السجن السوري الكبير... بيروقراطية القتل و«بازار» الابتزاز

ناجٍ من صيدنايا يدخل أفرع الموت مع «الشرق الأوسط» ويروي وقائع من كابوس الاعتقال

TT

السجن السوري الكبير... بيروقراطية القتل و«بازار» الابتزاز

منير الفقير عضو مؤسس «رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا» في جولة على سجنه مع «الشرق الأوسط»
منير الفقير عضو مؤسس «رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا» في جولة على سجنه مع «الشرق الأوسط»

«أمي أصرت على أن ترافقني في زيارتي الأولى لزنزانتي في سجن صيدنايا وزوجتي اتصلت من تركيا لتجعلني أقسم ألا أذهب من دونها... وأنا حقيقة ما زلت غير قادر على مواجهة هذا المكان. لا بمفردي ولا مع شاهد آخر على مأساتي».

هكذا اعتذر لنا منير الفقير، الناجي من الاعتقال في أفرع الأمن وفي سجن صيدنايا والشريك المؤسس في «رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا»، عن عدم زيارة زنزانته التي كانت مقررة في صباح ذلك اليوم الدمشقي.

«في البداية تشجعت أن نذهب معاً» قال: «ولكنني فعلياً غير قادر على استعادة هذا الكابوس الآن. هناك فيض من المشاعر التي لا أعرف التعامل معها... استشرت صديقاً نصحني بألا أقوم بهذه الزيارة قبل أن أحصّن نفسي وأكون على أتم الاستعداد».

وبعد برهة صمت استدرك: «لكن كيف يستعد الإنسان للقاء كهذا؟».

منير الفقير عضو مؤسس «رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا» في جولة على سجنه مع «الشرق الأوسط»

لم نصر على الزيارة بطبيعة الحال. فالأيام القليلة التي سبقت الوصول إلى دمشق، وما نشر عن ذلك المكان السيئ السمعة من معلومات دقيقة أو مبالغة (بلا مبرر)، كفيل بإيقاظ أي صدمة مهما اندملت أو طوته الذاكرة. فكيف والجرح طري والألم مقيم. كذلك فإن الدفق الهائل من الروايات الفردية والجماعية عن هذه التجربة المروعة، الذي لم يترك تفصيلاً إلا وتناوله في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي كان ليجعل أي إصرار في غير صوابه.

سجن صيدنايا رأس جبل الجليد

إلى ذلك، فإنه يستحيل اختزال التجربة السجنية في سوريا على مدى الخمسين عاماً الماضية في سجن صيدنايا وحده، على فرادة التجربة لا شك، وذلك لكونه رأس جبل جليد دونه أفرع أمنية ومعتقلات وسجون كثيرة لا تقل رعباً وقسوة.

وإذا كان من نموذج لـ«الناجي المطلق» في ذلك الجحيم كله، فهو منير الفقير، المهندس ابن دمشق، الذي تنقل لأكثر من سنتين بين عدة محطات اعتقال بدءاً بالفرع 215، «سرية المداهمة» التابع للأمن العسكري، مروراً بالفرع 215 والمستشفى العسكري 601 المعروف بـ«المسلخ»، حيث التقطت صور «قيصر»، وصولاً إلى المسلخ الكبير... صيدنايا.

مدخل الفرع 215 «سرية المداهمة» التابع للأمن العسكري السوري كما بدا منتصف ديسمبر 2024 (الشرق الأوسط)

وقد يكون أول سؤال يتبادر إلى الذهن هو كيف نجا منير، وكيف خرج حياً بعد كل ذلك، فيقول: «المعجزة أنني خرجت حياً من الفرعين الأولين. أما وقد وصلت إلى صيدنايا، وريثما علم أهلي بمكاني فقد كان بزنس الابتزاز انتعش. وحاولت عائلتي كغيرها من عائلات كثيرة إخراجي مقابل المال... وكنت محظوظاً أنه تم لي ذلك». ولعل اللافت أن رئيس المحكمة الميدانية، اللواء محمد كنجو حسن الذي حكم على منير بالترحيل إلى صيدنايا في جلسة محاكمة لم تتجاوز دقيقتين، كان هو نفسه من صادق على خروجه بعد تقاضي رشوة كبيرة عبر شبكة ابتزاز تعمل لصالحه.

هذا علماً أن منير لا يزال حتى الساعة جاهلاً بتهمته. ويقول: «لا أعلم حتى الآن ما هي التهمة الموجهة إليّ ولم أعلم حينها بمدة الحكم أو إذا كنت سأعدم. طوال الفترة التي قضيتها لم أبلّغ بشيء وممنوع أن أسأل. كنت فقط أحاول الاستنتاج من طبيعة الأسئلة الموجهة لي. لكنني لم أعلم شيئاً».

