كبسولة إلكترونية لمراقبة انقطاع التنفس في أثناء النوم

ترافيرسو يمسك بالكبسولة (مستشفى بريجهام)
ترافيرسو يمسك بالكبسولة (مستشفى بريجهام)
TT

كبسولة إلكترونية لمراقبة انقطاع التنفس في أثناء النوم

ترافيرسو يمسك بالكبسولة (مستشفى بريجهام)
ترافيرسو يمسك بالكبسولة (مستشفى بريجهام)

يؤثر انقطاع التنفس الانسدادي في أثناء النوم، على ملايين البالغين حول العالم، وهو حالة مرضية يصبح فيها مجرى الهواء العلوي مسدوداً جزئياً أو كلياً في أثناء النوم. وغالباً ما يغط المصابون به بصوت عالٍ، وقد يستيقظون عدة مرات في أثناء الليل، وهو ما يقلل من معدلات الأكسجين بالدم، مسبباً الشعور بالتعب والإرهاق. وقد تتفاقم الأمور لتزيد أيضاً من مخاطر ارتفاع ضغط الدم والإصابة بالسكتة الدماغية وأمراض القلب والسكري من النوع الثاني.

وعادة ما يضطر المصابون بهذه الحالة المرضية للذهاب إلى مختبر النوم أو الاتصال بأجهزة خاصة في أثناء النوم، لمراقبة حالاتهم بغرض التشخيص والعلاج.

فماذا لو تمكن المريض من تقييم وقياس خطر الإصابة بانقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم عن طريق ابتلاع حبة دواء؟

هذا بالفعل ما نجحت دراسة مشتركة، أجراها باحثون من مستشفى بريجهام والنساء بكلية الطب بجامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة وست فرجينيا بالولايات المتحدة، في القيام به عن طريق تطوير جهاز لا سلكي في شكل كبسولة إلكترونية قابلة للهضم يمكنها الإبلاغ بدقة عن العلامات الحيوية لحالة المريض.

اختبر الفريق الجهاز الجديد، المعروف اختصاراً باسم (VM Pill)، ضمن دراسة سريرية تجريبية، نشرت الجمعة في دورية «ديفييس»، وشملت 10 أشخاص يعانون من انقطاع التنفس في أثناء النوم.

قال الباحث المشارك بالدراسة، الدكتور جيوفاني ترافيرسو، واختصاصي أمراض الجهاز الهضمي في قسم أمراض الجهاز الهضمي والكبد والمناظير في بريجهام، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «يتطلب مخطط النوم التقليدي ربط المريض بالعديد من أجهزة الاستشعار المختلفة وتوصيلها بفروة رأسه وصدغيه وصدره ورئتيه بواسطة أسلاك متصلة بجهاز حاسب آلي».

وأوضح: «لدراسة النوم في المنزل، يستخدم المريض أداة خاصة بالأنف وحزام الصدر ومقياس التأكسج النبضي المتصل بجهاز محمول للمراقبة. ولك أن تتخيل محاولة النوم مع كل هذه الآلات».

كبسولة شفافة لسهولة رؤية المكونات الداخلية (بن بليس)

وأضاف: «تتطلب الطريقة الجديدة أن يبتلع المريض كبسولة بحجم حبة الفيتامين»، مشدداً على أنها أمر سهل وغير مزعج، مشيراً إلى أنه في المستقبل، ستكون هناك آلية جديدة للاحتفاظ بالكبسولة في المعدة لمدة أسبوع، ما يسمح بتقييم النوم لعدة ليالٍ كاملة.

تطبيقات واسعة النطاق

الكبسولة الجديدة أظهرت نتائج واعدة، حيث نجحت في تسجيل معدلات التنفس ومعدل ضربات القلب لدى المرضى الذين يعانون من انقطاع التنفس في أثناء النوم، كما استطاعت أيضاً اكتشاف علامات الاكتئاب التنفسي الناجم عن الإفراط في تعاطي المواد الأفيونية.

