مسلسل «ظلم المصطبة» يُعيد دراما الريف إلى الواجهة بمصر

إشادات نقدية بإخراج العمل وأداء ريهام عبد الغفور

فتحي عبد الوهاب وأحمد عزمي من كواليس التصوير (الشركة المنتجة)
فتحي عبد الوهاب وأحمد عزمي من كواليس التصوير (الشركة المنتجة)
TT

مسلسل «ظلم المصطبة» يُعيد دراما الريف إلى الواجهة بمصر

فتحي عبد الوهاب وأحمد عزمي من كواليس التصوير (الشركة المنتجة)
فتحي عبد الوهاب وأحمد عزمي من كواليس التصوير (الشركة المنتجة)

يُعيد مسلسل «ظلم المصطبة»، الذي بدأ عرضه في النصف الثاني من شهر رمضان، دراما الريف إلى الواجهة في مصر، بعد سنوات من غيابها؛ حيث تدور أحداثه في إحدى قرى محافظة البحيرة (دلتا مصر).

العمل الذي يقوم ببطولته فتحي عبد الوهاب وإياد نصار وريهام عبد الغفور وبسمة، ومن تأليف أحمد فوزي صالح وإخراج محمد علي، ينطلق من عودة «حسن»، الذي يقوم بدوره إياد نصار، إلى قريته بعد سنوات من الغياب، ليجد صديق عمره «أحمد» الذي يقوم بدوره فتحي عبد الوهاب قد تزوَّج من حبيبته «هند»، التي تقوم بدورها ريهام عبد الغفور، وأنجب منها طفلة.

ومع مرور الأحداث، تتكشف تفاصيل عملهما غير المشروع في ليبيا قبل سنوات، واضطرار «أحمد» للهروب بالأموال التي كانت بحوزته بعد علمه بوقوع صديقه في يد المقاتلين قبل عودتهما إلى مصر، ما يجعله يرجع بالأموال، ويدعي بأن صديقه سافر إلى إيطاليا بعد زواجه من سيدة إيطالية، لكنه يفاجأ بعودته بعد 7 سنوات قضاها في السجن، ليكشف تفاصيل ما حدث.

عودة «حسن» لا تكشف فقط تفاصيل ما جرى في ليبيا، بل تُسلط الضوء أيضاً على صدامات عائلية وحياة غير سوية تعيشها العائلات. فـ«هند» حرمت من ميراث عائلتها بسبب حبها السابق لـ«حسن»، الذي كان من المفترض أن يتزوّج شقيقتها. كما أن زوج «هند» يفرض سيطرته على شقيقتها «بسمة»، ويمنعها من الذهاب مع زوجها للعيش معه في الإسكندرية بالقرب من مكان عمله.

فتحي عبد الوهاب في مشهد من المسلسل (الشركة المنتجة)

علاقات معقدة وضغوط باسم العادات والتقاليد تفرض على «هند» الاستجابة لجميع طلبات زوجها الذي يتهمها بالخيانة، ويرفض تطليقها، ويعتدي عليها بالضرب، وصولاً إلى اضطرارها للدفاع عن نفسها ومحاولتها قتله، ثم قرارها الهرب بعيداً عن قريتهم. إضافة إلى ذلك، يرصد المسلسل التغيُّرات التي حدثت لعائلة «أحمد»، والسلطة التي اكتسبوها بسبب الأموال التي عاد بها من ليبيا؛ وتسببت في تغيير نمط حياتهم وأسلوبه بشكل كامل مع سلطة ونفوذ جعلت ما يقوله قرارات واجبة النفاذ على الفور، بما فيها إبعاد أشخاص خارج القرية التي يقيمون فيها.

العمل حصد إشادات كثيرة بسبب أداء أبطاله، من بينهم إشادة السيناريست تامر حبيب، الذي أثنى على مصداقية العمل وواقعيته في تدوينة كتبها عبر حسابه على «فيسبوك». فيما أشاد الإعلامي عمرو أديب بفريق التمثيل، معرباً عن أمله في استمرار التشويق بالأحداث حتى النهاية.

كما حظي العمل بإشادات من الجمهور لأحداثه وطبيعته المختلفة

مسلسل «ظلم المصطبة» يدخل لعالم لم تقترب منه الدراما المصرية منذ فترة طويلة، حسب الناقد محمد عبد الرحمن الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «يتميز المسلسل ليس فقط بتقديمه الريف المصري بعد فترة طويلة لم يظهر خلالها درامياً بشكل غير مألوف، ولكن لكونه يتناول أيضاً العلاقة المعقدة بين الرجل والمرأة، سواء بين الزوج والزوجة أو الحبيب السابق».

وأوضح أن «المسلسل يتميز بواقعية شديدة؛ حيث لا يشعر المشاهد بأن الشخصيات مقحمة أو غير منسجمة مع القصة، لا سيما في ظل الأداء المبهر لفتحي عبد الوهاب وريهام عبد الغفور، مع قدرتهما على إتقان أدوار ليست لها مراجع في ذاكرة الجمهور».

