واشنطن تلوّح لبغداد بعقوبات شاملة «على دفعات»

السوداني إلى «مسافة فاصلة» عن «الإطار»... وتهديد الشيعة بالانفصال «ورقة ضغط»

عراقي يخوض في مياه أمطار أغرقت شوارع العاصمة بغداد في 7 مارس 2025 (أ.ب)
عراقي يخوض في مياه أمطار أغرقت شوارع العاصمة بغداد في 7 مارس 2025 (أ.ب)
TT

واشنطن تلوّح لبغداد بعقوبات شاملة «على دفعات»

عراقي يخوض في مياه أمطار أغرقت شوارع العاصمة بغداد في 7 مارس 2025 (أ.ب)
عراقي يخوض في مياه أمطار أغرقت شوارع العاصمة بغداد في 7 مارس 2025 (أ.ب)

قال دبلوماسيان أميركيان إن عقوبات «شاملة على دفعات» ستفرض على كيانات وأفراد في أجهزة حكومية وسياسية وفصائل عراقية، في حين أكدت مصادر أن «التواصل بات شبه معدوم» بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وزعيمين بارزين في التحالف الحاكم، في ظل حالة من عدم اليقين تسيطر على البلاد.

وتسود في بغداد تكهنات لا حصر لها عن السياسة الأميركية الجديدة، منذ وصول الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وتوعده إيران بحملة قوية ضد نفوذها في المنطقة.

وقال دبلوماسي أميركي، فضل عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول له بالتحدث علناً، إن «عقوبات اقتصادية من المنتظر فرضها تباعاً على مجموعات عراقية، استناداً إلى المذكرة الرئاسية للأمن القومي NSPM2».

وكان ترمب وقع المذكرة في 4 فبراير (شباط) 2025 لفرض «أقصى قدر من الضغط على إيران، ومواجهة نفوذها الخبيث».

وأوضح الدبلوماسي الأميركي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «العقوبات سوف تستهدف أفراداً وكيانات قدمت تسهيلات أو أعمالاً تجارية وموارد غير قانونية لإيران»، وأشار إلى أن «الفئات التي ستشملها العقوبات قد تكون مؤسسات حكومية أو كيانات سياسية أو مسلحة».

وترصد مؤسسات أميركية معنية بتنفيذ مذكرة ترمب شبكة واسعة من الأنشطة العراقية المرتبطة بإيران، تشمل حتى مصالح تجارية صغيرة، وقال الدبلوماسي: «التصنيف قد يصل إلى نقاط تفتيش يستخدمها وكلاء إيران لجباية الأموال».

ولن تأخذ العقوبات في الاعتبار «الجهات المرجعية» للمشمولين، سواء كانت غطاءً حكومياً أو «الحشد الشعبي»، أو الفصائل المسلحة، بسبب اعتماد معايير وردت في مذكرة الرئيس ترمب، وفقاً للدبلوماسي.

وتقضي مذكرة ترمب بـ«تنفيذ حملة قوية ومستمرة لإنفاذ عقوبات تحرم وكلاء إيران من الوصول إلى الإيرادات» لضمان عدم استخدام إيران للنظام المالي العراقي للتهرب من العقوبات أو التحايل عليها».

وقال الدبلوماسي: «من بين الاحتمالات المنظورة أن تراجع الولايات تقليص الدفعات النقدية الحيوية للبنك المركزي العراقي شهرياً من حسابه في الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وجعلها ملائمة للاحتياج الوطني، لضمان عدم تحويل الفائض إلى جهات وكيانات في إيران».

مع ذلك، أكد الدبلوماسي أن «هذا الخيار يخضع لاعتبارات مختلفة من بينها التزام بغداد بطريقة غير ملتوية في الإصلاح المالي».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

«جرعات كيماوي»

قال دبلوماسي أميركي ثانٍ، كان قد عاد أخيراً من العاصمة بغداد، إن «العقوبات قيد الدراسة، لا تهدف إلى تقويض النظام السياسي في العراق، بل لاستئصال شبكة المصالح الإيرانية في البلاد».

