«لام شمسية» يطرح ظاهرة «البيدوفيليا» درامياً للمرة الأولى

أبطال العمل يحصدون إشادات... والكاتبة تدعو لحماية بطله الصغير

أمينة خليل والطفل علي البيلي في لقطة من مسلسل «لام شمسية» (الشركة المنتجة)
أمينة خليل والطفل علي البيلي في لقطة من مسلسل «لام شمسية» (الشركة المنتجة)
TT
20

«لام شمسية» يطرح ظاهرة «البيدوفيليا» درامياً للمرة الأولى

أمينة خليل والطفل علي البيلي في لقطة من مسلسل «لام شمسية» (الشركة المنتجة)
أمينة خليل والطفل علي البيلي في لقطة من مسلسل «لام شمسية» (الشركة المنتجة)

تباينت الآراء والتعليقات في مواقع التواصل حول القضية التي يتناولها المسلسل المصري «لام شمسية»، للمرة الأولى، وهي قضية «البيدوفيليا» أو التحرُّش بالأطفال؛ إذ يرى البعض أنها جدلية وتتطلَّب معالجتها سياقات بعيدة عن العرض الدرامي، بينما يرى آخرون أنّ المسلسل يدقّ ناقوس الخطر بمعالجة هذه الظاهرة درامياً للمرة الأولى، ويوجّه رسالة للأسرة للحرص على توعية أبنائهم.

وحصدت شخصية «يوسف»، التي يجسّدها الطفل علي البيلي، إشادات بعد ظهوره في دور مَن يتعرَّض للتحرُّش من صديق والده المقرَّب، لكنه واجه أيضاً انتقادات في مواقع التواصل، إذ رفض البعض تقديمه هذا الدور المركَّب وتعرّضه لسلبيات ربما قد توثّر فيه مستقبلاً نتيجة عدم الخروج من الشخصية بسهولة، حتى إنَّ البعض تساءل: كيف سمحت أسرته بتقديمه هذه الشخصية؟

مسلسل «لام شمسية» يناقش قضية «البيدوفيليا» (الشركة المنتجة)
مسلسل «لام شمسية» يناقش قضية «البيدوفيليا» (الشركة المنتجة)

الأمر الذي دعا مُخرج العمل كريم الشناوي للردّ، عبر حسابه الرسمي في «فيسبوك»، مؤكداً أنهم سُعداء بالطفل وعائلته التي دعمته وشجَّعت موهبته بالمتابعة والتنسيق لحظة بلحظة، لافتاً إلى أنهم حرصوا على سلامته النفسية وجميع الأطفال بالمسلسل.

وأكد الشناوي وجود أحد أعضاء المجلس القومي للأمومة والطفولة بمصر، خلال التصوير؛ لضمان السلامة النفسية للأطفال، بالإضافة إلى خضوع فريق العمل للتدريب أيضاً على سبل التعامل معهم.

أمينة خليل تتصدَّر الملصق الترويجي لمسلسل «لام شمسية» (صفحتها في «فيسبوك»)
أمينة خليل تتصدَّر الملصق الترويجي لمسلسل «لام شمسية» (صفحتها في «فيسبوك»)

بدوره، رأى الناقد الفنّي المصري طارق الشناوي أنّ المسلسل أثبت أنَّ أكثر الأخطاء والمشكلات التي نعيشها، من الممكن طرحها درامياً، مشيراً إلى أن مصطلح «قضايا مسكوت عنها» لم يعد موجوداً.

وأضاف، لـ«الشرق الأوسط»: «طرح هذه القضايا كان الشغل الشاغل لكثيرين، وصنَّاع المسلسل قدّموا القضية بذكاء وسلاسة وإبداع فنّي وتشويق حتى الآن، بجانب حرصهم على الاستعانة بلجانٍ متخصّصة أشرفت على التنفيذ، ومنحتنا ثقة أكثر بأنَّ الدراما قادرة على خَرْق جميع المسائل الشائكة التي يعيشها المجتمع».

أمينة خليل في لقطة من العمل (الشركة المنتجة)
أمينة خليل في لقطة من العمل (الشركة المنتجة)

وأضاءت الحلقات الأولى من «لام شمسية» على العلاقة الأسرية التي تجمع «وسام» صديق الأب (محمد شاهين) بأسرة الطفل «يوسف»؛ ومع توالي الأحداث تتّهم الأم «نيللي» (أمينة خليل)، «وسام»، بالتحرُّش بابنها، وتُخبر زوجها «طارق» (أحمد السعدني)، لكنّ «وسام» ينكر التهمة، فيندفع الأب نحوه للانتقام، بعد تأكيد زوجته فعلته.

