الفيلم المصري «شرق 12» يفتتح «أسبوع النقاد» في «مهرجان برلين»

بعد مشاركته في «كان» و«البحر الأحمر»

لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)
لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)
TT

الفيلم المصري «شرق 12» يفتتح «أسبوع النقاد» في «مهرجان برلين»

لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)
لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)

اختار «مهرجان برلين السينمائي» الفيلم المصري «شرق 12» للمخرجة هالة القوصي، ليكون فيلم افتتاح برنامج «أسبوع النقاد» خلال دورته الـ75 المقررة في الفترة من 13 إلى 22 فبراير (شباط) 2025.

وكان الفيلم الذي يُعدّ إنتاجاً مشتركاً بين هولندا، ومصر، وقطر، قد عُرض للمرة الأولى عالمياً في مهرجان «كان السينمائي» ضمن برنامج «نصف شهر المخرجين»، خلال دورته الـ77، كما انفرد مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» بعرضه الأول في الشرق الأوسط ضمن برنامج «رؤى جديدة»، وحاز الفيلم على تنويه خاص من لجنة التحكيم في مهرجان «كيرالا السينمائي الدولي» بالهند، للتناغم بين عناصر الديكور والصوت والتصوير، كما جاء في حيثيات لجنة التحكيم. ويشارك الفيلم في مهرجان «روتردام السينمائي» ضمن قسم «أفضل الأفلام العالمية» في دورته التي تنطلق في 30 يناير (كانون الثاني) المقبل.

الفيلم من بطولة منحة البطراوي، وأحمد كمال، وعمر رزيق، وفايزة شمة، وينتمي لفئة «الكوميديا السوداء»، حيث تدور أحداثه في إطار الفانتازيا الساخرة من خلال الموسيقي الطموح «عبده» العالق في مستعمرة صحراوية معزولة ويقضي وقته بين حفر القبور وتأليف الموسيقى باستخدام آلات موسيقية اخترعها من أدوات منزلية، ويخطّط عبده للهروب من المستعمرة رفقة حبيبته للتخلص من هيمنة «شوقي بيه»، بينما الحكاءة «جلالة» تروي للناس قصصاً خيالية عن البحر، والفيلم من تأليف وإخراج هالة القوصي في ثاني أفلامها الطويلة بعد «زهرة الصبار».

وأبدت المخرجة المصرية الهولندية سعادتها باختيار الفيلم في «برلين»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنها تفاجأت باختياره لأن موزعته هي من تقدمت به، وأضافت: «لم أكن أعرف أن مهرجان (برلين) يقيم أسبوعاً للنقاد، على غرار مهرجاني (كان) و(فينيسيا)، عَلِمتُ بذلك حين اختاروا فيلمنا بوصفه فيلم افتتاح، هذا في حد ذاته شرف كبير، وقد قال لي الناقد طارق الشناوي إنها ربما المرة الوحيدة التي يتم فيها اختيار فيلم مصري لافتتاح هذا القسم».

المخرجة هالة القوصي في مهرجان «البحر الأحمر» (الشرق الأوسط)

وتلفت هالة إلى أن «أسبوع النقاد يُعد جهة مستقلة في جميع المهرجانات الكبرى عن إدارة المهرجان نفسه، ويقام تحت إدارة نقاد، وهو في مهرجان (برلين) لديه طبيعة نقدية وله بعد مفاهيمي من خلال عقد مناقشات بين الأفلام».

وترى هالة أن «أول عرض للفيلم يحدّد جزءاً من مسيرته، وأن التلقي الأول للفيلم في مهرجان (كان) الذي يُعد أكبر تظاهرة سينمائية في العالم، ويحضره عدد من نقاد العالم والمنتجين ومبرمجين من مختلف المهرجانات يتيح للفيلم تسويقاً أكبر وحضوراً أوسع بمختلف المهرجانات».

