هاسبل تدعو لتوسيع انتشار عملاء «سي آي إيه»

وزارة العدل تحقق في مزاعم تجسس الـ«إف بي آي» على حملة ترمب

هاسبل بعد أدائها اليمين بحضور ترمب وبنس في مقر «سي آي إيه» أمس (أ.ف.ب)
هاسبل بعد أدائها اليمين بحضور ترمب وبنس في مقر «سي آي إيه» أمس (أ.ف.ب)
TT

هاسبل تدعو لتوسيع انتشار عملاء «سي آي إيه»

هاسبل بعد أدائها اليمين بحضور ترمب وبنس في مقر «سي آي إيه» أمس (أ.ف.ب)
هاسبل بعد أدائها اليمين بحضور ترمب وبنس في مقر «سي آي إيه» أمس (أ.ف.ب)

دعت جينا هاسبل، أمس بعد أدائها اليمين الدستورية، إلى توسيع انتشار عملاء وكالة الاستخبارات المركزية في الخارج. وقالت إن وكالة الاستخبارات المركزية يجب أن تزيد من إجادتها للغات الأجنبية، وتقوي الشراكات في الخارج وتنشر «المزيد من ضباطنا في الميدان الخارجي»، كما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية.
وتابعت هاسبل: «نحن جهاز استخبارات خارجي، ويجب أن تعكس قوتنا العاملة وأولوياتنا ذلك».
وتحل هاسبل محل مايك بومبيو، الذي يشغل الآن منصب وزير الخارجية. وكانت هاسبل نائبة المدير خلال تولي بومبيو مسؤولية الوكالة، وأصبحت مديرة مؤقتة منذ الشهر الماضي.
وقالت هاسبل لموظفي الوكالة: «ما كنت لأقف أمامكم اليوم لولا شجاعة وتفاني أجيال من سيدات وكالة الاستخبارات المركزية، اللائي تحدين القوالب النمطية وكسرن الحواجز وفتحن الأبواب لبقيتنا». وحضر الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونائبه مايك بنس وبومبيو مراسم أداء اليمين.
على صعيد آخر، استجابت وزارة العدل الأميركية لطلب الرئيس دونالد ترمب إجراء تحقيق للنظر في احتمال تجسس مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) على فريق حملته الانتخابية لعام 2016. وعبر ترمب في سلسلة من التغريدات على حسابه في «تويتر» خلال عطلة نهاية الأسبوع عن استيائه من التجسس المحتمل. وكتب على «تويتر» أنه سيطلب رسميا «بأن تنظر وزارة العدل فيما إذا كان الـ«إف بي آي» قد اخترق أو راقب حملة ترمب لأسباب سياسية، وفيما إذا كان ذلك قد حصل بطلب من أشخاص في إدارة (الرئيس السابق باراك) أوباما».
وبعد ساعات من تلك التغريدة طلبت وزارة العدل من المفتش العام للوزارة النظر فيما إذا كان مكتب التحقيقات الفيدرالي قد قام بمراقبة حملة الرئيس ترمب «لأغراض غير ملائمة». وقال نائب المدعي العام رود روزنشتاين في بيان: «نحتاج إلى معرفة ما إذا كان أي شخص قد تسلل أو اخترق الحملة الرئاسية لأغراض غير مناسبة، حتى نستطيع اتخاذ الإجراءات المناسبة بحقهم».
وقالت المتحدثة باسم وزارة العدل، سارة إيزغور فلوريس، إن التحقيق الموسع سيشمل «تحديد ما إذا كان هناك أي سلوك غير لائق أو دوافع سياسية، في كيفية قيام مكتب التحقيقات الفيدرالي بإجراء تحقيقات مكافحة التجسس الخاصة بالأشخاص المشتبه في ضلوعهم مع العملاء الروس الذين تدخلوا في الانتخابات الرئاسية لعام 2016». ووصف ترمب التقارير التي تفيد بدس مخبر في حملته بأنها «أكبر من فضيحة ووترغيت».
