الصمت الاختياري... مرض أم اضطراب؟

حالة عرضية أسبابها ليست واضحة

الصمت الاختياري... مرض أم اضطراب؟
TT

الصمت الاختياري... مرض أم اضطراب؟

الصمت الاختياري... مرض أم اضطراب؟

ابنتكِ لا تتكلم يا سيدتي! عبارة تهتز لسماعها أم الطفلة، فتجيب مستنكرة بأن ابنتها تتكلم، بل تؤكد أنها لا تتوقف عن الكلام في البيت، وأنها تستطيع إحضار مقطع فيديو مسجل في البيت يثبت ذلك، وأنها تلعب مع أقاربها وإخوتها وتتكلم بشكل طبيعي.
إنه سيناريو يدور بشكل يكاد يكون مستمرا بين المدرسة والمنزل، وشكوى لم تعد أمرا نادرا، توجهها المعلمة لوالدة الطفل أو الطفلة، بل إنها تتكرر بنمط يكاد يكون ثابتا، ويتم تبادلها عبر المحادثات الهاتفية ومن خلال وسائل التواصل المتعددة بين أمهات الأطفال الذين قرروا عدم الكلام في المدرسة على الرغم من قدرتهم على الكلام في المنزل. وأخيرا يحتد الحوار وتصل الشكوى إلى الممارسين الصحيين والمتخصصين في عياداتهم خصوصا في الأسابيع الأولى من بدء الدراسة في كل عام سعيا من أولياء الأمور لإيجاد حل لهذا اللغز المحير.
ويتساءل أهالي هؤلاء الأطفال عن أسباب هذه المشكلة؟ وهل سيستمر الطفل كذلك؟ وهل هناك علاج أو حل لها؟ وهل من مضاعفاتها أن الطفل قد يفقد النطق نهائيا أو تتأثر مهارات نموه الكلامي؟

صمت اختياري
توجهت «صحتك» بهذه الأسئلة المهمة إلى أحد أبرز المتخصصين في هذا المجال الدكتور وائل عبد الخالق الدكروري، الباحث الأكاديمي في مجال اضطرابات اللغة النمائية عند الأطفال واستشاري علاج أمراض النطق واللغة والحاصل على البورد الأميركي في هذا المجال - رئيس قسم اضطرابات التواصل بمجمع عيادات العناية النفسية بالرياض، فأوضح في البداية أن هذا الاضطراب هو ما يعرف باسم «الصمت الاختياري» (Selective Mutism)، وأن هذه الأعراض تتميز بأنها حالة يتوقف فيها الطفل عن الكلام، وعادة ما تظهر في المدرسة أو خلال مواقف اجتماعية معينة أو في أي مكان آخر خارج المنزل.
وأضاف الدكتور الدكروري أن العلماء قد اتفقوا، لتشخيص الحالة، على ضرورة أن تستمر الأعراض لأكثر من شهر متواصل، كما يجب ألا يكون ظهور الأعراض قاصرا على الشهر الأول من الالتحاق بالمدرسة، حيث يكون ذلك في بعض الأحيان مجرد ردة فعل وقتية ما لم يكن مصاحبا بظهور أعراض أخرى، مما يستوجب مراجعة اختصاصي علاج أمراض النطق واللغة لتقييم حالة الطفل في أسرع وقت ممكن.
وهذه الحالة تحتاج إلى صبر الأهل وتكيف الطفل. ويقول الدكتور الدكروري بأنه لا يجب تفسير حالة «الصمت الاختياري» على أنها تأخر في نمو مهارات اللغة والكلام أو صعوبة في معالجة المعلومات السمعية أو غيرها من اضطرابات النطق واللغة التي قد تتشابه مع أعراض الصمت الاختياري. كذلك تجب ملاحظة عامل مهم يتمثل في اختلاف اللغات، ففي ظل إقبال الأهالي على منظومة التعليم الأجنبي وكون الطفل في الأصل يتحدث اللغة العربية فعند إلحاقه بواحدة من الروضات أو المدارس الدولية، حيث تكون اللغة الأجنبية مثل الإنجليزية مثلاً هي اللغة الأساسية فقد يستغرق الطفل فترة زمنية تتفاوت في طولها حتى يستطيع التكيف والتعامل مع المتغير الجديد، ألا وهو اللغة الجديدة.