المعتقلون و«بازار» الابتزاز

يوضح منير أن هناك 3 أنواع من حالات الإفراج. الحالة النادرة جداً وهي العفو الرئاسي، وحدث أن منح بشار الأسد عفواً في حالات استثنائية ولأشخاص معينين. والحالة الثانية هي التبادل أي تبادل معتقلين بمعتقلين لدى أطراف أخرى، وهي أيضاً نادرة.

منير الفقير عضو مؤسس «رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا» يزور سجنه بالفرع 215 في دمشق (الشرق الأوسط)

أما الحالة الأبرز والأكثر شيوعاً فهي الابتزاز المالي. ويقول منير: «كان لدى كنجو حسن الذي يملك ثروة طائلة وعقارات، سماسرة يرصدون الصيد الثمين من المعتقلين فيتواصلون مع الأهالي وبشكل رئيسي الأمهات ثم بدرجة ثانية مع الزوجات والأخوات».

وأضاف: «نحن في رابطة صيدنايا رصدنا هذا الموضوع، وقمنا بنشر تقرير توعوي للأهالي حول شبكات الابتزاز وقدرنا المبالغ المالية التي حصلت عليها شبكات الابتزاز الأمنية بنحو مليار دولار للفترة الممتدة بين 2011 حتى 2020». وتابع أن «منظمات حقوقية أخرى قدرت المبالغ بأكثر من ذلك، لكننا رصدنا الحد الأدنى الذي استطعنا توثيقه بناء على عينة إحصائية وليست عينة مسح».

وتعمل تلك الشبكات بإحياء أمل الأمهات باستعادة المفقود وإثارة خوفهن من خسارة ابن آخر «لينطلق البازار»، على ما يقول منير، ويبدأ إرسال المال مقابل معلومات أو إشارات شحيحة عن المفقود ريثما لا يعود لدى «الزبون» ما يقدمه؛ فإما أن يتم الإفراج فعلياً عن المعتقل وإما أن يصبح الرقم خارج التغطية، أو تُبلغ العائلة بأن الوقت قد فات وأن الابن لم يعثر عليه أو أنه ربما مات.

وهنا محظوظة هي العائلة التي تمنح شهادة وفاة أو جثة تدفنها، وغالباً ما يتم ذلك مقابل إجبارها على توقيع شهادة وفاة تقول إن الموت جاء لأسباب طبيعية أو صحية أبرزها توقف القلب أو الاحتشاء أو الفشل الكلوي، علماً أن الشائع هو تسجيل من دون حتى إبلاغ العائلة ولا حتى تسليم جثة.

الموت والتغييب كإجراء إداريّ

«لا شيء متروك للصدفة»، يقول منير ونحن نقف داخل مكتب السجلات في الفرع 215: «كل شيء مسجل ومؤرشف. وهذا جزء من نجاحهم في إطباق القبضة الأمنية. فمهما كان عدد المعتقلين ضخماً ومهما كان الازدحام في الزنزانات شديداً، يمكنهم بلحظة سحب الملف وسحب السجين من أي مهجع أو زنزانة».

وبالفعل، شملت سجلات الجرد التي ملأت الرفوف واطلعنا على بعضها، تفاصيل دقيقة عن الأشخاص ومقتنياتهم وأوراقهم الثبوتية وكل ما تتم مصادرته منهم حين توقيفهم. وكان هناك عدد كبير جداً من جوازات السفر المحفوظة، وعلمنا لاحقاً أنها تستخدم لنصب الأفخاخ. فأصحابها غالباً لا يعلمون أنهم مطلوبون لفرع أمني حين يتقدمون باستخراجها أو بطلبات تجديدها، وحين تنجز ويذهبون لتسلّمها يتم اقتيادهم إلى الفرع.

وثائق وأوراق ثبوتية ومقتنيات معتقلين مبعثرة ومنهوبة بقاعة المحفوظات في الفرع 215 بدمشق (الشرق الأوسط)

ومن «الأمانات» التي وقعنا عليها في قاعة المحفوظات تلك، كتاب «الاستخبارات المركزية الأمريكية: غول وعنقاء وخل: ماذا فعلت؟» لمحمود سيّد رصاص، وأحذية لأطفال ويافعين، وبطاقة هوية عليها صورة فتى لم يتجاوز سنوات مراهقته الأولى، وكثير من علب المهدئات العصبية ومسكنات الألم بتركيبة الكوديين.

أما من نعتقد أنهم «منسيون» في الأفرع والمعتقلات وبعضهم من جنسيات غير سورية أيضاً، فينطبق عليهم المبدأ نفسه بأن لا شيء متروك للصدفة. فبحسب ما يشرح منير، هناك نوعان من العبارات التي تكتب على إضبارات المعتقلين الذين يتخذ قرار «نسيانهم» أو عملياً قرار إخفائهم قسرياً: العبارة الاولى هي «يحفظ ويذكّر به» وتعني أنه يتعين على السجان تذكير مسؤول الفرع بالمعتقل في فترات متباعدة. والعبارة الثانية هي «يحفظ ولا يذكر به» فيعطى رقماً ويصبح بالإمكان إما الإبقاء عليه أو تصفيته.