وعُرض فيلم «شرق 12» في كلٍ من السعودية والبرازيل وأستراليا والهند، حيث شاهده جمهور واسع، وهو ما تراه هالة القوصي غاية السينما؛ كونها تملك هذه القدرة لتسافر وتتفاعل مع مختلف الثقافات، في حين يرى الناس في بلاد مختلفة صدى لتجربتها الشخصية بالفيلم، موضحة: «لذلك نصنع السينما، لأنه كلما شاهد الفيلم جمهور مختلف وتفاعل معه، هذا يجعلنا أكثر حماساً لصناعة الأفلام».

بوستر اختيار الفيلم في مهرجان «برلين» (الشرق الأوسط)

وعن صدى عرض الفيلم في مهرجان «البحر الأحمر» مؤخراً، تقول المخرجة المصرية: «كان من المهم بالنسبة لي عرضه في مهرجان (البحر الأحمر) لأتعرف على ردود فعل عربية على الفيلم، وقد سعدت بها كثيراً، وقد سألني كثيرون، كيف سيستقبل الجمهور العربي الفيلم؟ فقلت، إن أفق الجمهور أوسع مما نتخيل، ولديه قدرة على تذوّق أشكالٍ مختلفة من الفنون، وهذا هو رهاني دائماً، إذ إنني لا أؤمن بمقولة (الجمهور عايز كده)، التي يردّدها بعض صناع الأفلام، لأن هذا الجمهور سيزهد بعد فترة فيها، وفي النهاية فإن العمل الصادق سيلاقي حتماً جمهوره».

لا تستعين هالة بنجوم في أفلامها، وتبرر ذلك قائلة: «لأن وجود أي نجم بأفلامي سيفوق أجره ميزانية الفيلم كلّه، فنحن نعمل بميزانية قليلة مع طموحٍ فني كبيرٍ، ونقتصد في كل النفقات التي لا تضيف قيمة للفيلم، نعمل في ظروف صعبة ليس لدينا كرافانات ولا مساعدين للنجوم، ونحرص على تكثيف فترات العمل وضغط النفقات في كل شيء، وهو ما لا يناسب النجوم».

ووفق الناقد خالد محمود، فإن «مهرجان (برلين) دائماً ما يمنح فرصاً للتجارب السينمائية الجريئة والمختلفة من المنطقة العربية والشرق الأوسط، والأفلام خارج سياق السينما التجارية، التي تجد متنفساً لها في مهرجان (برلين)».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «فيلم (شرق 12) يُعدّ أحد الأفلام المستقلة التي تهتم بها المهرجانات الكبرى وتُسلط عليها الضوء في برامجها، وقد حقّق حضوراً لافتاً في مهرجانات كبرى بدءاً من عرضه الأول في (كان)، ومن ثمّ في (البحر الأحمر)، ولا شك أن اختياره في أسبوع النقاد بـ(برلين) يمثل إضافة مهمة له».


مقالات ذات صلة

السينما المصرية تقتنص 3 جوائز في «أيام قرطاج»

يوميات الشرق المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)

السينما المصرية تقتنص 3 جوائز في «أيام قرطاج»

فازت السينما المصرية بـ3 جوائز في ختام الدورة الـ35 لـ«أيام قرطاج السينمائية» التي أقيمت مساء السبت على مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة بتونس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق إيمان العاصي خلال تكريمها بمهرجان «THE BEST» (حساب المهرجان بـ«فيسبوك»)

مصر: مهرجانات خاصة للتكريمات الفنية والإعلامية تنتعش مع نهاية العام

شهدت مصر خلال الأيام الماضية انتعاشة لافتة في تنظيم المهرجانات الخاصة المعنية بالتكريمات الفنية والإعلامية، أهمها «The Best»، و«آمال العمدة ومفيد فوزي».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق صورة تذكارية لفريق عمل المهرجان بعد المؤتمر الصحافي (إدارة المهرجان)

«الأقصر للسينما الأفريقية» يحمل اسم نور الشريف ويكرّم خالد النبوي

أعلنت إدارة مهرجان «الأقصر للسينما الأفريقية»، الجمعة، عن تفاصيل الدورة الرابعة عشرة من المهرجان، التي تحمل اسم الفنان الراحل نور الشريف.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق المهرجان يجمع بين الثقافة والتراث والفنون التي تتميز بها العلا (واس)

انطلاق «شتاء طنطورة» في العُلا بفعاليات ثقافية وتراثية

انطلقت فعاليات مهرجان «شتاء طنطورة» في نسخته الجديدة بمحافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، ليجمع بين الثقافة والتراث والفنون التي تتميز بها المنطقة.