أسباب غير واضحة
أوضح الدكتور الدكروري أن أعراض «الصمت الاختياري» تظهر على الأطفال قبل سن 5 سنوات. أما عن الأسباب المؤدية لظهورها فإنها ما زالت تعتبر مجهولة حتى الآن. وأضاف أن «الصمت الاختياري» حالة ليست بالنادرة، فقد تصل نسبة ظهور الأعراض عند الأطفال إلى نحو اثنين في المائة من الأطفال بناء على نتائج بعض الدراسات، في حين أظهرت دراسات أخرى أن الأعراض لا تظهر عند أكثر من 0.2 في المائة من الأطفال فقط، ووجد أن نسبة الإصابة عند البنات تفوق مثيلتها عند الأولاد. كما أظهرت الدراسات المقارنة أن نسب الإصابة تظهر أكثر عند أطفال الأقليات مثل المهاجرين من دولهم لمجتمعات جديدة.
* ما علاقتها بالرهاب الاجتماعي؟ يجيب الدكتور الدكروري بأن عددا كبيرا من المتخصصين يعتقدون أن السبب الرئيسي وراء ظهور أعراض الصمت الاختياري ينبع من الشعور بالقلق، حيث تظهر أعراض الرهاب الاجتماعي عند عدد كبير من الأطفال الذين تظهر عليهم أعراض الصمت الاختياري. وأضاف أن من المهم مراعاة أن الأطفال الذين تظهر عليهم أعراض الصمت الاختياري لم يكونوا أول حالة في أسرهم بنسبة تصل لأكثر من 50 في المائة، بل وذهبت بعض الدراسات إلى نسبة 75 في المائة فيما يتعلق بإصابة أحد الوالدين باضطراب القلق. ومن الملاحظ على هذه العائلات ظهور حالات الخجل الشديد واضطراب القلق بين أفرادها، وهو ما يزيد من إمكانية ظهور أعراض الصمت الاختياري.
* هل هو عناد من الطفل أم شعور بالعجز؟ أوضح الدكتور الدكروري أن من الجدير ذكره هنا أن أولياء أمور هؤلاء الأطفال يعتقد معظمهم أن الطفل يرفض الكلام، بينما هو في حقيقة الأمر يكون عاجزا وغير قادر على الكلام في مواقف معينة. ويجب أن ندرك الاختلاف الكبير بين أعراض الصمت الاختياري التي لا تتطابق مع ما يعرف بالصمت «Mutism» الكلي الدائم كون الطفل في حال ظهور أعراض الصمت الاختياري يكون قادرا على الفهم والكلام، ولكنه يتوقف عن الكلام في مواقف معينة أو بيئة معينة، في حين أن «الصمت» يكون فيه الطفل لا يتكلم في كل المواقف أو البيئات على اختلافها، وهو ما تكون له مسببات مختلفة وتكون لها طرق تدخلٍ محددة.

حلول علاجية
أكد الدكتور وائل الدكروري أن التدخل العلاجي يتوقف على مستوى شدة الأعراض، وأنه يتطلب توفر نوع من التعاون بين اختصاصي علاج أمراض النطق واللغة واختصاصي علم النفس الإكلينيكي لتقديم برنامج العلاج السلوكي.
أما عن دور العلاج الدوائي فهو وارد لبعض الحالات، ويتم اللجوء إليه ووصفه من قبل اختصاصي الطب النفسي عند الأطفال، وهو ما يكون في الغالب عند فئة الأطفال الأكبر سنا الذين خضعوا لبرنامج علاج سلوكي من قبل، ولكن لم يتم تحقيق النجاحات المرجوة.
وحتى يكون العلاج السلوكي فعالا فيجب ألا يكون فقط للطفل، بل يجب أن يستهدف البيئة والأشخاص المحيطين بالطفل، والمقصود هنا الوالدان والمعلمون، حيث يجب أن نشجع المعلم مثلا على أن يلعب مع الطفل في بداية البرنامج العلاجي بشكل منفرد لدعم العلاقة بينه وبين الطفل وتشجيعه على الاستجابة اللفظية، مع مراعاة توجيه المعلم بأن يتجنب استخدام الأسئلة التي تكون إجاباتها بنعم أو لا، فمثلا بدلا من سؤال الطفل هل تحب اللعب بالسيارات؟ يكون السؤال بماذا تحب أن تلعب؟ أو هل تحب اللعب بالسيارات أو التلوين؟ ومن الجدير بالذكر أن التوقف عن استخدام أسئلة «نعم - لا» يعتبر من أصعب التحديات والعادات التي نطلب من المعلم التخلص منها!
كما يجب توجيه المعلم لأن يبدأ في تطبيق استراتيجية الانتظار، حيث نطلب من المعلم الانتظار فترة لا تقل عن خمس ثوان بعد طرحه للسؤال على الطفل حتى يمنح الطفل فرصة للاستجابة مع مراعاة المحافظة على التواصل البصري خلال فترة الانتظار، وهو ما يعتبر تحديا آخر، حيث تمثل ممارسة الانتظار لفترة الثواني الخمس أيضا عقبة للمعلم من حيث التطبيق والاستمرار على ممارستها أثناء التفاعل مع الطفل، ولكن لا شك في جدواها وفاعليتها لمساعدة الطفل على الاستجابة اللفظية وتشجيعه عليها داخل البيئة المدرسية.
وبعد التفاعل الفردي مع الطفل من قبل المعلم نبدأ في إشراك طفل واحد آخر في النشاط معه، ثم تدريجيا نبدأ في مشاركة عدد أكبر من الأطفال. كما يجب مراعاة تغيير أماكن النشاط التفاعلي، حيث يكون في الصف أو في الحديقة أو في مكان آخر قد يوجد فيه الطفل.
ويضيف الدكتور وائل الدكروري أن البرنامج العلاجي يتضمن العديد من الحلول والاستراتيجيات، وتتوقف النتائج على عوامل كثيرة، منها مشاركة معلم الصف ومتابعة الأهل والخبرة الإكلينيكية للمعالج وقدرته على حل المشكلات التي قد تطرأ، حيث إن الصمت الاختياري مشكلة لها الكثير من الحلول، ولكن تتطلب سرعة الإحالة لاختصاصي علاج أمراض النطق واللغة للتعامل معها بشكل فعال ومؤثر.



تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)
تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)
TT

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)
تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

ووُجد أن تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية، وخفض الكوليسترول، ومؤشر كتلة الجسم، وحجم الخصر.

تمَّت دراسة نحو 380 إسبانياً يعانون من زيادة الوزن، و«متلازمة التمثيل الغذائي» لمدة 3 سنوات، مع جمع البيانات حول صحتهم، وأوزانهم، وعادات تناول الإفطار.

و«متلازمة التمثيل الغذائي» هي مجموعة من الحالات التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، مثل السكتة الدماغية أو النوبة القلبية. علامات «متلازمة التمثيل الغذائي» هي السمنة، ومقاومة الإنسولين، وارتفاع ضغط الدم، وكثير من الدهون في الدم. ويُعتَقد بأن نحو 1 من كل 4 بريطانيين بالغين يعانون من هذه المتلازمة.

وجدت الدراسة الإسبانية أن وجبة إفطار كبيرة، تمثل بين 20 في المائة و30 في المائة من إجمالي السعرات الحرارية اليومية، كانت أفضل للصحة من وجبة إفطار صغيرة، أو وجبة ضخمة، أو تخطيها بالكامل.

توصي إرشادات «هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية» بتناول 2000 سعر حراري يومياً للنساء و2500 للرجال. ويجب أن تمثل وجبة الإفطار رُبع هذا الرقم، كما أوصت الدراسة بنحو 500 سعرة حرارية للنساء و625 للرجال.

كان مؤشر كتلة الجسم لدى الأشخاص المشاركين في الدراسة الذين تناولوا وجبة إفطار بهذا الحجم كل صباح أقل من أولئك الذين تخطوا وجبة الإفطار، وكانت خصورهم أصغر بمقدار بوصة.

وكان الأشخاص الذين تناولوا وجبات إفطار كبيرة (أكثر من 30 في المائة من السعرات الحرارية اليومية الموصى بها) أكبر حجماً من أولئك الذين تخطوها تماماً.

وتضيف الدراسة مصداقية إلى المثل القديم القائل إن وجبة الإفطار من أهم الوجبات في اليوم. وتُظهر البيانات أنها خفَّضت الكوليسترول، بالإضافة إلى مساعدتها على تحسين كمية الدهون بالدم.

وقالت كارلا أليخاندرا بيريز فيجا، مؤلفة الدراسة، من معهد أبحاث مستشفى ديل مار في برشلونة، لصحيفة «التليغراف»: «لقد ركّزنا حصرياً على تحليل وجبة الإفطار، لذلك لا يمكننا أن نستنتج أن وجبة الإفطار أكثر أهمية من الوجبات الأخرى».

وأضافت: «لكنها دون شك وجبة مهمة، لأنها تلعب دوراً حاسماً في كسر فترة الصيام الطويلة؛ بسبب النوم. في دراستنا، تم تضمين الأفراد الذين تخطوا وجبة الإفطار في المجموعة التي استهلكت طاقة أقل من 20 - 30 في المائة الموصى بها من المدخول اليومي».

وأضافت: «أظهر هؤلاء الأفراد زيادة أكثر بالوزن بمرور الوقت مقارنة بأولئك الذين تناولوا وجبة إفطار معتدلة وعالية الجودة. تشير الأدلة السابقة، بالإضافة إلى النتائج التي توصلنا إليها، إلى أن تناول وجبة إفطار صحية منتظمة قد يدعم التحكم في الوزن».