بغض النظر عن عمر الإنسان أو ما يفعله من أجل الحصول على لقمة العيش أو القيام بأنشطة الحياة اليومية أو الاهتمام بنفسه أو تقديم الخدمة للغير، فإنه دائماً يستخدم اليدين. وعندما يكون هناك شيء غير طبيعي فيهما، قد لا يتمكن المرء من القيام بالكثير من تلك الأنشطة براحة وكفاءة.
- ألم اليد
وصحة اليدين أحد الجوانب الصحية المتشعبة، ذلك أنها تشمل سلامة جلد اليدين والأظافر والعظام والعضلات والأوتار والشبكة العصبية المغذية للإحساس والحركة في أجزاء اليد المختلفة وأصابعها، وشبكة الشرايين والأوردة الدموية فيهما.
وكل الناس، وفي مختلف مراحل العمر، وبغض النظر عن نوعية الحياة اليومية والواجبات العملية، عُرضة للإصابة والشكوى من «ألم اليد»، إما بشكل مؤقت أو بشكل مزمن. ولذا يعتبر «ألم اليد» أحد أكثر أنواع الآلام في الجسم شيوعاً، وذلك لأسباب تتعلق بحالات مرضية مختلفة في المفاصل والعظام والعضلات والجلد والأظافر والأعصاب والأوعية الدموية.
وكأي عضو في الجسم، تظل الوقاية خيرا من العلاج، ويظل الاستخدام الصحيح للعضو إحدى وسائل الوقاية من الإصابات المرضية أو إصابات الحوادث في اليدين. كما تظل التغذية الجيدة وأداء التمارين الرياضية لتحريك مفاصل اليدين وتقوية عضلات اليدين والساعد أحد أفضل ما يُمكن للمرء فعله للحفاظ على قدرات وظيفية جيدة لليدين.
- أمراض اليد
التهاب المفصل العظمي التنكسي، أو ما يُسمى روماتزم المفاصل Osteoarthritis من بين أكثر أنواع أمراض المفاصل تسبباً بالألم في اليدين، وخاصة لدى كبار السن. وفيه يحصل تلف دائم في الأنسجة الغضروفية في المفاصل، التي تعمل كوسادة تحمي العظام فيها، ما يعنى زوال وسيلة حماية عظام المفصل من الاحتكاك ببعضها البعض عند تحريك المفصل أو سكونه عن الحركة. وبالتالي، يحصل تورم مؤلم وقاس، ما يجعل من الصعب تحريك المفصل كي تقوم اليد وأصابعها بالحركات التي يحتاجها المرء في العناية بنفسه وأداء الواجبات المنزلية أو المهنية الوظيفية. والأماكن الأكثر شيوعاً لالتهاب المفاصل العظمي اليدوي هي مفاصل الأصابع والمنطقة التي يلتقي فيها الإبهام والرسغ. ويمكن للراحة، والجبائر Splints، والأدوية المضادة للالتهابات، وتمارين اليد الخاصة، أن تخفف من أعراض الألم المزعجة. وفي الحالات الشديدة من الألم وإعاقة قدرات تحريك اليدين، قد يقترح الطبيب إجراء الجراحة الملائمة كوسيلة علاجية.
> وهناك نوع آخر من الالتهابات الروماتيزمية التي تتسبب بألم اليدين، وهو التهاب المفاصل الروماتويدي Rheumatoid Arthritis. ويؤثر هذا المرض على خلايا الأنسجة التي من المفترض أن تقوم بتليين حركة المفاصل، وهو النسيج الزلالي Synovial Tissue. والنسيج الزلالي غشاء رخو يقع فيما بين غلاف المفصل وتجويف المفصل، ويُفرز سائلا زلاليا يملأ تجويف المفصل ويساعد على تليين حركته. وفي حال حصول التهاب فيه، يتورم المفصل. وقد ينتشر هذا الالتهاب إلى الأوتار العضلية المرتبطة بالعظام. وبالتالي يشكو المُصاب من الألم والتورم وصعوبة تحريك مفاصل اليدين، ومفاصل مناطق أخرى من الجسم. ويمكن للطبيب أن يساعد المريض في التعامل مع الألم والتصلب بالأدوية، وحقن كورتيزون الستيرويد، وفي حالات نادرة قد يتم اللجوء إلى الجراحة.
