المضادات الحيوية... محاذير طبية على الأطفال

توصيات بتقليل استخدامها في العيادات الخارجية إلى النصف بحلول عام 2020

المضادات الحيوية... محاذير طبية على الأطفال
TT

المضادات الحيوية... محاذير طبية على الأطفال

المضادات الحيوية... محاذير طبية على الأطفال

منذ ظهور عقار البنسيلين، أول مضاد حيوي، في بدايات القرن العشرين، الذي كان سبباً رئيسياً في تخليص البشرية من بعض الأمراض الفتاكة في ذلك الوقت، أصبحت المضادات الحيوية (Antibiotics) أشهر أنواع الأدوية على الإطلاق، وأكثرها استخداماً في العالم كله. وهذا ما أدى إلى احتمالية فقدان قدرتها تماماً في المستقبل القريب على أداء دورها في مقاومة البكتيريا، نظراً لاعتياد الميكروبات عليها، وتكوين وسائل مضادة لعملها، وحماية نفسها من تأثيرها.
كما حدثت طفرات في سلالات الميكروبات تكون أقوى جداً، ومقاومة (resistant) لمعظم عائلات المضادات الحيوية، حتى شديدة القوة منها، ولذا أصبحت فترة العلاج تأخذ وقتاً أطول، والجرعات بدأت في التضاعف. وهناك عدة أنواع من المضادات الحيوية يختص كل نوع منهم بالتأثير على مجموعات معينة من البكتيريا.

- محاذير المضادات الحيوية
وعلى الرغم من التحذيرات المستمرة من منظمة الصحة العالمية (WHO) والأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (AAP) بضرورة توخي الحرص من الإفراط في استخدام المضادات الحيوية بشكل عام، وفي الأطفال بشكل خاص، الذين يعتبرون من أكثر الفئات الخاضعة للعلاج بالمضادات الحيوية، إلا أن معدلات استخدامها لا تزال كبيرة جداً بالشكل الذي يمكن أن يمثل خطورة شديدة في المستقبل.
والحقيقة أن الأمر يزداد خطورة في الدول النامية عنه في الدول المتقدمة، نظراً لأن المريض يمكن أن يحصل على الدواء من الصيدلية بشكل مباشر من دون وصفة طبية، كما أن النتائج الإيجابية السريعة للمضاد الحيوي تجعل الآباء يعتقدون أن التحسن لن يحدث بشكل كامل إلا باستخدام المضاد الحيوي، رغم أنه يؤثر على البكتيريا فقط، وليس له أي تأثير آخر على الفيروسات أو الفطريات.
تجدر الإشارة إلى أن السبب الرئيسي في تحسن حالة الطفل الذي يتناول المضاد الحيوي عند الإصابة بالأمراض الفيروسية، أو الفطرية على سبيل المثال، هو أن هذه الأمراض، خصوصاً في الأطفال، غالباً ما يصاحبها اعتلال من ميكروب ضعيف لا يسبب إصابة واضحة (subclinical infection)، وحينما يتم أخذ المضاد الحيوي مع مضاد الفطريات (antifungal) يظهر التحسن بشكل واضح، ويبدأ الطفل في استرداد نشاطه وصحته، وهو الأمر الذي يزيد من قناعة الأم بأهمية المضاد الحيوي، على الرغم من التحذيرات المتعددة منه، بينما يكون التحسن نتيجة للعلاج الأساسي.
وقد أعلنت الأكاديمية أنها تأمل أن تقل استخدامات المضادات الحيوية بمقدار 50 في المائة في العيادات الخارجية، بحلول عام 2020، خصوصاً في التهابات الجزء الأعلى من الجهاز التنفسي. وتشكل هذه الالتهابات تقريباً 44 في المائة من الحالات المترددة على العيادة الخارجية في الأطفال. وكانت الأكاديمية لاحظت أن القدر الموصوف من المضادات الحيوية أكبر بكثير مما تستدعيه الحالات الإكلينيكية، حيث يمكن وصف العلاج المضاد للحساسية وموسعات الشعب الهوائية ومضادات الرشح أو السعال، حسب عمر الطفل.
ولا يجب استخدام معظم أدوية الرشح والسعال قبل عمر 6 شهور، وبعضها قبل عامين كاملين، إلى جانب خوافض الحرارة فقط، وعدم استخدام المضاد الحيوي، إلا بعد التأكد من أن السبب هو البكتيريا.

- الفيروس والبكتريا
أشارت الأكاديمية إلى أن الآباء يجب أن يتحلوا بالصبر عند إصابة الطفل بوعكة صحية، وأن ارتفاع الحرارة ليس بالضرورة مؤشراً لوجود عدوى بكتيرية، بل في بعض الأحيان يمكن أن يكون ارتفاع درجة الحرارة البسيط دون سبب على الإطلاق. وحذرت من أن بعض الآباء الذين لديهم ثقافة طبية، يعلمون أن نزلة البرد إصابة فيروسية، إلا أنهم يخشون من احتمالية أن يتطور الأمر إلى الإصابة بالبكتيريا بالشكل الذي يستدعي ضرورة تناول المضاد الحيوي. وعلى ذلك يكون منطقهم أنه لا داعي للانتظار حتى تتفاقم الأمور، وأنه يجب البدء في تناول المضاد الحيوي.
وهذا الكلام على الرغم من منطقيته، إلا أنه ليس صحيحاً في معظم الأحيان، بل على العكس يمكن أن يؤدي تناول المضاد الحيوي لدفع الميكروب إلى عمل مقاومة (resistance) تؤدي لاحقاً إلى الإصابة به، ويضطر الطبيب إلى استخدام نوع أقوى من المضادات الحيوية.
أوضحت الأكاديمية أن استخدام المضادات الحيوية يجب أن يكون بشكل متدرج، بحيث يبدأ العلاج باستخدام نوعية أقل حدة في الأعراض الجانبية والالتزام بالمدة اللازمة للعلاج والتوصيات الطبية، بدلاً من إعطاء الأجيال المتقدمة من المضادات الحيوية لتحقيق سرعة العلاج. ويقتصر استخدام هذه الأجيال المتقدمة على الحالات الشديدة، التي لم تستجب للعلاج العادي أو الحالات الموجودة في المستشفيات، والطبيب هو صاحب القرار في تقييم الحالة الطبية واستخدام المضاد الحيوي من عدمه.
وليس معنى إصابة الطفل بالأعراض نفسها أن يتم استخدام العلاج نفسه بشكل تلقائي من قبل الأم، خصوصاً في الدول التي يمكن فيها الحصول على العلاج بشكل مباشر، خصوصاً أن التوصيات الطبية تتغير. وعلى سبيل المثال، لا يعتبر تغير لون المخاط فقط علامة على الإصابة البكتيريا كما كان الأمر في السابق.
وأكدت الأكاديمية أن المضادات الحيوية أدوية مهمة جداً، ولا غنى عن استخدامها في الأمراض التي تستلزم العلاج بها، وأن التحذيرات من الإفراط في الاستخدام لا يجب أن تثني الأطباء عن وصفها، إذا استدعت الضرورة الطبية ذلك. وفي المقابل حذرت الآباء من سوء الاستخدام، سواء الإفراط في تناولها من دون داعٍ، أو العكس تماماً بمحاولة تفادي استخدامها حينما تكون موصوفة، مخافة أعراضها الجانبية وحدوث المقاومة منها في المستقبل، على شرط أن يتم الاستخدام تبعاً لخطة العلاج المقررة، وبالجرعات المحددة لإحداث الأثر الطبي المطلوب.

- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».