برهم صالح مرشح الأكراد لرئاسة العراق وحديث عن «دعم» أميركي ـ إيراني

صراع المناصب السيادية يقترب من نهايته... والعبادي يرد بعنف على بيان «الدعوة»

برهم صالح وزوجته في مركز اقتراع بمدينة السليمانية عام 2014 (غيتي)
برهم صالح وزوجته في مركز اقتراع بمدينة السليمانية عام 2014 (غيتي)
TT

برهم صالح مرشح الأكراد لرئاسة العراق وحديث عن «دعم» أميركي ـ إيراني

برهم صالح وزوجته في مركز اقتراع بمدينة السليمانية عام 2014 (غيتي)
برهم صالح وزوجته في مركز اقتراع بمدينة السليمانية عام 2014 (غيتي)

في وقت حسم العرب السنّة، الأسبوع الماضي، مرشحهم لرئاسة البرلمان العراقي عبر اقتراع سري للنواب أسفر عن فوز محمد الحلبوسي بهذا المنصب، ينتظر أن يتقدم الكرد بأكثر من مرشح لرئاسة الجمهورية يوم الثلاثاء المقبل، وسط ترجيحات بأن المنصب سيؤول إلى الدكتور برهم صالح بعد عودته إلى صفوف «الاتحاد الوطني الكردستاني».
وحسم «الاتحاد الوطني» رسمياً أمس اسم مرشحه برهم صالح، لكن مرشحين آخرين من الأكراد، وبعضهم مستقل، أعلنوا ترشحهم للمنصب بشكل فردي مثل النائب السابق سردار عبد الله، وسفير العراق في الفاتيكان عمر البرزنجي، ووزير الموارد المائية السابق عبد اللطيف رشيد. أما الرئيس الحالي فؤاد معصوم فحسم موقفه بعدم التقدم للترشح لدورة رئاسية جديدة.
وأشار بيان رئاسي، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إلى أن «الرئيس فؤاد معصوم لم يقدّم طلباً إلى مجلس النواب لترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية». وأضاف البيان أن معصوم بانتظار قرارات «الاتحاد الوطني الكردستاني» والأطراف السياسية الكردية الأخرى في هذا الصدد.
وكان «الاتحاد الوطني» أعلن، أمس، ترشيح برهم صالح لمنصب رئاسة الجمهورية. وقال سعدي أحمد بيره، المتحدث باسم الحزب، في مؤتمر صحافي بعد اجتماع المجلس القيادي في مدينة السليمانية، أن التصويت لترشيح برهم صالح جاء بالغالبية. وصوّت «الاتحاد الوطني» خلال الاجتماع أيضاً على عودة برهم صالح إلى صفوف الحزب بعدما انشق عنه نهاية العام الماضي. وشهد اجتماع المجلس القيادي للحزب انسحاب رئيس هيئة العاملة لـ«الاتحاد الوطني» ملا بختيار اعتراضاً على فكرة عودة صالح.
وأفيد في السليمانية بأن اجتماع قيادة «الاتحاد الوطني» كُرّس لحسم المنافسة بين ثلاثة من مرشحي الحزب على منصب الرئاسة، وهم كل من محمد صابر ولطيف رشيد وبرهم صالح. وأوضحت مصادر مطلعة أن كلاً من الرئيس العراقي المنتهية ولايته فؤاد معصوم وملا بختيار رئيس الهيئة العاملة في المكتب السياسي رفضا ترشيح نفسيهما لخوض المنافسة.
وتابعت أن برهم صالح حصل على 26 صوتاً من أصوات أعضاء القيادة الذين أدلوا بأصواتهم في اقتراع سري، فيما حصل محمد صابر على 15 صوتاً مقابل صوت واحد فقط للطيف رشيد.
وجاء ترشيح صالح رسمياً من قبل «الاتحاد الوطني» بعد تقديم استقالته من زعامة حزبه الحديث النشأة (التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة) تنفيذاً للشرط الذي وضعه «الاتحاد» لقاء قبول ترشيحه، بحسب ما أعلن المتحدث باسم «الاتحاد» سعدي أحمد بيرة في مؤتمر صحافي مقتضب بعد اجتماع القيادة.
وكان مبعوث الرئيس الأميركي إلى التحالف ضد «داعش» بريت ماكغورك قد حث أعضاء متنفذين في قيادة «الاتحاد الوطني»، في لقائه معهم يوم الاثنين في السليمانية، على تأييد ترشيح صالح الذي يحظى أيضاً بقبول من الجانب الإيراني وكثير من القوى العراقية الفاعلة، الشيعية والسنية، فضلاً عن «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني الحاكم في إقليم كردستان والحاصل على 25 مقعداً في الانتخابات النيابية الأخيرة في العراق.
وأكد مصدر مطلع في «الديمقراطي» لـ«الشرق الأوسط» أن برهم صالح كان قد التقى بارزاني مرتين أخيراً بعيداً عن وسائل الإعلام ونجح في كسب موافقته على ترشيحه لرئاسة العراق. وجزم المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه، بأن «الديمقراطي» سيعلن موافقته على ترشيح صالح لرئاسة العراق «في غضون يوم أو يومين».