كما يؤكد أن «طريقة تجسيد الشخصيات أسهمت في تعزيز مصداقية العمل، وجعلته أكثر تأثيراً، لافتاً إلى أن المسلسل نجح في تصوير البيئة التي تدور فيها الأحداث بواقعية، وهو ما يُضيف إليه بُعداً اجتماعياً حقيقياً يجعل الجمهور أكثر تفاعلاً مع القصة»، مشيداً في الوقت نفسه بإخراج العمل والتصوير في المواقع الطبيعية للأحداث، وهو ما أضفى مزيداً من الواقعية على المسلسل.

هذا الرأي يدعمه الناقد الفني المصري أندرو محسن، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «المسلسل يقدم شخصيات جديدة وتحولات درامية جريئة، مع تناول الصراعات بأسلوب سريع ومباشر يعكس طبيعة المجتمع الذي تدور فيه الأحداث»، وبـ«تميز العمل وجرأته في الطرح، سواء من حيث الموضوعات التي يناقشها أو طريقة عرضها على الشاشة».

مشهد من المسلسل (الشركة المنتجة)

ولقد تراجع تناول القصص الريفية التي ترصد القرى المصرية في الدلتا منذ سنوات، في حين تشهد صناعة الدراما زخماً في تناول المجتمع الجنوبي (صعيد مصر)، وكان من بين الأعمال التي تناولت دراما الريف المصري في السابق، وحققت نجاحات كبيرة «الوسية» لأحمد عبد العزيز والمخرج إسماعيل عبد الحافظ، و«الوتد» الذي قامت ببطولته الراحلة هدى سلطان للمخرج أحمد النحاس، بالإضافة إلى «الناس في كفر عسكر» الذي قام ببطولته صلاح السعدني، وأخرجه نادر جلال.

ولفت أندرو محسن إلى أن «المجتمع الريفي الذي تناوله المسلسل تحكمه عادات وتقاليد راسخة، تؤثر بشكل قوي على الأفراد، وأحياناً تكون أقوى من المنطق نفسه»، مشيراً إلى أن «سرعة انتقال الأخبار وتداولها في هذه البيئات تجعل التحديات والصراعات أكثر حدة، وهو ما يضيف للدراما طابعاً أكثر واقعية وتأثيراً».

وفي الختام، أشاد محسن بأداء الفنان أحمد عزمي، الذي يجسد شخصية رجل متدين بأسلوب غير نمطي، لتقديمه دوراً مختلفاً بعمق وتفاصيل مميزة، خصوصاً مع المساحة التي أتيحت له داخل العمل، مؤكداً أن «المسلسل تجربة درامية ثرية فنياً».


مقالات ذات صلة

«برستيج»... دراما التشويق تعود إلى واجهة الشاشات المصرية

يوميات الشرق محمد عبد الرحمن وأحمد داود في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«برستيج»... دراما التشويق تعود إلى واجهة الشاشات المصرية

تضرب العاصفة قلب القاهرة. يلجأ عدد من الغرباء إلى مقهى صغير وسط المدينة. تبدأ رحلة عن ملاذ مؤقت. لا أحد يتوقع أن تنقلب تلك الليلة الماطرة الهادئة لنقطة تحوّل.

أحمد عدلي (القاهرة)
سفر وسياحة مشهد من مسلسل "للموت" التقط في اهدن (إنستغرام)

أعمال الدراما تحول لبنان إلى قرية سياحية كبيرة

يهتم متابعو أعمال الدراما بأماكن تصوير المشاهد، وعادة ما يطرح هذا السؤال على أبطال المسلسل عبر الـ«سوشيال ميديا»

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق المخرج المصري محمد فاضل

محمد فاضل: «الضاحك الباكي» ليس بقائمة أعمالي التي أعتز بها

عبّر المخرج المصري محمد فاضل عن سعادته بمنحه «وسام ماسبيرو للإبداع» خلال مؤتمر «الدراما» الذي نظمته «الهيئة الوطنية للإعلام».

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق رئيس «الوطنية للإعلام» خلال حديثه في المؤتمر (الهيئة الوطنية للإعلام)

مؤتمر الدراما المصرية يستعيد «كلاسيكيات الأعمال الفنية»

أكد مشاركون في مؤتمر «الدراما المصرية إلى أين؟»، الذي نظَّمته «الهيئة الوطنية للإعلام»، الثلاثاء، ضرورة عودة التلفزيون للإنتاج الدرامي بعد غيابه لسنوات.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق لبلبة تحتفل بشم النسيم (حسابها على فيسبوك)

إطلالات فنانات مصريات في «شم النسيم» تجذب الاهتمام

لفتت إطلالات فنانات مصريات الاهتمام أثناء احتفالهن بـ«شم النسيم»، الاثنين، حيث عبرن عن سعادتهن بتناول الأسماك المملحة مثل الفسيخ والسردين والمدخنة مثل «الرنجة».

