فتوى من خامنئي لفصائل عراقية تُجيز «المناورة»... وفريق قاآني يجهز «الخطة ب»

واشنطن تريد «تسريح المقاتلين وتصفية المسيرات» مهما كانت نتائج مفاوضات مسقط

خامنئي خلال عزاء الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ويبدو مسؤولون وقادة فصائل عراقية ضمن المعزين إلى جانبه (موقع المرشد الإيراني)
خامنئي خلال عزاء الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ويبدو مسؤولون وقادة فصائل عراقية ضمن المعزين إلى جانبه (موقع المرشد الإيراني)
TT

فتوى من خامنئي لفصائل عراقية تُجيز «المناورة»... وفريق قاآني يجهز «الخطة ب»

خامنئي خلال عزاء الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ويبدو مسؤولون وقادة فصائل عراقية ضمن المعزين إلى جانبه (موقع المرشد الإيراني)
خامنئي خلال عزاء الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ويبدو مسؤولون وقادة فصائل عراقية ضمن المعزين إلى جانبه (موقع المرشد الإيراني)

تقع فصائل وأحزاب شيعية عراقية بين مسارين متضادين تحرّكهما واشنطن وطهران، إذ يتعيّن عليها حماية نفوذ نظام «ولاية الفقيه» في المنطقة «حتى الرمق الأخير»، والتكيُّف في الوقت ذاته مع شروط أميركية صارمة تقضي بالتخلّي عن السلاح.

وتشتدّ قبضة المسارين مع اقتراب موعد المفاوضات بين الأميركيين والإيرانيين في سلطنة عمان، السبت المقبل، لمعرفة مَن «يرخي الحبل قبل الآخر».

وحصلت فصائل عراقية على «فتوى» من المرشد الإيراني علي خامنئي تُجيز اتخاذ قرارات تجنّبها ضغوطاً أميركية، من دون التفريط بالنظام السياسي الموالي لطهران، بينما ترك الجنرال إسماعيل قاآني في العاصمة بغداد فريقاً مصغّراً لإدارة ملفات سياسية، من بينها تنفيذ توصية سابقة بـ«صفر عمليات» ضد الأميركيين «في الوقت الحالي».

ونُقلت الفتوى عبر سياسيين شيعة في أواخر العام الماضي، وكُشف عنها مؤخراً للمرة الأولى بالتزامن مع تقارير عن مفاوضات مزعومة و«غير حاسمة» بشأن سلاح الفصائل.

وأظهرت مقابلات، أجرتها «الشرق الأوسط»، أن الفتوى منحت الفصائل «مرونة» في تجنّب هجمات إسرائيلية - أميركية طوال الأشهر الماضية، ووفّرت الوقت لتجهيز «الخطة ب» للدفاع عن مصالح إيران إذا تعثّرت مفاوضاتها مع الأميركيين؛ ما فُهم آنذاك على أنه ضوء أخضر لمرحلة تهدئة تكتيكية.

وتدور نقاشات في مطبخ «الإطار التنسيقي» ليس للبحث عن آلية نزع سلاح الفصائل، بل لضمان استمرار وجود قوى مؤيدة لولاية الفقيه داخل النظام السياسي العراقي، وقد وُصف هذا التوجه بأنه «تضحية بالجنين لحماية الأم»، في حين يشكك قادة شيعة لهم نفوذ في الحكومة في جدوى «وضع كل البيض في سلة طهران».

ولا تبدو «التطمينات العراقية التي أُرسلت بطرق مختلفة كافية لإقناع الأميركيين بأن التهديد الذي يمثّله وكلاء إيران في العراق سيتم إنهاؤه فعلياً»، وفقاً للمصادر، لا سيما مع وصول رسالة أميركية مفصّلة تشدّد على ضرورة تسريح المسلحين وإعادة دمجهم في برنامج تأهيل وتوظيف مدني.

وقال قيادي بارز في فصيل شيعي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الفصائل هي مَن تقرر مصير سلاحها، وهذا مرتبط بتقدير المصلحة في المنطقة بشكل عام، وليس بوضع ما أو قرار طرف آخر».

