارج الرحم، بينما عانت 21 ألفاً و600 حالة من أورام ليفية، وهي أورام غير سرطانية تتكون في جدار الرحم.

وتوفيت 4356 امرأة قبل بلوغ سن السبعين على مدى الثلاثين عاماً التالية.

وكانت المعدلات السنوية للوفاة المبكرة بأي سبب، حالتي وفاة من بين كل ألف امرأة مصابة ببطانة الرحم المهاجرة و1.4 من كل ألف امرأة لم تكن مصابة بهذه الحالة.

وبعد احتساب عوامل الخطر مثل العمر ومؤشر كتلة الجسم والنظام الغذائي والنشاط البدني والتدخين، ارتبطت بطانة الرحم المهاجرة بارتفاع خطر الوفاة المبكرة بنسبة 31 بالمائة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى السرطانات النسائية.

وارتبطت الأورام الليفية الرحمية بازدياد خطر الوفاة المبكرة من السرطانات النسائية، لكن ليس بمعدل أعلى من الوفاة لأي سبب.

وخلص الباحثون إلى أن «هذه النتائج تسلط الضوء على أهمية أن يأخذ مقدمو الرعاية الأولية هذه الاضطرابات النسائية في الاعتبار عند تقييمهم صحة المرأة».