قاعة إعدام وكابوس البطانيات

غادرنا قسم العمل البيروقراطي والإداري المتقن وهبطنا إلى الطوابق السفلية. هنا المهاجع والزنزانات المنفردة وقاعة تدريب على الرماية تحولت مكان اعتقال جماعي وتعذيب في فترات الذروة، ثم مسرحاً لإعدامات ميدانية وثقتها الرابطة ومنظمات حقوقية ومنحت الفرع 215 برمته سمعته بأنه «فرع الموت». لا يزال المكان يعبق بما شهده من فظاعات. ولا تزال الجدران السوداء في قاعة الإعدام تلك سقفها يحمل تركات ماض ليس ببعيد. الرائحة تثير الإعياء.

فجأة انتابت منير فورة غضب عارم فراح يضرب باب زنزانته برجليه ويديه حتى كاد يدميها. ثم تماسك، وغالب دموعه وتابع المسير.

مهجع في معتقل الفرع 215 بدمشق

في بعض المهاجع كانت بقايا خبز وعلب لبن فارغة وحبات طماطم تآكلها العفن مرمية على الأرض المتسخة أو فوق بطانيات رثة هي كل ما يشكل أثاث هذه القاعات. لا شيء إلا الجدران والبطانيات وحفرة صحية مكشوفة لقضاء الحاجة. على الجدران كتابات تخطر ببال ولا تخطر، محفورة بالأظافر أو أغطية علب اللبن. مناجاة وأسماء وتواريخ ومعادلات رياضية معقدة يقول منير إنها تهبط على الشخص في لحظات صفاء الذهن المطلق كما يحدث في السجن.

البطانيات التي يحمل بعضها دمغة «مفوضية اللاجئين» التابعة للأمم المتحدة (UNHCR) وتشكل الأثاث الوحيد في هذه القاعات المغلقة تستخدم لأي شيء وكل شيء حتى أصبحت بؤرة جراثيم وبكتيريا وقمل تتسبب بتقرحات ونقل أمراض وعدوى بين المعتقلين خصوصاً في حالات الجروح المفتوحة. وليس نادراً أن تتفشى الغرغرينا في مهجع ما لأسباب كثيرة، أحدها هذه البطانيات نفسها. ويقول منير: «أحياناً كثيرة يموت سجين فيتركونه هنا لساعات أو أيام، بين رفاقه الأحياء، جثة ملقية على هذه البطانيات التي يعاد استخدامها لأغراض أخرى».

في آخر الرواق ليس بعيداً من القاعات الجماعية التي لا تتجاوز مساحتها 35 متراً مربعاً ويحشر فيها 200 شخص أو أكثر أحياناً بحسب المواسم، تصطف المنفردات فتبدو كأنها قبور منتصبة لا يمكن أن تتسع لحركة آدمي. ولكنها، وعلى الرغم من ذلك تبقى «مرتجى» كثيرين لأنها تبعد عنهم ولو قليلاً رعب البطانيات ذاك.

زنزانة منفردة في الفرع 215 بدمشق (الشرق الأوسط)

الرعب المعمّم خارج السجن

لعل أحد أوجه القسوة والترهيب المعمم في سوريا على مدى العقود الماضية، يكمن في اختيار مواقع هذه المعتقلات بين الأحياء السكنية في دمشق وتفرعات الشوارع كأنما لفرض التطبيع مع العنف الدائر داخلها. فإذا كان سجن صيدنايا بعيداً عن العين والمخيلة اليومية للناس العاديين، فإن هذه الأفرع تنتشر وسط العاصمة بمحاذاة حياة «طبيعية»، تجري خارجها.

فللوصول إلى الفرع 215 الواقع ضمن المربع الأمني بين حي كفرسوسة والمزة، الذي شكل المحطة الأولى في رحلة الاعتقال المستعادة مع منير، مررنا عبر «أوتوستراد المزة» الشهير وانعطفنا قليلاً ثم دخلنا من بوابة مفتوحة على الشارع كأننا نتوجه إلى أي دائرة حكومية في فضاء عام. ثم لدى انتهائنا من الزيارة وخروجنا من ظلمة السراديب إلى ضوء النهار، بدت فجأة من الجهة الخلفية مبانٍ إدارية تطل نوافذ مكاتبها على باحات هذا المكان، وكأننا بالموظفين يسترقون النظر إليه خلال استراحات القهوة والسجائر ثم يعودون هم أيضاً إلى عمل بيروقراطي متقن آخر.

