المسح المبكر... للسيطرة على أعراض القلق لدى الأطفال

وسائل الاتصالات وسهولة الحصول على المعلومات أسهمتا في زيادته

المسح المبكر... للسيطرة على أعراض القلق لدى الأطفال
TT

المسح المبكر... للسيطرة على أعراض القلق لدى الأطفال

المسح المبكر... للسيطرة على أعراض القلق لدى الأطفال

كشفت دراسة نفسية حديثة لعلماء من مركز أبحاث الطب النفسي للأطفال بجامعة توركو University of Turku في فنلندا، عن الفاعلية الكبيرة لبرنامج «سيطر على قلقك» Master Your Worries، في علاج أعراض القلق في الأطفال والمراهقين، إذ قلَّل البرنامج من مخاوف الأطفال بشكل عام، سواء كانت هذه المخاوف اجتماعية، مثل: عدم القدرة على تكوين الصداقات، والخوف من الرفض، أو مخاوف تتعلق بانفصال الوالدين، أو مخاوف عامة تتعلق بالخوف من الأوبئة والأزمات الاقتصادية والمشكلات العائلية. ووجدت الدراسة أيضاً أن المحتوى الرقمي المبسط في الطب النفسي لعب دوراً كبيراً في السيطرة على القلق.

مسح دوري للحالة النفسية

الدراسة التي نُشرت في شهر مارس (آذار) الحالي في مجلة الأكاديمية الأميركية للطب النفسي للأطفال والمراهقين (the Journal of the American Academy of Child & Adolescent Psychiatry) أشارت إلى الأهمية الكبيرة لإجراء مسح دوري للحالة النفسية لطلبة المدارس في جميع المراحل التعليمية؛ من الحضانة حتى مرحلة الدراسة الثانوية، لمعرفة الأمور التي تثير قلق الأطفال، لأن تطور وسائل الاتصالات وسهولة الحصول على المعلومات أسهما في زيادة القلق.

وعلى سبيل المثال فإن المخاوف من الحروب النووية لم تكن من أسباب قلق الأطفال قبل عشرين عاماً على الرغم من وجود أسلحة نووية بالفعل.

وتُعد هذه الدراسة أول تجربة عشوائية مُحكمة (randomized controlled) في العالم تختبر فاعلية العلاج السلوكي المعرفي عبر الإنترنت (iCBT) على الأطفال في عمر الدراسة، إذ استخدم الباحثون نموذجاً من مرحلتين لمسح أعراض القلق في الفحص الطبي السنوي في المدرسة لأكثر من 11 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 10 و13 عاماً عن طريق إجابة الطلاب على استبيان لفحص الاضطرابات العاطفية المرتبطة بالقلق.

وشملت المرحلة الأولى للاستبيان عملية مسح أولية عامة عن طريق أسئلة معينة يمكن من خلال إجابتها معرفة إذا كان الطالب يعاني من مشكلات أو مخاوف يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالقلق من عدمه. وخضع الطلاب الذين جاءت نتائج مسحهم إيجابية بعد ذلك لتقييم مفصَّل في المرحلة الثانية من الاستبيان بنسخته الكاملة المكونة من 41 بنداً.

ووجدت الدراسة أن نسبة 80 في المائة من الأطفال الذين جرى فحصهم في المرحلة الثانية جرى تشخيصهم باضطراب القلق، وهو الأمر الذي يوضح أهمية هذا المسح لأنه يُعد نوعاً من التشخيص المبكر للإصابة بالقلق لأن هذه النسبة الكبيرة من الطلاب في الأغلب لا تعاني من أعراض واضحة، ولكن تبعاً لنوعية إجاباتهم عن أسئلة بسيطة يمكن التنبؤ بوجود مشكلات لديهم.

برنامج لتقليل قلق الأطفال

كانت نسبة الأطفال الذين شعروا بأعراض القلق وقاموا بالفعل بطلب التواصل مع مقدمي رعاية صحية متخصصة خلال الأشهر الستة السابقة للدراسة أقل من 13 في المائة، فيما كانت نسبة الذين يتلقون أدوية مضادة للقلق أقل من 5 في المائة. وقال الباحثون إن هذه النسب تُسلط الضوء على انتشار القلق غير المُعالج للأطفال في سن المدرسة.