وأدى انتشار المواد الأفيونية لأغراض العلاج إلى ارتفاع كبير في الجرعات الزائدة، والإصابة بنوبات قاتلة من التنفس البطيء، أو ما يعرف باكتئاب الجهاز التنفسي الذى يحدث نتيجة نقص معدلات الأكسجين وارتفاع ثاني أكسيد الكربون بالدم، ما يصيب المريض بتهوية رئوية أقل من المطلوبة للجسم.

ووفق الدراسة، تحدث أكثر من نصف هذه الجرعات الزائدة عندما يكون الفرد بمفرده وخارج نطاق المرافق الطبية، حيث لا يستطيع مقدمو الرعاية الصحية مراقبة علامات تلك الضائقة التنفسية.

وهو ما علق عليه ترافيرسو، وهو أيضاً أستاذ مشارك في الهندسة الميكانيكية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: «ستكون هناك تطبيقات واسعة النطاق لهذا الجهاز، هناك فرص أفضل لتحسين مراقبة انقطاع التنفس أثناء النوم وكذلك حالات التنفس الأخرى».

وأضاف: «وجود الكبسولة بالمعدة على مقربة من القلب والرئتين يمكنها من استشعار الحركات الفسيولوجية المتعلقة بنبض القلب والتنفس، حيث يتم تخزين تلك المعلومات قبل أن تتم عملية الاتصال اللاسلكي لنقلها إلى خارج الجسم، ومن هناك إلى مستودع سحابي للاحتفاظ بالمعلومات على الإنترنت».

قام الباحثون بجمع 57 ساعة من البيانات من 10 أشخاص في مركز تقييم النوم الطبي بجامعة فرجينيا الغربية الأميركية، ووجدوا أن بيانات الجهاز التنفسي ومعدل ضربات القلب التي تم التقاطها بواسطة الكبسولة الإلكترونية كانت قابلة للمقارنة مع البيانات الواردة من أجهزة المراقبة الموجودة حالياً. كما كان الجهاز أيضاً قادراً على التقاط اللحظات التي يتوقف فيها الأشخاص عن التنفس، إما عن طريق حبس أنفاسهم عمداً، أو في أثناء أحداث انقطاع التنفس في أثناء النوم.

وشدد ترافيرسو على أن الفريق يعمل على تقديم هذه التكنولوجيا المنقذة للحياة إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص الذين يحتاجون إليها في أقرب وقت ممكن.


مقالات ذات صلة

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

أكد طبيب أميركي أن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في زيادة انتشار «مرض الكبد الدهني» خلال السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الشباب والأطفال الأعلى تفاؤلاً يميلون إلى أن يكونوا أفضل صحة (رويترز)

كيف يؤثر التفاؤل على صحة الأطفال والشباب؟

كشفت دراسة جديدة عن أن صغار السن الأعلى تفاؤلاً بشأن مستقبلهم يميلون في الواقع إلى أن يكونوا أفضل صحة بشكل ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي (رويترز)

الإنجاب في سن صغيرة قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي

كشفت دراسة علمية جديدة أن إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
TT

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

بعيداً عن التكلس السياسي الذي تعانيه ليبيا، انطلق في العاصمة طرابلس مهرجان للفيلم الأوروبي تحت إشراف بعثة الاتحاد الأوروبي إلى البلاد، بالتعاون مع الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، في خطوة تستهدف توسيع الشراكة الثقافية وكسر حاجز الانقسام، من خلال تجميع الليبيين بالثقافة والفن.

وتشارك في النسخة الأولى من المهرجان، التي انطلق الأحد، 5 سفارات أوروبية عاملة في ليبيا، بأعمال يتم عرضها للجمهور مجاناً لمدة 5 أيام، تنتهي الخميس المقبل. وعبّر سفير بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، عن سعادته لافتتاح أول مهرجان سينمائي ليبي - أوروبي في طرابلس، إلى جانب الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، وسفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا ومالطا وإسبانيا. وعدّ هذا الحدث «علامة فارقة في الشراكة الثقافية بين ليبيا والاتحاد».

