معرض فوتوغرافي يستعيد «الخضرة والوجه الحسن» في مصر 

يضم صوراً عائلية لرحلات التنزّه... ويسلط الضوء على الحدائق التاريخية

حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)
حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)
TT

معرض فوتوغرافي يستعيد «الخضرة والوجه الحسن» في مصر 

حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)
حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)

تستعيد صور فوتوغرافية فكرة النزهة العائلية «المُفتَقَدة» في الحدائق العامة، التي طالما كانت متنفساً لأغلب الأسر المصرية، وهي ما تبدو أنها صارت بعيدة المنال مع تعرُض عديد من الحدائق العامة للإهمال، أو إخضاعها لخطط التطوير، أو تقلص مساحاتها مع ابتلاع الأرصفة لها، وهي نقاط ترددت أصداؤها ونقاشاتها في أروقة فعالية «أغسطس الأخضر» التي اختتم بها القائمون على «مركز بساط الثقافي» بالقاهرة شهر أغسطس (آب)، مع الدعوة لاستحضار ذكريات الحدائق وهوامشها الاجتماعية.

وبعد دعوة أطلقها «مركز بساط الثقافي» بالقاهرة، عبر مواقع التواصل، لاستقبال صور من الأرشيف العائلي الشخصي في الحدائق، فوجئت مديرة المركز، دعاء الشريف، بتدفق المشارَكات من الصور التي شاركها الجمهور مع القائمين عليه، في احتفاءٍ بذاكرة الحدائق والمتنزهات.

لقطة من حديقة الأزهر وسط القاهرة (مركز بساط الثقافي)

«كان الغرض من المعرض الفوتوغرافي بشكل رئيسي ملاحظة تغيّر ممارساتنا الاجتماعية في الحدائق، والمساحات التي تقلّصت. لاحظنا كثيراً من الأشجار التي اختفت، والحدائق التي لم نعد نعرف أسماءها، وذلك من خلال صور عادية شاركت معنا حكايات أصحابها الشخصية مع الحدائق، بعضهم دوّن اسم الحديقة مع تاريخ تصوير الصور، وآخرون لم يجدوا حدائق فقاموا بمشاركة صورهم داخل مساحات خضراء ضيقة أو حتى اكتفوا بتصوير ورود عبروا بجوارها، وهي توثق فترة تمتد من الخمسينات حتى هذا العام، بكثير من المشاعر التي افتقدها الناس بتقلص اللون الأخضر» وفق ما قالته دعاء لـ«الشرق الأوسط».

أطفال جيل الثمانينات (مركز بساط الثقافي)

ويمكن من خلال التجوّل بين الصور المعروضة، التقاط ملامح من حدائق الخمسينات، حيث الألفة تطغى على كادرات حديقة «الأندلس» العريقة، و«حديقة الحيوان» بالجيزة، التي ظهرت في أكثر من لقطة، ما بين لقطات لها في الخمسينات وأخرى في فترة الثمانينات، في استعادة لواحدة من أشهر حدائق مصر التي تم إغلاق أبوابها أمام الجمهور منذ عامين بعد إدراجها للتطوير، ويعود تأسيسها إلى عام 1891 وتعدّ أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.

لقطة عائلية في حديقة الحيوان (مركز بساط الثقافي)

وهناك صور خلت من العنصر البشري، اعتمد أصحابها على توثيق زياراتهم لها؛ مثل حديقة «قصر عابدين» الأثري، وصور مُلتقطة من داخل حديقة «الأورمان» بأشجارها وزهورها النادرة، علاوة على تكوينات أظهرت كثيراً من ملامح البهجة في حديقة «الأزهر» ما بين صور لأمهات يلتقطن أنفاسهن وسط اللون الأخضر، وصور بالأبيض والأسود لحديقة النباتات بأسوان (جنوب مصر)، وأطفال يطلقون العنان للعب.