وأعرب الدبلوماسي عن أمله بأن «تساعد العقوبات العراقيين على إظهار قدراتهم في إدارة البلاد بشكل أكثر استقلالية»، لكنه لم يستبعد «مخاطر جراء التنافس من قبل متورطين بمصالح إيرانية بعد تجفيف الموارد».

وشبه الدبلوماسي الأميركي، في حديث مع «الشرق الأوسط»، العقوبات بـ«جرعات مكثفة متتالية من العلاج الكيماوي لجسد مصاب بأورام سرطانية». وقال: «العلاج قد يستغرق وقتاً، ونأمل أن تكون الإصابة في مرحلة غير متأخرة».

وأوضح الدبلوماسي أن «المؤسسات الأمنية والمالية في الإدارة الأميركية إزاء قائمة شاملة يمكن معرفة بدايتها، لكن ليس من الواضح أين ستنتهي»، وقال: «يجب أن نتأكد من أن دفعات من العقوبات ستؤدي في النهاية إلى قطع الأذرع المتشعبة في عمق النظام المالي في البلاد».

ورفض المسؤولان الأميركيان الإفصاح عن موعد العقوبات، كما لم يرد مسؤولون عراقيون في رئاسة الحكومة على طلب «الشرق الأوسط» للتعليق.

وقد يكون التلويح بالعقوبات «مناورة تقودها إدارة ترمب لإجبار إيران على التفاوض»، أو «إجبار القادة العراقيين على إحداث تغييرات جذرية»، كما يرجح خبراء في العلاقات الدولية.

وقال عقيل عباس، وهو خبير في الشأن الأميركي، إن «العقوبات ضد عشرات الكيانات والأفراد في العراق مسألة جدية، وما قد يمنعها هو قبول إيران بصفقة سلمية تتخلى من خلالها عن السلاح النووي، وعن نفوذها في المنطقة».

وأضاف عباس: «على الأكثر، تريد إدارة ترمب أن تتخلى إيران عن مشروعها في المنطقة بالتراضي».

جانب من أحد اجتماعات تحالف «الإطار التنسيقي» في بغداد (إكس)

سفينة «الإطار التنسيقي»

خلال الأسبوع الماضي، شغل سياسيون عراقيون المجال العام بتصريحات عن عقوبات أميركية، مرجحين موعدها «بعد شهر رمضان»، في حين رفض قادة في «الإطار التنسيقي» تقديم تنازلات لواشنطن «على حساب المصلحة العراقية»، وفقاً لتعبيرهم.

وثمة حالة من عدم اليقين داخل «الإطار التنسيقي»، وهو التحالف الحاكم الذي يضم قوى شيعية متنفذة، بسبب غياب إجماع سياسي على طريقة التعاطي مع المتغيرات في الشرق الأوسط، والتكيف مع السياسة الأميركية ضد إيران.

وقالت مصادر موثوقة إن «مؤشرات عديدة تظهر تفكك معادلة الحكم التي جمعت قوى (الإطار التنسيقي) في حكومة محمد شياع السوداني».

وكشفت المصادر عن أن التواصل بين السوداني وزعيمين بارزين في التحالف الحاكم «بات شبه معدوم». وقالت: «منذ أسابيع تلاشت إلى حد بعيد قنوات اتصال اعتيادية بين السوداني ونوري المالكي وقيس الخزعلي، وهما قياديان بارزان في «الإطار التنسيقي».

وجرت العادة أن يتبادل رئيس الحكومة مع أحزاب التحالف الحاكم وجهات نظر ورسائل بشأن قضايا وملفات سياسية عبر ممثلين معتمدين، لكن هذه القناة شبه معطلة بين هذه الأطراف.

ليس من الواضح إذا كان انعدام التواصل على صلة بمناخ القلق من العقوبات الأميركية، لكن المصادر أشارت إلى أن «الإطار التنسيقي لم يعد يعمل كما في السابق، بشكل جماعي».

ورجحت المصادر أن «السوداني يحاول إنشاء مسافة فاصلة بينه وبين آخرين لديهم حسابات معقدة»، بشأن البقاء أو الانفكاك عن النفوذ الإيراني، وأنه «يقدم نفسه طرفاً يحمل صفة رسمية تحمي مصالح البلاد».