وعلى الجانب الآخر، ثمة مبانٍ سكنية لها شرفات مظللة ضاقت بالغسيل المنشور عليها وتطل بدورها على الفرع. حمل مشهد الغسيل ألفة غامرة وخوفاً في آن.

عندها تصدق قصص كثيرة عن عائلات غيرت سكنها وباعت بيوتها لتتخلص من هذه الجيرة الثقيلة، ولعجز أفرادها عن الاستمرار في سماع صوت التعذيب المتسلل إلى غرف المعيشة وحجرات المنام.

كتاب «الاستخبارات المركزية الأميركية: غول وعنقاء وخل: ماذا فعلت؟» ضمن أمانات المعتقلين بالفرع 215 في دمشق (الشرق الأوسط)

«قسم الرضوض»... وصور قيصر

يفيد تعميم مسرب منتصف 2018، ومؤرخ في 18/12/2012 صادر عن رئاسة فرع المخابرات العسكرية بأنه «يطلب من جميع الأفرع الأمنية الخاضعة لها الإبلاغ عن وفاة أي سجين، في اليوم نفسه وإبلاغ رئيس الفرع شخصياً عبر (التلغرام) مع ذكر سبب الاعتقال ونتائج التحقيق وسبب الوفاة».

هذه وثيقة تستخدمها اليوم مجموعات حقوقية لمقاضاة الجناة دولياً، وتعدّ اعترافاً صريحاً بوقوع الوفيات، لكنها أيضاً إقرار بأن تلك الوفيات بأعدادها الهائلة، تجري بمعرفة وقرار مباشر من أعلى هرم القيادة.

ويعد الفرع 215 السابق الذكر محطة أساسية في «خط الإنتاج» ذاك، يليه «قسم الرضوض» في مستشفى المزة العسكري (يوسف العظمة سابقاً) المعروف بالـ601، «حيث يتم تخريج الوفيات بطريقة طبية أو يتم الإجهاز على المرضى بشكل طبي أيضاً»، بحسب ما يقول منير.

وكان «قسم الرضوض» استحدث بعد الثورة في 2011 ضمن المبنى القديم للمستشفى الذي يعود إلى حقبة الانتداب الفرنسي لـ«معالجة» المعتقلين بعدما ارتفعت وتيرة التعذيب والقتل بشكل منهجي في الأفرع وأعداد الضحايا، وبرزت حاجة لـ«تصريف» الجثث وتخفيف الاكتظاظ. وذلك بالتزامن مع جعل «قسم الرضوض» مكاناً إضافياً للتعذيب «الطبي» هذه المرة، ثم حفظ الجثث وأرشفتها وترقيمها، وأبرزها تلك التي ظهرت في صور قيصر وتم تصويرها في باحة هذا المكان.

ويشرح منير دور الطاقم الطبي فيقول: «المشرفون على قسم الرضوض هم بشكل أساسي أمنيون وأطباء عسكريون، فالقسم يخضع لإدارتين أمنيتين هما: الأمن العسكري والأمن الجوي لكل منهما عزرائيل كما كنا نسميهما، لأنهما كانا كثيري القتل والتفنن به».

صور مفقودين عُلقت على جدران مستشفى المزّة العسكري - 601 في دمشق (الشرق الأوسط)

وبحسب منير، وهو ما تمت مقاطعته من مصادر أخرى أيضاً، كان عدد غير قليل من الأطباء والممرضين وحتى الممرضات متواطئين إلى حد بعيد مع العسكريين فكانوا «يرشدونهم» إلى طريقة ضرب تؤدي إلى نزف داخلي مثلاً أو فشل كلوي أو اختناق من دون أن تظهر بالضرورة على الجسد آثار تعذيب واضحة، ما يسهل تبرير سبب الوفاة في السجلات الرسمية، وتسجيلها وفاة طبيعية لتكتمل دورة العمل الإداري والبيروقراطي الدقيق.

لم يكن ممكناً دخول المستشفى لمعاينة «قسم الرضوض» الذي رقد فيه منير لفترة وقد كان في حالة سيئة جداً وخسر وزناً كثيراً. فقد أغلق المكان وتحول إلى مقر شبه عسكري تابع لـ«الهيئة». عند السور الحجري الكبير، علقت عشرات صور المفقودين وأسماؤهم وأرقام هواتف ذويهم علّ أحداً يتعرف عليهم أو يمكنه الإفادة بمصيرهم.

خلال انتظارنا لنحو ساعتين عند البوابة الرئيسية للمشفى، توافدت سيارات كثيرة بطلبات مختلفة من تسليم سلاح فردي، ومراجعين لأقسام طبية لم تعد موجودة، إلى موظفة سابقة تريد استعادة أغراض شخصية من مكتبها مقابل أن تسلم مفتاحها. كغيرها، عادت أدراجها خائبة، فوحده تسليم السلاح لقي تجاوباً وترحيباً من العناصر المسلحة.