«الشرق الأوسط» (العُلا)
يوميات الشرق فيلم «يوم دراسي» ضمن مشروع «المسافة صفر» (الشركة المنتجة)

3 أفلام فلسطينية في القائمة المختصرة لترشيحات «الأوسكار»

دخلت 3 أفلام فلسطينية في القائمة المختصرة لترشيحات الأكاديمية الأميركية لفنون السينما وعلومها (الأوسكار).

أحمد عدلي (القاهرة )

«الذكاء الاصطناعي» في مرمى انتقادات بعد «أخطاء دينية»

أداة «ميتا» هي برنامج للدردشة الآلية يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي (رويترز)
أداة «ميتا» هي برنامج للدردشة الآلية يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي (رويترز)
TT

«الذكاء الاصطناعي» في مرمى انتقادات بعد «أخطاء دينية»

أداة «ميتا» هي برنامج للدردشة الآلية يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي (رويترز)
أداة «ميتا» هي برنامج للدردشة الآلية يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي (رويترز)

ارتكبت أداة الذكاء الاصطناعي «ميتا آي» (Meta AI) خطأً فادحاً بعد اختبارات في نصوص دينية، حيث تداول عدد من مستخدمي منصة «فيسبوك» في مصر صوراً توثق هذا الخطأ؛ ما أثار جدلاً كبيراً وانتقادات حول مدى دقة استخدامها في النصوص القرآنية والدينية.

وأداة «ميتا آي» (Meta AI) هي إحدى التقنيات المطورة من قِبل شركة «ميتا» (فيسبوك سابقاً)، وتعمل على محاكاة التفاعل البشري من خلال تقديم إجابات تعتمد على تحليل البيانات والمعلومات المتاحة.

وتُستخدم هذه الأداة في الكثير من المجالات مثل البحث، وتحليل البيانات، وتصنيف المحتوى. ومع ذلك، أثارت بعض التحديات والمخاوف، خصوصاً فيما يتعلق بالدقة، حيث يمكن أن تنتج نصوصاً غير صحيحة أو مضللة، كما حدث مؤخراً عند تقديم نصوص خاطئة لآيات من القرآن الكريم؛ ما يبرز أهمية مراجعة وتدقيق المحتوى الذي تقدمه قبل الاعتماد عليه.

وكشفت الصور المتداولة عبر مواقع التواصل، عن أن الأداة قدمت نصوصاً غير صحيحة، ومنها أنها عرضت نص سورة «الإخلاص» بدلاً من سورة «الفلق».

وعند تنبيه الأداة إلى هذا الخطأ، تعتذر وتقوم بتصحيح النصوص، لكنها أحياناً تقدم نصوصاً غير دقيقة مجدداً. وقد أجرت «الشرق الأوسط» تجربة مماثلة، أثبتت تكرار الأداة الخطأ نفسه.

تحديات الذكاء الاصطناعي

قال الدكتور مختار محمد عبد الله، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، إن «الذكاء الاصطناعي يعدّ اختراعاً بشرياً مفيداً في الكثير من المجالات مثل استرشاد المعلومات وتصنيف العلوم، حيث يسهم في تسريع البحث وتحليل البيانات واستخراج العناصر المهمة من المواضيع العلمية، ومع ذلك، تبرز تحديات ومخاطر تستوجب الحذر عند استخدام هذه التقنية، خصوصاً في المجالات الحساسة مثل النصوص القرآنية والبحث العلمي».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه «فيما يتعلق بالنصوص القرآنية، هناك تحذيرات شديدة من الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، حيث ثبت أن بعض الأنظمة قد تنتج نصوصاً غير صحيحة وتنسبها للقرآن الكريم؛ مما يسبب لبساً كبيراً. وقد يُظهر النظام هذه النصوص على أنها آيات قرآنية، مع ذكر السورة والآية بشكل يوحي للقارئ بأنها صحيحة».