داليا ماهر (القاهرة )

الأوبرا المصرية تستعيد أعمال سيد مكاوي في ذكرى رحيله

الأوبرا المصرية تحتفي بسيد مكاوي (دار الأوبرا المصرية)
الأوبرا المصرية تحتفي بسيد مكاوي (دار الأوبرا المصرية)
TT

الأوبرا المصرية تستعيد أعمال سيد مكاوي في ذكرى رحيله

الأوبرا المصرية تحتفي بسيد مكاوي (دار الأوبرا المصرية)
الأوبرا المصرية تحتفي بسيد مكاوي (دار الأوبرا المصرية)

احتفلت الأوبرا المصرية بذكرى رحيل الموسيقار سيد مكاوي من خلال تقديم روائع ألحانه لكبار المطربين في حفل، مساء الخميس، بالتزامن مع فعاليات أقامها صندوق التنمية الثقافية بالقاهرة الفاطمية احتفاء بالموسيقار الراحل وبالشاعر صلاح جاهين.

فعلى المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية قدمت فرقة الموسيقى العربية للتراث بقيادة المايسترو الدكتور محمد الموجي، عدداً من ألحان الموسيقار الراحل سيد مكاوى، التى تحمل طابعاً مميزاً يمزج الأصالة بالحداثة، من بينها أغاني «أوقاتي بتحلو»، و«شعورى ناحيتك»، و«مصر دايماً مصر»، و«الصهبجية»، و«أنا هنا يا ابن الحلال»، و«وحياتك يا حبيبي»، و«قال إيه بيسألوني»، و«اسأل مرة عليا»، و«حلوين من يومنا»، و«الأرض بتتكلم عربي»، إلى جانب نخبة من الألحان التى جمعت بصمات عدد من كبار الموسيقيين، وفق بيان للأوبرا المصرية.

فيما نظم صندوق التنمية الثقافية، فعالية بعنوان «ليلة الوفاء: في ذكرى رحيل صلاح جاهين وسيد مكاوي»، في قصر الأمير طاز بالقاهرة التاريخية، تكريماً لمسيرة اثنين من أبرز رموز الفن والثقافة في مصر، وتضمنت افتتاح معرض كاريكاتير، بالتعاون مع الجمعية المصرية للكاريكاتير، يضم لوحات تجسّد ملامح من سيرة مكاوي وجاهين، وتعكس تأثيرهما العميق في الوجدان المصري، وتعيد تقديمهما برؤية فنية معاصرة.

وشارك في الفعالية المعماري حمدي السطوحي، رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية، بتقديم عرض تفاعلي بعنوان «رباعيات معمارية»، بمشاركة المخرجة والممثلة عبير لطفي، في تجربة فنية تتداخل فيها عناصر الشعر والصورة مع المعمار، مستوحاة من الرباعيات الشهيرة لصلاح جاهين وأعماله مع الفنان سيد مكاوي.

ويتضمن البرنامج عرضاً فنياً لنتاج ورشة «لحن وكلمة»، التي أُقيمت بإشراف الدكتور علاء فتحي والشاعر سامح محجوب بالتعاون مع الشاعر جمال فتحي والموسيقار خالد عبد الغفار، بتقديم أعمال فنية مستوحاة من تراث جاهين ومكاوي، وتُعيد تقديمهم من منظور إبداعي معاصر.

جانب من احتفالية احتفاء بسيد مكاوي وصلاح جاهين بقصر الأمير طاز (الشرق الأوسط)

ويقول الشاعر جمال فتحي: «الاحتفالية في قصر الأمير طاز انطلقت من فكرة الاحتفاء بسيد مكاوي وصلاح جاهين، وقدمنا أوبريت من كتابتي بعنوان (شارع البخت) نتاج ورشة عمل بين بيت الشعر العربي وبيت الغناء العربي، وقدمنا في البداية تحية للرمزين الكبيرين وذكرنا عملهما الخالد (الليلة الكبيرة)».

وأضاف فتحي لـ«الشرق الأوسط»: «قدمنا خلال الاحتفالية فكرة مختلفة للاحتفاء بالموسيقار سيد مكاوي والشاعر صلاح جاهين، لنؤكد على امتداد إبداعهما عبر الأجيال التالية»، وأوضح أن «سيد مكاوي يمثل بصمة خاصة في عالم الموسيقى والغناء، فقد أخد الطابع الموسيقي التعبيري لدى سيد درويش مع الطابع الطربي لدى زكريا أحمد وجمع بين السمتين في بصمة خاصة تميز أعماله التي اشتهر بها مع أم كلثوم، أو فؤاد حداد في (المسحراتي) أو أعماله في الإذاعة، كل ذلك ترك بصمة في الوجدان وفي الموسيقى المصرية».

وبالتزامن؛ نظم مركز إبداع بيت السحيمي بشارع المعز، عرضاً فنياً بعنوان «رباعيات من زمن فات» لفرقة «ومضة» لعروض خيال الظل والأراجوز، سلطت الضوء على مسيرة (جاهين ومكاوي) الفنية والشخصية، وقدمت نماذج مختارة من أعمالهما الخالدة التي لا تزال تُشكّل علامة فارقة في تاريخ الشعر والغناء والموسيقى المصرية.