روبوت يسحق رجلاً حتى الموت

ذراع روبوتية تناور بغلاف قذيفة عيار 105 ملم في أثناء عملية تصنيع الذخائر (أ.ب)
ذراع روبوتية تناور بغلاف قذيفة عيار 105 ملم في أثناء عملية تصنيع الذخائر (أ.ب)
TT

روبوت يسحق رجلاً حتى الموت

ذراع روبوتية تناور بغلاف قذيفة عيار 105 ملم في أثناء عملية تصنيع الذخائر (أ.ب)
ذراع روبوتية تناور بغلاف قذيفة عيار 105 ملم في أثناء عملية تصنيع الذخائر (أ.ب)

في حادث مأساوي، لقي رجل، يعتقد أنه في الأربعينات من عمره، حتفه، في مصنع بكوريا الجنوبية، بعد أن تعرض للسحق على يد روبوت فشل في التفريق بينه وبين علبة خضار. حسبما أفادت صحيفة «إندبندنت».

وحسب الصحيفة، كان الموظف الذي يُشرف على عمليات استشعار الروبوت في مركز توزيع للمنتجات الزراعية في مقاطعة غيونغسانغ، يقوم بتفحص الروبوتات قبل التشغيل التجريبي في مصنع لفرز الفلفل، أمس (الأربعاء)، عندما وقع الحادث المأساوي.

ووفقاً لوكالة «يونهاب» للأنباء، كان الروبوت يقوم برفع صناديق الفلفل ونقلها على منصات، ولكن الروبوت اصطدم بالرجل الذي عدّه بدلاً من الصندوق بسبب خلل تقني، فدفعه نحو الحزام الناقل، مما أسفر عن سحق وجهه وصدره.

وعلى الرغم من نقله السريع إلى المستشفى، فإن الرجل توفي لاحقاً متأثراً بجراحه البالغة.

وفي أعقاب الحادث، دعا مسؤول من مجمع دونغسونغ الزراعي للتصدير، الذي يملك المصنع، إلى إنشاء نظام دقيق وآمن لتجنب تكرار مثل هذه الحوادث المأساوية في المستقبل.

يأتي هذا الحادث بعد حوادث مماثلة في كوريا الجنوبية وحول العالم، حيث تسببت الروبوتات في خسائر بشرية. تطرح هذه الحوادث تساؤلات حول ضرورة تحسين نظم الأمان والتحكم في تشغيل الروبوتات.

في وقت سابق من شهر مايو (أيار)، تعرض رجل في كوريا الجنوبية لإصابات خطيرة بعد أن حاصره روبوت في أثناء عمله في مصنع لتصنيع قطع غيار السيارات.

وقُتل ما لا يقل عن 41 شخصاً على يد الروبوتات الصناعية في الولايات المتحدة بين عامي 1992 و2017، وفقاً لدراسة نشرتها المجلة الأميركية للطب الصناعي.

وكانت الروبوتات الثابتة مسؤولة عن 83 في المائة من الحوادث المميتة. ووجدت الدراسة أن الكثير من هذه الحوادث المذهلة وقعت في أثناء إجراء صيانة على الروبوت.

وقُتل عامل يبلغ من العمر 22 عاماً في مصنع «فولكسفاغن» الألماني على يد روبوت في عام 2015.


مقالات ذات صلة

منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي... تنافس ونمو متسارع

تكنولوجيا  «ميتا إيه آي» القادرة على الإجابة على أسئلة المستخدمين بلغة بسيطة باتت تضم 400 مليون مستخدم شهرياً (رويترز)

منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي... تنافس ونمو متسارع

يستمر استخدام منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي من جانب عامة الناس في النمو بوتيرة متسارعة، على ما تظهر أحدث الأرقام لجهات فاعلة رئيسية في القطاع.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا يستعد هذا الروبوت المسمى «آيرون كاب» لإحداث ثورة في كيفية استجابتنا لحالات الطوارئ (IIT)

أول روبوت «بشري» في العالم يطير بقوة الدفع النفاثة!