وشدد على أن «هذا الأمر قد لا يُكتشف بسهولة إلا من قِبَل حفظة القرآن أو العلماء المتخصصين، مما يُعد خطراً كبيراً على سلامة النصوص المقدسة، ويدعو للحذر الشديد من استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا السياق».

وأشار عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر إلى أن «هذا الأمر لا يقتصر على القرآن فقط، ففي مجال البحث العلمي، تبرز مشكلات أخرى مرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي، فمن الممكن أن يقوم الذكاء الاصطناعي بترويج أفكار أو نتائج بحثية دون نسبها إلى أصحابها الحقيقيين، أو قد يختلق مراجع وهمية مثل أوراق بحثية غير موجودة أو كتب منسوبة لعناوين مزيفة».

وشدد على ضرورة توخي الحذر عند استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات التي تتطلب دقة النصوص والمعلومات وسلامتها.

وأكد أنه «يجب على طلاب العلم والباحثين التحقق من المصادر التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، والتأكد من صحة المعلومات قبل الاعتماد عليها». واختتم حديثه لافتاً إلى أن «الذكاء الاصطناعي، رغم إمكاناته الهائلة، لا يزال في حاجة إلى مراقبة وتدقيق لضمان استخدامه بطريقة تخدم المصلحة العامة دون المساس بدقة النصوص العلمية أو الدينية».

أهمية دقة البيانات المدخلة

من جانبه، قال الدكتور وائل عبد القادر عوض، عميد كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي في جامعة دمياط بمصر، إن «الذكاء الاصطناعي يعتمد بشكل رئيس على دقة البيانات المدخلة، وإن البيانات غير الصحيحة أو غير الموثوقة تؤدي بالضرورة إلى نتائج خاطئة».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «الذكاء الاصطناعي مرّ بمراحل تطور كبيرة، بدءاً من الذكاء الاصطناعي الضعيف وصولاً إلى الذكاء الاصطناعي المتقدم أو السوبر».

ولفت عميد كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي في جامعة دمياط إلى أن «برامج الدردشة الآلية مفتوحة المصدر، أو المجانية تسمح لأي شخص بإدخال البيانات؛ مما يزيد من احتمالية حدوث أخطاء في النتائج، حتى مع النماذج التي تطورها الشركات العملاقة والشهيرة مثل (ميتا)، وهو ما لا يحدث مع برامج (القرآن الكريم) البسيطة التي توجد على الهواتف الذكية؛ لأن البحث فيها يتم وفق بيانات محددة».

وأشار إلى أن «هناك أيضاً اختلافاً واضحاً بين النسخ المدفوعة والمجانية من برامج الذكاء الاصطناعي؛ فالنسخ المدفوعة عادةً ما تكون أكثر تطوراً ودقة، حيث تعتمد على نسخ بيانات عالية الجودة وتتميز بقدرتها على التحقق من المعلومات ومعالجة الأخطاء. أما النسخ المجانية، فقد تكون محدودة الإمكانيات؛ مما يجعلها أقل دقة في معالجة البيانات، وهذا ما يجعلها تخطئ في النصوص؛ لذلك من الأفضل ألا يتم الاعتماد عليها في النصوص القرآنية والدينية».

وشدد على أنه «بينما قد يُظهر الذكاء الاصطناعي الضعيف نتائج خاطئة نتيجة لاعتماده على بيانات غير دقيقة، فإن الذكاء الاصطناعي المتقدم أو (السوبر) يتميز بقدرته على التحقق من جودة البيانات المدخلة وتصحيح الأخطاء قبل معالجة المعلومات، وهذا المستوى من الذكاء قادر على تحسين النتائج بشكل كبير؛ مما يجعله أداة فعّالة وموثوقة في الكثير من المجالات».