العاصفة «أوسكار» تحط رحالها في لبنان آتية من روسيا

تطال الحوض المتوسط ودول الخليج العربي

العاصفة «أوسكار» تسببت في تساقط الثلوج على ارتفاع 800 متر في لبنان
العاصفة «أوسكار» تسببت في تساقط الثلوج على ارتفاع 800 متر في لبنان
TT

العاصفة «أوسكار» تحط رحالها في لبنان آتية من روسيا

العاصفة «أوسكار» تسببت في تساقط الثلوج على ارتفاع 800 متر في لبنان
العاصفة «أوسكار» تسببت في تساقط الثلوج على ارتفاع 800 متر في لبنان

حطّت العاصفة «أوسكار» رحالها في لبنان ابتداء من مساء أمس، حاملة معها موجة صقيع وأمطارا غزيرة وتساقط ثلوج على ارتفاع 800 متر، وتستمر حتى صباح غد السبت. ولأول مرة لم يبد اللبناني تذمّره من هذه العاصفة الآتية من روسيا، لا بل إنه كان ينتظر وصولها بفارغ الصبر بعد أن صنّف موسم الشتاء لهذا العام بالقاحل.
وحسب دائرة التقديرات في مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت، فإنّ المنخفض الجوي «أوسكار» ترافقه ريح شديدة (تهدأ السبت صباحا)، وكذلك تدنّ في درجات الحرارة تصل إلى درجتين على المرتفعات وإلى 11 على الساحل.
«لا يمكننا تسميتها بالعاصفة القوية فهي تشبه إلى حد كبير ما شهدناه من تغييرات مناخية وأحوال طقس رديئة في الأسبوع المنصرم، وجديدها هو تدني درجات الحرارة التي تحملها معها من روسيا عبر أوكرانيا والبحر الأسود». يوضح مارك وهيبة رئيس دائرة مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط».
وتطال «أوسكار» حوض المتوسط (سوريا والأردن)، خلال نهاية الأسبوع لتصل إلى دول الخليج العربي (الكويت وإيران والسعودية) الاثنين المقبل. وستصل درجات الحرارة المتدنية في تلك البلدان إلى 8 درجات مئوية وتتعرض لنسبة أمطار غزيرة خاصة في الكويت وفي شمال السعودية. وتتصف هذه العاصفة بنطاقها الواسع لكونها تمتد من روسيا وأوكرانيا مرورا بتركيا ووصولا إلى المتوسط والخليج العربي.
وحسب وهيبة فإنّ هذا العام صنّف في المرتبة 8 على 80 من السنوات التي شهدت شحا في تساقط الأمطار في لبنان، وهي شبيهة إلى حدّ كبير بفترة القحل التي شهدتها البلاد ما بين أعوام 1953 و1958. وأوضح في سياق حديثه: «لقد كانت حتى 10 يناير (كانون الثاني) الحالي، من أسوأ السنوات إلى أن تحسن الوضع تدريجيا في الأيام القليلة التي تلتها». ولكن هل ذلك يتعلق بالانحباس الحراري والتغييرات المناخية التي تشهدها الكرة الأرضية كلها؟ أم أنّها مجرد فترة وتمر؟ يرد: «هي بالتأكيد ترتبط بالعنصرين اللذين ذكرتهما، ولكن عندما شهد لبنان موسم شتاء شحيحا في الخمسينات لم تكن هذه العناصر متوفرة بعد، ولذلك لا يمكننا التكهن بمدى استمراريتها أو العكس لأنّنا يجب أن ننتظر نحوا من 6 أو 8 سنوات على الأقل لنؤكد هذا الأمر». وأضاف: «في الخمسينات مررنا بفترة شبيهة من شح في المتساقطات وفي الثمانينات ووصولاً إلى التسعينات عدنا وشهدنا موسم شتاء غزيرا. وأعتقد بأنّنا نمرّ بفترة مشابهة على أمل أن تعوض علينا السنوات المقبلة بكميات كبيرة من الأمطار».
وعلى الرّغم من الطقس الرديء الذي يشهده لبنان في الأسبوعين الأخيرين من يناير، فإنّ اللبنانيين سعيدون بحدوثه، وهم يمنّون النفس بأن يحمل شهرا فبراير (شباط) ومارس (آذار) أمطارا غزيرة وتساقط ثلوج كثيفا على المرتفعات لتعويض ما خسره لبنان من أمطار في الفترة الماضية.
وماذا ينتظر اللبنانيون بعد «أوسكار»؟ يقول وهيبة: «لا يمكننا التحدث عن توقعات في هذا الشأن، بل نأمل في أن يحمل الشهران المقبلان كمية أمطار وثلوج تُثلج قلوب اللبنانيين من ناحية وتبعد عنا شبح القلة والشّح في المياه عن لبنان من ناحية ثانية».
ومن المتوقع أن تشهد منطقة الجنوب في لبنان نسبة تساقط أمطار وثلوج مرتفعة، قد تمكنّنا من ملامسة الـ325 ملليمترا من معدلات الشتاء لهذا العام، وهي نسبة لا تزال أقل من تلك المندرجة على لائحة المعدل العام لتساقط الأمطار في هذا الوقت من السنة في لبنان التي تصل إلى 400 ملليمتر.
وعلى أمل أن يحمل شهر فبراير المقبل نسبة أمطار كثيفة فإنّ «أوسكار» سيشكل خاتمة سعيدة لشهر يناير الحالي، إذ من المتوقع أن يشهد الأسبوع المقبل فترة استراحة مناخية في لبنان حيث يسوده طقس مشمس.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق التقرير المناخي المعني بفصل الشتاء في السعودية يُشير إلى اعتدال نسبي هذا العام (واس)

موجة باردة تؤثر على دول الخليج... والحرارة تصل للصفر

موجة باردة تشهدها دول الخليج تسببت في مزيد من الانخفاض لدرجات الحرارة، لتقترب من درجة صفر مئوية في عدد من المناطق.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق استمرت أقوى موجة برد شهدتها السعودية 7 أيام متواصلة (واس)

متى شهدت السعودية أقوى موجة برد تاريخياً؟

شهدت السعودية قبل 33 عاماً أقوى موجة برد في تاريخها، واستمرت 7 أيام متواصلة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق موظف في مدينة ميامي يوزع زجاجات المياه على المشردين لمساعدتهم على التعامل مع درجات الحرارة المرتفعة (أ.ب)

الهند: عام 2024 كان الأعلى حرارة منذ 1901

أعلنت إدارة الأرصاد الجوية الهندية، الأربعاء، أن عام 2024 كان الأكثر حرّاً منذ سنة 1901، في ظل ظروف الطقس الحادة التي يشهدها العالم.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
بيئة منطقة سكنية غارقة بالمياه جرّاء فيضان في بتروبافل بكازاخستان 13 أبريل (رويترز)

الأمم المتحدة: التغير المناخي تسبّب في ظواهر مناخية قصوى عام 2024

أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن التغير المناخي تسبّب في أحوال جوية قصوى وحرارة قياسية خلال عام 2024، داعيةً العالم إلى التخلي عن «المسار نحو الهلاك».

«الشرق الأوسط» (جنيف)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».