«قهوة المحطة»... دراما الجريمة والغموض تستلهم «تراجيديا شكسبير»

المسلسل الرمضاني المصري من بطولة بيومي فؤاد وأحمد غزي وهالة صدقي

نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)
نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)
TT

«قهوة المحطة»... دراما الجريمة والغموض تستلهم «تراجيديا شكسبير»

نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)
نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)

يخوض المسلسل المصري «قهوة المحطة» تجربة جديدة في عالم الجريمة والغموض؛ إذ تنطلق أحداثه من خلال الشاب «مؤمن الصاوي» (يقدم شخصيته الفنان أحمد غزي) الذي نزح من الصعيد إلى القاهرة بحثاً عن حلم النجومية، لكنه يواجه سلسلة من الأزمات؛ إذ يتم سرقة حقيبته التي تحوي مصوغات والدته الذهبية فور وصوله إلى محطة القطار، لتتوالى بعدها الأحداث التي تبدأ بمقتله في ظروف غامضة داخل قهوة المحطة خلال لحظة انقطاع مفاجئ للكهرباء لا يتجاوز بضع ثوانٍ، وهو ما يضع الجميع أمام لغز معقد تحاول التحقيقات كشفه، لتتكشف خلاله شخصيات المسلسل تباعاً.

لا يصبح مقتل «مؤمن» مجرد حدث درامي، بل يتحول إلى انعكاس لفكرة أساسية يطرحها العمل، وهي كيف تصبح الحياة نفسها مأساة كبرى؛ إذ الأبطال محاصرون في دوائر مأساوية تلاحقهم دون رحمة.

بيومي فؤاد أثناء كواليس تصوير المسلسل (الشركة المنتجة)

المسلسل الذي بدأ عرضه في النصف الثاني من رمضان ضمن المسلسلات القصيرة (15 حلقة) حظي باهتمام لافت، ولا سيما أن مؤلفه الكاتب عبد الرحيم كمال بات من أهم مؤلفي الدراما المصرية خلال الـ15 عاماً الأخيرة، ومن أعماله: «الرحايا»، و«ونوس»، و«جزيرة غمام»، و«الحشاشين». كما تولى مؤخراً مسؤولية الرقابة على المصنفات الفنية.

يعتمد عمل «قهوة المحطة» على البطولة الجماعية بامتياز من خلال أبطاله: أحمد غزي، وأحمد خالد صالح، وبيومي فؤاد، وهالة صدقي، ورياض الخولي، وانتصار، وحسن أبو الروس، وفاتن سعيد، وعلاء عوض، وعلاء مرسي، وضياء عبد الخالق. وهو من إخراج إسلام خيري، ومن إنتاج «سينرجي» التي أقامت مسابقة بين المشاهدين للبحث عن القاتل بجوائز مالية.

أحمد غزي وفاتن سعيد في كواليس تصوير أحد المشاهد (الشركة المنتجة)

وأشاد مغردون على منصة «إكس» (X) بالمسلسل، وقالوا إنه يغرد خارج السرب من خلال عمق الحوار والشخصيات، وإن به غموضاً وفلسفة وروحانيات، وتأخذنا المَشاهد لعمق الحياة عبر شخصية بسيطة عادية. ووصفوه بـ«الفن الراقي» و«الإحساس العالي».

ويحمل بطل المسلسل الباحث عن فرصة ليصبح ممثلاً، كتاب «المآسي الكبرى» للكاتب الإنجليزي وليام شكسبير الذي يحوي داخله مسرحياته المأساوية («هاملت»، و«ماكبث»، و«عطيل»، و«الملك لير»)، كما لو كانت إشارة رمزية إلى طبيعة القصة التي ترمز لمأساة الإنسان، في حين تأتي أغنية تتر المسلسل لتؤكد المعنى: «يا وعدي على الأيام... بتعدي بينا قوام»، والتي كتبها الشاعر عبد الرحيم منصور، وهي من ألحان وغناء أحمد منيب، وقد طُرحت قبل 40 عاماً.

