خبراء يؤكدون: التحدث مع ذاتك بصوت عالٍ يعزز صحتك النفسية

الكثير من الناس يتحدثون بصوت عالٍ مع أنفسهم (أ.ف.ب)
الكثير من الناس يتحدثون بصوت عالٍ مع أنفسهم (أ.ف.ب)
TT

خبراء يؤكدون: التحدث مع ذاتك بصوت عالٍ يعزز صحتك النفسية

الكثير من الناس يتحدثون بصوت عالٍ مع أنفسهم (أ.ف.ب)
الكثير من الناس يتحدثون بصوت عالٍ مع أنفسهم (أ.ف.ب)

يتحدث الكثير من الناس بصوت عالٍ مع أنفسهم، وهو ما يُطلق عليه عادةً الحديث الذاتي الخارجي أو الحديث الخاص، على عكس الحديث الداخلي، وهو الحوار الصامت الذي يجري في عقلك. ورغم أن البعض قد يعتقد أن هذا الأمر مرتبط باضطرابات نفسية أو عقلية، فإن الخبراء يرون أن التحدث مع النفس بصوت عالٍ له جوانب إيجابية ومميزات كبيرة.

لماذا يتحدث الناس بصوت عالٍ مع أنفسهم؟

يقول توماس برينثوبت، الأستاذ في علم النفس بجامعة ولاية تينيسي الوسطى، لمجلة «التايم» الأميركية، إن من بين الأسباب الرئيسة للحديث الذاتي الخارجي هي العزلة الاجتماعية، حيث إن الأشخاص الذين يقضون الكثير من الوقت بمفردهم هم أكثر عرضة للتحدث مع أنفسهم والدردشة معها بصوت عالٍ.

وينطبق الشيء نفسه على الأطفال الوحيدين، الذين ينخرطون في الحديث الذاتي بشكل متكرر أكثر من أولئك الذين لديهم أشقاء.

ومن الأسباب الرئيسة الأخرى لهذا الفعل، بحسب برينثوبت، هو التعامل مع «مواقف جديدة أو مرهقة للغاية، أو مع مواقف لا تكون فيها متأكداً مما يجب عليك فعله أو التفكير فيه أو الشعور به».

وقد وجدت الدراسات أنك عندما تشعر بالقلق أو تعاني من الوسواس القهري، على سبيل المثال، فمن المرجح أن تتحدث إلى نفسك.

ويقول برينثوبت إن التجارب المزعجة تجعل الناس يرغبون في حلها أو فهمها بأي شكل وفي أسرع وقت، والتحدث مع النفس هو أداة تساعدهم على القيام بذلك.

وهناك أيضاً عامل السن. حيث يتحدث الأطفال الصغار بصوت عالٍ مع أنفسهم كثيراً، وكذلك المسنون، والذين يساعدهم الحديث مع أنفسهم على تذكر الأشياء.

هل الأشخاص الذين يتحدثون بصوت عالٍ أكثر ذكاءً؟ أم العكس؟

لقد استكشفت أبحاث محدودة للغاية هذه الصلة، لكن برينثوبت يعتقد أن الأشخاص الذين يتمتعون بمستويات ذكاء عالية يتحدثون مع أنفسهم بشكل أكبر بكثير مقارنة بغيرهم. ولكنه بشكل عام، يقول إنه سيكون من المثير للاهتمام البحث في كيفية تأثير محتوى الحديث مع النفس (هل محادثاتك مع نفسك إيجابية أم سلبية؟) ووظيفته (لماذا تفعل ذلك؟) على مستويات الذكاء.

ما مميزات التحدث مع النفس بصوت عالٍ؟

يقول جاري لوبيان، أستاذ علم النفس بجامعة ويسكونسن ماديسون: «إن التحدث بصوت عالٍ مع نفسك أمر طبيعي تماماً بل ومفيد أيضاً. إنه يمكن أن يسهل حل المشكلات ويحسن أداءك في مهمة ما».