أما منير، وقبل أن يعود إلى احتفالات ساحة الأمويين، توقف طويلاً عند لوحة رفعت على المدخل الرئيسي تقول: «إدارة المشفى تتمنى لمرضاكم الشفاء العاجل».

لافتة الاستقبال عند مدخل مستشفى المزّة العسكري - 601 في دمشق حيث جرت عمليات تعذيب وتصفية (الشرق الأوسط)


مقالات ذات صلة

«الدفاع» التركية تؤكد الاستعداد لإنشاء قاعدة عسكرية في سوريا

المشرق العربي قوات تركية في شمال سوريا (أرشيفية - «الدفاع» التركية)

«الدفاع» التركية تؤكد الاستعداد لإنشاء قاعدة عسكرية في سوريا

أكد مصدر في وزارة الدفاع التركية ما تردد عن الاستعداد لإقامة قاعدة عسكرية في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال استقبال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في واشنطن الثلاثاء (رويترز)

تركيا تبحث مع أميركا الانسحاب من سوريا ودعم إدارتها لتحقيق الاستقرار

اتفقت تركيا والولايات المتحدة على أهمية التعاون مع الإدارة السورية ودعم المرحلة الانتقالية وتحقيق الاستقرار في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي جنود سوريون على متن دبابة متجهين نحو الحدود السورية اللبنانية بعد اشتباكات شهدتها المنطقة في 17 مارس الحالي (رويترز)

لبنان: تأجيل زيارة وفد أمني برئاسة وزير الدفاع لسوريا

أفادت وسائل إعلام لبنانية، اليوم الأربعاء، بأنه جرى تأجيل زيارة وفد أمني، برئاسة وزير الدفاع ميشال منسي، لسوريا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي سيارة شرطة تابعة للحكومة السورية الجديدة تعبر شارعاً بجوار مسجد الساحة في تدمر وسط سوريا يوم 7 فبراير (أ.ف.ب)

قوات الأمن العام السوري تدخل إلى مدينة بجنوب دمشق لفض نزاع

دخلت قوات الأمن العام السورية إلى مدينة صحنايا جنوب العاصمة دمشق، فجر الأربعاء، بعد اشتباكات بين مجموعات من محافظة دير الزور ومجموعات مسلحة من الطائفة الدرزية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي نازحون سوريون لجأوا إلى مدرسة في قرية المسعودية بمنطقة عكار شمال لبنان... 19 مارس 2025 (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: 21 ألف شخص فروا من سوريا إلى لبنان مطلع مارس

قالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، اليوم (الثلاثاء)، إن أكثر من 21 ألف شخص فروا من الأعمال العدائية في سوريا هذا الشهر بحثاً عن الأمان في لبنان المجاور.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

هدنة 10 سنوات والتخلي عن حكم غزة... عرض حماس «الملحّ» بعد حرب 7 أكتوبر

أطفال مع أهليهم يُلوِّحون بعد سريان اتفاق الهدنة في مخيم النصيرات (أ.ف.ب)
أطفال مع أهليهم يُلوِّحون بعد سريان اتفاق الهدنة في مخيم النصيرات (أ.ف.ب)
TT

هدنة 10 سنوات والتخلي عن حكم غزة... عرض حماس «الملحّ» بعد حرب 7 أكتوبر

أطفال مع أهليهم يُلوِّحون بعد سريان اتفاق الهدنة في مخيم النصيرات (أ.ف.ب)
أطفال مع أهليهم يُلوِّحون بعد سريان اتفاق الهدنة في مخيم النصيرات (أ.ف.ب)

لم تكن مجرد مزاعم أو بالونات اختبار أطلقها في مقابلات مع وسائل إعلام عبرية مطلع الشهر الحالي تلك التصريحات المفاجئة التي صدرت عن المفاوض الأميركي السابق لشؤون الرهائن آدم بوهلر، إذ قال إن حركة «حماس» اقترحت تبادل جميع الأسرى وهدنة من 5 إلى 10 سنوات تتخلى فيها عن سلاحها، وتكون الولايات المتحدة ودول أخرى ضامنة ألا تشكل الحركة تهديداً عسكرياً لإسرائيل، وألا تشارك في السياسة مستقبلاً، وضامنة أيضاً لعدم وجود أنفاق.

فقد أكدت مصادر داخل حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط» أن قيادة الحركة طرحت بالفعل هذه الفكرة، وليس لعشر سنوات فحسب، بل مع احتمال تمديدها أكثر من ذلك.

وشرح مصدر مسؤول أن الحركة منفتحة على هذا الخيار منذ قبل الحرب، وليس بعدها، لا بل إن الفكرة كانت مطروحة في سنوات سابقة، لكن إسرائيل هي من كانت ترفضها.

