6 مأكولات بحرية... قيمتها الغذائية وفوائدها الصحية

تحتوي على عناصر وفيتامينات مفيدة

6 مأكولات بحرية... قيمتها الغذائية وفوائدها الصحية
TT

6 مأكولات بحرية... قيمتها الغذائية وفوائدها الصحية

6 مأكولات بحرية... قيمتها الغذائية وفوائدها الصحية

دون الحديث عن الأسماك، فإن عالم مأكولات الحيوانات البحرية متنوع بشكل كبير، ويكاد أن يكون واسعاً مثل سعة المحيطات نفسها.

أنواع المأكولات البحرية

وكونها فئة من الأغذية البشرية، تتشكل قائمة المأكولات البحرية من أنواع كثيرة، منها:

- القشريات Crustaceans التي تضم أكثر من 60 ألف نوع من الأنواع ذات الأرجل التي تساعدها على السباحة أو الزحف، مثل الكركند Lobsters والروبيان Shrimp والقريدس Prawn وسرطان البحر Crab.

- المحاريات ثنائيات الصدفة Bivalves التي تضم أكثر من 30 ألف نوع من أنواع الرخويات ذات الأصداف المتناظرة الصلبة مثل الزلفيات Clams والمحاريات Oysters وبلح البحر Mussels والإسقلوب Scallops.

- رأسيات الأرجل Cephalopods مثل الأخطبوط Octopus والحبار البحري Squid وهي رخويات تفتقر إلى أصداف خارجية.

وكثير من هذه الأنواع متوفر في أسواق الأسماك طازجة، أو في المتاجر الكبرى مجمدة أو معلبة. وكثير من الناس يجد متعة وطعماً مختلفاً بتناول كثير من أنواعها. ويتم تقديمها ضمن قائمة متنوعة من الأطباق الساخنة أو الباردة، وكذلك ضمن السلطات المختلفة.

الروبيان «الصحي»

ونظراً لانتشار تناولها، ولغناها بكثير من العناصر الغذائية المفيدة صحياً، إليك المعلومات التالية عن 6 من أنواعها:

1. الروبيان Shrimp. «عبوة غذائية» كاملة تحتوي على الكثير من العناصر الغذائية الطبيعية المفيدة. وعلى الرغم من ارتباط الروبيان بالكولسترول لدى الكثير من الناس، فإن العنصر الصحي الأهم في الروبيان هو خلوه من الدهون المشبعة؛ ما يجعله غذاءً صحياً للقلب.

وللتوضيح، فإن معظم كولسترول الدم لا يأتي من كولسترول الغذاء، بل يصنعه كبد الجسم من الدهون المشبعة التي يتناولها الإنسان في غذائه اليومي.

وتنعدم في الروبيان الدهون المشبعة، بما يجعله غذاءً صحياً للقلب. كما يحتوي الروبيان على كمية غنية من دهون أوميغا-3 الطبيعية، العالية الفائدة الصحية للقلب ولضغط الدم وانتظام إيقاع نبض القلب وصحة الشرايين والدماغ وراحة التفكير واستقرار المزاج ونعومة الجلد ومتانة الشعر وغيرها من الفوائد الصحية.

وتجدر ملاحظة أن كمية طاقة كالوري السعرات الحرارية، قليلة في لحم الروبيان. ذلك أن 100 غرام من لحم الروبيان المشوي تحتوي على 80 كالوري، أي أقل من كمية الطاقة في شريحة من خبز التوست. وما يستحوذ اهتماماً طبياً، خصوصاً لصحة الحوامل وصحة الأطفال، أن الروبيان من الحيوانات البحرية المتدنية المحتوى بالتلوث بمعدن الزئبق. والأهم أن كمية 100 غرام من الروبيان بها نحو 25 غراماً من البروتينات، أي 50 في المائة من احتياج الجسم للبروتينات.

أما بالنسبة للكولسترول، فإن التحاليل الكيميائية تثبت أن في كل 100 غرام من لحم الروبيان الصافي والنيء، هناك نحو 140 مليغراماً من الكولسترول. ومعلوم أن الإرشادات الطبية تنصح بألا يتجاوز الإنسان تناول كمية 300 مليغرام من الكولسترول يومياً (بما يوازي 200 غرام من الروبيان).

