بكتيريا الأمعاء... هل تحول دون فقدان الوزن؟

أعداد جيناتها تفوق بمئات المرات ما لدى الإنسان

بكتيريا الأمعاء... هل تحول دون فقدان الوزن؟
TT

بكتيريا الأمعاء... هل تحول دون فقدان الوزن؟

بكتيريا الأمعاء... هل تحول دون فقدان الوزن؟

س: لا يمكنني أن أفقد الوزن. تقول لي صديقتي إن المشكلة قد تكون نتيجة لأنواع البكتيريا التي تعيش في أمعائي. يبدو هذا جنونياً بالنسبة لي، لكن هل هو حقيقي، وهل يمكنني القيام بشيء ما حيال ذلك؟
ج: منذ 10 أعوام كنت لأظن أن صديقتك مجنونة، لكنني اليوم سوف أخبرك بأنها قد تكون على حق؛ وإليك السبب. نعلم منذ نحو قرن من الزمان أن البكتيريا تعيش في أمعائنا، لكننا كنا نفترض أن ليس لها تأثير كبير على صحتنا، بل كنا نعتقد أنها تستغلنا، وتنتفع بالدفء والمواد المغذية في أمعائنا.
مع ذلك حدثت اكتشافات لافتة للنظر خلال العقد الماضي أتاحت للعلماء إحصاء وتحديد جينات (مورثات) البكتيريا الموجودة في الأمعاء. وكانت النتائج مذهلة، فعدد المورثات لدى البكتيريا أكبر من جينات الإنسان بما يتراوح بين 250 و800 مرة. والأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن تلك المورثات لدى البكتيريا تصنع مواد تدخل مجرى دم البشر مما يؤثر على كيمياء أجسامنا. ويعني هذا أنه من المعقول والمنطقي تماماً أن تؤثر البكتيريا الموجودة في أمعائنا على صحتنا.
- الأمعاء والوزن
كيف يمكن أن تؤثر البكتيريا إذن على وزننا؟ عندما نأكل الطعام، تقوم الأمعاء بتفكيكه وتحليله إلى أجزاء صغيرة، ولا يتم امتصاص سوى الأجزاء الأصغر في دمائنا، في حين يتم التخلص من الأجزاء الباقية على هيئة فضلات. يمكن القول بعبارة أخرى إن ما نحصل عليه من سعرات حرارية من الطعام الذي نتناوله لا يتم امتصاصه بالكامل في أجسامنا، وأنها تزيد وزننا.
تساعد البكتيريا الأمعاء في تفكيك الطعام، وهناك أنواع من البكتيريا أكثر قدرة من الأخرى على تحليل الطعام إلى أصغر أجزاء وهي التي يمكن هضمها، وتزيد السعرات الحرارية التي يحصل عليها جسمنا مما يؤدي إلى زيادة وزننا. ونظرياً؛ إذا كانت تلك الأنواع أكثر من الأنواع الأخرى في أمعائنا، فإنه يكون من الصعب فقدان الوزن.
مع ذلك، هل هناك أدلة تؤكد ذلك الأمر؟ يؤكد كثير من الدراسات، التي أجريت على الحيوانات، وبعض تلك التي أجريت على البشر، هذا الأمر. على سبيل المثال، نقل العلماء البكتيريا من أمعاء نوعين من الفئران؛ أحدهما أصبح بديناً بشكل طبيعي، والآخر ظل نحيلا بشكل طبيعي، إلى نوع ثالث من الفئران النحيلة تمت تنشئتها بحيث لا تحتوي أمعاؤها على البكتيريا منذ ولادتها. جعلت البكتيريا الأمعاء، التي تم نقلها من فئران بدينة بشكل طبيعي، الفئران التي لا تحتوي أجسامها على جراثيم، سمينة، لكن البكتيريا التي تم نقلها من الفئران النحيلة بشكل طبيعي جعلتها تحافظ على نحولتها.
أخذ أولئك العلماء البكتيريا من أمعاء توأم متطابق من البشر، كان أحدهما بديناً، والآخر نحيلاً، ونقلوا تلك الالبكتيريا إلى أمعاء الفئران النحيلة التي لا تحتوي أجسامها على الجراثيم. البكتيريا التي تم نقلها من الأخ السمين جعلت الفئران بدينة، في حين لم تفعل البكتيريا التي تم أخذها من الأخ النحيل ذلك. لقد بدأنا للتو نفهم دور البكتيريا الأمعاء في مسألة البدانة، ولم يساهم العلم بعد في الوصول إلى أنواع من العلاج التي تجعل من السهل فقدان الوزن. مع ذلك، أعتقد أننا سنشهد هذا اليوم.

