تولي مصر اهتماماً كبيراً بمشروع حديقة «تلال الفسطاط»، وسط القاهرة التاريخية، وقد شهد المشروع زيارات متكررة لرئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، وزيارات متتالية من وزير الإسكان المصري، شريف الشربيني، أحدثها السبت، للوقوف على آخر تطورات المشروع، فما سبب اهتمام مصر الكبير بحديقة تلال الفسطاط؟
المشروع الذي يقبع وسط القاهرة التاريخية على مساحة 500 فدان، أقيم في مكان كان يستخدم سابقاً مكباً للنفايات، إلا أن الحكومة المصرية سعت لتحويله إلى حديقة بمواصفات عصرية، وفي الوقت نفسه لتستفيد من الأماكن السياحية المحيطة به كوجهة للسياحة الثقافية.
وخلال زيارته الأحدث للمشروع، اطَّلع وزير الإسكان على مستجدات الموقف التنفيذي لعناصر ومكونات مشروع حدائق تلال الفسطاط، ونسب الإنجاز بالمنطقة الاستثمارية، ومنطقة النهر، ومنطقة المغامرة، والمنطقة التراثية، والتلال، وأعمال المسطحات الخضراء، ومختلف مكونات المشروع الأخرى، وفق بيان لوزارة الإسكان، السبت.

ومشروع «حدائق تلال الفسطاط» بمنطقة مصر القديمة بمحافظة القاهرة، يجاور المتحف القومي للحضارة المصرية وبحيرة عين الصيرة ومجمع الأديان وجامع عمرو بن العاص.
وبحسب البيان، تنقسم منطقة التلال إلى 3 تلال متباينة الارتفاعات، يمر بينها الممر المائي (النهر)، وتتدرج في مجموعة من المصاطب، تبدأ من حافة النهر، وتنتهي حتى قمة التلة، حيث تجعل من قمة التلال مطلات على المشروع والمنطقة المحيطة وقلعة صلاح الدين والأهرامات. وتضم «تلة القصبة»، المنشأة على مساحة 13 ألف متر مربع، فندقاً سياحياً ومباني خدمية ومواقف سيارات وبحيرة صناعية، ومدرجات ومناطق جلوس مطلة على الشلال، وكوبرى مشاة للربط، وكافيتريا، وشلالاً، و«تلة الحفائر» الجاري العمل بها لتصبح مزاراً أثرياً متكاملاً للسياحة الثقافية، من خلال الكشف عن بقايا مدينة الفسطاط على مساحة نحو 47 فداناً، للوصول إلى التكوين المعماري للمدينة الأثرية وترميمها، فيما تضم «تلة الحدائق التراثية» مدرجات ومباني للزوار ومطاعم وبرجولة خشبية تطل على البحيرة.
وتابع وزير الإسكان، خلال جولته بالمشروع، موقف الأعمال بمنطقة الأسواق، التي تتضمن منطقة تجارية بمساحة 60 ألف متر مربع، بهدف تنشيط السياحة ودعم اقتصاد الدولة وتنشيط الحرف اليدوية والتراثية، وأبرزها أعمال الزجاج، والسيراميك، والشمع، والغزل والنسيج.
وعدّت أستاذة العمارة والتصميم العمراني بكلية الهندسة جامعة القاهرة، الدكتورة سهير زكي حواس، أن سبب الاهتمام الكبير بحديقة تلال الفسطاط يكمن في موقعها وسط مبانٍ تراثية وأماكن أثرية، هي عوامل للجذب السياحي.
وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «محيط حديقة التلال الفسطاط يشمل القاهرة التاريخية، وهي منطقة مسجلة كآثار وتراث عالمي في اليونيسكو، وتتحول إلى منطقة جذب سياحي، بها مشروعات تطوير ومتاحف تم افتتاحها، مثل متحف الحضارة المصرية، بالإضافة إلى مشروعات سكنية أقيمت في النطاق لجذب فئات اجتماعية متميزة».

وقال رئيس الوزراء، في زيارة سابقة للحديقة، إن «هذا المكان هدية لكل المصريين بإنشاء أكبر حديقة مركزية على مستوى الشرق الأوسط، كما يتميز هذا المكان بالجمع بين الأصالة والحضارة، وحرصنا أن يكون طابع المباني في هذا المكان مستوحى من طابع الحضارة المصرية، فعلى بعد خطوات في جزء من هذه الحديقة، نجد متحف الحضارات، وجامع عمرو بن العاص، أول جامع ينشأ في قارة أفريقيا، وبجانبه مجمع الأديان والكنيسة المُعلقة، والمعبد اليهودي، لذلك نحن نتحدث عن منطقة ستكون بؤرة الحضارة والثقافة والترفيه لكل المصريين».
ولفتت أستاذة العمارة والتصميم إلى أن «حديقة عملاقة بهذا الشكل بها مشاريع ترفيهية وفنادق وما إلى ذلك من خدمات ستكون بمنزلة رئة جديدة للمنطقة بعيداً عن التلوث والزحام، فهي مفيدة جداً لاستثمار الفراغ العام المفتوح والمنسق، الذي يحتوي على عناصر جمالية وتراثية تدعمه كمقصد سياحي».
وأكّدت أن هذا المشروع يذكرنا بحديقة الأزهر التي استغرق إنشاؤها نحو 20 عاماً، فالحدائق تأخذ مسار نمو مختلفاً عن المسار العمراني، وأضافت أن «تلال الفسطاط تم إنجاز كثير من مراحلها، وأتمنى مراعاة المناطق الأثرية التي حولها والاستفادة منها، كعناصر مكملة للمشهد الجمالي، وإطلالة الحديقة كجزء من المشهد المتكامل بين الجديد والقديم».
وأشارت إلى أن المنطقة قبل 3 سنوات كانت تعاني من ظروف غير آدمية، وكانت تتجمع فيها المخلفات، وتم نقل الأهالي لأماكن آمنة، حتي هذه اللحظة فإن التكلفة التي أنفقتها الدولة على هذه المنطقة تجاوزت 10 مليارات جنيه، بما تضمنه ذلك من توفير السكن البديل، وأعمال البنية الأساسية ذات الحجم الكبير التي تم تنفيذها، إلى جانب إنشاء المباني التي ستستخدم في المشروعات الترفيهية.
وترى المتخصصة في العمارة والتراث، الدكتورة فاتن سليمان، أن «مشروع تلال الفسطاط من أهم المشروعات التي تقام في وسط القاهرة، ويعدّ متنفساً لأهالي القاهرة، خصوصاً أنه يقام على مساحة ضخمة نحو 500 فدان». وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ترجع أهمية المشروع إلى أنه يقع في واحدة من أهم المناطق التراثية في مصر، وأقدم العواصم الإسلامية لمصر، وهي منطقة الفسطاط، ويضم محيطه عدداً من المناطق الهامة، مثل متحف الحضارة المصرية وجامع عمرو بن العاص ومنطقة مجمع الأديان».
وأشارت إلى أن «التنوع الذي يشهده المشروع، وما يتضمنه من مناطق ترفيهية؛ مطاعم وفندق ومناطق ألعاب ومغامرات، يجعله ذا طابع استثماري يدرّ دخلاً على الدولة. وفي الوقت نفسه يكون متنفساً لأهالي القاهرة».