- النفق الرسغي
> وتعتبر «متلازمة النفق الرسغي»Carpal Tunnel Syndrome أحد أسباب ألم اليد الأخرى. وفي اليدين، يمر العصب المتوسط Median Nerve والأوعية الدموية والأوتار عبر ممر في منطقة المعصم تُدعى «نفق الرسغ» Carpal Tunnel. وإذا ما حصل تورم داخل هذا النفق الضيق، الذي بالكاد يتسع لما يمر من خلاله، فإنه ينشأ ضغط على العصب المتوسط. وحينها يشعر المُصاب بألم وخدر ووخز في اليد مع ضعف قوة قبضة اليد. ويمكن للطبيب أو المعالج الفيزيائي المساعدة في تحسين هذه الأعراض باستخدام الجبائر، أو حقن الستيرويد، أو مساعدة المرء على تغيير طريقة استخدام يديه بما يخفف من ألم هذه الحالة. كما يُمكن للتدخل الجراحي أن يساعد أيضاً في الحالات الشديدة.
> الالتواء والكسر. وإضافة إلى حالات الكسور في إحدى عظام اليد كنتيجة لإصابات الحوادث، هناك حالات إصابات التواء أحد الأربطة في أحد مفاصل اليد Sprain. والأربطة هي الأنسجة التي تربط فيما بين العظام. وهناك أيضاً حالات إصابات إجهاد شدّ أحد عضلات أو أوتار عضلات اليدين Strain. كما قد تلتهب الأوتار Tendinitis نتيجة للاستخدام غير السليم لليدين في بعض الحركات المجهدة. وفي حالات الكسور يحصل تورم وصعوبة في الحركة مع ألم، وربما تغير في لون الجلد، ما يتطلب المعالجة بجبيرة الجبس. أو التثبيت الداخلي الجراحي لأجزاء العظم المكسور. وفي حالات التواء الأربطة وإجهاد تمزق العضلات أو الأوتار وحالات التهابات الأوتار، قد يفيد في تسكين ألمها وتخفيف التورم فيها كل من: الراحة ووضع الثلج ورفع اليد، إضافة إلى تناول أدوية تسكين الألم.
- مرضى السكري
ولدى مرضى السكري، قد تتلف الأعصاب الطرفية في اليدين والأوعية الدموية الصغيرة المغذية لها Peripheral Neuropathy، ما يتسبب بالشعور بالألم والوخز والحرقة والخدر في اليدين. وتعتمد المعالجة على الضبط الدقيق لنسبة السكر في الدم من خلال الأدوية والتغييرات في النظام الغذائي وممارسة الرياضة.
وقد تنشأ لدى البعض العقدة الكيسية Ganglion Cyst، وهي عبارة عن كتلة مليئة بالسائل، غالباً ما تتكون في أعلى أو أسفل منطقة المعصم، أو في قاعدة إحدى الأصابع. وهي قد يتغير حجمها حتى تختفي. ولكنها قد تتسبب بالألم، ويمكن استخدام أحد أنواع الأدوية المضادة للالتهاب لتقليل الألم أو الجبائر لمنع القيام ببعض الحركات. في الحالات المؤلمة جداً، قد يقترح الطبيب سحب سائلها بإبرة أو في بعض الحالات بعملية جراحية.
* حقائق متنوعة عن اليدين وتراكيبهما
> تحريك الأصابع يتم عن طريق التحكم عن بعد (ريموت كونترول)، لأن الأصابع لا توجد في داخلها عضلات، بل توجد تلك العضلات (التي تثني أصابع اليدين) في راحة اليد وفي منتصف الساعد. وهذه العضلات التي خارج الأصابع ترتبط بعظام الأصابع بواسطة الأوتار، وهذه الأوتار هي التي تسحب وتحرك الأصابع مثل الخيوط التي تحرك الدمية.