وهذا الكولسترول في الروبيان يُمكن بسهولة منع امتصاصه وتخليص الجسم من إضراره المحتملة، إذا ما تم إعداد طهي الروبيان بعيداً عن إضافة الدهون المشبعة أو الدهون المتحولة، أي بعيداً عن القلي في الزيوت النباتية المُهدرجة وبعيداً عن إضافة السمن أو الزبدة خلال الطهي. ولذا؛ فإن شواء الروبيان، أو غليه بالماء ثم إضافته إلى السلطات، هو الأفضل للتناول.

2. الإسقلوب Scallops. يحتوي الإسقلوب على نسبة منخفضة من الكولسترول والدهون المشبعة، خصوصاً عند تحضيره من دون زبدة أو سمن حيواني. بالإضافة إلى ذلك، فهو عبارة عن منتج غذائي غني بالعناصر الغذائية، التي من أهمها البروتينات من النوعية عالية الجودة، وكذلك أحماض أوميغا-3 الدهنية المفيدة صحياً.

وبالنظر التفصيلي للقيمة الغذائية في 100 غرام من الإسقلوب، نجد أنها تحتوي على 15 غراماً من البروتينات، و29 مليغراماً من الكولسترول (كمية منخفضة جداً)، وتكاد تنعدم فيه الدهون المشبعة. لكن الأهم هو أنها توفر للجسم احتياجه اليومي من فيتامين بي-12 بنسبة 70 في المائة، ومن معدن السيلينيوم بنسبة 30 في المائة، ومن الزنك والمغنيسيوم بنسبة تقارب 10 في المائة. وأيضاً منخفض المحتوى بالزئبق.

وعند التسوق لشراء الإسقلوب الطازج، يجب البحث عن الذي له رائحة نظيفة. وهو يحتاج إلى تقشير وشطف جيد قبل الطهي. كما تبيع المتاجر الكبرى أيضاً الإسقلوب المجمد، الذي تجب إذابته لتجنب التسمم الغذائي قبل تحضيره للطهو. بالإضافة إلى ذلك، من المهم عدم الإفراط في طهي المحار، حيث يمكن أن يصبح مطاطياً في الملمس. ويمكن تقديم الإسقلوب مع المعكرونة أو الفاصوليا أو السلطة، واستخدام الأعشاب الطازجة، مثل الريحان أو البقدونس، وقليل من عصير الليمون أو خل البلسميك للتقديم.

مصادر غذائية استثنائية

3. اللوبستر Lobster، أو الكركند، أو جراد البحر. طعام منخفض السعرات الحرارية ومليء بالفيتامينات والمعادن. وصحيح أن الكركند والروبيان متشابهان في كمية الكولسترول، إلاّ أن الدهون الصحية غير المشبعة أقل في اللوبستر. لكن الأهم أنه بالمقارنة مع جميع المأكولات البحرية، فإن اللوبستر هو الأعلى احتواءً على البروتينات.

وبذلك؛ فإن كمية 100 غرام منه لا توفر للجسم فقط احتياجه اليومي من البروتينات بما يفوق 50 في المائة، بل من النحاس بما يفوق 150 في المائة، ومن السيلينيوم بما يزيد على 160 في المائة، ومن الزنك بما يعادل 40 في المائة، ومن فيتامين «بي - 12» بما يوازي 40 في المائة أيضاً. هذا مع ملاحظة أن كمية السعرات الحرارية تعادل نحو 90 كالوري. حيث تأتي غالبية السعرات الحرارية فيه من غناه بالبروتين.

وتحديداً، تفيد مصادر التغذية الإكلينيكية بأن الكركند يعدّ «مصدراً استثنائياً» من بين جميع المنتجات الغذائية على سطح الأرض، لتأمين العناصر النزرة Trace Elements مثل النحاس والسيلينيوم. وفي حين يشارك النحاس في إنتاج الطاقة والحمض النووي، يعمل السيلينيوم عاملاً مضاداً للسرطان وقد يحمي من الأمراض التنكسية المزمنة. ووفق ما تفيد به المؤسسة القومية للصحة بالولايات المتحدة NIH، فإن الأمراض التنكسية المزمنة هي أمراض غير معدية، بطيئة التقدم، وطويلة الأمد، مثل مرض السكري، وأمراض القلب، والسمنة، وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة، والأمراض العصبية التنكسية، والسرطان.