ويقوم المفتش العام المستقل مايكل هورويتز في الوقت الراهن، بإجراء تحقيق في ادعاءات إساءة مكتب التحقيقات الفيدرالي لصلاحياته، بدأها في شهر مارس (آذار). وكان يركز على ما إذا كانت الوزارة قد أساءت استخدام قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية (فيسا)، عندما حصلت على إذن مراقبة كارتر بيج، أحد أعضاء فريق حملة ترمب حينها. وانبثق هذا التحقيق من مزاعم بعض الجمهوريين في مجلس النواب بأن المسؤولين الفيدراليين استخدموا بشكل غير لائق ما يسمى ملف «ستيل» للحصول على إذن التجسس على حملة ترمب. وملف ستيل هو ملف أعده رجل الاستخبارات البريطاني المتقاعد كريستوفر ستيل، الذي عينته شركة «جي بي إس فيوجون» الأميركية، وشمل الملف تقارير سرية استهدفت ترمب.
ويحظى هورويتز بصلاحيات شبه مطلقة في عمله، حيث يضمن له القانون الاستقلالية التامة، ولا تملك أي جهة حق توجيه المفتش العام للتحقيق في أي اتهامات بعينها. كما يملك صلاحيات مستقلة للنظر فيما يراه مناسبا للتحقيق في أي خروقات، وله كذلك مراجعة عمل الوزارة وقانونية الإجراءات التي تتبعها بالإضافة إلى غير ذلك من إجراءات المراقبة لنظام العمل والموظفين الفيدراليين في وزارة العدل.
وسعى الجمهوريون في الأسابيع الأخيرة إلى الحصول على الوثائق التي تكشف عن هوية مخبر مكتب التحقيقات الفيدرالي، حتى عندما حذر مسؤولو الاستخبارات من أن القيام بذلك قد يهدد حياة هؤلاء الأفراد ومصالح الأمن القومي الأميركي. وهذا النزاع هو آخر صدام بين الجمهوريين في مجلس النواب ومكتب التحقيقات الفيدرالي في الأشهر القليلة الماضية.
وأصدر ديفين نونز، رئيس الأغلبية الجمهورية في لجنة شؤون الاستخبارات بمجلس النواب، في شهر يناير (كانون الثاني) مذكرة تضمنت تفاصيل الانتهاكات المزعومة من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي لقانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية. ونشرت اللجنة المذكرة رغم تحذيرات بأن القيام بذلك سيكون «عملا غير مسؤول».
في المقابل، اتهم نواب ديمقراطيون البيت الأبيض والجمهوريين بالسعي إلى عرقلة عمل روبرت مولر الذي يحقق منذ سنة في احتمال حصول تواطؤ بين موسكو وفريق حملة ترمب، لكي يفوز الأخير أمام هيلاري كلينتون في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016.
وقال كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ السيناتور، مارك وورنر: «سيكون ذلك في أفضل الأحوال تصرفا غير مسؤول، وفي أسوأ الأحوال قد يكون من غير القانوني أن يستخدم أعضاء في الكونغرس مركزهم للتعرف على هوية مصدر لمكتب التحقيقات الفيدرالي بهدف تقويض التحقيق بالتدخل الروسي في انتخاباتنا».
من جانبه، اعتبر عضو لجنة الاستخبارات في مجلس النواب النائب الديمقراطي، آدم شيف، الأحد أن اتهام الرئيس لمكتب التحقيقات الفيدرالي بدسّ «جاسوس» في حملته الانتخابية هو أمر «عبثي» و«استغلال للسلطة».
وقال شيف إن «طلبه من وزارة العدل التحقيق في وقائع يعلمون أنها ليست حقيقية هو استغلال للسلطة ومحاولة لتحويل الأنظار عن مشاكله القضائية التي تتراكم».