فتوى «ردّ الضرر»

وفقاً للمصادر، فإن ممثلين عن زعيم شيعي في «الإطار التنسيقي» يمتلك جناحاً مسلحاً، سافروا، في خريف 2024، إلى إيران للقاء المرشد علي خامنئي.

وسأل الوفد الشيعي خامنئي عمّا إذا كانت فتواه بالمشاركة في «حرب الإسناد» لا تزال قائمة منذ عملية «طوفان الأقصى»، حتى في ظل التهديدات الأميركية والإسرائيلية.

ونقل هؤلاء جواباً شفهياً من خامنئي مفاده: «ردّ الضرر أولى»، وأبلغ الزعيم الشيعي قادة فصائل ومقرّبين بأنها «فتوى».

وكان هذا الزعيم قد أرسل ممثلين عنه للقاء خامنئي بعد خلافات مع فصائل عراقية بشأن مواصلة الهجمات ضد القواعد الأميركية أو أهداف داخل إسرائيل، وقد شدد قادة الفصائل آنذاك على أن المرشد لم يصدر ما ينقض فتواه بدعم «جبهة الإسناد».

وقال مسؤول عراقي مطّلع على مفاوضات سلاح الفصائل إن «فتوى ردّ الضرر باتت عنصراً فاعلاً في تحريك النقاشات حول التخلي عن السلاح».

وحصلت هذه النقاشات على دفعة أقوى مع تزايد التهديدات الأميركية بشنّ هجمات على إيران، ومع الاعتقاد السائد في بغداد بأن انتهاء العمليات ضد جماعة الحوثي في اليمن سيجعل من فصائل العراق آخر محطات محور المقاومة.

وبسبب الفتوى الجديدة، يعتقد قادة فصائل وأحزاب شيعية أن بإمكانهم الآن «استخدام أهم ميزتين لدى الإيرانيين؛ التكيّف والبراغماتية». وقال المسؤول العراقي: «بغداد الآن حفلة لبالونات اختبار».

سيارة تحمل نعش قائد من «كتائب حزب الله» العراقية المسلحة قُتل في العاصمة السورية دمشق 22 سبتمبر 2024 (رويترز)

فريق قاآني في بغداد

قال قيادي شيعي لـ«الشرق الأوسط»، إن الأولوية الآن هي حماية نفوذ القوى المؤمنة بولاية الفقيه داخل النظام السياسي العراقي؛ إذ سيكون بمقدورها لاحقاً إعادة إحياء الفصائل إذا صدر قرار بنزع سلاحها.

وقبل أن ينهي قائد «قوة القدس» التابعة لـ«الحرس الثوري»، الجنرال إسماعيل قاآني، زيارته إلى بغداد منتصف مارس (آذار) 2025،

ترك هناك فريقاً إيرانياً مصغراً لمتابعة ملفات سياسية وميدانية، وفقاً للمصادر.

وقال سياسيون عراقيون لـ«الشرق الأوسط» إن «هندسة التحالفات الشيعية كانت من المفترض أن تكون إحدى المهام الأساسية لهذا الفريق»، لكن «انشغاله الأكبر كان بالسيطرة على مواقف وتحركات الفصائل مع تزايد الضغوط الأميركية».

لكن مصدراً موثوقاً أفاد بأن «فريق قاآني الذي تُرك في بغداد كان يحرص على تنفيذ وصية (صفر عمليات) ضد الأميركيين».

ورغم التضارب حول مهمة الفريق الإيراني، ادعى قيادي في «الإطار التنسيقي» أنها «لضبط سلوك الفصائل مع الأميركيين. وبالتوازي، رسم تحالفاتها استعداداً للانتخابات».

وأضاف: «تلتزم الفصائل بسياسة عدم الارتجال، وعدم استفزاز الأميركيين، لكن أيضاً الاستعداد للقيام بما يلزم دفاعاً عن (نظام ولاية الفقيه) بناءً على مخرجات المفاوضات التي ستنطلق يوم السبت في سلطنة عمان»، وفقاً للمصادر.