4. سرطان البحر Crab، أو السلطعون. عالم مختلف تماماً في الطعم والإعداد وطريقة التناول، وكذلك يتوفر في أشكال خلْقية متنوعة ومختلفة في كمية توفر اللحم بداخلها وأماكن الحصول عليها وأحجامها. وتشكل السرطانات 20 في المائة من جميع القشريات البحرية التي يتم اصطيادها وتربيتها واستهلاكها في جميع أنحاء العالم، حيث تصل كميتها إلى 1.5 مليون طن سنوياً.

وغالباً ما يُؤكل اللحم الذي بداخل المخالب أو الأرجل فقط. وعلى الرغم من توفر أنواع متوسطة وصغيرة الحجم منها، لكن تظل أغلى وأجود الأنواع تلك التي تأتي من المناطق القطبية الباردة شمالاً، في ألاسكا وغيرها، حيث سرطان ألاسكا الملكي Alaskan King Crab وسرطان الثلج Snow Crab.

وعندما نأخذ المعلومات الغذائية لسرطان البحر الملكي بعين الاعتبار، يمكننا أن ندرك أنه فوق كونه طعاماً شهياً، هو أيضاً منتج ذو قيمة غذائية عالية. ذلك أن استهلاكه يوفر كمية جيدة من العناصر الغذائية الأساسية لجسمنا للقيام بوظائفه البيولوجية؛ نتيجة غناه بالبروتينات والمعادن والفيتامينات والدهون غير المشبعة.

ويحتوي السلطعون الملكي على كمية صغيرة جداً من الكوليسترول فقط 53 ملغم لكل 100 غرام، وبنسبة أقل بكثير من الكثير من الحيوانات البحرية الأخرى. ويرجع ذلك أساساً إلى البيئة التي تعيش فيها ومن نظامها الغذائي، الذي يتكون من المعادن والعوالق البحرية والطحالب. والأفضل من ذلك، أن لحمه لا يحتوي على الكربوهيدرات، وتركيز الدهون المشبعة فيه ضئيل. وتوفر الحصة المتوسطة بمقدار 100 غرام من ساق السلطعون المطبوخ نحو 90 سعرة حرارية فقط.

بالإضافة إلى ذلك، فهو يوفر نسبة عالية من الأحماض الدهنية غير المشبعة، أوميغا-3 الشهيرة. كما يحتوي على كمية كبيرة من البروتين، ما يقرب من 20 غراماً لكل وجبة (100 غرام). ولحم السلطعون الملكي غني بفيتامينات B3 وB5 وB6، وكذلك فيتامين C، وكمية كبيرة من المعادن مثل الحديد والزنك والمغنيسيوم والفوسفور أو البوتاسيوم.

 

بلح البحر

5. بلح البحر Mussels. ثمة ذواقة لا يستهويهم إلا تناول بلح البحر، وسيحصلون بذلك على فوائد صحية وغذائية جمّة. وهناك الكثير من أنواع بلح البحر، سواء أكانت من المياه العذبة أو المالحة، لكن النوع الذي من المرجح أن تجده على طبقك هو بلح البحر الأزرق الصالح للأكل. ويعيش هذا الكائن في صدفة ثنائية زرقاء - سوداء. وجسم بلح البحر بداخلها هو بني إلى وردي فاتح اللون، ومليء بالبروتين والفيتامينات والمعادن. لكن لا تتوقع فوائده الصحية إلاّ بانتقاء الأنواع الجيدة منه والمعروف أنها من مصادر نظيفة.

