طرح مسجد في تركيا للبيع يثير الدهشة والاستهجان

بعد العجز عن دفع تكاليف إتمام بنائه

المسجد المعروض للبيع في ولاية بورصة التركية
المسجد المعروض للبيع في ولاية بورصة التركية
TT

طرح مسجد في تركيا للبيع يثير الدهشة والاستهجان

المسجد المعروض للبيع في ولاية بورصة التركية
المسجد المعروض للبيع في ولاية بورصة التركية

في واحدة من النوادر، طرحت إحدى جمعيات بناء المساجد في ولاية بورصة شمال غربي تركيا، مسجداً للبيع، لعدم تمكنها من إكمال بنائه.
يقع المسجد في مركز نيلوفر التجاري، إلا أن تكلفة بنائه حالت دون إتمامه. وقال رئيس جمعية إنشاء وإحياء جامع مركز نيلوفر التجاري خليل ساوول إنهم لم يتمكنوا من جمع مبلغ 3 ملايين و300 ألف ليرة (نحو 900 ألف دولار) لاستكمال إنشاء المسجد، ما دفعهم إلى طرحه للبيع وسط استنكار واسع.
وقال ساوول إن المسجد سيُباع ومن سيشتريه «سيفوز بالدنيا والآخرة».
وتوقع أن يؤدي الإعلان عن بيع المسجد إلى الإسراع في جمع المبلغ المتبقي لإنشائه، لأنّ هدفهم ليس بيعه أو جني الأموال من ورائه، ولفت إلى أنّه بعد تواتر الأخبار عن بيع المسجد، بدأنا نتلّقى عروضاً للمساهمة في إتمامه، ونأمل في أن نتمكن من استكماله دون بيعه.
وقال ساوول لـ«الشرق الأوسط»: «إننا نعتذر لمن أساءوا فهم الإعلان عن بيع المسجد، الذين أجروا اتصالات مع الجمعية لتأكيد استعدادهم للمساهمة في إنشائه لوقف عملية البيع». وأشار إلى أنّهم تلقوا اتصالات من أكثر من 500 شخص يقولون «أوقفوا الإعلان عن البيع وسوف نساعدكم في إتمام البناء إذا لزم الأمر».
وتأسست جمعية إنشاء المسجد في العام 2009 على يد 5 متطوعين بعد أن خصصت بلدية بورصة قطعة أرض لمشروع مركز نيلوفر التجاري، وتمكنت في غضون 7 سنوات من جمع مبلغ مليونين و500 ألف ليرة من أجل المسجد، وبالفعل انتهت من إنشاء الهيكل الأساسي للمسجد على مساحة ألفين و500 متر مربع، لكن الجمعية لم تتمكن من تحصيل باقي الأموال اللازمة لإتمام البناء، بسبب تقاعس المساهمين في المركز التجاري عن التبرع للمسجد، ولذلك قررت طرحه للبيع.
وعرضت الجمعية المسجد للبيع مقابل 13 مليون ليرة تركية (نحو 3 ملايين ونصف المليون دولار) لمن يرغب في شرائه. وقد تسببت لافتة رفعتها للإعلان عن بيع المسجد في حالة من الدهشة والاستنكار في الوقت نفسه لدى المارة الذين صدمهم الإعلان عن بيع المسجد، كونه أمراً غير معتاد.
لكن هذه الواقعة لا تعد الأولى من نوعها في تركيا، فقد أعلنت سيدة تركية تعمل في مجال تجارة مواد البناء، العام الماضي، عرض مسجد للبيع في مدينة كوجالي (شمال غرب)، بعد أن تعذر عليها الحصول على أموالها من المقاول الذي كان يبنيه داخل أحد المجمعات السكنية.
وأرجعت سونا أوتشاك سبب عجزها عن بناء المسجد إلى تعذر المقاول في دفع نحو 300 ألف دولار، بعد تراجع مستثمرين عرب عن شراء شقق داخل المجمّع كانوا قرروا شراءها من قبل. ولفتت إلى أنّ الخلاف بين المستثمرين العرب والمقاول التركي، تسبب في أزمة مالية للمقاول لم يتمكن معها من دفع مستحقاتها عن مواد البناء، بعد أن اشترطوا عليه بناء مسجد داخل المجمع السكني من أجل شراء الشقق داخله، لكنّ الخلاف تسبب في تأخير سداد المستحقات، وخلّف أزمة مالية لشركتها الخاصة.
وأعلنت السيدة عن بيع المسجد بقيمة مليوني ليرة (نحو 600 ألف دولار)، بعد فشلها في الحصول على مستحقاتها من المقاول الذي رفض تغطية تكاليف البناء البالغة مليوناً ونصف المليون ليرة تركية (نحو 400 ألف دولار).
وكما حدث في حال مسجد بورصة، كان الوضع نفسه مع هذا المسجد، إذ قوبل الإعلان باستهجان واسع من المواطنين، باعتبار أنّه لا يليق عرض مكان كهذا للبيع، إلا أن أوتشاك اعتبرت أنّ الأمر لا يجب أن يوضع في إطار ديني، لأنّها قضية مرتبطة بالتزامات ومشاكل مالية لا بدّ من حلها. ولفتت إلى أن بيع المسجد بسبب الظروف المالية التي تمر بها الشركة لا يعدّ عيباً، ولا ينتهك أي قيم دينية للمكان، كما أنّها لا تشترط عند بيعه أن يبقى كمسجد، إذ يحق للمشتري تحويله لأي غرض آخر لو أراد.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أوروبا أعضاء فرع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يحضرون اجتماعاً في دير القديس بانتيليمون في كييف يوم 27 مايو 2022 (رويترز)

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه يدرس حظر كييف للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المرتبطة بروسيا، قائلاً إنه يثير مخاوف جدية بشأن حرية المعتقد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا البابا فرنسيس أثناء وصوله إلى مطار سوكارنو هاتا الدولي في جاكرتا (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في مستهل أطول رحلة خارجية خلال ولايته

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في محطة أولى ضمن جولة له على 4 دول. وتتمحور الزيارة بشكل خاص حول الحوار الإسلامي المسيحي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
أميركا اللاتينية الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)

كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

لقد أظهر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو كاثوليكي بالميلاد، اهتماماً عاماً متزايداً باليهودية، بل وأعرب حتى عن نيته في التحوّل إلى اليهودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا رجال الشرطة يقفون للحراسة مع وصول المسلمين لأداء صلاة الجمعة في مسجد جيانفابي في فاراناسي 20 مايو 2022 (أ.ف.ب)

الهند: قوانين مقترحة للأحوال الشخصية تثير مخاوف المسلمين

من المقرر أن تطرح ولاية هندية يحكمها حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قوانين الأحوال الشخصية العامة الجديدة المثيرة للجدل والتي ستطبَّق على جميع الأديان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
آسيا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال حفل الافتتاح (رويترز)

مودي يفتتح معبداً هندوسياً بُني على أنقاض مسجد تاريخي

افتتح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم معبداً هندوسياً، بني على أنقاض مسجد تاريخي، في خطوة تكتسي أهمية كبيرة في سياسته القومية المحابية للهندوسية.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».