وأوضح القيادي الشيعي، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن «الفريق الإيراني أجرى لقاءات مع قادة أحزاب وفصائل للتأكد من أن الخطة بـجاهزة للعمل بناء على تطور مفاوضات النووي».

وقال القيادي: «لو انتهت المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني إلى قرار بإلقاء سلاح الفصائل، فسيكون لهذا الفريق دور في تقليل الأضرار».

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني (أ.ب)

مصير السلاح؟

قال قياديان في حزبين شيعيين لديهما ألوية في «الحشد الشعبي»، إن مصيري الهيئة وسلاح الفصائل أمران «متصلان، وكلاهما بيد القيادة في إيران»، في إشارة إلى المرشد علي خامنئي، لكن التطورات الإقليمية «فرضت إيقاعاً مختلفاً من التكتيكات».

وقال أحدهما: «هناك شيء متغيّر في بغداد بشأن الفصائل وسلاحها (...). النقاشات احتدمت أخيراً مع زيادة الحشود العسكرية الأميركية. هناك مَن يستعدّ للتكيّف مع المخاطر والتحوّلات»، لكن المسار لا يزال غير واضح.

وأوضح القيادي أن «المجموعات العراقية الملتزمة سياسياً وأمنياً بالمرشد الإيراني، واقتصادياً وأمنياً بالإدارة الأميركية، باتت الآن وسط مسارين متضادين». وأضاف: «سينتهي الأمر إلى أحد أمرين؛ إلقاء السلاح أو إشعال النار في المنطقة مجدداً».

الذهاب إلى الانتخابات «على كرسي متحرك»

تتردَّد قوى في «الإطار التنسيقي» في القبول بتغييرات جذرية بالأجنحة العسكرية التي تديرها وتدين بالولاء لإيران، بسبب عدم اليقين من النيات الأميركية ومصير المفاوضات بشأن البرنامج النووي، بينما تميل قوى أخرى إلى «النجاة الآن والتخلي عن السلاح».

وقال قيادي شيعي: «بعد الحوثيين، ستكون الفصائل العراقية هي الوحيدة ذات القيمة العالية للإيرانيين، ولا يمكن التفريط بها بسهولة، ومن دون مقابل».

واستبعد مسؤول حكومي سابق، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن تتخلى الفصائل عن سلاحها، لأنها ستخسر ميزة التفوّق المحلي على المنافسين في الانتخابات المقبلة. وقال المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه: «لن تذهب هذه القوى إلى صناديق الاقتراع على كرسي متحرك».

وخلال الأسابيع الماضية، حاولت جهات شيعية متنفذة تحريك المياه الراكدة بإطلاق بالونات اختبار، وطرحت سيناريو «التفاوض للتخلي عن السلاح»، في إطار التفكير بنموذج عراقي يساعد «الإطار التنسيقي» على الاستجابة لأي تطور بين الولايات المتحدة وإيران.

وقال قيادي شيعي إن «فتوى ردّ الضرر ساعدت على إنضاج هذه النقاشات»، وقد يشمل نموذج الاستجابة تسليم السلاح كأمانة مقيدة قابلة للاسترداد، حفاظاً على نفوذ الفصائل في النظام السياسي الذي يمكنه لاحقاً تفعيل خيار المقاومة، وهو ما قد يشجع طهران على مسايرة العراقيين القلقين من مفاوضات النووي.

وفي فبراير (شباط) 2025، كشفت مصادر عراقية لـ«الشرق الأوسط» أن المفاوضات التي قيل إنها تهدف إلى نزع السلاح «شكلية، ولن تنتهي إلى نتائج عملية».

ولا يحظى هذا المسار البراغماتي بقبول رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، الذي يدافع عن «استراتيجية شيعية»، مهما كانت مخرجات التفاوض بين الأميركيين والإيرانيين.