مقالات ذات صلة

قواعد أميركية جديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التجسس

الولايات المتحدة​ نظام مراقبة يستخدم الذكاء الاصطناعي للتعرف على الوجوه (غيتي)

قواعد أميركية جديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التجسس

تهدف القواعد الجديدة من البيت الأبيض بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في أنشطة الأمن القومي والتجسس إلى «الموازنة بين أهمية التكنولوجيا والحماية من مخاطرها».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة للصحافية الأميركية - الإيرانية مسيح علي نجاد مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (صفحتها على موقع «إكس»)

واشنطن تتهم مسؤولاً في الحرس الثوري الإيراني بالتخطيط لاغتيال صحافية في نيويورك

وجّهت الولايات المتحدة اتهامات جديدة إلى مسؤول في الحرس الثوري الإيراني وآخرين بمحاولة خطف صحافية أميركية من أصل إيراني في نيويورك واغتيالها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية جندي إسرائيلي من وحدة المدفعية يخزنون قذائف الدبابات في منطقة تجمع على الحدود بين إسرائيل وغزة في جنوب إسرائيل في يناير الماضي (أ.ب)

تكلفة باهظة لحروب إسرائيل... إنفاق عسكري متزايد يفاقم الأعباء الاقتصادية

أشار تقرير إخباري إلى أن الحرب كبدت الاقتصاد الإسرائيلي خسائر فادحة، إضافة إلى تزايد الإنفاق الأميركي القياسي على المساعدات العسكرية لإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية البيت الأبيض (إ.ب.أ)

«البيت الأبيض» يحذّر إيران من استغلال احتجاجات غزة الأميركية

لإيران «مصلحة منذ فترة طويلة، في استغلال التوترات السياسية والاجتماعية الأميركية، بما في ذلك من خلال وسائل التواصل الاجتماعي».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي فلسطينيون في خان يونس ينتظرون الحصول على مساعدات غذائية يوم 30 مايو الماضي (رويترز)

عقوبات أميركية على جماعة إسرائيلية متطرفة في الضفة

فرضت إدارة الرئيس جو بايدن عقوبات على مجموعة «تساف 9» الإسرائيلية في الضفة الغربية بسبب مهاجمتها قوافل المساعدات المخصصة للمدنيين الفلسطينيين.

علي بردى (واشنطن)

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

يمثل الصعود العسكري للصين، وبخاصة برنامج تحديث ترسانتها النووية، هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي في الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل التقارب المزداد بين بكين، وموسكو التي تلوح بمواجهة عسكرية مباشرة مع الغرب على خلفية الحرب التي تخوضها حالياً في أوكرانيا.

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، يتناول ستيفن سيمبالا أستاذ العلوم السياسية في جامعة براندواين العامة بولاية بنسلفانيا الأميركية، ولورانس كورب ضابط البحرية السابق والباحث في شؤون الأمن القومي في كثير من مراكز الأبحاث والجامعات الأميركية، مخاطر التحالف المحتمل للصين وروسيا على الولايات المتحدة وحلفائها.

ويرى الخبراء أن تنفيذ الصين لبرنامجها الطموح لتحديث الأسلحة النووية من شأنه أن يؤدي إلى ظهور عالم يضم 3 قوى نووية عظمى بحلول منتصف ثلاثينات القرن الحالي؛ وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين. في الوقت نفسه، تعزز القوة النووية الصينية المحتملة حجج المعسكر الداعي إلى تحديث الترسانة النووية الأميركية بأكملها.

وأشار أحدث تقرير للجنة الكونغرس المعنية بتقييم الوضع الاستراتيجي للولايات المتحدة والصادر في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى ضرورة تغيير استراتيجية الردع الأميركية للتعامل مع بيئة التهديدات النووية خلال الفترة من 2027 إلى 2035. وبحسب اللجنة، فإن النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والقيم التي يستند إليها يواجه خطر نظام الحكم المستبد في الصين وروسيا. كما أن خطر نشوب صراع عسكري بين الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا يزداد، وينطوي على احتمال نشوب حرب نووية.

ولمواجهة هذه التحديات الأمنية، أوصت اللجنة الأميركية ببرنامج طموح لتحديث الترسانة النووية والتقليدية الأميركية، مع قدرات فضائية أكثر مرونة للقيام بعمليات عسكرية دفاعية وهجومية، وتوسيع قاعدة الصناعات العسكرية الأميركية وتحسين البنية التحتية النووية. علاوة على ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى تأمين تفوقها التكنولوجي، وبخاصة في التقنيات العسكرية والأمنية الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية وتحليل البيانات الكبيرة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

ولم يقترح تقرير اللجنة أرقاماً دقيقة للأسلحة التي تحتاجها الولايات المتحدة ولا أنواعها، لمواجهة صعود الصين قوة نووية منافسة وتحديث الترسانة النووية الروسية. ورغم ذلك، فإن التكلفة المرتبطة بتحديث القوة النووية الأميركية وبنيتها التحتية، بما في ذلك القيادة النووية وأنظمة الاتصالات والسيطرة والدعم السيبراني والفضائي وأنظمة إطلاق الأسلحة النووية وتحسين الدفاع الجوي والصاروخي للولايات المتحدة، يمكن أن تسبب مشكلات كبيرة في الميزانية العامة للولايات المتحدة.