جُهز بأربعة محركات نفاثة، اثنان منها مثبتان على ذراعيه والآخران على حقيبة نفاثة مثبتة على ظهره.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا الروبوت يوفر طريقة آلية للكشف عن أعشاش النمل  (أكاديمية قوانغدونغ للعلوم في الصين)

تسخير الروبوت لمكافحة النمل

استخدم فريق بحثي روبوتاً على شكل كلب يعمل بالذكاء الاصطناعي لتطوير نظام جديد للكشف عن أعشاش نمل النار الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تكنولوجيا الروبوت خلال إجراء الجراحة (شركة Perceptive)

لأول مرة في العالم... روبوت يجري عملية جراحية كاملة بالأسنان

أجرى روبوت عملية أسنان آلية بالكامل على إنسان، في سابقة هي الأولى من نوعها في العالم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ إيلون ماسك (رويترز)

مسؤولون أميركيون: روبوت الدردشة الخاص بماسك نشر معلومات مضللة عن الانتخابات

أرسل 5 مسؤولين في السياسة الخارجية الأميركية رسالة إلى إيلون ماسك يطالبونه فيها بإصلاح روبوت الدردشة التابع لـ«إكس»، بعد أن شارك معلومات مضلّلة حول الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
TT

هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)

القبلات المتطايرة التي تدفّقت من هاني شاكر إلى أحبّته طوال حفل وداع الصيف في لبنان، كانت من القلب. يعلم أنه مُقدَّر ومُنتَظر، والآتون من أجله يفضّلونه جداً على أمزجة الغناء الأخرى. وهو من قلّة تُطالَب بأغنيات الألم، في حين يتجنَّب فنانون الإفراط في مغنى الأوجاع لضمان تفاعل الجمهور. كان لافتاً أن تُفجّر أغنية «لو بتحبّ حقيقي صحيح»، مثلاً، وهو يختمها بـ«وأنا بنهار»، مزاج صالة «الأطلال بلازا» الممتلئة بقلوب تخفق له. رقص الحاضرون على الجراح. بارعٌ هاني شاكر في إشعالها بعد ظنّ أنها انطفأت.

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)

تغلَّب على عطل في هندسة الصوت، وقدَّم ما يُدهش. كان أقوى مما قد يَحدُث ويصيب بالتشتُّت. قبض على مزاج الناس باحتراف الكبار، وأنساهم خللاً طرأ رغم حُسن تنظيم شركة «عكنان» وجهود المتعهّد خضر عكنان لمستوى يليق. سيطر تماماً، بصوت لا يزال متّقداً رغم الزمن، وأرشيف من الذهب الخالص.

أُدخل قالب حلوى للاحتفاء بأغنيته الجديدة «يا ويل حالي» باللهجة اللبنانية في بيروت التي تُبادله الحبّ. قبل لقائه بالآتين من أجله، كرَّرت شاشة كبيرة بثَّها بفيديو كليبها المُصوَّر. أعادتها حتى حُفظت. وحين افتتح بها أمسيته، بدت مألوفة ولطيفة. ضجَّ صيف لبنان بحفلاته، وقدَّم على أرضه حلاوة الأوقات، فكان الغناء بلهجته وفاءً لجمهور وفيّ.