وقالت مصادر متقاطعة لـ«الشرق الأوسط» إن المالكي أبلغ أطرافاً عدة، من بينها دوائر إيرانية، أنه «لن يفرّط بـ(الحشد الشعبي)»، وأنه مستعد لتقوية هذا الكيان «حتى لو تخلّت إيران عنا». ونُقل عن المالكي قوله: «لن نأمن لأحد (...). نحن ندافع عن مشروعنا».

وتستند حسابات المالكي، وفق مقربين منه، إلى «مخاوف متجذّرة من التغيير في سوريا، والأدوار الجديدة لتركيا في المنطقة، إلى جانب التنافس مع أقطاب شيعية، لا سيما رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، الذي يسعى لتحويل الصراع الأميركي - الإيراني إلى فرصة انتخابية».

وقال قيادي في حزب «الدعوة الإسلامية»، إن «المالكي سيتعامل مع هذه المخاوف بتقوية أهم جهاز عسكري شيعي (الحشد الشعبي)، مهما كان موقف طهران».

زائر يمر أمام ملصق يصور الفيزيائي الألماني الراحل ألبرت أينشتاين خلال معرض أربيل الدولي للكتاب في 9 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

تسريح فصائل وتصفية مسيّرات

في الجهة المقابلة، يشدّ الأميركيون طرفاً من الحبل. يقول سياسي عراقي اطّلع على نقاشات بين مسؤولين عراقيين وأميركيين، إن إدارة الرئيس دونالد ترمب منقسمة في التعامل مع البرنامج الإيراني، لكنها ليست كذلك مع ملف الفصائل العراقية: «يريدون إنهاء التهديد لسنوات طويلة، أو على الأقل خلال ولاية ترمب».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن واشنطن كررت على المسؤولين في بغداد، بمن فيهم رئيس الحكومة، طلباً مشدداً بتطبيق برنامج لتسريح وتأهيل عناصر «جميع التشكيلات العسكرية التي لا تخضع لسلطة الدولة، تحت اسم (الفصائل) أو (الحشد الشعبي)».

وفي 9 أبريل (نيسان) 2025، تلقَّت بغداد رسالة جديدة من الإدارة الأميركية أفادت بأن برنامج تسريح وإعادة إدماج الفصائل في «الحياة المدنية» لا يزال قائماً، على أن يتضمن تصفية معامل المسيّرات، وتجريد السلاح، ونقله إلى جهة خاضعة للحكومة ومعلومة لدى واشنطن.

وقالت مصادر إن الجهات المعنية في واشنطن تحتاج إلى أن تكون في صورة هذه العملية، للتأكُّد من أن برنامج إنهاء الفصائل يُنفّذ بدقة، وبشكل لا يسمح لها بإعادة تشكيل محور المقاومة الإيراني، بما في ذلك إصلاح المؤسسات التي تمتلك قراري الحرب والسلم.

ونقلت المصادر أن واشنطن «حذَّرت مَن تساهل الحكومة مع تلك المجموعات التي ترغب في لعب أدوار قد تكون مؤثرة على حظوظ طهران في المفاوضات المرتقبة حول البرنامج النووي».

والحال أن «شدّ الحبل» بين الأميركيين والإيرانيين يزداد شدة مع بدء المفاوضات. ومع تعدد اللاعبين الشيعة في بغداد، وتضارب مصالحهم، تراهن كل من واشنطن وطهران على رؤية فصيل مسلح أو أكثر يرفع الراية البيضاء، حتى قبل صافرة النهاية.


مقالات ذات صلة

السوداني يؤكد تلقي العراق تهديدات «عبر طرف ثالث»

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

السوداني يؤكد تلقي العراق تهديدات «عبر طرف ثالث»

أكد رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني تلقي بغداد تهديدات إسرائيلية «مستمرة» وصلت عبر طرف ثالث، في أول إقرار رسمي من هذا المستوى.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

إيران تتطلع إلى رئيس حكومة عراقي «يراعي» مصالح البلدين

يقول السفير الإيراني في بغداد إن الفصائل العراقية وصلت إلى مرحلة اتخاذ القرارات بنفسها، في سياق حديث عن عزمها «حصر السلاح بيد الدولة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مقاتلون يرفعون شعار «الحشد الشعبي» خلال تدريبات عسكرية (أرشيفية-الحشد الشعبي)