ويعرض مساء اليوم (الاثنين) فيلم «راعي البقر من الحجر الجيري» المقدم من سفارة مالطا، بقاعة الهيئة العامة للسينما والمسرح في شارع الزاوية بطرابلس، التي دعت الجمهور للاستمتاع بمشاهدته.

البوستر الترويجي لفيلم «فتاة عادت» الإيطالي (إدارة المرجان)

وبجانب الفيلم المالطي، فإن العروض المفتوحة للجمهور تتضمن، وفق ما أعلنت إدارة المهرجان، ورئيس بعثة الاتحاد، «طفلة عادت» من إيطاليا، و«قصر الحمراء على المحك»، إسباني، ويعرض الثلاثاء، ثم «كليو» (ألمانيا) الذي يعرض للجمهور الأربعاء، على أن يختتم المهرجان بفيلم «عاصفة» الفرنسي.

ولوحظ أن الدول المشاركة في المهرجان حرصت على تروّج الأعمال المشاركة، من هذا المنطلق دعا المركز الثقافي الفرنسي والسفارة الفرنسية في ليبيا الجمهور الليبي لحضور الفيلم الفرنسي الذي أخرجه كريستيان دوغواي، وقالا في رسالة للجمهور الليبي: «نحن في انتظاركم لتشاركونا هذه اللحظة السينمائية الاستثنائية».

جانب من افتتاح مهرجان الفيلم الأوروبي في طرابلس (البعثة الأوروبية إلى ليبيا)

وكان رئيس هيئة السينما والمسرح والفنون، عبد الباسط بوقندة، عدّ مبادرة الاتحاد لإقامة المهرجان «خطوة إيجابية في مسار الشراكة بين ليبيا، متمثلة في هيئة السينما والمسرح والفنون، والاتحاد الأوروبي والدول الخمس المشاركة».

وأضاف بوقندة، في كلمة الافتتاح، الذي بدأ الأحد بعرض الأفلام، أن المناسبة «تفتح آفاقاً واسعة في مجالات السينما كواحدة من أهم أنواع التواصل بين الشعوب ومرآة عاكسة لكثير من القضايا الاجتماعية والإنسانية والثقافية التي تسهم بفاعلية في توعية الناس، وتدفع بهم تجاه الارتقاء والإحساس بالمسؤولية».

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي (السفارة الفرنسية لدى ليبيا)

وخلال مراسم الافتتاح، عُرض فيلم «شظية» الليبي الذي أنتج في الثمانينات، من تأليف الأديب الليبي المعروف إبراهيم الكوني، ويحكي قصة معاناة الليبيين مع الألغام التي زرعت في صحراء ليبيا خلال الحرب العالمية الثانية، وراح ضحيتها كثير من المواطنين في مدن ومناطق مختلفة من البلاد.

وبجانب العروض السينمائية في ليبيا، تُجمّع الفنون في ليبيا عادةً من فرقت بينهم السياسة، ويحشد المسرح على خشبته ممثلين من أنحاء البلاد، كانت قد باعدت بينهم الآيديولوجيات في زمن ما، يحكون جميعاً أوجاعهم عبر نصوص ولوحات إبداعية، ويفتحون نوافذ جديدة للتلاقي والحوار بعيداً عن النزاع والانقسام السياسي.

وسبق أن تعطلت الحركة الفنية المسرحية في ليبيا، مُتأثرة بالفوضى الأمنية التي شهدتها ليبيا عقب اندلاع ثورة «17 فبراير» التي أسقطت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011. لكن مع الاستقرار النسبي الذي تشهده ليبيا يظل الرهان على الفن في اختبار الانقسام السياسي، الذي ضرب البلاد، لتوحيد الليبيين.