بيومي فؤاد ابتعد عن الكوميديا في المسلسل (الشركة المنتجة)

المقهى في المسلسل ليس مجرد مكان لتناول المشروبات، بل هو عالم قائم بذاته، تملأه الحركة، والحكايات التي لا تنتهي، حيث يلتقي المسافرون القادمون من الجنوب والشمال في رحلتهم إلى قلب العاصمة القاهرة، بحثاً عن فرصة عمل، أو لتحقيق أحلام طال انتظارها، وسط زحام الحياة. ويسلط المسلسل الضوء على تفاصيل الحياة اليومية داخل المقهى المتواضع الذي يقع بجوار محطة سكك حديد الجيزة.

يقدم أبطال العمل أداء لافتاً بإتقان اللهجة الصعيدية والتوحد مع شخصياتهم، وكأن العمل يعيد اكتشافهم. وأشاد الناقد محمود عبد الشكور بأداء الفنان أحمد غزي، مؤكداً أنه مشروع ممثل مهم، وكتب عبر حسابه بـ«فيسبوك»: «لا تصدق أن هذا الشاب الصعيدي الجالس على (قهوة المحطة) قد درس إدارة الأعمال في إنجلترا، بل ملامحه مصرية وصعيدية جداً، وهو من أفضل اختيارات الممثلين في المسلسل».

ولا يكتفي عبد الرحيم كمال بصياغة حبكة بوليسية للعمل، بل يغوص في أعماق الشخصيات ليكشف عن جراحهم الداخلية؛ فنجد «المعلم رياض» (بيومي فؤاد)، صاحب المقهى، يخفي خلف قوته الظاهرية مرض السرطان الذي ينهش جسده، في حين يعاني خذلان ابنه المدمن؛ ما يجعله في مواجهة مزدوجة مع الموت وعقوق الأبناء. أما «المقدم عمر موافي» (أحمد خالد صالح) الذي يحقق في القضية، فهو نموذج آخر للمعاناة؛ إذ يحمل عبء فقدان زوجته، ويحاول التكيف مع مسؤولية تربية ابنه بمفرده، ليصبح جزءاً من شبكة الألم التي تربط شخصيات العمل ببعضها.

رياض الخولي في أحد مشاهد العمل (الشركة المنتجة)

وبحسب الناقد خالد محمود، فإن المسلسل يبدو كما لو كان «قهوة الحياة»؛ إذ يكشف في كل حلقة شخصية جديدة مرتبطة بالجريمة التي اتخذها المسلسل ذريعة يُدين بها المجتمع بأسره، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه من خلال التحقيقات تتكشف حقيقة هذه الشخصيات، ليكشف العمل عن عوالم جديدة وشخصيات مُدانة، محتفظاً بلغز الحادثة حتى النهاية.

ويلفت محمود إلى أن «المسلسل أتاح فرصة كاملة لمجموعة من الممثلين ليكشفوا عن لحظات إبداعهم الكبيرة؛ فقدم كل من بيومي فؤاد وعلاء مرسي أداء مدهشاً، كما راهن العمل على أحمد غزي في تقديم شخصية مثقفة ومركبة للشاب الباحث عن حلمه في القاهرة، والممثلة فاتن سعيد في شخصية (شروق)». وخلص إلى أن «المسلسل تم تقديمه بذكاء ولغة مختلفة عبر دراما بوليسية تعتمد على كشف وتشريح وإدانة شخصيات المجتمع خلال رحلة البحث عن المجرم».

ويشيد الناقد ببراعة الكتابة لعبد الرحيم كمال عبر سرد مغاير، والإخراج الذي استوعب الرسالة، وبرع في اختيارات الممثلين.