وأجرى لوبيان عدة دراسات في هذا الشأن، وتضمن إحدى هذه الدراسات مطالبة الأشخاص بالبحث عن أشياء مختلفة، مثل صورة شوكة بين مجموعة من الصور العشوائية. وقد وجد أن المشاركين عندما قالوا اسم الشيء الذي كانوا يبحثون عنه بصوت عالٍ، تمكنوا من العثور عليه بشكل أسرع بكثير.

من ناحية أخرى، يرى برينثوبت أن التحدث مع نفسك يمكن أن يساعدك في توجيه نفسك نحو أهدافك وتقديم ملاحظات قيمة لها.

وأضاف: «قد تستخدم الحديث مع النفس لانتقاد نفسك، أو مدحها، أو معرفة الخطوات التي ينبغي عليك القيام بها بعد ذلك، أو تحليل مهمة صعبة. فربما تتحدث بصوت عالٍ عندما تتدرب على ما يجب أن تقوله قبل مقابلة شخص ما لأول مرة -أو إذا ندمت على ما قلته خلال ذلك اللقاء، كل هذا سيكون مفيداً لك وسيساعدك في تطوير ذاتك».

وقد يكون التحدث بصوت عالٍ وسيلة للتنفيس عن الغضب أيضاً، وفقاً لبرينثوبت الذي يرى أنه «بمثابة منظم حرارة -أو أداة يمكن أن تساعدك على ضبط درجة حرارة عواطفك اليومية».

وتشجع غابرييل مورس، المعالجة النفسية في نيويورك، مرضاها على التحدث بصوت عالٍ مع أنفسهم، حيث تؤمن بأن هذا الأمر هو «وسيلة للعلاج النفسي»، تساعدهم على إدارة عواطفهم بشكل أفضل، تماماً مثل تدوين اليوميات.


مقالات ذات صلة

«ميم» في متحف إنجليزي للمرّة الأولى

يوميات الشرق أول كائن مولود رقمياً (متحف الحياة الريفية الإنجليزية)

«ميم» في متحف إنجليزي للمرّة الأولى

أصبحت صورة «الوحدة المطلقة» التي انتشرت بسرعة عبر الإنترنت، أول «كائن مولود رقمياً» يُعرض في المتحف الوطني للعلوم والإعلام بإنجلترا. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مغامرة غير محسوبة (أ.ب)

قطّ أعمى عمره 20 عاماً يعيش مغامرة على الجليد

يحبّ «تيكي»، وهو قطٌّ أعمى أبيض وأسود، عمره 20 عاماً، التجوُّل في الهواء الطلق. ولكن هذه المرّة أثار الذعر.

«الشرق الأوسط» (ماساتشوستس الولايات المتحدة)
يوميات الشرق يمكن للعواطف أن تجعل الأشياء أسهل في التذكّر (سيكولوجي توداي)

كيف تجعل ذكرياتك «تعيش مدة أطول»؟

كل لحظة وكل ذكرى تثير استجابة عاطفية معينة، ويمكن للعواطف أن تجعل تذكّر الأشياء أسهل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس (أ.ف.ب)

مقاضاة رجل عانق المستشار الألماني على مدرج مطار فرانكفورت

أعلن الادعاء العام الألماني في مدينة فرانكفورت عن تحريك دعوى قضائية بحق رجل عانق المستشار أولاف شولتس على مدرج مطار فرانكفورت.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
صحتك ربطت عدد من الدراسات السابقة بين منتجات العناية بالبشرة والدماغ والجهاز العصبي (رويترز)

كيف تؤثر منتجات العناية بالبشرة على العقل والمزاج؟

ربطت عدد من الدراسات السابقة بين منتجات العناية بالبشرة والدماغ والجهاز العصبي، حيث أشارت إلى أن هذه المنتجات تؤثر على العقل والمزاج.

«الشرق الأوسط» (لندن)

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
TT

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية والنصائح التي يوجهنها للجمهور بناء على تجاربهن، وهو أمر برز خلال لقاءات إعلامية عدة في الأسابيع الماضية.

أحدث هذه التصريحات كانت من نصيب الفنانة المصرية رانيا يوسف، في برنامج «ع الرايق»، بعدما تطرقت لتعرضها للضرب من زوجيها الأول والثاني، مع نصيحتها للفتيات بألا تقل فترة الخطوبة قبل الزواج عن 3 أو 4 سنوات، فضلاً عن نصيحتها لبناتها بعدم الزواج قبل سن الـ30 عاماً.

