مصرف سوريا المركزي يلاحق المستفيدين من تدخلاته قبل 6 سنوات

TT

مصرف سوريا المركزي يلاحق المستفيدين من تدخلاته قبل 6 سنوات

بعد أسبوع على إصدار مصرف سوريا المركزي قرارا يلزم من اشترى أكثر من 10 آلاف دولار في الفترة ما بين 13 مارس (آذار) و15 أكتوبر (تشرين الأول) 2012، بتقديم وثائق تثبت كيفية استخدامها، تحت طائلة دفع الفرق بالليرة السورية، بين سعر الدولار اليوم، وبين سعره في الفترة المحددة من العام 2012... بدأت ارتدادات القرار تظهر، بارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة السورية، من نحو 443 ليرة إلى 460 ليرة، خلال أقل من أسبوع، فيما ظهرت تحذيرات من زيادة طلب تجار العقارات للقطع الأجنبي، بالتوازي مع تحذيرات من زيادة العرض في سوق العقارات.
وسبق أن حذر اقتصاديون متابعون من مغبة قرار المصرف المركزي وانعكاساته السلبية على قيمة الليرة، واحتمال حدوث موجة تهريب أموال إلى الخارج. وقال موقع «سيريا ستوكس» المتخصص في متابعة أسعار صرف العملات، إن «عرضا كبيرا ومفاجئا للعقارات» شهدته أسواق في سوريا، في مقدمتها العاصمة دمشق. وعرض منشورا لإحدى الصفحات المحلية المتخصصة بالعقارات، في «فيسبوك»، يحذّر من ازدياد عرض العقارات بدمشق. الأمر الذي قد يؤدي إلى هبوط كبير في الأسعار. وحسب المنشور، فإن 87 ألفا و359 شقة، بينما لم يتم إفراغ أكثر من 650 شقة فقط، في دائرة الإفراغ بدمشق، ما يؤكد وجود عرض أكبر من الطلب. الأمر الذي سيؤدي، في حال استمراره، إلى هبوط نوعي في أسعار العقارات بالعاصمة السورية.
وربط موقع «سيريا ستوكس» هذا التحول بقرار مصرف سوريا المركزي، المتعلق بمراجعة مشتري القطع الأجنبي، في العام 2012، حيث إن هذا سيدفع الذين استفادوا من تدخلات المصرف المركزي في ذلك العام واشتروا الدولار بمبالغ كبيرة بغرض الاتجار أو الادخار، إلى بيع العقارات، وتهريب السيولة من الدولار إلى خارج البلاد. وتوقع «سيريا ستوكس» حصول هزة في سوق العقارات بسوريا.
وتعليقا على ما يقال عن احتمال حصول هبوط في أسعار العقارات، وصف موظف في شركة عقارية بدمشق، ما يجري بأنه «لعبة قذرة» تمارسها حكومة النظام وشركاؤها من كبار التجار، تهدف إلى «تشليح السوريين أموالهم وممتلكاتهم» وهي ليست بجديدة. ولفت إلى أنه عندما كانت الحرب دائرة في المدن السورية، وكذلك الهدم، كان «حلفاء النظام من التجار يلعبون بسعر الدولار وقد جنوا أموالا طائلة، الآن بعد أن توقف الهدم عادوا إلى ذات اللعبة، مع فارق أنهم ربطوا بها سوق العقارات».
ولم يستبعد الموظف أن يكون الهدف الآن «من التحذير بهبوط حاد قريب بأسعار العقارات، هو حض أصحاب العقارات على المسارعة إلى بيعها بأي سعر قبل أن تهبط، ولا سيما المناطق المدمرة، فالملاحظ أن هناك إقبالا من قبل التجار على شراء البيوت المدمرة في الغوطة»، مرجحا «أن يكون اللعب في سوق العقارات كاللعب بسوق العملات»، لافتا إلى أن أهم المشكلات التي تواجه عمليات بيع العقارات هي «الإجراءات الأمنية المفروضة على البائع والمشتري، والقيود التي يفرضها النظام على حركة الأموال، فمن يبيع بيته ولا يشتري بدلا منه أو لا يودعها في البنك، يكون موضع مساءلة وملاحقة من قبل الأجهزة الأمنية».
ويتابع: «كثير من عمليات البيع والإفراغ لا تُسجل جميعها في دائرة الإفراغ، بعضها يتم عن طريق الكاتب بـ(العدل) أو تحويل ملكية ساعة الكهرباء أو الماء، وبهذا لا تسجل عملية البيع في دائرة الإفراغ».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.