بقيادة المايسترو بسام بدّور، عزفت الفرقة ألحان العذاب. «معقول نتقابل تاني» و«نسيانك صعب أكيد»، وروائع لا يلفحها غبار. الأغنية تطول ليتحقّق جَرْف الذكريات. وكلما امتّدت دقائقها، نكشت في الماضي. يوم كان هاني شاكر فنان الآهات المستترة والمعلنة، وأنّات الداخل وكثافة طبقاته، وعبق الورد رغم الجفاف والتخلّي عن البتلات. حين غنّى «بعد ما دابت أحلامي... بعد ما شابت أيامي... ألقاقي هنا قدامي»، طرق الأبواب الموصودة؛ تلك التي يخالها المرء صدأت حين ضاعت مفاتيحها، وهشَّم الهواء البارد خشبها وحديدها. يطرقها بأغنيات لا يهمّ إن مرَّ عُمر ولم تُسمَع. يكفيها أنها لا تُنسى، بل تحضُر مثل العصف، فيهبّ مُحدِثاً فوضى داخلية، ومُخربطاً مشاعر كوَقْع الأطفال على ما تظنّه الأمهات قد ترتَّب واتّخذ شكله المناسب.

هاني شاكر مُنتَظر والآتون من أجله يفضّلونه جداً (الشرق الأوسط)

تتطاير القبلات من فنان يحترم ناسه، ويستعدّ جيداً من أجلهم. لا تغادره الابتسامة، فيشعر مَن يُشاهده بأنه قريب ودافئ. فنانُ الغناء الحزين يضحك لإدراكه أنّ الحياة خليط أفراح ومآسٍ، ولمّا جرّبته بامتحانها الأقسى، وعصرت قلبه بالفراق، درّبته على النهوض. همست له أن يغنّي للجرح ليُشفى، وللندبة فتتوارى قليلاً. ولا بأس إن اتّسم الغناء بالأحزان، فهي وعي إنساني، وسموّ روحي، ومسار نحو تقدير البهجات. ابتسامة هاني شاكر المتألِّمة دواخلَه، إصرار وعناد.

تراءى الفنان المصري تجسيداً للذاكرة لو كان لها شكل. هكذا هي؛ تضحك وتبكي، تُستعاد فجأة على هيئة جَرْف، ثم تهمد مثل ورقة شجر لا تملك الفرار من مصيرها الأخير على عتبة الخريف الآتي. «بحبك يا هاني»، تكرَّرت صرخات نسائية، وردَّ بالحبّ. يُذكِّر جمهوره بغلبة السيدات المفتتنات بأغنياته، وبما تُحرِّك بهنّ، بجمهور كاظم الساهر. للاثنين سطوة نسائية تملك جرأة الصراخ من أجلهما، والبوح بالمشاعر أمام الحشد الحاضر.

نوَّع، فغنّى الوجه المشرق للعلاقات: «بحبك يا غالي»، و«حنعيش»، و«كدة برضو يا قمر». شيءٌ من التلصُّص إلى الوجوه، أكّد لصاحبة السطور الحبَّ الكبير للرجل. الجميع مأخوذ، يغنّي كأنه طير أُفلت من قفصه. ربما هو قفص الماضي حين ننظر إليه، فيتراءى رماداً. لكنّ الرماد وجعٌ أيضاً لأنه مصير الجمر. وهاني شاكر يغنّي لجمرنا وبقاياه، «يا ريتك معايا»، و«أصاحب مين»؛ ففي الأولى «نلفّ الدنيا دي يا عين ومعانا الهوى»، وفي الثانية «عيونك هم أصحابي وعمري وكل أحبابي»، لتبقى «مشتريكي ما تبعيش» بديع ما يُطرب.

ضجَّ صيف لبنان بحفلاته وقدَّم على أرضه حلاوة الأوقات (الشرق الأوسط)

استعار من فيروز «بحبك يا لبنان» وغنّاها. بعضٌ يُساير، لكنّ هاني شاكر صادق. ليس شاقاً كشفُ الصدق، فعكسُه فظٌّ وساطع. ردَّد موال «لبنان أرض المحبّة»، وأكمله بـ«كيف ما كنت بحبك». وكان لا مفرّ من الاستجابة لنداء تكرَّر. طالبوه مراراً بـ«علِّي الضحكاية»، لكنه اختارها للختام. توَّج بها باقة الأحزان، كإعلان هزيمة الزعل بالضحكاية العالية.