وقالت رانيا إن «طبيعة العلاقات في الوقت الحالي أصبحت تتطلب مزيداً من العمق والتفاهم بين الطرفين، بعيداً عن السطحية والانجذاب المؤقت»، محذرة من تعامل النساء بمشاعرهن عند البحث عن الشراكات العاطفية التي تحقق لهن السعادة والاستقرار.

وجاءت تصريحات رانيا بعد وقت قصير من تصريحات للفنانة زينة عن حياتها الشخصية وإنجابها طفليها التوأم بمفردها في الولايات المتحدة وصعوبة الأيام الأولى لهما مع مرضهما، بالإضافة إلى الفترة التي قضتها بمفردها في الغربة. وكذلك تطرقت إلى تفاصيل كثيرة عن حياتها، خصوصاً في ظل تحملها مسؤولية دور الأم والأب ووجودها مع نجليها بمفردها.

الفنانة المصرية زينة (فيسبوك)

وكانت الفنانة لبلبة قد أثارت جدلاً مشابهاً عندما تحدثت عن طفولتها الصعبة التي عاشتها واضطرارها للعمل من أجل الإنفاق على عائلتها بجانب انشغالها بمسؤوليات الأسرة وأشقائها، الأمر الذي جعلها تحاول أن تعوض ما لم تعشه في طفولتها.

من جهتها، تؤكد الناقدة المصرية ماجدة موريس أن «بعض الفنانين لا يكون قصدهم دائماً إثارة الجدل بالحديث عن حياتهم الشخصية أو مواقف سابقة مروا بها»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التصريحات تخرج بشكل عفوي، لكن التفاعل يحدث معها نتيجة اهتمام الجمهور بمتابعتهم».

وأضافت أن «رانيا يوسف على سبيل المثال مرّت بتجارب مختلفة، وبالتالي عندما تتحدث عن صعوبة ثقتها في الرجال، بالإضافة إلى نصيحتها بتأجيل خطوة الزواج للفتيات؛ فهي تحاول إبداء رأي تعتقد أنه صواب»، لافتة إلى أهمية التعامل مع الفنانين باعتبارهم بشراً من حقهم الإدلاء بآرائهم، لكن ليس بالضرورة أن تكون جميع آرائهم صحيحة أو غير قابلة للتغير مع مرور الوقت.

الفنانة المصرية لبلبة (فيسبوك)

وهنا يشير مدرس علم الاجتماع بجامعة بني سويف، محمد ناصف، إلى «ضرورة التفرقة بين المواقف الشخصية والخبرات التي يتحدث بها الأشخاص العاديون، وبين المشاهير الذين تكون لديهم قاعدة جماهيرية ومصداقية ربما أكثر من غيرهم وإمكانية وصول لأعداد أكبر من الجمهور عبر البرامج والمنصات»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «جزءاً من الجدل يكون مجتمعياً في الأساس، لكن بدايته تكون من تصريحات المشاهير».

وأضاف أن «هناك تبايناً في الآراء قد يصل لدرجة التناقض بين الأفراد داخل المجتمع، وهو أمر يتوجب فهمه في إطار الخلفيات الاجتماعية والعادات والخبرات التي يمر بها كل فرد، وبالتالي ستجد من يقتنع بكل رأي يقال حتى لو لم يكن صحيحاً من الناحية العلمية»، لافتاً إلى ضرورة فتح نقاشات أعمق حول بعض الآراء عبر وسائل الإعلام.

وهو الرأي الذي تدعمه الناقدة المصرية، موضحة أن «آراء الفنانين تسلط الضوء على موضوعات قد تكون محل جدل مجتمعي، لكن تبرز لوسائل الإعلام مع إعلانها من المشاهير»، لافتة إلى أن «بعض الآراء قد تعرض أصحابها لانتقادات من شرائح أكبر عبر مواقع التواصل، لكن على الأرجح يكون لدى الفنان القدرة على تحمل تبعات موقفه وشرح وجهة نظره التي ليس بالضرورة أن تتسق مع رأي الغالبية».