في الوقت نفسه، فالأمر الأكثر أهمية هو قضية الاستراتيجية الأميركية والفهم الأميركي للاستراتيجية العسكرية الصينية والروسية والعكس أيضاً، بما في ذلك الردع النووي أو احتمالات استخدامه الذي يظهر في الخلفية بصورة مثيرة للقلق.

في الوقت نفسه، يرى كل من سيمبالا صاحب كثير من الكتب والمقالات حول قضايا الأمن الدولي، وكورب الذي عمل مساعداً لوزير الدفاع في عهد الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، أنه من المهم تحديد مدى تنسيق التخطيط العسكري الاستراتيجي الروسي والصيني فيما يتعلق بالردع النووي والبدء باستخدام الأسلحة النووية أو القيام بالضربة الأولى. وقد أظهر الرئيسان الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين، تقارباً واضحاً خلال السنوات الأخيرة، في حين تجري الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة بصورة منتظمة. ومع ذلك فهذا لا يعني بالضرورة أن هناك شفافية كاملة بين موسكو وبكين بشأن قواتهما النووية أو خططهما الحربية. فالقيادة الروسية والصينية تتفقان على رفض ما تعدّانه هيمنة أميركية، لكن تأثير هذا الرفض المشترك على مستقبل التخطيط العسكري لهما ما زال غامضاً.

ويمكن أن يوفر الحد من التسلح منتدى لزيادة التشاور بين الصين وروسيا، بالإضافة إلى توقعاتهما بشأن الولايات المتحدة. على سبيل المثال، حتى لو زادت الصين ترسانتها النووية الاستراتيجية إلى 1500 رأس حربي موجودة على 700 أو أقل من منصات الإطلاق العابرة للقارات، سيظل الجيش الصيني ضمن حدود معاهدة «ستارت» الدولية للتسلح النووي التي تلتزم بها الولايات المتحدة وروسيا حالياً. في الوقت نفسه، يتشكك البعض في مدى استعداد الصين للمشاركة في محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية، حيث كانت هذه المحادثات تجري في الماضي بين الولايات المتحدة وروسيا فقط. ولكي تنضم الصين إلى هذه المحادثات عليها القبول بدرجة معينة من الشفافية التي لم تسمح بها من قبل بشأن ترسانتها النووية.

وحاول الخبيران الاستراتيجيان سيمبالا وكورب في تحليلهما وضع معايير تشكيل نظام عالمي ذي 3 قوى عظمى نووية، من خلال وضع تصور مستقبلي لنشر القوات النووية الاستراتيجية الأميركية والروسية والصينية، مع نشر كل منها أسلحتها النووية عبر مجموعة متنوعة من منصات الإطلاق البرية والبحرية والجوية. ويظهر التباين الحتمي بين الدول الثلاث بسبب الاختلاف الشديد بين الإعدادات الجيوستراتيجية والأجندات السياسة للقوى الثلاث. كما أن خطط تحديث القوة النووية للدول الثلاث ما زالت رهن الإعداد. لكن من المؤكد أن الولايات المتحدة وروسيا ستواصلان خططهما لتحديث صواريخهما الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات والقاذفات الثقيلة بأجيال أحدث من منصات الإطلاق في كل فئة، في حين يظل الغموض يحيط بخطط الصين للتحديث.

ورغم أن الولايات المتحدة تمتلك ترسانة نووية تتفوق بشدة على ترسانتي روسيا والصين، فإن هذا التفوق يتآكل بشدة عند جمع الترسانتين الروسية والصينية معاً. فالولايات المتحدة تمتلك حالياً 3708 رؤوس نووية استراتيجية، في حين تمتلك روسيا 2822 رأساً، والصين 440 رأساً. علاوة على ذلك، فالدول الثلاث تقوم بتحديث ترساناتها النووية، في حين يمكن أن يصل حجم ترسانة الأسلحة النووية الاستراتيجية الصينية إلى 1000 سلاح بحلول 2030.