وأصدرت قيادة «الاتحاد الوطني» بعد اجتماعها بياناً مقتضباً أكدت فيه أنها تلقت رسالة من صالح يطلب فيها العودة مع رفاقه إلى صفوف الاتحاد، و«قد تمت الموافقة على طلبه من أجل حشد الطاقات والإمكانات خدمة للصالح العام، وبناء على ذلك سيكون هو مرشح الحزب لمنصب رئاسة الجمهورية».
بيد أن قرار عودة صالح إلى صفوف «الاتحاد الوطني» تسبب في انقسام حزبه (التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة) إلى فريقين؛ الأول وهم الأقلية القليلة من المؤيدين له الذين عادوا معه إلى صفوف «الاتحاد» لقاء ضمان مواقع جيدة لهم فيه، والثاني وهم الغالبية التي ترفض العودة وتصر على إدامة «التحالف» كحزب مستقل وتريد انتخاب زعيم جديد له خلفاً لصالح. ويتصور مؤيدو هذا الفريق أنه غدر بهم واستغلهم ورقة ضغط على قيادة «الاتحاد الوطني» للحصول على منصب رئيس الجمهورية فقط.
وفي تصريح مقتضب، قال عبد الصمد محمد، القيادي في «التحالف»: «نحن نؤيد أي قرار يتخذه برهم صالح، طالما أنه يخدم المصالح العليا لشعب كردستان، حتى لو اقتضى ذلك العودة إلى صفوف الاتحاد الوطني الكردستاني».
أما إبراهيم أحمد، المرشح عن «التحالف» للانتخابات النيابية المقررة في إقليم كردستان نهاية الشهر الحالي، فقال إن «من حقي وحق مئات من كوادر التحالف أن نتساءل لماذا تركنا صفوف الاتحاد الوطني ولماذا نعود إليه بهذه السرعة؟!». وتابع في تصريحات للصحافيين: «على المستوى الشخصي سأنهي مقاطعة الانتخابات وأبدأ منذ الغد بالحملة الانتخابية كمرشح عن التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة، وسأخوض الانتخابات وأنا واثق تماماً من الفوز فيها».
وأصدرت قيادة «التحالف» بياناً مختصراً أكدت فيه أن برهم صالح استقال من زعامته، وأنه عاد مع بعض القياديين إلى صفوف «الاتحاد الوطني».
وقال محمد رؤوف القيادي في «التحالف» الذي تلا البيان إن حزبهم «سيواصل مشواره وعمله السياسي»، وإن اجتماعاً موسعاً لقيادته سيعقد لاحقاً «لتنظيم شؤونه».
في غضون ذلك، أكد الناطق باسم كتلة «الفتح» أحمد الأسدي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «موقفنا من مسألة المرشح الكردي لرئاسة الجمهورية مرتبط بالقرار الذي يصدر عن الحزبين الكرديين الرئيسيين؛ الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني»، مشدداً على أن «الدكتور برهم صالح شخصية محترمة وهو مقبول بالنسبة لنا، لكن القرار النهائي بشأنه يتصل بالتوافق داخل البيت الكردي».
إلى ذلك، لم يحسم الشيعة بعد اسم مرشحهم لمنصب رئيس الوزراء في وقت بات يجري فيه تداول كثير من الأسماء على مستوى مرشحي التسوية بعد انسحاب هادي العامري من سباق التنافس على المنصب أول من أمس وتراجع حظوظ رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي بعد أزمة البصرة. وبشأن الأسباب التي دفعت العامري إلى سحب ترشيحه، قال محمد سالم الغبان وزير الداخلية السابق والقيادي في «منظمة بدر» لـ«الشرق الأوسط» إن «العامري أراد أن يبيّن أنه غير متمسك بالترشيح رغم أنه من استحقاقه لكونه مرشح الكتلة الأكبر» في البرلمان. وأضاف الغبان أن «العامري مقتنع برأي المرجعية باختيار شخص يحظى بتوافق ودعم الجميع لينجح في المرحلة القادمة التي تواجه تحديات كثيرة، أهمها إعادة ثقة الشارع بالحكومة من خلال إرادة صادقة وجادة في تغيير الواقع، خصوصاً الخدمي».
وكان رئيس «تحالف النصر»، حيدر العبادي، رد مساء الثلاثاء على بيان قادة «حزب الدعوة» الذي حمّله مسؤولية تشظي الحزب، فعبّر عن استغرابه للبيان كونه «يجانب الحقائق ويثير أكثر من علامة استفهام عن توقيته ونشره في المواقع ضمن الحملة المنظمة لتسقيطنا وتسقيط باقي الدعاة». وسرد العبادي، في ردِّه الشديد اللهجة، وقائع كثيرة في سياق العلاقة بينه وبين نوري المالكي داخل «الدعوة»، معتبراً عقد جلسة للبرلمان العراقي مخصصة للبصرة بمثابة «أمر دبّر بليل» من أجل الإيقاع به.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».