يقول قيادي شيعي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الإطار التنسيقي الآن سفينة لا أحد يريد أن يكون قبطانها، كما سيكون من الصعب القفز منها... كل قرار له ضريبة مختلفة».

.

نوري المالكي (غيتي)

«الشيعة إلى الانفصال»

قالت المصادر إن قوى شيعية «تقيّم في هذه المرحلة الجدوى من استمرار التزامها بالولاء لإيران، في إطار نقاشات نادرة تختبرها للمرة الأولى منذ سنوات»، لكن حالة عدم اليقين تشمل أيضاً تقييم «رد الفعل طهران من تراجعها المحتمل في العراق على غرار ما حدث في لبنان وسوريا».

وعلى نحو مفاجئ، لوّح قادة شيعة بالانفصال، وصرح نوري المالكي، مطلع مارس (آذار) 2025، بأن «الشيعة سينفردون بالنفط إذا أجبروا على التقسيم»، كما هدد حسين مؤنس وهو نائب عن «كتائب حزب الله» العراقي، بـ«استقلال 9 محافظات إذا استمر ابتزاز الشيعة»، ولاحقاً بدأ ناشطون مقربون من «الإطار التنسيقي» التثقيف لمشروع «انفصال الشيعة».

وقالت المصادر إن هذه الموجة جزء من «ورقة ضغط من جماعات على صلة بإيران على الولايات المتحدة ودول فاعلة في المنطقة لتفادي الضغط الأقصى الذي يفرضه ترمب، لكن من الصعب التخمين بما قد يفعله طرف سيقاوم حتى لا يخسر كل شيء».


مقالات ذات صلة

«دي إن أو» النرويجية تستأنف عمليات الحفر في إقليم كردستان العراق

الاقتصاد خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك في إقليم كردستان (رويترز)

«دي إن أو» النرويجية تستأنف عمليات الحفر في إقليم كردستان العراق

أعلنت شركة «دي إن أو» النرويجية للنفط والغاز، يوم الخميس، أن عمليات الحفر في امتياز طاوكي الرئيسي في إقليم كردستان العراق، ستُستأنف الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال استقباله الأربعاء جرحى قوات الأمن في «يوم النصر» على تنظيم «داعش» (رئاسة الحكومة العراقية)

العراق يحتفل بذكرى «النصر على داعش» مع بدء العد التنازلي لتشكيل الحكومة

حسمت «المفوضية العليا للانتخابات» أمر الطعون في الانتخابات التشريعية العراقية، لكن اعتماد النتائج النهائية تنتظر مصادقة المحكمة الاتحادية العليا عليها.

حمزة مصطفى (بغداد)
الاقتصاد خزانات النفط في ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط (رويترز)

العراق: تصدير أكثر من 13 مليون برميل من النفط عبر خط الأنابيب مع تركيا حتى الآن

كشف وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، أنه تم تصدير أكثر من 13 مليون برميل من النفط من إقليم كردستان العراق، منذ استئناف تدفق النفط في سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي صورة للقرار الصادر بحذف «حزب الله» وجماعة الحوثي من تجميد الأموال

بغداد تحذف «حزب الله» و«الحوثيين» من لائحة الإرهاب

يبدو أن الحكومة العراقية اضطرت إلى التراجع عن قرار سابق لها بإدراج تنظيمي «حزب الله» اللبناني، و«أنصار الله» الحوثي، على لائحة الإرهاب.

فاضل النشمي (بغداد)
الاقتصاد رئيس الوزراء العراقي خلال استقباله وفد «شيرون» الأميركية (وكالة الأنباء العراقية)

العراق يناقش مع «شيفرون» استثمار «لوك أويل» الروسية في حقل غرب القرنة 2

ناقش رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الثلاثاء الاستثمارات المحتملة في حقل الناصرية النفطي مع شركة «شيفرون» الأميركية العملاقة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