وخضع 465 طفلاً من جميع المشاركين في التجربة لتطبيق برنامج «سيطر على قلقك»، عليهم. وهذا البرنامج يُعد نوعاً من أنواع العلاج السلوكي المعرفي بينما انضمت المجموعة الضابطة إلى تعليم نفسي إلكتروني (بمعنى أن هذه المجموعة تلقت معلومات مبسطة عن المشكلات النفسية وطرق التعامل معها). ووجدت الدراسة أن الطلاب الذين شاركوا في البرنامج قلَّت كل أعراض القلق لديهم سواء القلق العام أو القلق الاجتماعي وأيضاً قلق الخوف من الانفصال.

وأوضح الباحثون أن «سيطر على قلقك» عبارة عن برنامج علاجي طوَّره مركز أبحاث الطب النفسي للأطفال في جامعة «توركو» لعلاج القلق في عمر المدرسة، ويستمر لمدة عشرة أسابيع ويتضمن مواد تعليمية رقمية وتمارين أسبوعية، بالإضافة إلى مكالمات هاتفية أسبوعية للمتابعة والتحدث مع الأطفال. وأظهرت دراسات سابقة أن معظم الأطفال المشاركين فيه يحدث لهم تحسن كبير في حالتهم النفسية.

ووجدت الدراسة أن الأطفال في المجموعة الضابطة الذين تلقوا التعليم النفسي فقط أظهروا تحسناً ملحوظاً في انحسار أعراض القلق أيضاً، وكذلك لاحظ آباؤهم الانعكاس الجيد للمعلومات النفسية الثقافية على الحالة النفسية للأطفال وكذلك على أدائهم اليومي ونوعية حياتهم خلال فترة المتابعة التي استمرت لمدة ستة أشهر، وهو الأمر الذي يشير إلى أهمية التوعية النفسية وأثرها.

وقال العلماء إن المشكلة الأساسية في الاضطرابات النفسية، مثل القلق، هو عدم وضوح أعراضها بالشكل الذي يلفت نظر المحيطين بالطفل سواء في المنزل أو المدرسة، لأن معظم الأسر تعد الإحساس بالقلق أمراً طبيعياً، لذلك غالباً ما تمر الأعراض المبكرة للمشكلات النفسية من دون علاج بعكس المرض العضوي الذي يسترعي انتباه الوالدين.

وتشمل أعراض القلق الشائعة، المخاوف المختلفة سواء الاجتماعية، مثل: الوحدة، وعدم إمكانية تكوين صداقات، أو المخاوف من الفقدان والرفض والفشل... وهذه المخاوف تسبب للطفل التوتر المفرط والقلق الدائم بشأن أحداث الماضي أو المستقبل. وفي الأغلب يصاحب هذه المشاعر النفسية بعض الأعراض الجسدية، مثل: ألم العضلات، والصداع، وتغير الشهية، وفي بعض الأحيان يمكن أن يشعر الطفل بضيق التنفس والدوار.

في النهاية أكدت الدراسة أن المسح المبكر لوجود أعراض القلق ومحاولة علاجه بالشكل الأمثل يمكن أن ينقذ حياة الشباب في المستقبل لأن القلق غير المُعالج في مرحلة الطفولة يؤدي لاحقاً إلى كثير من المشكلات النفسية في البلوغ، مثل: الاكتئاب، وإدمان المخدرات، والأفكار الانتحارية.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

العلاج النفسي المعرفي يخفف آلام البطن

صحتك العلاج النفسي المعرفي يخفف آلام البطن

العلاج النفسي المعرفي يخفف آلام البطن

كشفت أحدث دراسة نُشرت في مجلة «لانست لصحة الأطفال والمراهقين» عن احتمال أن يكون العلاج النفسي عن طريق التنويم المغناطيسي من أكثر الطرق فاعلية في علاج آلام البطن

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
يوميات الشرق الأطفال لا يحتاجون سوى إلى عدد قليل من الألعاب لزيادة قدرتهم على الاستكشاف (رويترز)

ليس أكثر من 4... لماذا عليك منح طفلك ألعاباً أقل؟

أكدت خبيرة أميركية أن الأطفال لا يحتاجون سوى إلى عدد قليل من الألعاب لا يتعدى الـ4؛ لزيادة سعادتهم وقدرتهم على الاستكشاف.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا يقف مسؤولو الأمن الباكستانيون حراساً خارج كنيسة بينما تحتفل الأقلية المسيحية بعيد الفصح في كويتا عاصمة إقليم بلوشستان المضطرب في 20 أبريل 2025 (إ.ب.أ)

مقتل شرطيين باكستانيين خلال مرافقتهما فريق تطعيم ضد شلل الأطفال

أفاد مسؤولون باكستانيون، الأربعاء، بأن شرطيين قتلا خلال مرافقتهما فريق تطعيم ضد شلل الأطفال في إقليم بلوشستان المضطرب في جنوب غربي البلاد.