مقالات ذات صلة

فتحي عبد الوهاب: أتقنت «اللهجة الفلاحي» من أجل «ظلم المصطبة»

يوميات الشرق مشهد من كواليس تصوير مسلسل «ظلم المصطبة» (الشركة المنتجة)

فتحي عبد الوهاب: أتقنت «اللهجة الفلاحي» من أجل «ظلم المصطبة»

قال الفنان المصري فتحي عبد الوهاب إنه بذل مجهوداً كبيراً لإتقان «اللهجة الفلاحي» لتأدية دوره في مسلسل «ظلم المصطبة» الذي خاض سباق الدراما رمضان الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق المسلسل الدنماركي Secrets We Keep يحقق نسبة مشاهدات مرتفعة (نتفليكس)

تجربة دنماركية ناجحة بعنوان Secrets We Keep على «نتفليكس»

عناصر كثيرة ساهمت في تقدّم Secrets We Keep على سواه من المسلسلات، من بينها الحبكة المشوّقة، ولغز الجريمة، والتصوير المحترف، والمواضيع المؤثرة التي يطرحها.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق أحمد رزق مع بعض أبطال المسلسل (قناة إم بي سي مصر)

«حرب الجبالي»... دراما مصرية حول صراع الثروة والنفوذ

جذبت الحلقات الأولى من مسلسل «حرب الجبالي» اهتمام الجمهور وتفاعلهم مع طبيعة المسلسل وأحداثه، وتصدَّرَ اسمه «التريند» على «إكس» في مصر.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «طريق» (شركة الصبّاح)

ميثاق دعم المرأة في صناعة الدراما اللبنانية... خطوة رائدة نحو بيئات عمل آمنة

تهدف المبادرة إلى خلق بيئات عمل آمنة ومحترمة للنساء العاملات في مجالات السينما والتلفزيون، من خلال ميثاقية ملزمة وتوفير الدعم القانوني والتدريبي لهنَّ.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق بوستر «حرب الجبالي» (إم بي سي)

مسلسلات جديدة تُنعش الشاشات بموسم الصيف في مصر

تبدأ قنوات مصرية عرض أعمال جديدة خلال الفترة المقبلة ليبدأ سباق «الأوف سيزون».

انتصار دردير (القاهرة )

«المشروع X» يتصدر شُباك التذاكر بمصر... و«ريستارت» يستعد للمنافسة

الفنان كريم عبد العزيز بطل فيلم «المشروع X» (صفحة الفنان على «فيسبوك»)
الفنان كريم عبد العزيز بطل فيلم «المشروع X» (صفحة الفنان على «فيسبوك»)
TT

«المشروع X» يتصدر شُباك التذاكر بمصر... و«ريستارت» يستعد للمنافسة

الفنان كريم عبد العزيز بطل فيلم «المشروع X» (صفحة الفنان على «فيسبوك»)
الفنان كريم عبد العزيز بطل فيلم «المشروع X» (صفحة الفنان على «فيسبوك»)

تصدَّر فيلم «المشروع X»، الذي انطلق عرضه قبل يومين، إيرادات شُباك التذاكر بمصر. وينافس الفيلم، الذي تدور قصته حول «أسرار الهرم الأكبر»، ضمن سباق الموسم السينمائي الجديد، خلال موسميْ «عيد الأضحى» و«الصيف»، حيث حقق إيرادات تجاوزت 8 ملايين جنيه (الدولار يساوي 49.9 جنيه في البنوك المصرية) خلال يومين، وفق بيان الموزِّع السينمائي المصري محمود الدفراوي.

وكان فيلم «سيكو سيكو»، الذي بدأ عرضه نهاية شهر مارس (آذار) الماضي، يتصدر إيرادات شباك التذاكر، إلا أنه جاء في المرتبة الثانية بعد «المشروع x»، في حين جرى رفع فيلميْ «استنساخ»، و«فار بـ7 أرواح» من قائمة الإيرادات، واستمرار عرض فيلميْ «الصفا الثانوية بنات»، و«نجوم الساحل»، وفق بيان الموزِّع المصري.

وفيلم «المشروع X»، بطولة كريم عبد العزيز، وياسمين صبري، وإياد نصار، وعصام السقا، وأحمد غزي، ومصطفى غريب، تأليف وإخراج بيتر ميمي، وشاركه في كتابة السيناريو والحوار أحمد حسني.