مقتل فلسطينية وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على شمال غزة

أطفال يبكون أقاربهم الذين قُتلوا علي يد الجيش الإسرائيلي مطلع الأسبوع الحالي في مستشفى ناصر بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
أطفال يبكون أقاربهم الذين قُتلوا علي يد الجيش الإسرائيلي مطلع الأسبوع الحالي في مستشفى ناصر بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مقتل فلسطينية وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على شمال غزة

أطفال يبكون أقاربهم الذين قُتلوا علي يد الجيش الإسرائيلي مطلع الأسبوع الحالي في مستشفى ناصر بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
أطفال يبكون أقاربهم الذين قُتلوا علي يد الجيش الإسرائيلي مطلع الأسبوع الحالي في مستشفى ناصر بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

قتلت مواطنة فلسطينية وأصيب آخرون، الخميس، في قصف إسرائيلي استهدف مخيم جباليا شمال قطاع غزة.

وذكرت «وكالة الصحافة الفلسطينية» (صفا) أن «المواطنة استُشهدت باستهداف إسرائيلي قرب مستشفى اليمن السعيد بمخيم جباليا شمال قطاع غزة».

وأشارت إلى «مواصلة جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم (الخميس) استهدافه لمناطق قطاع غزة، بغارات مدفعية ووسط إطلاق نار مكثف من المروحيات العسكرية»، لافتة إلى أن غارتين إسرائيليتين استهدفتا صباح الخميس مدينة رفح جنوب القطاع.

وقُتل، الأربعاء، خمسة مواطنين بينهم طفل وسيدة، في استهدافات للجيش الإسرائيلي في مخيم جباليا ومواصي مدينة رفح، طبقاً للوكالة.

وأشارت «وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية» (وفا) إلى أنه «منذ وقف إطلاق في 11 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي استُشهد 384 مواطناً، وأصيب نحو 1000 آخرين».


سوء فهم قضائي يتسبب بجدل حول حرية الرأي في العراق

رئيس مجلس القضاء العراقي فائق زيدان (موقع المجلس)
رئيس مجلس القضاء العراقي فائق زيدان (موقع المجلس)
TT

سوء فهم قضائي يتسبب بجدل حول حرية الرأي في العراق

رئيس مجلس القضاء العراقي فائق زيدان (موقع المجلس)
رئيس مجلس القضاء العراقي فائق زيدان (موقع المجلس)

أثار كتاب صادر عن مجلس القضاء الأعلى، يتضمن محاسبة من يتولى التحريض على النظام السياسي في العراق والعمل على إسقاطه، جدلاً سياسياً وقانونياً حمل السلطة القضائية إلى الإعلان عن أن هناك «سوء فهم» قضائياً أدى إلى هذه الضجة.

وفي هذا السياق قررت هيئة الإشراف القضائي في العراق توجيه عقوبة توبيخ للقائم بمهام مدير مكتب رئيس مجلس القضاء الأعلى، بعد تنظيمه كتاباً يتضمن إجراءات ضد من يدعو إلى إسقاط النظام السياسي، واستخدامه عبارات لا تتوافق مع توجهات رئيس المجلس.

وجاء في وثيقة رسمية، موقَّعة من القاضي ليث جبر حمزة، رئيس هيئة الإشراف القضائي، الخميس، وهي موجهة إلى كرار عبد الأمير، القائم بمهام مدير مكتب رئيس المجلس، أن التحقيق أثبت تنظيمه وتوقيعه كتاباً موجهاً إلى رئاسة الادعاء العام بعنوان «الإجراءات القانونية بشأن التصريحات الإعلامية الداعية لإسقاط النظام السياسي»، بصيغ ومصطلحات مخالفة لدراسة رئيس الهيئة، ومن دون أخذ موافقة رئيس مجلس القضاء الأعلى.

وأشارت الوثيقة إلى أن ما ورد في الكتاب تسبب بسوء فهم من اطلع على مضمونه، وخالف رأي وتوجه مجلس القضاء الأعلى القائم على احترام وحماية حرية التعبير عن الرأي المكفولة بالدستور، والتي تم التأكيد عليها في أكثر من مناسبة.

وأكدت الهيئة، وفق الوثيقة، أن العقوبة الموجهة هي توبيخ، مع التحذير من أن تكرار هذا الخطأ قد يؤدي إلى إعفاء المعني من المنصب المكلف به.

