«مسح الكالسيوم» في القلب... متى نلجأ إليه؟

فحص مستوى تركيزه في الشرايين التاجية يكشف عن مؤشرات مبكرة لأمراضها

«مسح الكالسيوم» في القلب... متى نلجأ إليه؟
TT

«مسح الكالسيوم» في القلب... متى نلجأ إليه؟

«مسح الكالسيوم» في القلب... متى نلجأ إليه؟

وهذا المسح الخاص بأشعة «إكس» بمقدوره الكشف عن نقط وجود الكالسيوم داخل جدران شرايين القلب في غضون دقائق معدودة. ويعرف هذا المسح باسم «مسح الكالسيوم في الشريان التاجي coronary artery calcium (CAC) scan»، ويعد واحداً من السبل للتكهن بحجم مخاطر تعرض شخص ما لمرض في القلب مستقبلاً.
ومع ذلك، فإن إجراء هذا المسح لا يبدو منطقياً إلا إذا كانت النتائج ستؤثر على العلاج الطبي للشخص المعني. ويعني ذلك أنه في أغلب الحالات، يكون هذا المسح مفيداً بصورة أساسية للأفراد المترددين حيال ما إذا كان ينبغي لهم تناول عقار الستاتين الخافض للكوليسترول، حسبما شرح د. رون بلانكستاين، المتخصص بمجال تصوير الأوعية القلبية والطب الوقائي المرتبط بالقلب، بمستشفى بريغهام والأمراض النسائية التابعة لجامعة هارفارد.
وتجدر الإشارة إلى أن عقار الستاتين يحد من مخاطر التعرض لنوبة قلبية أو سكتة دماغية بنسبة تقارب 30 في المائة، لكن مسألة ما إذا كان ينبغي للأصحاء تناول هذه العقاقير تثير الجدال منذ وقت بعيد. وتبعاً للإرشادات الحالية، فإن أكثر من نصف الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و75 عاماً مرشحون للعلاج باستخدام الستاتين، بناءً على تقييم مدى خطر تعرضهم لمرض بالقلب على امتداد 10 أعوام. (يمكنك حساب درجة الخطر لديك عبر زيارة الموقع التالي www.cvriskcalculator.com).
واستطرد د. بلانكستاين بقوله: «لكن إذا كنت تشعر بالقلق من أن هذه الحاسبة (وهي الحاسبة المسماة «حاسبة الخطر على القلب والأوعية الدموية») ربما تبالغ في تقييم مستوى الخطر لديك ويساورك التردد حيال تناول الستاتين، فإن إجراء اختبار الكالسيوم في الشريان التاجي ربما يكون فكرة جيدة».

تقليص الأخطار

إذا كان الرقم الذي خلص إليه فحص الكالسيوم في الشريان التاجي (CAC) صفراً، فإن التخلي عن العلاج بعقار الستاتين يبدو حينئذ خياراً معقولاً. وبدلاً عن ذلك، من الأفضل التركيز على إدخال تغييرات على أسلوب الحياة، مثل النظام الغذائي وممارسة الرياضة من أجل تقليل خطر التعرض لأمراض القلب. وفي الواقع، فإن ما يقرب من نصف الأشخاص الذين يعتبرون مؤهلين للعلاج بالستاتين بناءً على تقييم مستوى الخطر لديهم، ربما لا يوجد لديهم أي كالسيوم في الشريان التاجي، تبعاً لدراسة شارك بها د. بلانكستاين عام 2015 ونشرت في دورية «جورنال أوف ذي أميركان كوليدج أوف كارديولوجي». ونظراً لانخفاض مستوى الخطر لديهم، فإن هؤلاء الأفراد أقل احتمالاً للاستفادة من الستاتين.
من جانب آخر، فإن الوصول لرقم مرتفع في اختبار الكالسيوم في الشريان التاجي يوفر حجة قوية لصالح العلاج بالستاتين. ومن الممكن أن يمنح وجود دلائل بصرية على الإصابة بأمراض القلب الأفراد، حافزاً إضافياً ليس فقط للعلاج بالستاتين، وإنما أيضاً لاتباع عادات صحية تعود بالفائدة على القلب، مثل ممارسة الرياضة بانتظام وتناول الطعام بصورة أفضل.