وأعادت المصادر التأكيد على أن قيادة الحركة لم تلتزم لأي طرف بأنها ستقبل بنزع سلاحها، وعدت هذا الأمر شأناً فلسطينياً، وأنه فقط يمكن ذلك في حالة واحدة، ضمن مسار سياسي واضح يسمح بإقامة دولة فلسطينية.

موقف تاريخي متكرّر

قبل نحو عام ونصف العام من اغتيال الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة «حماس»، في الثاني والعشرين من مارس (آذار) 2004، ظهر ياسين أمام منزله في حي الصبرة جنوب مدينة غزة، مؤكداً أن حركته منفتحة على هدنة لمدة 10 سنوات أو أكثر، شريطة انسحاب إسرائيل من كل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، والإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين، وعدم التدخل في الشأن الفلسطيني الداخلي.

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر ضمن اتفاق الهدنة (رويترز)

جاءت تصريحات ياسين لتؤكد جدلاً حول تصريحات سابقة له، تعود إلى عام 1997، عندما عاد إلى قطاع غزة عام بعد إطلاق سراحه من السجون الإسرائيلية إلى الأردن، وأكد خلالها استعداد حركته لهدنة تستمر عدة سنوات مع إسرائيل بعد هجمات «انتحارية» نفذتها حركته في داخل المدن الإسرائيلية.

وطرح ياسين لم يكن رأياً شخصياً، فقد تبنى عبد العزيز الرنتيسي الذي قاد «حماس» لنحو شهر بعد اغتيال ياسين، قبل أن تغتاله إسرائيل في أبريل (نيسان) 2004، النهج نفسه، وأكد موافقة حركته على هدنة طويلة الأمد تمتد لعشر سنوات، حتى أنه صرح بذلك لوكالة «رويترز» في السادس والعشرين من يناير (كانون الثاني) 2004، أي قبل اغتياله، واغتيال أحمد ياسين، وفي خضم سلسلة هجمات كانت تقودها الحركة من جانب، وأخرى تنفذها إسرائيل ضد قيادات الحركة في الضفة وغزة من جانب آخر.

ولم تتخل «حماس» عن الفكرة حتى بعدما تغيرت واشتد عودها وحكمت قطاع غزة الذي سيطرت عليه في عام 2007 بعد اشتباكات داخلية دامية مع السلطة الفلسطينية.

وتظهر تصريحات لقادة الحركة، بينهم رئيسا المكتب السياسي السابقان، خالد مشعل، وإسماعيل هنية، موافقة حركتهم على هدنة طويلة الأمد، تقابلها إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وعدم الاعتراف بإسرائيل.

لم تكن إقامة الدولة الفلسطينية ضمن رؤية «حماس» التي كانت تطرح على الدوام تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وتهاجم السلطة الفلسطينية التي وقعت اتفاقية أوسلو «الخيانية»، قبل أن تحول الحركة الأقوال إلى أفعال، وتغير عام 2017 ميثاقها الذي كان ينص على إقامة دولة فلسطينية على حدود 1948، معلنةً التزامها بإقامة دولة على حدود 1967. وأكد الميثاق على التخلي عن باقي الأراضي الفلسطينية، وضمان عودة اللاجئين للأراضي التي هجروا منها، وأنه لا تخلٍ عن المقاومة المسلّحة واعتبارها مشروعة، إلى جانب التأكيد على عدم اعتراف الحركة بإسرائيل، وهو الموقف الذي عاد وتبناه إسماعيل هنية بشكل أكبر خلال توليه منصب رئيس وزراء حكومة «حماس» ورئاسة مكتبها السياسي لسنوات.

 

فلسطينيون في سوق أُقيمت في الهواء الطلق قرب أنقاض المباني التي دمرتها الضربات الإسرائيلية وسط هدنة مؤقتة في مخيم النصيرات بقطاع غزة (رويترز)

براغماتية العرض

حسب مصادر في الحركة، فإن البراغماتية التي أظهرتها «حماس» عندما غيّرت الميثاق وقبلت بدولة فلسطينية كانت جزءاً من رؤية الحركة ضرورة إقامة هدنة طويلة.

ولكن على الرغم من أن أي جولة من المفاوضات بين إسرائيل وحماس لم تصل إلى هدنة طويلة، ولكن إلى هدن مفتوحة، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن المسألة كانت على طاولة المفاوضات فعلاً.

وكان ضابط كبير في جهاز الموساد الإسرائيلي كشف لـ«القناة 13» العبرية، في ديسمبر (كانون الأول) 2013، خلال برنامج تناول الكواليس التي سبقت محاولة اغتيال خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» آنذاك، في الأردن عام 1997، وهي التي أفضت في النهاية للإفراج عن الشيخ ياسين، أنه التقى بصفته مسؤولاً عن العلاقات مع الأردن، العاهل الأردني حينها الملك حسين، الذي نقل له طرحاً من «حماس» بالتوصل لهدنة طويلة الأمد تستمر 10 سنوات، توقف فيها الحركة هجماتها التفجيرية العنيفة في تلك الحقبة داخل المدن الإسرائيلية، لكن تل أبيب لم تأخذ ذلك على محمل الجد، وتجاهلت الرسالة التي علم بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو آنذاك، بعد أيام من مصادقته على قرار تنفيذ العملية ضد مشعل.

