قالت نوف المنيف مديرة احتفال «نور الرياض» إن الرياض لم تعد موقعاً لعرض الأعمال فقط، بل صارت مختبراً لإنتاج الأعمال الفنية المميزة، مشيرة إلى أن القيمة الأهم لاحتفال «نور الرياض» تكمن في تأسيس بنية تحتية للفنون العامة في العاصمة السعودية.
وأكدت المنيف في حوار مع «الشرق الأوسط» أن النسخة الخامسة من أكبر احتفال ضوئي عالمي تحمل خصوصية فريدة من خلال دمج الأعمال في الحركة اليومية للمدينة، إضافة إلى أنها تحمل بصمة سعودية بارزة من خلال مشاركة فنانين سعوديين، والاحتفال بريادة بعض رموز الفن المحلي.
وبعد أيام من انطلاق النسخة الخامسة من احتفال «نور الرياض»، قالت المنيف إن الاحتفال أصبح جزءاً أصيلاً من المشهد الحضري الجديد للعاصمة، ومكوّناً ثقافياً يتجاوز حدود الفعالية الموسمية إلى بنية ممتدة في حياة المدينة.
وأضافت المنيف أن نسخة هذا العام، والتي جاءت تحت عنوان: «في لمح البصر»، تلتقط الإيقاع السريع الذي تعيشه الرياض، والتحوّل المتسارع الذي يشمل نسيجها العمراني، وطرق استخدامها للمساحات العامة، مؤكدة أن الأعمال الضوئية المقدّمة لا تأتي بوصفها عروضاً منفصلة، بل أجزاءً من قراءة فنية للمدينة في لحظتها الراهنة.

فن يتجاوز حدود المعرض التقليدي
أوضحت المنيف أن جزءاً من خصوصية هذا العام يتمثل في «اندماج الأعمال في الحركة اليومية للمدينة»، لافتةً إلى أن عدداً كبيراً من التركيبات الضوئية تم وضعه في نقاط تشهد كثافة حضرية متنامية بفعل التطوير الجاري في العاصمة.
وتابعت: «العنوان ليس فكرة جمالية فقط»، بل هو «انعكاس لطريقة جديدة يعيش فيها الجمهور الضوء داخل المدينة... لحظات عابرة، لكنها تعيد تشكيل العلاقة مع المكان».
وأشارت المنيف إلى أن تأثير الاحتفال لا يُقاس بعدد الأعمال، أو حجم المشاركة فحسب، بل بتغيّر إدراك السكان للفن، مضيفة أن تكرار التجربة سنوياً خلق طبقة جديدة من الوعي البصري، وجعل الفنون العامة جزءاً من استخدامات المدينة اليومية، وهو ما تعتبره مفتاحاً لتحول ثقافي طويل المدى.

حضور سعودي يتصدّر المشهد
تقول المنيف إن نسخة هذا العام تحمل بصمة سعودية بارزة، عبر أعمال جديدة لفنانين سعوديين، إلى جانب تكريم رموز الفن المحلي من خلال عرض أعمال الفنانة الراحلة صفية بن زقر في مركز الملك عبد العزيز التاريخي.
وأشارت المنيف إلى أن عرض أعمال بن زقر يشكّل ربطاً بين ذاكرة الفن السعودي والمدينة الحديثة، ويقدّم للجمهور قراءة جديدة لتجربة فنانة وثّقت ملامح الحياة الاجتماعية السعودية منذ عقود. كما شارك فنانون سعوديون بأعمال تستلهم ذاكرة الرياض، ومسارات تشكّل جزءاً من التجربة البصرية للمدينة، بينها أعمال تستحضر عناصر من ماضي العاصمة، وتعيد تقديمها بتحولات ضوئية معاصرة.

المدينة مختبر لتجارب الفن العام
وترى المنيف أن الرياض «لم تعد موقع عرض فقط»، بل أصبحت «مختبراً لإنتاج أعمال ضوئية تعتمد على تفاعل مباشر مع البيئات الحضرية الحديثة»، موضحة أن عدداً من الأعمال صُمّم خصيصاً ليُختبر في مساحات عامة ذات طبيعة حضرية معقدة، الأمر الذي يتيح تجارب لا يمكن تنفيذها بالصيغة نفسها في مدن أخرى.
وشدّدت المنيف على أن القيمة الأعمق للاحتفال تكمن في «تأسيس بنية تحتية للفنون العامة في الرياض»، تشمل تدريب كوادر محلية، وتطوير أساليب إنتاج الأعمال، وربط الجهات المعنية بالفنون بواقع المدينة اليومي.
وأردفت أن «نور الرياض» يعكس ما تسميه «الانتقال من الفعالية إلى البنية»، أي انتقال الفنون العامة من كونها حدثاً عابراً إلى «منظومة مستمرة تتكامل مع تخطيط المدينة».
وقالت المنيف إن احتفال «نور الرياض» يمثل فصلاً بصرياً جديداً تكتبه المدينة كل عام، ويعكس روح الرياض الحديثة، ومسارها المتسارع نحو مستقبل أكثر انفتاحاً، وإبداعاً.
وأكدت على أن المرحلة المقبلة ستشهد تكاملاً أكبر بين الأعمال الفنية والمواقع العمرانية، مع استمرار التطوير في البرامج المجتمعية المصاحبة، مشيرةً إلى أن الاحتفال يمضي ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030 في جودة الحياة، والثقافة.
يشار إلى أن احتفال «نور الرياض» يأتي ضمن برنامج «الرياض آرت»، الذي يستهدف تنفيذ أكثر من 1000 عمل فني عام في عموم العاصمة، وقد جاءت نسخة 2025 بمشاركة 59 فناناً من داخل السعودية، وخارجها، موزّعين على 6 مواقع في أنحاء المدينة، وذلك ضمن مسار بات يتوسع عاماً بعد عام، ويُظهر قدرة الرياض على إنتاج تجارب ضوئية متجددة.