وتتوالى أحداث الحلقات الأولى بعد إصابة «وسام» ودخوله المستشفى والخروج منه لاحقاً والعودة إلى عمله، كما تعود «نيللي» إلى عملها في المدرسة، وتستمع إلى نصائح زميلتها في مراقبة الطفل وألعابه، في حين يعاود «يوسف» الحديث مع «وسام» مجدداً، وسط حيرة متابعين وتفسير بعضهم تصرُّف الطفل بمتلازمة «أستوكهولم»؛ وهي تعاطف الضحية مع الجاني.

المسلسل من بطولة أمينة خليل وأحمد السعدني ومحمد شاهين ويسرا اللوزي والطفل علي البيلي، ومن تأليف مريم نعوم (ورشة سرد)، وإخراج كريم الشناوي.

وتفاعلت الكاتبة مريم نعوم مع الجدل بتعليقها، عبر صفحتها في «فيسبوك»: «أكتب بكوني أماً، راجيةً الناس ألا يُحمِّلوا الطفل، بطل المسلسل، فوق طاقته عبر منشورات تتضمّن أسئلة مُربكة أو مؤذية أو تعليقات تصم الشخصية أو تحليلات غير علمية». وتابعت: «الطفل يتمتّع بشجاعة كبيرة أكثر من غيره»، موضحةً أن «الهدف الجماعي أهم بكثير من التعليقات الفردية التي تضرّ».

علي البيلي يتصدَّر الملصق الترويجي لمسلسل «لام شمسية» (فيسبوك)
علي البيلي يتصدَّر الملصق الترويجي لمسلسل «لام شمسية» (فيسبوك)

من جهته، وصف الناقد الفنّي المصري محمد عبد الرحمن مسلسل «لام شمسية» بأنه «من أهم أعمال الموسم الرمضاني الحالي، وسيكون من أهم مسلسلات المرحلة، خصوصاً أنّ هذه القضية لم تتناولها الدراما المصرية من قبل».

وأضاف، لـ«الشرق الأوسط»: «تناول قضية التحرُّش التي تثير قلق كثير من الأُسر حول كيفية حماية أطفالهم، مسألة مهمة، لكن الأهم الطريقة المناسبة التي قدَّمها صنَّاع الدراما لتلائم العرض في موسم رمضان، والتي لا ينقصها المتعة الدرامية وعناصر الجذب التي تجعل الجمهور يستمتع بأداء جميع الفنانين».

وأشاد عبد الرحمن بالمسلسل قائلاً إنه «يُجدّد دماء الدراما التي يجب أن تتناول جميع أنواع القضايا؛ لأننا دائماً نشكو التكرار في القصص الفنّية المعروضة».


مقالات ذات صلة

«قهوة المحطة»... دراما الجريمة والغموض تستلهم «تراجيديا شكسبير»

يوميات الشرق نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)

«قهوة المحطة»... دراما الجريمة والغموض تستلهم «تراجيديا شكسبير»

لا يصبح مقتل «مؤمن» مجرد حدث درامي، بل يتحول إلى انعكاس لفكرة أساسية يطرحها العمل، وهي كيف تصبح الحياة نفسها مأساة كبرى.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق أسيل عمران في دور هبة أم بطل القصة الطفل يوسف (الشرق الأوسط)

​أسيل عمران: «لام شمسية» يطرح تساؤلات شائكة عن الأمومة

بعد غيابٍ دام نحو 3 سنوات عن الدراما التلفزيونية تعود الممثلة السعودية أسيل عمران من خلال مسلسل (لام شمسية) الذي يشكّل أولى تجاربها في الدراما المصرية

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق مسلسل «سيد الناس» يواجه اتهامات في بلاغ للنائب العام  (الشركة المنتجة)

بلاغ للنائب العام في مصر يطالب بوقف مسلسل «سيد الناس»

في خطوة تصعيدية ضمن توابع الاعتراضات على بعض موضوعات الدراما الرمضانية، تَقدَّم محامٍ مصري ببلاغ للنائب العام، يطالب فيه بوقف مسلسل «سيد الناس».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق فتحي عبد الوهاب وأحمد عزمي من كواليس التصوير (الشركة المنتجة)

