كيف يؤثر الشتاء على الأمراض المزمنة؟

توصيات لتفادي تفاقم حالاتها

كيف يؤثر الشتاء على الأمراض المزمنة؟
TT
20

كيف يؤثر الشتاء على الأمراض المزمنة؟

كيف يؤثر الشتاء على الأمراض المزمنة؟

نحمل جميعنا داخل أجسامنا محفزات تؤثر على حدوث حالة صحية معينة. فعلى سبيل المثال، قد يؤدي تناول الطعام الحار إلى حرقة المعدة، أما رفع شيء ثقيل، فقد يسفر عن آلام مزمنة أسفل الظهر.

تفاقم الأمراض في الطقس البارد

وإذا كنت تحاول التكيف مع طقس بارد، فقد تعاني تفاقم أمراض معينة. وفيما يلي أربعة أمراض مزمنة يبدو أنها تتفاقم في الشتاء:

• الصدفية. يحمل الشتاء في جعبته الكثير من المخاطر فيما يخص الأشخاص المصابين بالصدفية psoriasis، التي تسبب ظهور بقع حمراء مرتفعة من الجلد، مغطاة بقشور فضية أو بيضاء. ويمكن أن تحدث التفاقمات نتيجة لجفاف الجلد؛ بسبب التعرض للهواء الساخن داخل الأماكن المغلقة، أو الاستحمام بالماء الساخن لفترة طويلة.

بجانب ذلك، يمكن أن تؤدي بكتيريا الشتاء، مثل العدوى الفيروسية أو التهاب الحلق العقدي strep throat، إلى تفاقم الصدفية. وكذلك التعرض لأشعة الشمس. في هذا الصدد، شرحت الدكتورة سالي تان، مديرة عيادة التهاب الجلد التأتبي Atopic Dermatitis التخصصية، في مركز بيث إسرائيل ديكونيس الطبي، التابع لجامعة هارفارد، أن: «الأشعة فوق البنفسجية، في الواقع علاج للصدفية؛ لأنها تبطئ النمو السريع للجلد المسبب للصدفية».

- التوصيات: تنصح الدكتورة تان: «استحم بماء فاتر لفترة أقصر، واستخدم جهاز ترطيب في المنزل، واحرص على ترطيب بشرتك بكريمات مرطبة خفيفة على الأقل مرة واحدة يومياً، بعد الاستحمام مباشرة؛ وذلك للحفاظ على ترطيب جيد للبشرة، ووقاية حاجز الجلد في أثناء أشهر الشتاء».

وتضيف: «حاول التعرض لأشعة الشمس الطبيعية، لمدة تتراوح بين 10 و15 دقيقة يومياً. وعليك وضع واقٍ من الشمس واسع الطيف، بعامل حماية من الشمس لا يقل عن 30، حتى لو كنت تجلس في الداخل بجوار النافذة».

• الربو. يمكن للكثير من الأشياء التي نستنشقها - مثل حبوب اللقاح أو التلوث - أن تسبب لنا نوبة من الربو، الحالة الرئوية المزمنة، الناجمة عن الالتهاب وتضييق مجاري الهواء. في هذا الصدد، يوضح الدكتور نيكولاس ناسيكاس، اختصاصي أمراض الرئة، في مستشفى بيث إسرائيل ديكونيس: «تختلف المحفزات، لكن معظم المصابين بالربو ينزعجون من تنفس الهواء البارد، الذي يبرد مجاري الهواء ويجففها. ويؤدي ذلك إلى تشنجها وتضييقها، فيما يُعرف بانقباض القصبات الهوائية».

- التوصيات: يقول الدكتور ناسيكاس: «من السهل الحديث عن تجنب المحفزات، لكن الفعل صعب عندما تعيش في ظل مناخ بارد. حاول القيام بأنشطة خارجية خلال فترات اليوم الأكثر دفئاً. وقبل الخروج لأكثر من بضع دقائق، خذ نفساً من جهاز الاستنشاق. وعندما تكون في الخارج، ارتدِ قناعاً؛ ما يساعد في تقليل الأعراض عن طريق تدفئة وترطيب الهواء قبل دخوله إلى الرئتين.

بجانب ذلك، استمر في علاجات الربو الموصوفة، واحرص على الابتعاد عن التلوث الشديد، مثل دخان حفر النار، وتجنب الأمراض الفيروسية، عن طريق غسل يديك وارتداء الكمامات عندما تكون بجوار أشخاص مرضى».

اضطرابات الأوعية والمفاصل

• «مرض رينود». يمثل مرض رينود Raynaud's disease اضطراباً في الأوعية الدموية، ينجم عن البيئات الباردة. وبدلاً عن الاستجابة الطبيعية للطقس البارد، مع تضييق الأوعية الدموية قليلاً، لتوجيه المزيد من الدم والدفء إلى الأعضاء، تأتي الاستجابة مبالَغاً فيها (تشنج الأوعية الدموية).