فصائل عراقية لا تمانع «التطبيع بشروط» مع واشنطن

أكدت مصادر مطلعة على كواليس الفصائل العراقية أنها لا تمانع «صيغة مقبولة» لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، لكن بـ«شروط محددة».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع مبعوثه الخاص إلى العراق المُعيّن حديثاً مارك سافايا (إكس)

مبعوث ترمب إلى العراق يشترط نزعاً «شاملاً» لسلاح الفصائل

تواصل الولايات المتحدة ضغوطها على القيادات السياسية والفصائلية في العراق لإنهاء ملف نزع سلاح الفصائل، باعتباره أحد أهم الأهداف الرئيسة التي تسعى إلى تحقيقه.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس مجلس القضاء العراقي فائق زيدان (موقع المجلس)

جدل في العراق بعد شكر القضاء للفصائل المسلحة على «نزع السلاح»

أثار البيان المقتضب الذي أصدره رئيس مجلس القضاء فائق زيدان حول قبول بعض قادة الفصائل المسلحة بمبدأ «حصر السلاح بيد الدولة» أسئلة وانتقادات.

فاضل النشمي (بغداد)

الرئيس الإيراني يربط الموازنة بالأمن القومي

بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)
TT

الرئيس الإيراني يربط الموازنة بالأمن القومي

بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)

قدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مشروع موازنة العام الجديد بأولويات تتمحور حول الأمن القومي، معتبراً أن الانضباط المالي بات شرطاً أساسياً للصمود في مواجهة الضغوط الخارجية بعد حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل وتشديد العقوبات.

وبعد خمسة أيام من تقديم مسودة الموازنة للبرلمان، دافع بزشكيان أمام المشرعين عن إعداد موازنة بنمو لا يتجاوز 2 في المائة، واصفاً إياها بأنها الخيار «الأصعب» لكنه الأكثر واقعية لتفادي العجز وكبح التضخم في ظل تراجع عائدات النفط وشح الموارد.

وتتخطى الموازنة 100 مليار دولار بحسب صرف السعر المتقلب جداً هذه الأيام.

وشدد بزشكيان على أنها أُعدت في «ظروف استثنائية وضاغطة» فرضتها العقوبات، والحرب مع إسرائيل، قائلاً إن الحكومة اختارت نهجاً منضبطاً لتفادي العجز وكبح التضخم، حتى وإن جاء ذلك على حساب قرارات صعبة تمس بنية الإنفاق والدعم.


الجيش الإسرائيلي يتسلم «الشعاع الحديدي» أول منظومة ليزر للدفاع الجوي

منظومة الاعتراض الإسرائيلية «الشعاع الحديدي» التي تعمل بالليزر (شركة رافائيل للصناعات الدفاعية)
منظومة الاعتراض الإسرائيلية «الشعاع الحديدي» التي تعمل بالليزر (شركة رافائيل للصناعات الدفاعية)
TT

الجيش الإسرائيلي يتسلم «الشعاع الحديدي» أول منظومة ليزر للدفاع الجوي

منظومة الاعتراض الإسرائيلية «الشعاع الحديدي» التي تعمل بالليزر (شركة رافائيل للصناعات الدفاعية)
منظومة الاعتراض الإسرائيلية «الشعاع الحديدي» التي تعمل بالليزر (شركة رافائيل للصناعات الدفاعية)

تسلم الجيش الإسرائيلي منظومة اعتراض بالليزر عالية القدرة تُعرف باسم «الشعاع الحديدي»، حيث سيتم دمجها ضمن منظوماته الصاروخية الدفاعية متعددة الطبقات الحالية.

وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية، الأحد، إن منظومة الليزر تم تسليمها للجيش الإسرائيلي بعد تطويرها من جانب شركتي الدفاع الإسرائيليتين «إلبيت سيستمز» و«رافائيل».