مسلسل «ظلم المصطبة» يُعيد دراما الريف إلى الواجهة بمصر

يُعيد مسلسل «ظلم المصطبة» الذي بدأ عرضه في النصف الثاني من شهر رمضان الحالي، دراما الريف إلى الواجهة في مصر، بعد سنوات من غيابها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق سوسن بدر في لقطة من مسلسل «الباء تحته نقطة» (الشركة المنتجة)

سوسن بدر: «الباء تحته نقطة» يحتفي بقرار تعليم السيدات في الإمارات

أعربت الفنانة المصرية سوسن بدر عن فخرها بمشاركتها في المسلسل الإماراتي «الباء تحته نقطة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«قهوة المحطة»... دراما الجريمة والغموض تستلهم «تراجيديا شكسبير»

نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)
نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)
TT
20

«قهوة المحطة»... دراما الجريمة والغموض تستلهم «تراجيديا شكسبير»

نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)
نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)

يخوض المسلسل المصري «قهوة المحطة» تجربة جديدة في عالم الجريمة والغموض؛ إذ تنطلق أحداثه من خلال الشاب «مؤمن الصاوي» (يقدم شخصيته الفنان أحمد غزي) الذي نزح من الصعيد إلى القاهرة بحثاً عن حلم النجومية، لكنه يواجه سلسلة من الأزمات؛ إذ يتم سرقة حقيبته التي تحوي مصوغات والدته الذهبية فور وصوله إلى محطة القطار، لتتوالى بعدها الأحداث التي تبدأ بمقتله في ظروف غامضة داخل قهوة المحطة خلال لحظة انقطاع مفاجئ للكهرباء لا يتجاوز بضع ثوانٍ، وهو ما يضع الجميع أمام لغز معقد تحاول التحقيقات كشفه، لتتكشف خلاله شخصيات المسلسل تباعاً.

لا يصبح مقتل «مؤمن» مجرد حدث درامي، بل يتحول إلى انعكاس لفكرة أساسية يطرحها العمل، وهي كيف تصبح الحياة نفسها مأساة كبرى؛ إذ الأبطال محاصرون في دوائر مأساوية تلاحقهم دون رحمة.

بيومي فؤاد أثناء كواليس تصوير المسلسل (الشركة المنتجة)
بيومي فؤاد أثناء كواليس تصوير المسلسل (الشركة المنتجة)

المسلسل الذي بدأ عرضه في النصف الثاني من رمضان ضمن المسلسلات القصيرة (15 حلقة) حظي باهتمام لافت، ولا سيما أن مؤلفه الكاتب عبد الرحيم كمال بات من أهم مؤلفي الدراما المصرية خلال الـ15 عاماً الأخيرة، ومن أعماله: «الرحايا»، و«ونوس»، و«جزيرة غمام»، و«الحشاشين». كما تولى مؤخراً مسؤولية الرقابة على المصنفات الفنية.

يعتمد عمل «قهوة المحطة» على البطولة الجماعية بامتياز من خلال أبطاله: أحمد غزي، وأحمد خالد صالح، وبيومي فؤاد، وهالة صدقي، ورياض الخولي، وانتصار، وحسن أبو الروس، وفاتن سعيد، وعلاء عوض، وعلاء مرسي، وضياء عبد الخالق. وهو من إخراج إسلام خيري، ومن إنتاج «سينرجي» التي أقامت مسابقة بين المشاهدين للبحث عن القاتل بجوائز مالية.

أحمد غزي وفاتن سعيد في كواليس تصوير أحد المشاهد (الشركة المنتجة)
أحمد غزي وفاتن سعيد في كواليس تصوير أحد المشاهد (الشركة المنتجة)

وأشاد مغردون على منصة «إكس» (X) بالمسلسل، وقالوا إنه يغرد خارج السرب من خلال عمق الحوار والشخصيات، وإن به غموضاً وفلسفة وروحانيات، وتأخذنا المَشاهد لعمق الحياة عبر شخصية بسيطة عادية. ووصفوه بـ«الفن الراقي» و«الإحساس العالي».