وفي تعميق للارتباط المتجذر بين اللون الأخضر وذاكرة المدينة، دارت محاضرة «المياه والخضرة والوجه الحسن» ضمن فعاليات المعرض، التي تحدثت فيها المهندسة علياء نصار، مؤسسة «مدرسة خزانة للتراث»، التي تعدّ أن «إحياء ذاكرة الأماكن والتراث يبقيها حيّة حتى لو نالها التغيير، فليست فقط الحدائق التي يتم تقليصها لأغراض التطوير، ولكن حتى الشجر يُقطع من مكانه، وصار يختفي تدريجياً من الشوارع»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

حديقة الأندلس الشهيرة (مركز بساط الثقافي)

وتضيف أن «مسألة الاهتمام بالحدائق والمساحات الخضراء طالما ارتبطت تاريخياً بالاهتمام بالتخطيط البيئي للمدن، حيث كان هناك قديماً اتجاه حدائق بينية بين العمارات بمساحات مختلفة، فكانت تمثل متنزهات صغيرة للأهالي مثلما كان في شوارع شبرا، مروراً بالاهتمام بتخصيص كيانات للاهتمام بالزراعة والبستنة مثل (المعرض الزراعي الصناعي) الذي تأسس عام 1897، وكان حدثاً يفتتحه الملك، ثم صار يفتتحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقد ظهر في فيلم (حب حتى العبادة) وهو من بطولة صلاح ذو الفقار وتحية كاريوكا».

اللون الأخضر يتسع للجميع (مركز بساط الثقافي)

وتعدّ المهندسة علياء نصار أن «ذاكرة السينما مصدر مهم لتتبع تاريخ الحدائق في مصر» على حد تعبيرها، وتقول: «السينما أرّخت لعديد من الحدائق التي لم نعد نعلم أسماء كثير منها، كما أنها احتفظت بذاكرة حدائق ارتبطت بقصص حب شهيرة في الخمسينات والستينات، وأشهرها حديقة الأسماك، وحديقة الحيوان، وحديقة الأندلس».


مقالات ذات صلة

مصر: افتتاح حديقة الأندلس ضمن تطوير «القاهرة التاريخية»

يوميات الشرق حفل موسيقي وغنائي مصاحب لافتتاح حديقة الأندلس في مصر (محافظة القاهرة)

مصر: افتتاح حديقة الأندلس ضمن تطوير «القاهرة التاريخية»

أعادت مصر افتتاح حديقة الأندلس الأثرية بكورنيش النيل بالجزيرة بعد الانتهاء من تطويرها، الاثنين، ضمن خطة لإعادة إحياء القاهرة التاريخية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الصورة التي ظهرت عليها بوابة «جنينة الأسماك» التاريخية بالقاهرة (صفحة الفنان محمد عبلة على فيسبوك)

طلاء واجهة «جنينة الأسماك» يثير انتقادات بمصر

انتقادات واسعة تعرَّض لها القائمون على تطوير «حديقة جبلاية الأسماك» بمصر، والذي يتم منذ فترة، في منطقة الجبلاية بحي الزمالك (غرب القاهرة).

حمدي عابدين (القاهرة)
يوميات الشرق شجرة التين البنغالي في جزيرة الزمالك (لقطة من فيلم «حديقة الزهرية»)

«حديقة الزهرية»... فيلم يوثّق حكايات أقدم الأشجار في مصر

بمجرد الدخول إلى الشارع المؤدّي نحو برج القاهرة في جزيرة الزمالك، تقطع هذه الشجرة العتيقة الطريق معلنةً عن نفسها، بوصفها من أضخم وأقدم الأشجار في مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق صورة لطائر من بيكسباي

حديقة في كوبا تحوَّلت ملاذاً لأصغر طائر في العالم

تحولت حديقة برنابي هيرنانديز ملاذاً للطائر الطنان الموجود فقط في كوبا، وهو أصغر طائر في العالم، إذ يتراوح طوله بين 5 و6 سنتيمترات.

«الشرق الأوسط» (هافانا)
يوميات الشرق جانب من إرث جيولوجي تتميّز به مناطق سعودية (الشرق الأوسط)

«حدائق جيولوجية» سعودية في طريقها إلى «اليونيسكو»

يعمل «المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر» في السعودية على دعم إنشاء وتأهيل وتطوير عدد من المواقع التي تتمتع بمقوّمات جيولوجية عالية.

غازي الحارثي (الرياض)

«الثقافة السعودية» تطلق 4 خدمات لدعم المبتعثين

الوزارة تسعى لتوفير تجربة تعليمية غنية وداعمة للمبتعثين في مجالات الثقافة والفنون حول العالم (واس)
الوزارة تسعى لتوفير تجربة تعليمية غنية وداعمة للمبتعثين في مجالات الثقافة والفنون حول العالم (واس)
TT

«الثقافة السعودية» تطلق 4 خدمات لدعم المبتعثين

الوزارة تسعى لتوفير تجربة تعليمية غنية وداعمة للمبتعثين في مجالات الثقافة والفنون حول العالم (واس)
الوزارة تسعى لتوفير تجربة تعليمية غنية وداعمة للمبتعثين في مجالات الثقافة والفنون حول العالم (واس)

أطلقت وزارة الثقافة السعودية، 4 خدمات جديدة عبر «منصة الابتعاث الثقافي»؛ لتوفير تجربة تعليمية غنية وداعمة لمبتعثيها بمجالات الثقافة والفنون حول العالم، وذلك ضمن جهودها لتنمية وتأهيل الكوادر الوطنية لتلبية احتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية.