ويقول الدكتور فاسيليوس كيتاريس، اختصاصي أمراض الروماتيزم، في مستشفى بيث إسرائيل ديكونيس: «تضيق الأوعية الدموية في أصابع اليد والقدم بشكل مفرط، عند التعرض للبرد. ويمكن أن يؤثر هذا على تدفق الدم في أصابع اليد أو القدم المصابة؛ ما قد يسبب شعوراً بالألم».

- التوصيات: تجنب التعرض غير الضروري للبرد، وتأكد من ارتداء ملابس دافئة في الخارج، مثل المعطف والقبعة والقفازات ضرورية. كما أن تدفئة اليدين والقدمين مفيدة للغاية. ارتدِ ملابس الطقس البارد قبل أن تخرج، واحرص على استمرار ارتداء معطفك وقفَّازاتك وقبعتك، وأنت في قسم المجمدات داخل متجر البقالة.

في المنزل، ارفع درجة الحرارة بضع درجات، وامنع دخول الهواء البارد عبر الأبواب والنوافذ التي تتسرب منها التيارات الهوائية. وربما يوصي طبيبك كذلك بتناول دواء موسع للأوعية الدموية.

• التهاب المفاصل Arthritis. يشكو الكثير من المصابين بالتهاب المفاصل (بغض النظر عن نوعه)، من أن الطقس البارد يزيد من آلام المفاصل - فهل هذا صحيح؟ عن ذلك، يقول الدكتور كيتاريس: «يميل بعض الأشخاص إلى الشعور بمزيد من الألم والتصلب، في أثناء ظروف جوية معينة، لكن لا تزال الأبحاث حول الصلة بين الأمرين غير حاسمة».

إلا أن هذا لا يعني أن الأطباء لا يعتقدون بوجود صلة؛ بل إنهم لا يملكون أدلة علمية كافية على وجودها. وربما يؤثر الطقس على بعض الأشخاص المصابين بالتهاب المفاصل فقط.

- التوصيات: إذا شعرت بأن الطقس البارد يجعل أعراض التهاب المفاصل لديك أسوأ، عليك تعزيز نظام علاج التهاب المفاصل الخالي من الحبوب. استخدم العلاج الحراري (مثل وسادة التدفئة أو المرشاش (الدش) الدافئ، أو عليك ارتداء دعامة للمفاصل (مثل كم الركبة) للمساعدة في تقليل الالتهاب. والأهم من ذلك، ممارسة الرياضة. ويمكن أن يقلل النشاط البدني اليومي من الالتهاب ويعزز تدفق الدم، ويساهم كلاهما في تخفيف الألم.

وأخيراً، عليك التحدث إلى طبيبك. وربما تحتاج إلى تعديل الوصفة الطبية أو تناول دواء جديد، أو قد يكون سبب الألم حالة أخرى.

* رسالة هارفارد الصحية - خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

لماذا يُعتبر «عدم القيام بأي شيء» مفيداً أحياناً؟

يوميات الشرق الانشغال المستمر والضغط للقيام دائماً بشيء منتج ومفيد ظاهرياً أمران مرهقان ويأتيان بتكلفة (رويترز)

لماذا يُعتبر «عدم القيام بأي شيء» مفيداً أحياناً؟

يعيش الكثير منا حياة مليئة بجداول مزدحمة، وقوائم مهام لا تنتهي أبداً، نتحرك خلال أيامنا بشكل سريع، وننتقل من مسؤولية إلى أخرى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك مكون أساسي في القهوة قد يسبب آثاراً ضارة على القلب (إ.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي يحذر: القهوة تعرض صحتك للخطر

كشف الاتحاد الأوروبي في لائحة تحظر استخدام الكافيين كمبيد للآفات عن أن القهوة «ضارة» بالبشر.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
صحتك ارتبط تناول كميات أكبر من المكسرات والحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات والأسماك بانخفاض خطر الوفاة لأي سبب (أرشيفية - رويترز)

تعرف على أفضل الأطعمة وأسوؤها لإطالة العمر

تكشف الأبحاث الجديدة عن كيفية تأثير اختياراتك الغذائية على عمرك الافتراضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك فيتامين «د» يرفع مستويات الطاقة

فيتامين «د» يرفع مستويات الطاقة

يؤثر فيتامين «د» على عدد من أعضاء الجسم ووظائفها مثل صحة العظام، وتناول المكملات الغذائية قد يكون ضرورياً إذا كنت لا تحصل على ما يكفي بشكل طبيعي من الشمس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك يرتبط تناول حصة أو حصتين من الخضراوات الورقية يومياً بتباطؤ التدهور المعرفي (أرشيفية)

أفضل 5 أطعمة لأمعائك ودماغك

تُعد «حمية البحر الأبيض المتوسط» نظاماً غذائياً مفيداً جداً لصحتنا، وخاصة أدمغتنا. وتسلط دراسة جديدة الضوء على السبب الدقيق لذلك.