ولكن السؤال الأكثر إلحاحاً هو: إلى أي مدى ستفقد الولايات المتحدة تفوقها إذا واجهت هجوماً مشتركاً محتملاً من جانب روسيا والصين مقارنة بتفوقها في حال التعامل مع كل دولة منهما على حدة؟ ولا توجد إجابة فورية واضحة عن هذا السؤال، ولكنه يثير قضايا سياسية واستراتيجية مهمة.

على سبيل المثال، ما الذي يدفع الصين للانضمام إلى الضربة النووية الروسية الأولى ضد الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)؟ ولا بد أن نتخيل سيناريو متطرفاً، حيث تتحول الأزمات المتزامنة في أوروبا وآسيا إلى أزمات حادة، فتتحول الحرب الروسية - الأوكرانية إلى مواجهة بين روسيا وحلف «الناتو»، في الوقت الذي تتحرك فيه الصين للاستيلاء على تايوان، مع تصدي الولايات المتحدة لمثل هذه المحاولة.

وحتى في هذه الحالة المتطرفة، لا شك أن الصين تفضل تسوية الأمور مع تايوان بشروطها الخاصة وباستخدام القوات التقليدية. كما أنها لن تستفيد من الاشتراك في حرب بوتين النووية مع «الناتو». بل على العكس من ذلك، أشارت الصين حتى الآن بوضوح تام إلى روسيا بأن القيادة الصينية تعارض أي استخدام نووي أولاً في أوكرانيا أو ضد حلف شمال الأطلسي. والواقع أن العلاقات الاقتصادية الصينية مع الولايات المتحدة وأوروبا واسعة النطاق.

وليس لدى الصين أي خطة لتحويل الاقتصادات الغربية إلى أنقاض. فضلاً عن ذلك، فإن الرد النووي للولايات المتحدة و«الناتو» على الضربة الروسية الأولى يمكن أن يشكل مخاطر فورية على سلامة وأمن الصين.

وإذا كان مخططو الاستراتيجية الأميركية يستبعدون اشتراك روسيا والصين في توجيه ضربة نووية أولى إلى الولايات المتحدة، فإن حجم القوة المشتركة للدولتين قد يوفر قدراً من القوة التفاوضية في مواجهة حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة.

وربما تدعم الصين وروسيا صورة كل منهما للأخرى بوصفها دولة نووية آمنة في مواجهة الضغوط الأميركية أو حلفائها لصالح تايوان أو أوكرانيا. ولكن إذا كان الأمر كذلك، فمن المرجح أن توفر «الفجوة» بين أعداد الأسلحة النووية غير الاستراتيجية أو التكتيكية التي تحتفظ بها روسيا والصين والموجودة في المسرح المباشر للعمليات العسكرية، مقارنة بتلك المتاحة للولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي، عنصر ردع ضد أي تصعيد تقليدي من جانب الولايات المتحدة ضد أي من الدولتين.

أخيراً، يضيف ظهور الصين قوة نووية عظمى تعقيداً إلى التحدي المتمثل في إدارة الاستقرار الاستراتيجي النووي. ومع ذلك، فإن هذا لا يمنع تطوير سياسات واستراتيجيات إبداعية لتحقيق استقرار الردع، والحد من الأسلحة النووية، ودعم نظام منع الانتشار، وتجنب الحرب النووية. ولا يمكن فهم الردع النووي للصين بمعزل عن تحديث قوتها التقليدية ورغبتها في التصدي للنظام الدولي القائم على القواعد التي تفضلها الولايات المتحدة وحلفاؤها في آسيا. في الوقت نفسه، فإن التحالف العسكري والأمني بين الصين وروسيا مؤقت، وليس وجودياً. فالتوافق بين الأهداف العالمية لكل من الصين وروسيا ليس كاملاً، لكن هذا التحالف يظل تهديداً خطيراً للهيمنة الأميركية والغربية على النظام العالمي.