يذكر أن توجيها صدر الأربعاء عن رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، باتخاذ إجراءات قانونية وتحريك الدعاوى بحق كل من يحرض أو يروج لإسقاط النظام السياسي أو المساس بشرعيته، عبر وسائل الإعلام أو المنصات الإلكترونية.

واعترض عضو الكونغرس الأميركي، الجمهوري جو ويلسون، على توجيه فائق زيدان بمقاضاة أي شخص «يقوّض شرعية النظام السياسي في العراق». وانتقد ويلسون في منشور، الخميس، رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، فائق زيدان، لإصداره أوامر بمقاضاة أي شخص «يقوّض شرعية نظام السياسي العراقي»، مشيراً إلى أن ذلك يشمل «كل من ينتقد عملاء إيران!»، على حد تعبيره.

وقال: «‏من المحزن أن نرى العراق يعود إلى عقلية الدولة البوليسية التي سادت في عهد حزب البعث، حيث يلاحق غالبية مواطنيه لمجرد معارضتهم لهيمنة إيران وعملائها!»، مضيفاً: «‏لم ننسَ أمر اعتقال الرئيس ترمب بتهمة قتل الإرهابي الإيراني سليماني».

وختم النائب الجمهوري الموالي لسياسات ترمب حديثه بتجديد الدعوة لإنهاء النفوذ الإيراني في العراق، قائلاً: «‏حرّروا العراق من إيران!».

رئيس الحكومة العراقية يتوسط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض (يمين) ورئيس مجلس القضاء فائق زيدان (أرشيفية - أ.ف.ب)

بين القانون والإعلام

في هذا السياق، يقول أستاذ الإعلام السياسي، الدكتور غالب الدعمي، لـ«الشرق الأوسط» إن «حرية التعبير المنضبطة والحقيقية هي التي تتوقف عند نقطة التجاوز على الآخرين، حيث إن حرية التعبير لا تجيز لك أن تشتم الآخر أو تتهم بالباطن؛ فهي في النهاية احترام ومسؤولية».

أضاف الدعمي أن «حرية الرأي والتعبير لا تتعدى هذه الحدود، وما عداها فإن القانون والقضاء هما الفيصل بين الذي يستخدم الإعلام مرة للابتزاز أو الشتائم ومرة للتعبير عن الرأي بشكل مهني وكشف الحقائق ودون الاعتداء الشخصي»، مبيناً أن «الشخصيات العامة أجاز الدستور العراقي انتقادها كونها شخصيات عامة وتصدت للمسؤولية، وبالتالي عليها أن تتحمل الانتقاد، أما ما يفوق ذلك ويتجاوز ذلك للاعتداء على الكرامة الشخصية أو على النظام الديمقراطي بشكل عام، فهذا نتوقف أمامه ولا بد للقضاء هنا أن يأخذ دوره في هذا المجال، شريطة ألا يكون ذلك حجة من الضغط ومنع الآخرين مما يمكن أن يعبّروا عنه بشكل طبيعي».

أما الخبير القانوني، علي التميمي، فيقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الذي حصل هو صدور كتاب من مدير مكتب رئيس مجلس القضاء الأعلى إلى الادعاء العام بضرورة تحريك الدعاوى الجزائية على من يقوم بالتحريض أو الترويج لإسقاط النظام السياسي أو المساس بشرعيته عبر مختلف وسائل الإعلام والسوشيال ميديا، علماً أن السبب الذي جعل السلطة القضائية تتحرك بهذا الاتجاه طبقاً للكتاب الصادر هو صدور كتاب من الأمن الوطني وموافقة هيئة الإشراف القضائي ورئيس مجلس القضاء، وهو الذي أثير الجدل حوله كونه يتعارض مع مفهوم حرية التعبير».

أضاف التميمي أن «كتاباً آخر صدر من هيئة الإشراف القضائي يشير إلى حصول تحقيق مع الجهة التي أصدرت الكتاب، وظهر أن هناك أجتهاداً في الرأي خلافا لكتاب هيئة الإشراف القضائي وتسبب بالضجة التي رافقت إعلانه؛ الأمر الذي اقتضى التنويه والتوضيح، لأن الكتاب الذي تسبب بالضجة وسوء الفهم لم يُعرض على رئيس مجلس القضاء الأعلى».

