إلى جانب الكتب والدفاتر والأقلام داخل حقائب الأطفال العائدين إلى المدارس في الولايات المتحدة الأميركية، تُفرَد مساحة خاصة لإكسسوار بات يفرض نفسه ضيفاً ثقيلاً على الحقيبة المدرسية. إنه الدرع الواقية من الرصاص الذي يرافق التلامذة في رحلتهم اليومية، ذهاباً وإياباً بين البيت والمدرسة.
فيما ينشغل معظم أطفال العالم بشراء القرطاسية الملوّنة قبل أيام من العودة إلى الصفوف، يتدرّب أطفال أميركا على استخدام تلك الحقائب المضادة للرصاص. في بيوتهم وبتوجيهٍ من أهاليهم، يتصرّفون كأنّ إطلاق نارٍ يحصل بالقرب منهم فيسارعون للاختباء في أقرب زاوية، ويرفعون الحقائب الصغيرة أمام وجوههم وصدورهم. هي مناوراتٌ منزلية تجري استعداداً لموسمٍ مدرسيّ يُنذر بالأخطر.
@projectnightfall This is just a sad reality. We have to protect kids. Schools should be safe. #projectnightfall #viral #parenting
وقبل أيام، شهد افتتاح العام الدراسي في ولاية مينيسوتا، إطلاق نارٍ أدّى إلى مقتل طالبَين في الـ10 والـ8 من العمر. أعادت هذه الحادثة دقّ جرس الإنذار، ما دفع بالأمهات والآباء إلى تحصين أولادهم.
وتشهد منصات التواصل الاجتماعي، على رأسها «تيك توك»، حملاتٍ واسعة تتولّى معظمها أمهاتٌ أميركيات. إضافةً إلى تصويرهنّ المناورات المنزليّة التي يقوم بها أطفالهن، تظهر تلك الأمّهات وهنّ يدافعن عن أهمية الحقيبة الواقية من الرصاص في يوميات طلّاب المدارس، وسط بيئةٍ غير آمنة قد تتحوّل في أي لحظة إلى ساحة جريمة.
@forestandblush The brand is @Safe Life Defense #fyp #parentsoftiktok #elementaryschool #minneapolis
وبألوانها الجذّابة وتصاميمها المزدانة بشخصيات الرسوم المتحركة، لا توحي تلك الحقائب بأنّ في داخلها ألواحاً مصنوعة من الألياف الباليستية وصفائح «كيفلار»، وهي المواد ذاتها المستخدمة في السترات الواقية الخاصة بالجنود. ووفق مصنّعيها، فإنّ تلك الحقائب قادرة على صدّ الرصاصة وتفتيتها من دون أن تسمح لشظاياها باختراق الجسد.

وتتراوح أسعارها ما بين 280 و900 دولار، أما وزنها فيبدأ بـ3 كيلوغرامات، وذلك قبل وضع الكتب والقرطاسيّة داخلها. يضاعف هذا الأمر الأثقال على أكتاف الأطفال، لكنّ عدداً كبيراً من الأهالي يفضّل أن يؤمّن على رؤوسهم وصدورهم، حتى إن أضرّ ذلك بعمودهم الفقري.
إلا أن الضرر لا يكمن في الوزن الثقيل فحسب، إنما يحمل أبعاداً نفسية؛ إذ يتوقع مختصّون أن تُشعر هذه الحقائب الأطفال بأنّ المدرسة مكان خطير، ما قد يؤثر على إحساسهم بالأمان والاستقرار.

لا تقتصر العدّة المدرسية الواقية من الرصاص على الحقائب، بل تشمل إكسسوارات أخرى. وتنشغل مؤسسات أميركية عدة بتصنيع أدوات مصفّحة من المقلمة، والملفات، والكنزات، وصولاً إلى الألواح والمكاتب وقاعات الصف المتحرّكة ذات الجدران المضادة للرصاص.
وإذا كانت قاعة الصف المصفّحة هي الأكثر أماناً من بين تلك الأدوات المستحدثة، يتساءل البعض عن فاعلية الأغراض الأخرى. إذ ليس من الضروري أن يكون التلميذ قريباً من حقيبته أو مقلمته عندما يحصل إطلاق النار، فتسقط في تلك الحالة أي فائدة محتملة منها.

لا يقف الجدل حول تلك الظاهرة عند هذا الحدّ. ففي مقابل من يرون أن الحقيبة المضادة للرصاص قد تكون وسيلة عمليّة لإنقاذ الأرواح، يعدّها آخرون دليلاً صارخاً على فشل المجتمع الأميركي في معالجة جذور المشكلة، أي انتشار السلاح وسهولة الحصول عليه.
ويُجمع المدافعون عن هذه المنتجات على أنها باتت ضرورة واقعية، في بلد تسجل فيه مئات حوادث إطلاق النار سنوياً، بعضها يقع داخل المدارس. في المقابل، يلفت المنتقدون إلى أن الاعتماد على حلول فردية مثل الحقيبة الواقية، بدلاً من إصلاح السياسات المتعلقة بانتشار الأسلحة، هو أشبه بمحاولة علاج المرض بالمسكّنات من دون مواجهة السبب الحقيقي.
وفق أرقام نشرتها شبكة «سي إن إن» الأميركية، فقد شهد عام 2025 وحده 44 حادثة إطلاق نار داخل حرم مدرسة أو جامعة. أسفرت تلك الأحداث الدامية المتنقّلة بين الولايات الأميركية، عن مقتل 18 شخصاً.