فحص للأعمار الوسيطة

لا ينصح بإجراء اختبار الكالسيوم بالشريان التاجي للأفراد الذين يواجهون خطرا منخفضا للإصابة بأمراض القلب أو الذين يعانون منها بالفعل. وفي كلتا الحالتين، من غير المحتمل أن تدخل نتيجة الاختبار تغييراً على علاجهم.
إلا أنه بالنسبة للأفراد الواقعين بالمنتصف، الذين يتراوح معدل خطر تعرضهم لأمراض القلب على امتداد 10 سنوات ما بين 5 في المائة و20 في المائة، ربما يوفر اختبار الكالسيوم في الشريان التاجي معلومات مفيدة، حسبما يرى د. بلانكستاين. ويضيف أن العمر المثالي الذي ربما تفكر في إجراء هذا الاختبار عنده- يمثل هدفاً متحركاً، لكن من المتوقع أن تسهم الأبحاث المستمرة في توضيح الإجابة.
في الوقت الراهن، لا يوصي د. بلانكستاين بإجراء الاختبار لمن هم أقل عن 45 عاماً، باستثناء الأشخاص الذين يتسمون بتاريخ عائلي قوي فيما يتعلق بالإصابة مبكراً بأمراض في الأوعية القلبية (مثلا - أحد الأقارب الذكور أصيب بنوبة قلبية قبل سن الـ55، أو إحدى القريبات أصيبت بها قبل عمر 65 عاماً).
يذكر أن دراسة أجريت على نحو 3000 شخص بالغ، ونشرت على شبكة الإنترنت في 8 فبراير 2017 في مجلة «جاما كارديولوجي»، خلصت إلى أنه بحلول الـ40 عاما، فإن نحو 10 في المائة من الأشخاص يتراكم لديهم بعض الكالسيوم على الأقل بالشريان التاجي. وتوحي هذه النتائج بحدوث تفاقم سريع للترسبات خلال الأربعينات والخمسينات من العمر - وهي الفترة التي ينبغي للأفراد حينها الاهتمام بشدة بوقاية أنفسهم من أمراض القلب، حسبما أكد د. بلانكستاين.

طريقة الفحص والنتائج

* الطريقة. ويذكر أن اختبار الكالسيوم في الشريان التاجي يعتمد على آلة خاصة تعمل بأشعة «إكس» يطلق عليها ماسح التصوير المقطعي المحوسب والذي يلتقط صوراً متعددة للقلب في مقاطع نحيفة للغاية.
ويستغرق هذا الفحص الذي لا ينطوي على أي ألم، أقل من دقيقة ويتضمن جرعة صغيرة من الإشعاع، شبيهة بالقدر الصادر عند التقاط صورة الثدي الشعاعية. أما تكلفة اختبار الكالسيوم في الشريان التاجي فتقدر بنحو 150 دولاراً.
* تفهم نتائج اختبارات الكالسيوم في الشريان التاجي. تظهر نتائج اختبار الكالسيوم بالشريان التاجي فيما يطلق عليه قياس أغاتستون Agatston score، ويعكس حجم الترسبات التي تحوي الكالسيوم ويجري حسابها بناءً على مزيج من مساحة وكثافة مخزونات الكالسيوم التي يرصدها المسح. ويوحي رقم صفر بعدم وجود دلائل تشير إلى ترسبات ووجود خطر منخفض للغاية، بينما يشير رقم 300 أو أعلى إلى وجود خطر مرتفع.
ومع ذلك، يبقى من الضروري ترجمة الرقم النهائي في إطار عوامل الأخطار الأخرى المرتبطة بالمرء. والملاحظ أنه لا يوجد حد أقصى، فبعض الأفراد تبلغ النتائج الخاصة بهم 2000 أو 3000، ومقارنة بشخص نتيجة اختباره صفر، فإن الشخص صاحب الرقم 300 أو أكثر يواجه احتمالاً أكبر بـ10 أضعاف للتعرض لأزمة قلبية أو مرض آخر يرتبط بالشريان التاجي على امتداد العقد التالي.