«الشرق الأوسط» (لندن)

آمال كبيرة يعلّقها العلماء لإنقاذ آلاف المرضى بنقل أعضاء الخنازير إليهم

سمحت إدارة الأغذية والأدوية الأميركية لأول مرة بالتجارب السريرية لنقل كلى الخنازير وتعتزم شركتان إدراج ما يصل إلى 50 شخصاً في الدراسة هذا الصيف (رويترز)
سمحت إدارة الأغذية والأدوية الأميركية لأول مرة بالتجارب السريرية لنقل كلى الخنازير وتعتزم شركتان إدراج ما يصل إلى 50 شخصاً في الدراسة هذا الصيف (رويترز)
TT
20

آمال كبيرة يعلّقها العلماء لإنقاذ آلاف المرضى بنقل أعضاء الخنازير إليهم

سمحت إدارة الأغذية والأدوية الأميركية لأول مرة بالتجارب السريرية لنقل كلى الخنازير وتعتزم شركتان إدراج ما يصل إلى 50 شخصاً في الدراسة هذا الصيف (رويترز)
سمحت إدارة الأغذية والأدوية الأميركية لأول مرة بالتجارب السريرية لنقل كلى الخنازير وتعتزم شركتان إدراج ما يصل إلى 50 شخصاً في الدراسة هذا الصيف (رويترز)

قلب خنزير ينبض في قلب إنسان: في حالات قليلة، تم تحقيق هذا الإنجاز الطبي بالفعل، على الأقل لفترة قصيرة. كما تمت زراعة كلى من حيوانات أيضاً. ويشار إلى أنه خلال العام الماضي، عاش رجل (62 عاماً) بكلية خنزير لنحو شهرين قبل أن يتوفى بمرض مفاجئ في القلب، مثلما ذُكر حديثاً في مجلة «نيو إنغلاند أوف ميديسين» الطبية.

ويتزايد الأمل في أن تساعد الأعضاء من الحيوانات في تخفيف النقص العالمي في الأعضاء البشرية التي يتم التبرع بها. وتتواصل الأبحاث منذ عقود بشأن نقل أعضاء الحيوانات إلى البشر، وهي العملية التي تعرف بنقل الأعضاء بين الكائنات الحية، وفق تقرير لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

ولكن مثل هذه التدخلات تمت الموافقة عليها في حالات منفردة فقط. وقد سمحت إدارة الأغذية والأدوية الأميركية لأول مرة بالتجارب السريرية لنقل كلى الخنازير. وتعتزم شركة «يونايتد ثيرابتكس» للتكنولوجيا الحيوية إدراج ما يصل إلى 50 شخصاً في الدراسة هذا الصيف، والشركة الثانية المعنية هي «إي جينسيس».

ويشار إلى أنه يتعين تعديل المادة الجينية في الحيوانات التي يتم نقل الأعضاء منها لتجنب رفض أجسام الخاضعين لعملية الزرع للأعضاء الحيوانية المنقولة لهم. وتتم تربية الحيوانات لهذا الغرض، ليس فقط في الولايات المتحدة، ولكن أيضاً في جامعة ميونيخ الفنية وجامعة لودفيج ماكسيميليان في ميونيخ بألمانيا.

«حيوانات متبرعة واعدة»

ويوضح كونراد فيشر، رئيس قسم زراعة الأعضاء بجامعة ميونيخ الفنية، أنه يتم إجراء تعديل وراثي للتركيب الجيني للحيوانات التي يتم نقل الأعضاء منها. وبالإضافة إلى أمور أخرى، فإن ذلك يتضمن تركيبات سكر معينة على سطح خلايا الخنازير، التي يمتلك الإنسان طبيعياً أجساماً مضادة لمقاومتها.

ويشار إلى أن باحثي ميونيخ «في المقدمة على مستوى العالم» فيما يتعلق بهذه التطورات.

ويقول فيشر إن أول عملية زراعة قلب في إنسان تمت بالولايات المتحدة وليس في ميونيخ. وأضاف: «يمكننا أن نؤدي هذه العلاجات الفردية في أوروبا في أي وقت، فالحيوانات متاحة لدينا، والخبرة متاحة لدينا، وسنكون مستعدين للتنفيذ».