وتم تصميم منظومة «الشعاع الحديدي» لتعمل بالتوازي مع منظومات دفاع: «القبة الحديدية» و«مقلاع داود» و«آرو»، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وأفادت الوزارة بأن الاختبارات أظهرت أن هذه المنظومة قادرة على اعتراض الصواريخ وقذائف الهاون والصواريخ والطائرات المسيّرة بشكل موثوق، مضيفة أنها أقل تكلفة بكثير من حيث التشغيل مقارنة بالمنظومات التقليدية القائمة على الصواريخ.

منظومة «الشعاع الحديدي» الاعتراضية التي تعمل بالليزر (د.ب.أ)

ووفقاً لتقديرات أميركية، يمكن لسلاح الليزر تحييد الطائرات المسيّرة بتكلفة تبلغ نحو 4 دولارات لكل اعتراض، مقارنة بالتكلفة الأعلى بكثير لأنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية الحالية.

ووصف وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، نشر المنظومة بأنه «لحظة تاريخية» تغيّر بشكل جذري مشهد التهديدات. وأكد كاتس أن المنظومة أصبحت جاهزة للعمل بشكل كامل، وأنها توجه رسالة واضحة إلى خصوم إسرائيل: «لا تتحدونا».

وقال أمير بارام، المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية، إن تسليم المنظومة يمثل «بداية ثورة تكنولوجية» في مجال الدفاع الجوي.


نتنياهو يستعد لترمب بخطة بديلة في غزة... وتركيز على إيران

الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يستعد لترمب بخطة بديلة في غزة... وتركيز على إيران

الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)

وسط زخم من التقديرات والتقارير والتسريبات الإسرائيلية عن حقيقة ما جرى إعداده في تل أبيب للقاء الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في منتجع مار آلاغو في ميامي، المقرر يوم الاثنين، اعتبرت مصادر سياسية إسرائيلية أن اللقاء بمثابة «معركة مصيرية أخرى»، يُبنى عليها مستقبل نتنياهو السياسي، ولكنها تنطوي على تمادٍ يجعله يحاول إقناع ساكن البيت الأبيض بلجم اندفاعه نحو تطبيق خطته السلمية في غزة.

وتبرز أزمة تباين في الأولويات بين طرفي اللقاء؛ إذ تقول مصادر سياسية إسرائيلية لموقع «والا» إن «الإدارة الأميركية منزعجة من نتنياهو وتتهمه بعرقلة خطة ترمب، لكن ترمب نفسه ما زال يؤمن به ويحتضنه وسيسعى إلى التفاهم معه وليس تأنيبه، وهو يضع قضية غزة في رأس أجندة اللقاء، رغم أن نتنياهو يحاول تغيير سلم الأولويات، ليبدأ بإيران».

وينقل المسؤولون الإسرائيليون عن نتنياهو أنه يعتقد أن «توجيه ضربة أخرى إلى إيران، خصوصاً إذا كانت ضربة إسرائيلية - أميركية مشتركة، ستفضي إلى نتائج أفضل في الاتفاق النووي المستقبلي وربما تضعضع النظام في طهران».

وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن إيران توظف استثمارات هائلة في «حزب الله» و«حماس» حتى تجهض خطى ترمب. وتقول إن امتناعهما عن نزع السلاح يتم بتشجيع «الحرس الثوري».

استبدال خطة غزة

ووفق المصادر نفسها، سيقترح نتنياهو خريطة طريق تبرد ملف غزة، وتوقف «الاندفاع الظاهر لترمب نحو تطبيق خطته، وإبطاء وتيرة المسار، وحتى استبدال خريطة الطريق التي رسمت في البيت الأبيض بخريطة إسرائيلية تغير سلم الأولويات وتعدل الحدود». وحسب صحيفة «معاريف»، تقترح الخطة الإسرائيلية التي ستعرض على ترمب: سيطرة إسرائيلية، حتى 75 في المائة من أراضي القطاع (هي تسيطر حالياً حسب الاتفاق على 53 في المائة ومددتها إلى 58 بالمائة في الشهر الأخير)، إلى حين تتخلى (حماس) بشكل فعلي عن سلاحها.