* رسالة هارفارد الصحية، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

دراسة: كوب من الحليب يومياً يقلل خطر الإصابة بسرطان الأمعاء

صحتك أكواب تحتوي على مخفوق الحليب بنكهات متعددة (أ.ب)

دراسة: كوب من الحليب يومياً يقلل خطر الإصابة بسرطان الأمعاء

كشفت دراسة حديثة عن أن كوباً واحداً من الحليب يومياً يقلل من خطر الإصابة بسرطان الأمعاء بنحو الخُمس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

نصح أستاذ أمراض قلب بجامعة ليدز البريطانية بممارسة التمارين الرياضية، حتى لو لفترات قصيرة، حيث أكدت الأبحاث أنه حتى الفترات الصغيرة لها تأثيرات قوية على الصحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق
TT

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسةٌ، أجرتها جامعة جنوب فلوريدا الأميركية، إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة، وهم نحو 80 في المائة من الموظفين، يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق.

وقالت الجامعة إن الدراسة فحصت بيانات أكثر من 1000 موظف على مدى 10 سنوات، وتوصلت إلى أن الموظفين الذين يجلسون طويلاً يعانون زيادة بنسبة 37 في المائة في أعراض تشبه الأرق، في حين يواجه الموظفون، الذين يعملون وفق جداول غير تقليدية، خطراً أكبر بنسبة 66 في المائة في الحاجة إلى «تعويض النوم».

وتابعت أن الدراسة، التي أجرتها عالِمة النفس كلير سميث من الجامعة، ونُشرت حديثاً في مجلة علم نفس الصحة المهنية، أن هذين العاملين تسارعت وتيرة ظهورهما بسبب التغيرات التكنولوجية، مثل زيادة العمل باستخدام الكومبيوتر.

وقالت سميث: «إن الطريقة التي نصمم بها العمل تُشكل تهديدات خطيرة وطويلة الأمد للنوم الصحي، والذي يتضمن أكثر من مجرد الحصول على ثماني ساعات، إنه أيضاً النوم بسهولة، وطوال الليل والحصول على جدول نوم ثابت، ويجب أن تكون الشركات على دراية بمخاطر قلة النوم للعاملين».

وحدَّدت الدراسة، التي استندت إلى بيانات من دراسة سابقة أُجريت في الولايات المتحدة، ثلاث فئات لصحة النوم على مدى فترة 10 سنوات: الأشخاص الذين ينامون جيداً، والأشخاص الذين ينامون بشكل متقطع، والأشخاص الذين يعانون الأرق.

الجلوس الطويل مُضر بالصحة (رويترز)

ووجدت الدراسة أن العمل المستقر يرتبط ارتباطاً وثيقاً بفئة الأشخاص الذين يعانون الأرق، والتي تتميز بأعراض مثل صعوبة النوم، والنوم المتقطع، والتعب المتكرر أثناء النهار.

وفي الوقت نفسه، كان الموظفون، الذين لديهم جداول غير تقليدية، مثل العمل في نوبات ليلية، أكثر عرضة للوقوع في مجموعة الأشخاص الذين ينامون بشكل متقطع.

وقالت سميث إن الدراسة تشير إلى أن تحريك جسمك أثناء العمل والحد منه بعد ساعات العمل، قد لا يساعدك فحسب على النوم جيداً، بل يحمي أيضاً من مشاكل النوم المستمرة بعد عقد.

كما تُظهر الدراسة أن العاملين، الذين لديهم نمط من النوم السيئ بسبب وظائفهم، مثل ساعات العمل الطويلة المستقرة أو الجداول الزمنية غير المنتظمة، قد يتعرضون لمثل هذه الأنماط غير الصحية لسنوات.

شخص يعاني قلة النوم (رويترز)

فعلى سبيل المثال، استمرت أعراض الأرق لدى 90 في المائة من الأشخاص الذين يعانون الأرق، لمدة 10 سنوات.

وقالت سميث، التي قادت الدراسة بالتعاون مع فريق متعدد التخصصات من الخبراء في علم النفس والطب النفسي والشيخوخة والطب: «هذا مهم بشكل خاص لكل من أصحاب العمل والموظفين، حيث تُظهر الأبحاث أن ضعف صحة النوم معروف بتأثيره على الإنتاجية والصحة العامة».

وأضافت أن النتائج تشير إلى أن إعادة تصميم الوظائف مع مراعاة صحة النوم يمكن أن تكونا مفتاحاً لتحسين صحة العاملين وتؤكدا الحاجة إلى تدخلات في مكان العمل تعد صحة النوم قضية مؤثرة ومتعددة الأوجه.