ولكن في الولايات المتحدة، هناك المزيد من الأموال المتاحة في الجامعات، ومستوى مرتفع من التعاون في هذا المجال والمزيد من البنية التحتية، على سبيل المثال، لتربية الخنازير في ظروف نظيفة للغاية.

وقد أثبتت الخنازير أنها حيوانات متبرعة واعدة بصورة خاصة. وقال الطبيب المتخصص في زراعة الأعضاء، فيليب فيلجيندريف، من كلية هانوفر الطبية، الذي لديه «آمال كبيرة» نحو هذا التوجه، إنه «تتم الاستعانة بالخنازير لأنها أظهرت في البداية درجة عالية من القابلية للمقارنة مع البشر، كما أنها مناسبة للغاية فيما يتعلق بالهياكل التشريحية».

أثبتت الخنازير أنها حيوانات متبرعة واعدة بصورة خاصة (رويترز)
أثبتت الخنازير أنها حيوانات متبرعة واعدة بصورة خاصة (رويترز)

تحديات

مع ذلك، من المبكر للغاية تحديد متي يمكن تطبيق هذا الإجراء، وبعد ذلك إتاحته لعشرات الآلاف من الأشخاص الذين يمكن أن يستفيدوا منه.

وقال الطبيب فيلجيندريف: «بالطبع، هذا يعتمد الآن قبل كل شيء على الدراسات التي تبدأ في الولايات المتحدة»، مشيراً إلى أن الأشخاص الذين خضعوا لزراعة أعضاء الخنازير بقوا على قيد الحياة حتى الآن لبضعة أشهر، في حين أن نسب بقاء الأشخاص الذين تم نقل أعضاء بشرية إليهم على قيد الحياة بلغت 10 أو 15 أو حتى 20 عاماً». وأوضح: «من ثم، فإن الفجوة ما زالت كبيرة للغاية».

ومن ضمن التحديات، ضمان خلو أعضاء الحيوانات من الكائنات الحية الدقيقة التي يمكن أن تلحق الأذى بالإنسان. ويقول يواكيم دينير، من جامعة فري في برلين، إنه ليس من السهل تقييم خطورة العدوى خلال زراعة الأعضاء.

وهذا لأن الفيروسات يمكن أن تخترق نظام حماية الجلد وتدخل فيه. كما أن هناك فيروسات لا تلحق الضرر بالأشخاص الأصحاء، ولكنها تستطيع القيام بذلك بالنسبة للأشخاص المرضى.

وأشار دينير إلى حالة تم خلالها رصد انتقال فيروس الهربس من الخنازير ومساهمته في وفاة مريض. ويعمل هو وعدد كبير من الخبراء على الحد من خطورة انتقال الفيروسات. على سبيل المثال، يتم تطوير لقاح ضد الفيروسات القهقرية للخنازير بوصفه إجراءً احترازياً.

وينصبّ التركيز الحالي على الكلى والقلوب، ولكن يمكن أن يتلقى البشر الكثير من أعضاء الحيوانات. كما تجرى أبحاث على زراعة الكبد والرئتين، والخلايا المشتركة، والخلايا الجزرية للأشخاص المصابين بالسكرى، بالإضافة إلى صمامات القلب وزراعة جزيئات الجلد والعظام، على سبيل المثال بعد الحروق.

وأوضح الطبيب فيشر: «تقريباً يمكن استخدام جميع أعضاء وأنسجة الخنازير لعلاج المرضى».

المؤهلون للزرع الحيواني

ولكن مَن هم الأشخاص المؤهلون للخضوع لمثل هذا الإجراء الخطير؟ وهل هم يرغبون في الخضوع له؟

تريد شركة «يونايتد ثيرابتكس» تضمين مرضى في الدراسة، غير مؤهلين لأسباب طبية لعملية زراعة بشرية، بالإضافة إلى الأشخاص الذين من المرجح أن تكون احتمالات وفاتهم أكبر من حصولهم على كلى خلال الخمسة أعوام المقبلة.

ويعتقد الطبيب فيلجيندريف أنه لا يجب زرع العضو لشخص لديه فرصة جيدة للحصول على عضو بشري. وعلى سبيل المثال، يمكن لشخص يعاني من فشل كبدي حاد أن يحتاج إلى كبد سريعاً. وفي هذه الحالة، يمكن استخدام عضو الخنزير حلاً مؤقتاً لفترة معينة من الوقت.

وأوضح فيلجيندريف أنه في حال سارت الدراسات المقبلة بصورة جيدة، فيمكن أن تساعد عملية زراعة الأعضاء المرضى المدرجين على قوائم الانتظار. وقال إن ذلك يمكن أن يحدث «قريباً للغاية، حتى إذا كنا لا نزال نتحدث عن أعوام».