وتقدم خدمة «الاستشارات الأكاديمية» استشارات مخصصة للمبتعثين خلال مشوارهم، للمساهمة في توجيههم، ودعمهم في اختيار التخصصات والمواضيع البحثية المناسبة. بينما تدعمهم «الاستشارات المهنية» وتُوَجِّههم نحو الإعداد المسبق لسوق العمل، عبر مساعدتهم في استغلال تجربة الابتعاث لتطوير المعارف والمهارات اللازمة لبدء مسارٍ مهني ناجح.

ويركز «التدريب المهني في بلد الابتعاث» على دعمهم بالشراكة مع صندوق «هدف» خلال فترة تدريبهم على رأس العمل في الشركات والجهات الرائدة بمجالات الثقافة والفنون، ليتسنّى للخريجين تعزيز معارفهم ومهاراتهم عبر تطبيقها في بيئات مختلفة، وتعزيز أقصى استفادة ممكنة من تجربة الابتعاث.

وتُمكِّن خدمة «دعم البحوث العلمية» القائمين على دراسات ومشاريع بحثية من التواصل مع الأفراد والجهات المختلفة ذات العلاقة في السعودية، مما يُسهِّل وصولهم إلى البيانات الموثوقة، وإجراء البحوث النوعية، ويساهم في تميزهم الأكاديمي.

يُشار إلى أن برنامج الابتعاث الثقافي أُطلق عام 2020 ضمن أولى مبادرات الوزارة لخدمة مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للثقافة، وتحت مظلة «رؤية السعودية 2030»، بهدف تمكين المبدعات والمبدعين السعوديين من الالتحاق بأبرز المؤسسات التعليمية في التخصصات الثقافية بمختلف أنحاء العالم.

ويساهم في تحقيق استراتيجية تنمية القدرات الثقافية عبر توفير فرصٍ تعليمية متميزة لهم، تمكِّنهم من التخرج بدرجاتٍ علمية مميزة، وبمستوياتٍ مختلفة من أبرز جامعات العالم في مجالات متنوعة تشمل علم الآثار والتراث، والعمارة والتصميم، والمتاحف، والموسيقى، والمسرح، وصناعة الأفلام، والأدب، واللغات واللغويات، والمكتبات وعلم البيانات، والفنون البصرية، والطهي، وتصميم الأزياء، وتكنولوجيا علوم الأغذية، والمحتوى الرقمي.

من جهة أخرى، وقّعت وزارةُ الثقافة وهيئة الأوقاف، الثلاثاء، مذكرةَ تفاهم لتعزيز التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك، بهدف إثراء القطاعين الثقافي والوقفي بما يحقق استراتيجياتهما الوطنية، حيث مثّل الوزارةَ نائب الوزير حامد فايز، فيما مثّل الهيئة محافظها عماد الخراشي.

مذكرة تفاهم لإثراء القطاعين الثقافي والوقفي عبر عدة مجالات (وزارة الثقافة)

وتضمنت المذكرة عدة مجالات، من أبرزها تطوير السياسات والإجراءات للأوقاف الثقافية، ودراسة تعزيز الاستدامة المالية لها، وتنويع مصادر إيراداتها، وتوجيه مصارفها، كذلك المساهمة في إنشاء وتطوير منتجات تدعم الحفاظ على الأصول الثقافية الوطنية والإرث الإسلامي، ودعم قطاع الأوقاف في تنويع منتجاته، وزيادة الإنتاج الثقافي، مما يساهم في تنويع المحتوى الثقافي وتحفيز الابتكار.

وتُساهم في تعظيم أثر القطاع الوقفي الثقافي، وإثراء مساهمته في تطوّر القطاع الثقافي، في ظل التعاون الدائم بين الوزارة ومختلف الجهات؛ للمساهمة في الحفاظ على التراث الوطني، وبناء مستقبل غنيّ تزدهر فيه مختلف أنواع الثقافة والفنون، لتحقيق مستهدفات الاستراتيجية.