> عندما نبلل أجزاء اليد أو الأصابع في الماء، تنشأ تجاعيد على الجلد. وتتحكم الأعصاب في حصول ذلك. ودليل ذلك أنه عند قطع العصب المغذي للإحساس في إحدى الأصابع فإن تلك الأصبع لا تنشأ فيها التجاعيد عند غمرها في الماء، كما أن عملية التعرق لا تحصل فيها.
> التجاعيد الجلدية الموجودة على ظهر الأصابع وفي منطقة المفاصل بين عظامها الثلاث، هي نتيجة لالتصاق الجلد بالأوتار التي تمر من تحته. وعند تيبس تلك المفاصل، ومع عدم تحريك مفاصل الأصابع، تزول التجاعيد الجلدية تلك مع مرور الوقت ويصبح الجلد مسطحاً.
> تحتوي اليد على 27 عظمة، وعدد مقارب من المفاصل، وعلى أقل تقدير 123 رباطا وتريا. وتتحكم في حركة اليد 34 عضلة، منها 17 عضلة في راحة اليد، و18 عضلة في الساعد. كما تحتوي اليد على 48 عصبا، منها ثلاثة أعصاب رئيسية، و24 من الأعصاب الفرعية المتخصصة في الإحساس و21 من الأعصاب الفرعية لتغذية حركة العضلات. وتتصل بأصبع الإبهام وحدها 9 عضلات، وتتحكم في عمله الأعصاب الثلاثة الرئيسية التي تغذي اليد.
> من ناحية التركيب والبنية، الأظافر هي بالأصل شعر تحور إلى أظافر. ورغم أن الأظافر ليس فيها إحساس، كالألم مثلاً عند كشط الطبقة الخارجية للظفر، فإن الدماغ يُكون تصوراً عن الإحساس بما يُلامس الظفر عبر آلية إحساس معقدة ومُدمجة تتعلق بالتغيرات في مستوى الإحساس بالمناطق المحيطة بالظفر.
> رغم صغر الحجم النسبي لليدين، مقارنة بالأطراف العلوية أو السفلية في الجسم، فإن ربع قشرة الدماغ البشري (جزء الدماغ الذي يتحكم في كل حركة الجسم Motor Cortex) مخصص للتحكم بحركة عضلات اليدين.
> الجلد في راحة أو باطن اليد، يختلف من عدة نواح عن جلد بقية الجسم، ذلك أن الشعر لا ينمو فيه، ولا يتغير لونه بالتعرض لأشعة الشمس، وبه خطوط دقيقة تشكل البصمة، ورغم متانته فإنه حساس ويخرج منه العرق. وجلد باطن اليدين متصل بالعظم تحته بواسطة طبقة ليفية. وحينما تنكمش وتتكثّف هذه الطبقة الليفية تحصل تشوهات في انبساط راحة اليدين.
> عند إصابة الأصابع في الحوادث، فإن القدرة على تحريك الأصبع لا تعني بالضرورة عدم احتمال حصول كسر في عظامها.
> عند تكوين شكل قبضة اليد، تتجمع أطراف الأصابع بشكل متناغم طبيعي جنباً إلى جنب لتستقر على هيئة متجانسة، دون تداخل في الأصابع. وفي حالات التيبس أو التورم في اليد، تنشأ مشكلة تمنع من التصاق الأصابع جنباً إلى جنب عند تكوين القبضة، ما قد يتسبب بتداخل الأصابع.
> الأصابع ليست على استقامة تامة في الجوانب، بل فيها انحناء طبيعي. وأصبع كل من السبابة والخنصر والبنصر تميل نحو الأصبع الأوسط. ولكن عظام الأصابع مستقيمة من جهة ظهر اليد ومنحنية من جهة باطن اليد.
> فرقعة الأصابع لا ترفع من احتمالات حصول التهابات روماتيزمية في مفاصل الأصابع. وتنشأ الفرقعة من انخفاض الضغط على السائل اللزج في مفاصل الأصابع، عند تحريك المفصل بشدة، ما يُؤدي إلى تكوين فقاعات من غاز ثاني أكسيد الكربون. وعملية تكوين فقاعات الغاز هي التي تُعطي صوت الفرقعة.
* استشارية في الباطنية