وبيّن التميمي أن «ما عملته السلطة القضائية كان تصرفاً صحيحاً؛ لأن الكتاب أثار ضجة في مختلف الأوساط السياسية والإعلامية». وأكد أن «المشكلة أننا لا يوجد لدينا حتى الآن قانون الجرائم الإلكترونية ولا قانون حرية الرأي ولا قانون حق الحصول على المعلومة، وبالتالي فإن القانون الوحيد الذي لدينا هو قانون حماية الصحافيين، والذي أتاح ضمن هذا القانون حق الحصول على المعلومة وعدم مساءلة الصحافي عما يدلي به من آراء، علماً أن حرية الرأي في العراق منصوصة في الدستور العراقي بموجب المادة 38 منه بشكل مطلق».


سوريا تُرحّب بإلغاء «قانون قيصر»: خطوة نحو التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار

تجمع الناس خلال مسيرة إحياءً للذكرى السنوية الأولى للإطاحة بنظام بشار الأسد في إدلب (إ.ب.أ)
تجمع الناس خلال مسيرة إحياءً للذكرى السنوية الأولى للإطاحة بنظام بشار الأسد في إدلب (إ.ب.أ)
TT

سوريا تُرحّب بإلغاء «قانون قيصر»: خطوة نحو التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار

تجمع الناس خلال مسيرة إحياءً للذكرى السنوية الأولى للإطاحة بنظام بشار الأسد في إدلب (إ.ب.أ)
تجمع الناس خلال مسيرة إحياءً للذكرى السنوية الأولى للإطاحة بنظام بشار الأسد في إدلب (إ.ب.أ)

رحَّبت وزارة الخارجية السورية، اليوم (الخميس)، بتصويت مجلس النواب الأميركي أمس لصالح إلغاء «قانون قيصر»، الذي فرضت الولايات المتحدة بموجبه عقوبات على نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، واصفة تلك الخطوة بأنها «محطة محورية» لفتح مسار جديد للتعاون.

واعتبرت الخارجية، في بيان، أن هذا التصويت، وما سيليه من تصويت مرتقب في مجلس الشيوخ الأميركي الأسبوع المقبل، يؤسس «لمرحلة من التحسن الملموس في حركة الاستيراد وتوافر المواد الأساسية والمستلزمات الطبية، وتهيئة الظروف لمشاريع إعادة الإعمار وتنشيط الاقتصاد الوطني».

وأضافت: «يمثل هذا التطور محطة محورية في إعادة بناء الثقة وفتح مسار جديد للتعاون، بما يمهد لتعافٍ اقتصادي أوسع وعودة الفرص التي حُرم منها الشعب السوري لسنوات بفعل العقوبات».

وعبَّرت الوزارة عن أملها في أن يفضي التصويت المقبل إلى «استكمال إلغاء كامل المنظومة التقييدية وفتح آفاق تعاون جديدة» بين سوريا والولايات المتحدة.

وكان مجلس النواب الأميركي قد أقر إلغاء العقوبات التي فرضت على سوريا بموجب «قانون قيصر»، ما يمهد لإغلاق الملف فعلياً، ويمكن المؤسسات المالية والدولية من العودة للتعامل مع دمشق.

وجاء الإقرار بعدما وافق مجلس النواب على قانون تفويض الدفاع الوطني الأميركي، الذي يتضمن إلغاء عقوبات «قانون قيصر». ومن المتوقع إقرار قانون تفويض الدفاع الوطني بنهاية العام، وأن يوقع عليه الرئيس دونالد ترمب ليصبح نافذاً.

فرض قانون قيصر لعام 2019 عقوبات واسعة النطاق على سوريا استهدفت أفراداً وشركات ومؤسسات مرتبطة بالأسد، الذي حكم سوريا من عام 2000 حتى الإطاحة به في 2024 على يد فصائل مسلحة معارضة بقيادة أحمد الشرع الرئيس الحالي للبلاد.