الملصق الترويجي لفيلم «المشروع X» (فيسبوك)

في السياق نفسه، يستعد الفنان تامر حسني للمنافسة عبر فيلم «ريستارت»، ويشاركه البطولة هنا الزاهد، وباسم سمرة، من تأليف أيمن بهجت قمر، وإخراج سارة وفيق، وتدور أحداثه في إطار كوميدي، كما يشهد الفيلم، المقرَّر عرضه يوم 29 مايو (أيار) الحالي بمصر والدول العربية، تقديم حسني ورضا البحراوي «ديو» غنائياً بعنوان «المقص».

ويرجع الناقد الفني المصري كمال القاضي سر الانطلاقة القوية لفيلم «مشروع X» وتصدُّره الإيرادات، إلى عدة عوامل؛ أولها «رصيد الأبطال الشعبي والجماهيري»، وثانياً «احترافية بيتر ميمي بوصفه مؤلف القصة ومخرج الفيلم».

وقال القاضي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «طبيعة الموضوع، وتقنيات التصوير المتقدمة، والقدرة على الإقناع بأجواء المغامرة، هذه الحالة تحديداً من عوامل الجذب لدى القطاع الأكبر من جمهور الشباب الذي يمثل القوة المؤثرة في شُباك التذاكر، والداعم الاقتصادي الأول لصناعة السينما».

ويتوقع القاضي أن تكون «المنافسة في موسم الصيف حادّة بصورة واضحة، وربما تحمل بعض المفاجآت وتُغير كثيراً من حسابات المنتِجين ومقاييسهم التقليدية». وأضاف: «أتوقع أن فيلم (ريستارت) سيخوض المنافسة؛ لأن الظهير الشعبي لتامر حسني المطرب لم يضعف تماماً، فما زالت هناك احتمالات لصمود فيلمه، ولكن في حدود معينة».

وتدور أحداث «المشروع X» في إطار من الغموض والإثارة والتشويق و«الأكشن»، حول عالِم المصريات «يوسف الجمال»، ويجسد دوره كريم عبد العزيز الذي يفقد زوجته «شمس»، والتي تُقدم دورها هنا الزاهد، من جهة مُعادية لما يقومون به من أبحاث تتعلق بالهرم، حيث يدخل يوسف مستشفى للأمراض العقلية بتهمة قتل زوجته.

الملصق الترويجي لفيلم «ريستارت» (حساب أيمن بهجت قمر بـ«فيسبوك»)

وتتوالى الأحداث بالفيلم الذي جرى تصويره في عدة دول؛ من بينها مصر، والفاتيكان، وإيطاليا، وتركيا، حيث يقوم إياد نصار؛ والذي يقدم شخصية «آسر»، بأخذه من المستشفى ليذهبا في رحلة لاكتشاف أسرار الهرم، بالتعاون مع «مريم» التي تقدم شخصيتها الفنانة ياسمين صبري، حيث يخوضون رحلة محفوفة بالمخاطر والتحديات.

ويرى الناقد الفني المصري محمد عبد الرحمن أن تصدُّر «المشروع X» شُباك التذاكر أمر طبيعي، ولا يمكننا مقارنة إيراداته بأي فيلم آخر معروض في الوقت الحالي، مثل فيلم «سيكو سيكو»، الذي حقق إيرادات تجاوزت 175 مليون جنيه، خلال 6 أسابيع، وفق قوله، بل ستجري مقارنته مع الأفلام التي ستُعرَض بالتوازي في الموسم نفسه مثل فيلم «ريستارت»، بطولة تامر حسني.

ويضيف عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الظاهرة بشكل عام تؤكد أن أفلام هذه المرحلة باتت قادرة على تحقيق إيرادات مليونية خلال أسابيع». ويرى أن «طرح فيلم (المشروع X)، قبل العيد بأسبوعين، وكذلك (ريستارت)، قبل العيد بأسبوع يمهد الطريق لهذين الفيلمين لتحقيق إيرادات كبيرة».