وحسب الرئيس السابق لجهاز الموساد الإسرائيلي، أفرايم هليفي، في مقابلة سابقة مع «القناة 12»، فإن إسرائيل رفضت، قبل 7 سنوات من اغتيال ياسين، اقتراحاً بإعلان هدنة مع الحركة لمدة 30 عاماً، كان عرضه ياسين بنفسه عبر وساطة الأردن وجهات أخرى، وهو ما لم تؤكده الحركة أو أي مصادر أخرى.

فلسطينيون يتفقدون موقع غارة إسرائيلية على مرفأ الصيادين بدير البلح وسط قطاع غزة يوم السبت (أ.ف.ب)

ويبدو أن طرح «حماس» الذي لم يلق قبولاً جعل الحركة تطمع في تثبيته عبر مفاوضات مباشرة، وهو ما يفسر تصريح موسى أبو مرزوق حين كان نائباً لمشعل في رئاسة المكتب السياسي لحركة «حماس»، بعد حرب عام 2014 مقترحاً إجراء مفاوضات مع إسرائيل.

وظهر أبو مرزوق، وهو يقول في تصريحات متلفزة لفضائية «القدس» رداً على سؤال حول إمكانية إجراء «حماس» مفاوضات مع إسرائيل: «من الناحية الشرعية، لا غبار على مفاوضة الاحتلال، فكما تفاوضه بالسلاح تفاوضه بالكلام. أعتقد إذا بقي الحال على ما هو عليه فلا مانع من ذلك، لأنه أصبح شبه مطلب شعبي عند كل الناس، وقد تجد (حماس) نفسها مضطرة لهذا السلوك».

وتقول مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا الطرح، أي المفاوضات المباشرة مع إسرائيل حول اتفاق هدنة طويلة، كثيراً ما نُوقش داخل أطر الحركة المختلفة. وأشارت المصادر إلى أنه في بعض الفترات كان يتم طرح ذلك من قبل الوسطاء، كما في مفاوضات وقف إطلاق النار عام 2005، وعام 2014 بعد الحرب الإسرائيلية، ثم أعيد طرحه عام 2016، لكن من دون التوصل إلى أي نتائج.

وحسب المصادر، فإن سياسات الحركة وأفكارها ليست منغلقةً بل منفتحة وتطورت كثيراً مع الوقت.

فلسطينيون نازحون يسيرون عبر طريق موحل وسط الدمار في جباليا شمال قطاع غزة خلال الهدنة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)

الهدنة التي أصبحت ملحَّة

لكن إذا كانت رؤية الحركة تجاه هدنة طويلة ثبتت على ما هي عليه منذ عقود، فإن أسباب الهدنة ومسببات المطالبة بها تغيرت بعد السابع من أكتوبر 2023، فلا يمكن إخفاء حجم الضرر الذي تعرضت له الحركة في الحرب الحالية على قطاع غزة، وليس سراً أنها تلقت أكبر ضربة قاسية منذ تأسيسها على جميع الصعد.

وقال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم إن حركة «حماس» تتميز بأنها حركة فتية ومتجددة في أفكارها، وقد غيَّرت سياساتها خلال حقبات زمنية مختلفة.

ويرى إبراهيم أن ذلك ميَّز «حماس» وجعلها متفوقة، لكن ذلك بقي صحيحاً حتى السابع من أكتوبر، عندما تغير كل شيء.

يؤكد إبراهيم على أن نتائج هجوم السابع من أكتوبر على الحركة نفسها وشعبيتها شكّلت عاملاً مهماً في قرارات الحركة المستقبلية على كافة الأصعدة.

وحسب إبراهيم، يمكن تلمس أول تأثير مهم في الحركة حتى الآن، وهو تنازلها عن حكم القطاع.

ولا تخفي «حماس»، وبشكل واضح، أنها ترغب في التخلي عن حكم غزة، في إطار المفاوضات الجارية حالياً، لكنها تشترط أن يكون ذلك ضمن وفاق وطني، وأن يتم إجراء انتخابات عامة فلسطينية في غضون عام، وهو أمر تنص عليه المبادرة المصرية التي تبنتها القمة العربية الأخيرة.

وإلى جانب التخلّي عن الحكم أعادت «حماس» طرح هدنة طويلة الأمد.