خريطة لمراحل الانسحاب من غزة وفق خطة ترمب (البيت الأبيض)

بيد أن الرئيس ترمب يرى الأمور بشكل مختلف؛ فهو يرى أن التقدم في خطته في غزة سيعزل إيران ويشجعها على التقدم في الجهود الدبلوماسية.

وفي التقديرات الإسرائيلية، يعتبر ترمب أن قضية نزع السلاح مسارٌ يتم التقدم فيه رويداً رويداً، ويريد الانتقال فوراً إلى المرحلة الثانية مع التركيز على إعادة الإعمار، ويطلب من إسرائيل ألا تضع عراقيل في طريقه، والاستعداد لانسحاب آخر في غزة.

لهذا، تقول «يديعوت أحرونوت»، جند نتنياهو الجيش الإسرائيلي، الذي يخشى من أن تؤدي الاستجابة لمطالب ترمب إلى تآكل إنجازات الحرب. وسوف يصر على أن يوضع في رأس الاهتمام تثبيت الأمن الإسرائيلي القائم على «مفهوم جديد، يتضمن إضافة إلى المبادئ القديمة، دفاعاً متقدماً ووقائياً أيضاً. وسيطلب من الأميركيين إبداء تفهم وتأييد سياسي وعسكري في تنفيذ هذه المبادئ في كل الساحات». كما سيُحاول نتنياهو، وفق الصحيفة، أن يُلطف في محيط ترمب حدة نفوذ تركيا وقطر اللتين لهما ولزعيميهما مكانة مفضلة ونفوذ في البيت الأبيض.

حذر وقلق من المواجهة

ويدرك نتنياهو أن هذه الطروحات ستثير جدالاً بل وربما مواجهة بين نتنياهو وترمب وفريقه. ويكتب مراسل الشؤون الاستراتيجية في الصحيفة، رون بن يشاي، إنهم في القيادة الإسرائيلية يتذكرون المواجهة المهينة بين ترمب وبين رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي، في البيت الأبيض ويتحسبون من سيناريو محتمل «ينقلب» فيه ترمب على نتنياهو، ويتهم إسرائيل بنكران الجميل.

ترمب ونتنياهو يتصافحان في ختام مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض 29 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

وتواصل الصحيفة: «يدركون أن الحاجة تتطلب حذراً شديداً في طرح المواقف الإسرائيلية، خصوصاً أن نتنياهو يحمل مطالب عدة في مجال العلاقات الثنائية، ومنها ضمان مساعدة الولايات المتحدة في الحفاظ على التفوق النوعي لإسرائيل في إطار خطة المساعدات الأمنية المتعددة للسنوات المقبلة، والتي تجري حولها مفاوضات بين الدولتين، وعبر فرض قيود مختلفة على توريد أسلحة حديثة لدول المنطقة».

وفي الشأن الإقليمي، يرى الإسرائيليون أنه «ما من شك في أن الموضوع التركي هو الآخر سيُطرح على النقاش في مار آلاغو. وفي حين سيقول نتنياهو إن هناك إجماعاً في إسرائيل على رفض أي تواجد عسكري تركي في غزة، وكذا في وسط وجنوب سوريا؛ لأن هذا التواجد يقيّد حرية العمل الإسرائيلية لإحباط التهديدات، فسيكون عليه أن يتوقع موقفاً معاكساً من ترمب. ويكون جاهزاً لتخفيف معارضته».

ويقدر الإسرائيليون أنه في لقاء القمة في مار آلاغو، سيطلب ترمب من نتنياهو تنازلات؛ بما في ذلك تنازلات من شأنها في سنة الانتخابات أن تغيظ «قاعدته الشعبية اليمينية». وعليه فمعقول الافتراض أن نتنياهو سيقاتل على كل نقطة. هذه لن تكون بالنسبة له نزهة على شاطئ البحر في فلوريدا.