«معالم الكعبة» رحلة توثيقية للعناية بأول بيت وضع للعبادة في الأرض

ضمن معارض إثراء تجربة ضيوف الرحمن في الحرم المكي

وسط الحرم المكي يقف البناء الجليل مقصد ملايين المسلمين في كل مرة يقفون فيها للصلاة (هيئة العناية بالحرمين)
وسط الحرم المكي يقف البناء الجليل مقصد ملايين المسلمين في كل مرة يقفون فيها للصلاة (هيئة العناية بالحرمين)
TT

«معالم الكعبة» رحلة توثيقية للعناية بأول بيت وضع للعبادة في الأرض

وسط الحرم المكي يقف البناء الجليل مقصد ملايين المسلمين في كل مرة يقفون فيها للصلاة (هيئة العناية بالحرمين)
وسط الحرم المكي يقف البناء الجليل مقصد ملايين المسلمين في كل مرة يقفون فيها للصلاة (هيئة العناية بالحرمين)

يفد المسلمون إلى السعودية من كل أصقاع الأرض، يملأهم الشوق إلى زيارة الحرمين الشريفين وأداء عباداتهم وقضاء ليالي الشهر الكريم في رحاب قبلة المسلمين، ويتوقون إلى الامتلاء من تفاصيل المكان والتشبع بروح التاريخ والإيمان الذي يملأ كل زاوية وركن في الحرمين الشريفين. وفي وسط صحن الحرم المكي، يقف البناء الشامخ الجليل مقصد ملايين المسلمين في كل مرة يقفون فيها للصلاة، يطوف بها ضيوف الرحمن وهم يشعون ببياض إحرامهم ويجمعون همهم على الإقبال إلى الله، بجوار قبلة المسلمين ومحط أنظارهم وأول بيت وُضع في الأرض لعبادة الله. وهم يحيطون بها في طوافهم، يشخصن المسلمون بناء مكعب الشكل يبلغ ارتفاعه نحو 15 متراً، ويصل طول ضلعه الذي به باب الكعبة 12.5 متر، والذي يقابله 13 متراً، وأما الضلع الذي فيه الميزاب فطوله 10.5متر، والذي يقابله يمتد لـ11 متراً.

المعارض الرمضانية تسهم في إثراء تجربة ضيوف الرحمن في الحرم المكي (هيئة العناية بالحرمين)

يتتبع المعرض الإثرائي الملهم تفاصيل واسعة ومتصلة بكعبة المسلمين (هيئة العناية بالحرمين)

وعن تاريخها الذي عاصرت خلاله كثيراً من التفاصيل التاريخية والعصور المتعددة، تفتح المعارض الإثرائية في المسجد الحرام فرصة ثمينة للتعرف على رحلة توثيقية مهمة عن أول بيت وُضع لعبادة الله، منذ بناها النبي إبراهيم بأمر ربه وأضحت رمزاً حيّاً لبقاء الحياة واستدامتها. ويتتبع المعرض الإثرائي الملهم، تفاصيل واسعة ومتصلة بكعبة المسلمين، عن الحجر الأسود، والركن اليماني، ومقام إبراهيم، والحطيم حجر إبراهيم، والملتزم.

وعلى مرّ التاريخ، كانت الكعبة موضع تعظيم وإجلال الناس، والولاة والحكام يعمرونها ويجددون بنيانها عند الحاجة ويكسونها، ويحتسبونه فخراً وتشريفاً لهم. ‏وفي العهد السعودي، حظي الحرمان الشريفان بعناية خاصة وفريدة، مكّنت ملايين المسلمين وبأعداد تاريخية من زيارة قبلتهم ومدينة النبي الكريم، وقد اتسمت معايير التحديث السعودي والعناية بالحرمين الشريفين بقيمتي صون التراث الأصيل لقبلة المسلمين مع تيسير وتسهيل أدائهم للعبادات وتمكينهم من الوصول والأداء الآمن لنسكهم في كل وقت وحين.

في العهد السعودي حظي الحرمان الشريفان بعناية خاصة وفريدة (هيئة العناية بالحرمين)

كما اكتست الكعبة المشرفة باباً يصنع لأول مرة من الذهب الخالص، وفي عهد الملك فهد بن عبد العزيز تم استبدال أعمدة جديدة بأعمدة الكعبة الخشبية التي يعود تاريخها لأكثر من 1200 عام، ضمن عملية ترميم شاملة أُزيل خلالها سقف الكعبة وأُعيد بناؤه، ورُمّمت الأحجار المتآكلة، ودُعّمت الأرضية بالرخام.

يبلغ عمر الأعمدة الخشبية الثلاثة التي وضعها عبد الله بن الزبير أكثر من 1350 عاماً (هيئة العناية بالحرمين)

ويوجد في داخل الكعبة 3 أعمدة خشبية تحمل سقف الكعبة المشرفة، وهي من أقوى أنواع الأخشاب التي لا يُعرَف لها مثيل، وضعها عبد الله بن الزبير، يبلغ عمرها أكثر من 1350 عاماً، أما أرضية الكعبة المشرفة فهي مفروشة بالرخام وأغلبه من النوع الأبيض والباقي ملون. وخلال اليوم الأول من شهر رمضان الكريم، وأمام الكعبة المشرفة، اكتظ صحن الحرم المكي بالمسلمين وضيوف الرحمن القادمين من أصقاع الأرض، ينقطعون إلى الله وتتصل نفوسهم بفضاء إيماني خالص، فمن أرض مكة تسافر الابتهالات والدعوات وترتفع الحاجات والأمنيات، خالصة ومنزهة من كل أذى.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».