كشفت دراسة نفسية جديدة، نُشرت في منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي في مجلة الرابطة الطبية الأميركية «JAMA Network Open»، عن نظام تنبيه قام بتطويره باحثون في مايو كلينك Mayo Clinic، في الولايات المتحدة، يعتمد بشكل أساسي على الساعات الذكية للفت نظر الآباء، وتنبيههم عند ظهور أول علامات نوبة الغضب في الأطفال الذين يعانون من اضطرابات عاطفية، وسلوكية، ما يدفعهم للتدخل قبل تفاقمها.
ساعة ذكية وتطبيق هاتفي
في هذا النظام الجديد، ترصد الساعة الذكية التي يرتديها الطفل الإشارات الفسيولوجية للتوتر، والغضب، مثل ارتفاع معدل ضربات القلب، أو أي تغيرات تحدث في الحركة، وترسلها إلى تطبيق مزود بتقنية لتحليل هذه البيانات الطبية بالذكاء الاصطناعي على الهواتف الذكية للوالدين، ويقوم التطبيق بالتنبؤ بالسلوك الغاضب الذي يمكن أن يقدم عليه الأطفال، ويرسل تنبيهاً فورياً للآباء، بحيث يمكنهم التواصل السريع مع طفلهم.
قام الباحثون بإجراء الدراسة على خمسين طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3 و7 سنوات، وكان جمعيهم تلقوا علاجاً نفسياً تفاعلياً بين الوالدين والأطفال في مايو كلينك على مدار 16 أسبوعاً، حيث تم تقسيمهم إلى مجموعتين متساويتين، نصفهم ارتدوا الساعة الذكية، بينما استمر النصف الآخر في تلقي العلاج التفاعلي المعتاد.
تدخل الآباء السريع لتقديم الدعم النفسي
أظهرت النتائج أنه حتى التدخلات الصغيرة من قبل الآباء في الوقت المناسب كان لها أثر واضح في تغيير مسار نوبة الاضطراب العاطفي لدى الأطفال، حيث وفرت هذه اللحظات للوالدين فرصة التدخل السريع، وتقديم الدعم النفسي، من خلال الاقتراب من الطفل، وطمأنته، وتوجيه رد فعله بشكل صحيح قبل أن تتفاقم نوبة الغضب.
تقليل فترة نوبة الغضب
وجدت الدراسة أن الساعات الذكية ساعدت الآباء على التدخل قبل تفاقم نوبات الغضب في غضون أربع ثوانٍ فقط، وكذلك قللت من مدة نوبات الغضب الشديدة في حالة حدوثها، حيث استمرت لمدة 10 دقائق فقط في المجموعة التي ارتدت الساعة الذكية، مقارنة بـ22 دقيقة في المجموعة التي تلقت العلاج التفاعلي العادي، أي ما يقرب من نصف المدة، كما قلّت احتمالية استمرار نوبة الغضب لمدة 15 دقيقة أو أكثر بمعدل 3 مرات في هؤلاء الأطفال.
دقة تنبؤ عالية
أظهرت دراسة سابقة لنفس الفريق البحثي، منشورة في مجلة «علم الأدوية النفسية للأطفال والمراهقين»، أن الخوارزمية المستخدمة في الساعة الذكية قادرة على التنبؤ بالحالة السلوكية للطفل بدقة تصل إلى 81 في المائة، وبالتالي تستطيع هذه الخوارزميات تقديم إنذار مسبق قبل حدوث نوبة الغضب بفترة كافية.
أوضح الباحثون أن الساعات الذكية سوف تساهم في حل مشكلة كبيرة بالنسبة للآباء، نظراً لعدم استياء الأطفال من ارتدائها، حيث أوضح الباحثون أن معظم الأطفال ارتدوا الساعة الذكية تقريباً لنحو 75 في المائة من فترات الدراسة، ما يُشير إلى إمكانية توقع ارتدائهم لها باستمرار، وهذا سيفيد ملايين الأسر. ويوجد طفل واحد من بين كل خمسة أطفال في الولايات المتحدة يعاني من اضطراب نفسي، أو سلوكي، أو عاطفي تبعاً لبيانات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها CDC.
علاجات مبنية على تحليلات متقدمة
رغم أن فكرة الساعة الذكية تبدو بسيطة، فإنها توفر علاجات مبنية على تحليلات متقدمة، لذلك من المتوقع أن تغير حياة العائلات التي تعاني من الأعراض السلوكية الحادة، ونوبات الغضب في الأطفال.
في النهاية، أكد الباحثون أنهم بصدد تحسين دقة نظام التنبؤ في الساعات الذكية في المستقبل، واختبارها على مجموعات أكبر، وتقييم فوائدها طويلة الأمد في الرعاية الروتينية للأطفال.