ويحمل بطل المسلسل الباحث عن فرصة ليصبح ممثلاً، كتاب «المآسي الكبرى» للكاتب الإنجليزي وليام شكسبير الذي يحوي داخله مسرحياته المأساوية («هاملت»، و«ماكبث»، و«عطيل»، و«الملك لير»)، كما لو كانت إشارة رمزية إلى طبيعة القصة التي ترمز لمأساة الإنسان، في حين تأتي أغنية تتر المسلسل لتؤكد المعنى: «يا وعدي على الأيام... بتعدي بينا قوام»، والتي كتبها الشاعر عبد الرحيم منصور، وهي من ألحان وغناء أحمد منيب، وقد طُرحت قبل 40 عاماً.

بيومي فؤاد ابتعد عن الكوميديا في المسلسل (الشركة المنتجة)
بيومي فؤاد ابتعد عن الكوميديا في المسلسل (الشركة المنتجة)

المقهى في المسلسل ليس مجرد مكان لتناول المشروبات، بل هو عالم قائم بذاته، تملأه الحركة، والحكايات التي لا تنتهي، حيث يلتقي المسافرون القادمون من الجنوب والشمال في رحلتهم إلى قلب العاصمة القاهرة، بحثاً عن فرصة عمل، أو لتحقيق أحلام طال انتظارها، وسط زحام الحياة. ويسلط المسلسل الضوء على تفاصيل الحياة اليومية داخل المقهى المتواضع الذي يقع بجوار محطة سكك حديد الجيزة.

يقدم أبطال العمل أداء لافتاً بإتقان اللهجة الصعيدية والتوحد مع شخصياتهم، وكأن العمل يعيد اكتشافهم. وأشاد الناقد محمود عبد الشكور بأداء الفنان أحمد غزي، مؤكداً أنه مشروع ممثل مهم، وكتب عبر حسابه بـ«فيسبوك»: «لا تصدق أن هذا الشاب الصعيدي الجالس على (قهوة المحطة) قد درس إدارة الأعمال في إنجلترا، بل ملامحه مصرية وصعيدية جداً، وهو من أفضل اختيارات الممثلين في المسلسل».

ولا يكتفي عبد الرحيم كمال بصياغة حبكة بوليسية للعمل، بل يغوص في أعماق الشخصيات ليكشف عن جراحهم الداخلية؛ فنجد «المعلم رياض» (بيومي فؤاد)، صاحب المقهى، يخفي خلف قوته الظاهرية مرض السرطان الذي ينهش جسده، في حين يعاني خذلان ابنه المدمن؛ ما يجعله في مواجهة مزدوجة مع الموت وعقوق الأبناء. أما «المقدم عمر موافي» (أحمد خالد صالح) الذي يحقق في القضية، فهو نموذج آخر للمعاناة؛ إذ يحمل عبء فقدان زوجته، ويحاول التكيف مع مسؤولية تربية ابنه بمفرده، ليصبح جزءاً من شبكة الألم التي تربط شخصيات العمل ببعضها.

رياض الخولي في أحد مشاهد العمل (الشركة المنتجة)
رياض الخولي في أحد مشاهد العمل (الشركة المنتجة)

وبحسب الناقد خالد محمود، فإن المسلسل يبدو كما لو كان «قهوة الحياة»؛ إذ يكشف في كل حلقة شخصية جديدة مرتبطة بالجريمة التي اتخذها المسلسل ذريعة يُدين بها المجتمع بأسره، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه من خلال التحقيقات تتكشف حقيقة هذه الشخصيات، ليكشف العمل عن عوالم جديدة وشخصيات مُدانة، محتفظاً بلغز الحادثة حتى النهاية.

ويلفت محمود إلى أن «المسلسل أتاح فرصة كاملة لمجموعة من الممثلين ليكشفوا عن لحظات إبداعهم الكبيرة؛ فقدم كل من بيومي فؤاد وعلاء مرسي أداء مدهشاً، كما راهن العمل على أحمد غزي في تقديم شخصية مثقفة ومركبة للشاب الباحث عن حلمه في القاهرة، والممثلة فاتن سعيد في شخصية (شروق)». وخلص إلى أن «المسلسل تم تقديمه بذكاء ولغة مختلفة عبر دراما بوليسية تعتمد على كشف وتشريح وإدانة شخصيات المجتمع خلال رحلة البحث عن المجرم».

ويشيد الناقد ببراعة الكتابة لعبد الرحيم كمال عبر سرد مغاير، والإخراج الذي استوعب الرسالة، وبرع في اختيارات الممثلين.