- رئيس تحرير «رسالة هارفارد الصحية» - خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)
الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)
TT

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)
الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

وحسب صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية، يقول العلماء إن الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية يتطوران بوتيرة سريعة، لدرجة أن تطوير «أقراص مكافحة الشيخوخة» قد يكون مسألة سنوات قليلة فقط.

ويعد جيف بيزوس مؤسس شركة «أمازون»، وبيتر ثيل المؤسس المشارك لشركة «باي بال»، وسام ألتمان مؤسس «تشات جي بي تي»، من بين أحدث الشخصيات في سلسلة طويلة من أباطرة المال الأميركيين الذين وضعوا جزءاً من ثرواتهم في مجال الطب التجديدي والتكنولوجيا الحيوية.

ويُقال إن بيزوس استثمر 3 مليارات دولار، في شركة التكنولوجيا الحيوية «ألتوس لابز» (Altos Labs) التي شارك في تأسيسها مع الملياردير الروسي يوري ميلنر في عام 2021.

ووظفت الشركة الناشئة علماء بارزين للبحث في كيفية عكس عملية الشيخوخة، ومتابعة ما تسمى تقنية إعادة البرمجة البيولوجية، والتي من شأنها أن تسمح للعلماء بتجديد الخلايا في المختبر.

وتتشابه أهداف «ألتوس لابز» مع أهداف شركة «كاليكو لابز» (Calico Labs)، التي أطلقها المؤسس المشارك لشركة «غوغل» لاري بيغ في عام 2013، للتركيز على طول العمر وإعادة برمجة وتجديد الخلايا.

إنهم ليسوا المليارديرات الوحيدين الذين يسعون إلى مكافحة الشيخوخة: فقد استثمر بيتر ثيل، المؤسس المشارك لـ«باي بال»، في مؤسسة «ميثوسيلاه» التي تصف نفسها بأنها «مؤسسة خيرية طبية غير ربحية تركز على إطالة عمر الإنسان الصحي، من خلال جعل عمر التسعين هو عمر الخمسين الجديد».

ومن بين أهداف «ميثوسيلاه» ابتكار تقنيات قادرة على تطوير أعضاء وأوعية دموية وعظام جديدة، وإزالة «الهياكل البيولوجية المدمرة» من الجسم، وإجراء مزيد من الدراسات حول علم الوراثة فوق الجينية، وإعادة الإدراك والقدرات البدنية لكبار السن.

وفي أبريل (نيسان) من العام الماضي، تم الكشف عن أن مؤسس «تشات جي بي تي»، سام ألتمان، قام بتمويل شركة «Retro BioScience» الناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية، بمبلغ 180 مليون دولار.

وحسب موقعها على الإنترنت، تركز شركة «Retro BioScience» على «إعادة برمجة الخلايا»، وتتعهد بإطالة عمر الإنسان لمدة 10 سنوات.

ويقول تقرير «نيويورك بوست» إن المليارديرات ورجال الأعمال يسعون إلى تطوير حبوب لزيادة متوسط ​​العمر المتوقع، من خلال جعل خلايا الجسم أصغر سناً، وخالية من الأمراض لفترة أطول.

وقال فيل كلياري، مؤسس مجموعة «SmartWater Group»: «بمعدل تطور التكنولوجيا الحالي، لن يكون الأمر سوى مسألة وقت قبل أن تصبح عقاقير إطالة العمر متاحة بحُرية، لأولئك الذين يستطيعون تحمل تكلفتها».

لكن كلياري قال إن أباطرة وادي السيليكون يجب أن «يتوقفوا عن لعب دور الإله» في سباقهم للتغلب على الموت، واصفاً السعي وراء هذا الأمر بأنه «مدفوع بالأنا» وبأنه يخاطر بخلق كوكب من «الزومبي الأنيقين الأغنياء».

وأضاف كلياري، مؤلف كتاب «إكسير»، وهي رواية تستكشف العواقب المدمرة لأدوية إطالة العمر على المجتمع: «إن حبة الدواء التي تبقي الناس على قيد الحياة، حتى لبضعة عقود، من شأنها أن تخلق عالماً غير عادل وغير منصف، مليئاً بالزومبي الأنيقين الأثرياء، أغلبهم من البيض من الطبقة المتوسطة، والذين يستطيعون تحمل تكاليف شراء هذه الأدوية في المقام الأول».

وتابع: «بدلاً من إطالة عمر النخبة الغنية، سيكون من الأفضل للمليارديرات إنفاق أموالهم على 5 ملايين طفل في العالم يموتون من الجوع، ومن أسباب أخرى يمكن الوقاية منها وعلاجها كل عام».

ويموت نحو 100 ألف شخص كل يوم بسبب أمراض مرتبطة بالسن، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

وفي حين أن الشيخوخة نفسها لا تقتل الناس بشكل مباشر، فإن كبار السن معرضون لخطر الإصابة بكثير من الأمراض القاتلة، مثل الألزهايمر وأمراض القلب والسرطان.