«الشرق الأوسط» (كويتا (باكستان))
يوميات الشرق كيف نتعامل مع نوبات غضب الأطفال؟ (رويترز)

النهج التربوي الشائع لا ينجح... كيف نتعامل مع نوبات غضب الأطفال؟

بعد نوبة غضب الطفل، عادةً ما يكون الروتين كالتالي: يُعطيه الوالد مهلة أو يُرسله إلى غرفته. بعد أن يهدأ الطفل، يعود إلى المجموعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

تقرير: ترمب يدرس منح 5 آلاف دولار للأمهات بعد الولادة لتحفيز الإنجاب

تدرس إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب سبلًا لتشجيع مزيد من الأميركيين على الزواج وإنجاب الأطفال، بما في ذلك تخصيص مكافأة قدرها 5 آلاف دولار لكل أم جديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

8 علامات تدل على فقدان السمع... لا تتجاهلها

يعاني آلاف الأشخاص من فقدان السمع المفاجئ كل عام (رويترز)
يعاني آلاف الأشخاص من فقدان السمع المفاجئ كل عام (رويترز)
TT

8 علامات تدل على فقدان السمع... لا تتجاهلها

يعاني آلاف الأشخاص من فقدان السمع المفاجئ كل عام (رويترز)
يعاني آلاف الأشخاص من فقدان السمع المفاجئ كل عام (رويترز)

يعد فقدان السمع جزءاً طبيعياً من الشيخوخة، لكن هذا لا يعني تجاهل كيفية تغير قدرتك على السمع مع مرور الوقت، خصوصاً أن هذا النوع من التراجع قد يظهر بطرق غير متوقعة.

تقول ليزلي سويلز، كبيرة اختصاصيي السمع في مركز «هيرنغ لايف» الأميركي: «لا يؤثر فقدان السمع غير المعالج على قدرتك على السمع فحسب، بل يؤثر أيضاً على كيفية معالجة دماغك للصوت، وقدرتك على التواصل بوضوح، وحتى على علاقاتك وصحتك النفسية»، وفقاً لما ذكرته صحيفة «هاف بوست» الأميركية.

وتضيف: «كلما أسرعنا في تحديد فقدان السمع، زادت فاعلية العلاج، سواء من خلال المعينات السمعية، أو تعديلات نمط الحياة، أو حلول أخرى مُصممة خصيصاً لاحتياجاتك».

وفيما يلي بعض العلامات المبكرة لفقدان السمع:

شعورٌ بامتلاء إحدى الأذنين أو الإثنتين معاً

صرّحت بريا كولينز، المديرة المساعدة لممارسات السمع في الجمعية الأميركية لعلم النطق واللغة والسمع، قائلة: «لا أتجاهل الشعور بامتلاء إحدى الأذنين أو هما معاً، خصوصاً إذا كان ذلك مصحوباً بدوار أو عدم توازن».

وأوضحت أن امتلاء الأذن والدوار قد يكونان علامتين على وجود حالات كامنة تؤثر على الأذن الداخلية، مثل تراكم السوائل أو الالتهابات أو اضطرابات التوازن.

وأضافت كولينز: «يمكن أن تؤثر هذه الأعراض على التوازن والسمع وجودة الحياة بشكل عام، وفي بعض الحالات، قد تشير إلى مشاكل أكثر خطورة مثل الحالات العصبية».

الحاجة الزائدة لتكرار ما يقوله الآخرون

تقول سويلز: «من العلامات التي لا أتجاهلها أبداً الحاجة الزائدة لتكرار ما يقوله الآخرون، خصوصاً إذا كان ذلك يحدث بانتظام في المحادثات مع العائلة أو الأصدقاء أو زملاء العمل. غالباً ما يبدأ هذا الأمر ببطء ودقة».

انتبه إذا وجدت نفسك تردد عبارات مثل «ماذا؟»، و«هل يمكنك تكرار ذلك؟» بشكل متكرر، وتشعر بأن الآخرين لا يتحدثون بوضوح.