 

استراحة محارب ورصّ صفوف

قالت مصادر من داخل «حماس» إنه منذ طرح الشيخ أحمد ياسين هذه الفكرة، كانت تقوم بالأساس على وقف القتل، لكن اليوم هناك الكثير من الأهداف الأخرى وراء هذا الطرح، من بينها «أخذ نفس لإعادة ترتيب أوضاع الحركة بعد الحرب الحالية، وإجراء مراجعة شاملة، بما في ذلك العلاقة مع السلطة والفصائل وإسرائيل».

أفراد من حركة «حماس» في مخيم النصيرات مع بدء الهدنة مع إسرائيل (أ.ف.ب)

وأضافت المصادر: «ستحاول الحركة خلال ذلك التوصل لاتفاق وطني جامع مع جميع الفصائل لإعادة بناء منظمة التحرير والمجلس الوطني وانضمام الحركة إليهما».

وأقرت المصادر بأن «حماس» بعد الحرب الحالية بحاجة لتجديد دماء القيادة فيها، وكذلك العناصر المقاتلة، بعد أن فقدت الآلاف منهم في قطاع غزة.

وأوضحت المصادر: «خلال الحرب استمرت الحركة في سد الفراغات، وفق الظروف الميدانية، وضمن عمل منظم اتبعته وفق ما تنص عليه اللوائح الداخلية في تولي المناصب، لكن ما زلنا بحاجة لضبط الوضع».

وتابعت: «الحركة تأثرت بشدة، وهي بحاجة حالياً لهدنة طويلة الأمد من أجل إعادة بناء نفسها».

وخلال فترة وقف إطلاق النار التي امتدت في مرحلتها الأولى لـ58 يوماً فعلياً قبل أن تستأنف إسرائيل ضرباتها بقوة، استغلت الحركة وقف إطلاق النار المؤقت لإعادة ترتيب صفوفها ومحاولة إعادة هيكلة التنظيم سياسياً وحكومياً وعسكرياً.

وكانت الحركة حاولت إظهار قوتها أثناء إجراء صفقات التبادل، وأرسلت رسائل تحدٍ لإسرائيل.

لكن إسرائيل ردت بضربات متتالية باغتيال القيادات القائمة على محاولة إعادة ترتيب صفوفها، منهم أعضاء مكتب سياسي مثل محمد الجماصي، وياسر حرب، أو شخصيات حكومية مثل عصام الدعاليس، أو عسكرية مثل أحمد شمالي نائب قائد «لواء غزة» في «كتائب القسام» الذي كان يقود إعادة هيكلة الكتائب، علماً بأن «حماس» تعتبر «القسام» درة التاج.

 

مقاتلون جدد

خلال سنوات مضت عملت الحركة على تخريج جيل جديد من المقاتلين وضمهم لصفوفها، خصوصاً الجيل الفلسطيني الصاعد من الشباب الذين كانت تسعى دوماً لاستقطابهم وتعمل على تدريبهم عسكرياً، وشارك عدد منهم في هجوم السابع من أكتوبر، فيما استخدم آخرون لسد الفراغ وقد أعيد تنشيطهم لكي يشاركوا في هجمات ضد القوات الإسرائيلية البرية، وهو ما حصل في مخيم جباليا وبلدتي بيت لاهيا وبيت حانون في الأشهر الأربعة الأخيرة قبل وقف إطلاق النار.

وكانت «الشرق الأوسط» انفردت بتقرير خاص عن نجاح «حماس» في تجنيد أولئك، ونشرت صوراً لمطوية وكتيب حول تعليمات إطلاق القذائف المضادة للدروع تجاه الآليات الإسرائيلية.

صورة ملتقطة 15 فبراير 2025 في خان يونس بقطاع غزة تُظهر مقاتلين من حركة «الجهاد الإسلامي» و«كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» يقفون خلال تسليم 3 رهائن إسرائيليين لممثلي الصليب الأحمر (د.ب.أ)

وقال المحلل السياسي مصطفى إبراهيم: «بالتأكيد تسعى (حماس) بعد هذه الحرب الإسرائيلية الطاحنة لتجديد الدماء فيها بعدما فقدت الآلاف من قياداتها وعناصرها، وهذا سيكون أحد أهم أهداف الهدنة طويلة الأمد في حال تم التوصل لاتفاق بشأنها».

وفي حال نجحت الجهود الرامية للتوصل لوقف إطلاق نار دائم، وربما لسنوات طويلة، وهو أمر تنخرط به الولايات المتحدة، فإن السؤال الذي سيبقى مطروحاً، حول قدرة «حماس» على البقاء وعلى إعادة تشكيل نفسها في مواجهة إصرار إسرائيلي وقناعة فلسطينية رسمية وعربية على إخراج الحركة من المشهد.

لم تستطع إسرائيل بعد عقود من المواجهة وحرب دموية طاحنة مستمرة منذ أكثر من عام ونصف العام هزيمة الفكرة، وتريد هزيمة التنظيم نفسه، وهو أمر لن يحصل أغلب الظن بإعطاء الحركة سنوات طويلة من الراحة.