وقالت جين شوماخر، اختصاصية السمع في «ري ساوند»: «يمكن لأي شخص أن يخطئ في سماع الأشياء من وقت لآخر، ولكن إذا كنت تطلب تكرار ما يقوله باستمرار، فقد يكون ذلك علامة على أنك تفتقر إلى بعض الأصوات اللازمة لمعالجة الكلام بشكل صحيح».

الإرهاق بعد التواصل الاجتماعي

تقول جين: «من الطبيعي أن تشعر ببعض التعب بعد يوم طويل من التواصل مع العائلة أو الأصدقاء، ولكن إذا كنت تشعر أنت أو أحد أحبائك بالإرهاق والتعب بعد التحدث مع الآخرين، فقد يكون هناك ما هو أكثر من مجرد الحاجة إلى نوم هادئ».

وأوضحت أنه عندما لا يسمع الشخص جميع أصوات الكلام، يتعين على الدماغ ملء الفراغات للمساعدة في فهم ما يقوله الآخرون.

وأضافت: «هذا يتطلب تركيزاً إضافياً كبيراً ويجعل الدماغ يعمل بجهد أكبر لمعالجة ما يحدث في موقف مزدحم، مما يؤدي إلى إرهاق شديد بعد ذلك».

طنين الأذن المستمر

صرحت باتريشيا غافني، رئيسة الأكاديمية الأميركية لعلم السمع، قائلة: «هناك أمرٌ لا يجب تجاهله وهو طنين الأذن المستمر. قد يكون سبب طنين الأذن المستمر نتيجة فقدان سمع كامن».

يشير طنين الأذن إلى ظاهرة يسمع فيها الناس رنيناً أو أزيزاً لا يستطيع الآخرون إدراكه، ولا يمكن تفسيره بأي صوت خارجي. إذا كنت تعاني من هذه الحالة في حياتك اليومية لأسابيع أو أشهر، فعليك الخضوع لتقييم لفقدان السمع.

انخفاض مفاجئ للسمع في أذن واحدة

قالت الدكتورة مورا كوسيتي، مديرة معهد الأذن في مستشفى نيويورك للعيون والأذن: «إذا عانى شخص ما من فقدان سمع مفاجئ وغير مبرر في أذن واحدة فقط، فعليه مراجعة الطبيب فوراً». وأضافت: «تشمل التفاصيل المهمة حدوث فقدان سمع مفاجئ في أذن واحدة فقط. قد يصعب أحياناً تحديد ذلك، ولكن إحدى الطرق السهلة هي عدم القدرة على سماع صوت الجوال أو سماعات الرأس في أذن معينة».

وأوضحت أن هذا الانخفاض قد يكون علامة على فقدان السمع الحسي العصبي المفاجئ، الذي يتطلب علاجاً فورياً.

الاستماع إلى التلفزيون بصوت عالٍ

تقول جين: «قد يصعب على ضعاف السمع متابعة البرامج التلفزيونية ذات الحوارات السريعة أو ذات الضوضاء العالية في الخلفية، إذ غالباً ما تطغى على الحوارات المهمة».

في هذه الحالات، يميل الناس إلى رفع مستوى الصوت. وينطبق الأمر نفسه على مستوى صوت جوالك.

الشكوى من التمتمة

انتبه لتكرار شكواك من تمتمة الناس وعدم وضوح كلامهم.

تقول جين شوماخر: «غالباً ما يعجز الأشخاص الذين يعانون من فقدان السمع عن سماع ترددات الكلام عالية النبرة، التي غالباً ما تُعطي وضوحاً ومعنى للكلمة، مما يجعلهم يشعرون وكأنهم يسمعون الصوت لكنهم لا يفهمونه تماماً».

بالطبع، يتمتم بعض الناس، ولكن إذا تكررت هذه الحالة بشكل زائد، فقد تكون تعاني من فقدان السمع.

صعوبة متابعة المحادثات مع وجود ضوضاء في الخلفية

تقول سويلز: «قد تلاحظ أن متابعة المحادثات في التجمعات أو البيئات الصاخبة، مثل المطاعم أو الاجتماعات، تصبح أكثر صعوبة». وأضاف: «يُرجع كثيرون ذلك إلى عوامل التشتيت أو الضوضاء في الخلفية، ولكن هذا قد يكون مؤشراً مبكراً رئيساً على فقدان السمع».

كما هي الحال مع الشعور بأن الجميع يتمتمون، فإن صعوبة السمع مع وجود ضوضاء في الخلفية قد تشير إلى تراجع القدرة على سماع الأصوات ذات النغمات العالية.