بلح البحر غني بالعناصر الغذائية، حيث تحتوي كمية 100 غرام من بلح البحر الأزرق المطهو على البخار، على نحو 146 كالوري من السعرات الحرارية. وكمية الكولسترول لا تتجاوز 50 مليغراماً. وبها كمية توازي حاجة الجسم من البروتينات بنسبة 40 في المائة، وحاجة الجسم من فيتامين بي - 12 بنسبة 100 في المائة، وحاجة الجسم من الزنك والسيلينيوم بنسبة 60 في المائة، وحاجة الجسم من الحديد بنسبة 38 في المائة، وحاجة الجسم من فيتامين بنسبة 25 في المائة. إضافة إلى دهون أوميغا-3 والكثير من المعادن والفيتامينات الأخرى.

وقد يستمتع بعض الناس بتناول بلح البحر النيء، لكنه قد يشكل خطراً على بعض الأشخاص المعرّضين للملوثات. يجب على المصابين بالسرطان أو أمراض الكبد أو السكري أو أمراض الجهاز المناعي أو اضطرابات الجهاز الهضمي ألا يتناولوا بلح البحر إلا بعد طهيه جيداً، أسوة ببقية أنواع المأكولات البحرية التي يجب تناولها بعد الطهو الجيد.

100 غرام من لحم الروبيان المشوي تحتوي على سعرات أقل من شريحة الخبز المشوي

طعام منشّط جنسياً

6. المحاريات Oysters. على الرغم من شهرة المحاريات بخصائصها وكونها طعاماً منشطاً جنسياً Aphrodisiac Qualities، فإن هذه الرخويات تقدم الكثير من الفوائد الصحية. وتتميز المحار بقشرة صلبة غير منتظمة الشكل تحمي الجسم الداخلي الممتلئ بكتلة رخوة رمادي غير منتظمة الشكل.

وهذا الجسم الداخلي اللحمي مغذٍ للغاية. وفي الواقع، توفر كمية 100 غرام من المحار المطبوخ كمية 75 كالوري من السعرات الحرارية. وكمية 9 غرامات من البروتينات. ولكن الأهم هو أنها تقدم للجسم 550 في المائة من حاجته اليومي من معدن الزنك المهم جداً في قدرات الخصوبة. وكذلك 540 في المائة من حاجته اليومية من فيتامين بي-12. وأيضاً 493 في المائة من حاجته اليومية لمعدن النحاس، و50 في المائة من الحاجة اليومية لمعدني الحديد والسيلينيوم، و15 في المائة من معدني الفسفور والمنغنيز. تعدّ هذه الرخويات اللذيذة أيضاً مصدراً جيداً لأحماض أوميغا-3 الدهنية.

وبصرف النظر عن كل ما تقدم عن المحاريات، فإن اللافت للنظر الصحي احتواؤها على مضاد أكسدة فريد من نوعه تم اكتشافه مؤخراً يسمى DHMBA هو مركب فينولي يظهر تأثيرات مضادة للأكسدة قوية وفعالة في الحماية من الإجهاد التأكسدي، وفق نتائج دراسات عدة تم إجراءها في المختبرات، التي أظهرت أنه قد يكون مفيداً بشكل خاص لصحة الكبد وحماية خلايا الكبد البشرية من التلف، وكذلك تقليل نشاط أكسدة الكولسترول الضار LDL Oxidation وتقليل ترسبه في جدران الشرايين وتضيقها تبعاً لذلك.

ومع كل تلك الفوائد الغذائية الرائعة، من المهم جداً التحذير من تناولها نيئة. حيث يشكل تناول لحم المحار النيئ خطراً أكبر للإصابة بعدوى بكتيرية. ويمكن أن تؤدي العدوى بهذه البكتيريا إلى أعراض مثل الإسهال والقيء والحمى وحتى حالات أكثر خطورة مثل تعفن الدم Septicemia، وهي عدوى دموية خطيرة يمكن أن تؤدي إلى الوفاة.

ويمكن أن تحمل المحاريات أيضاً فيروسات من نوع نوروالك Norwalk-Type Viruses والفيروسات المعوية Enteroviruses التي يمكن أن تشكل مخاطر صحية. ولهذا السبب توصي المنظمات الصحية الكبرى مثل إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأميركية CDC بتناول المحاريات مطبوخة فقط.


مقالات ذات صلة

نصائح للتحكم في النفس بنجاح

يوميات الشرق الثقة هي الأساس لأي علاقة ذات مغزى وتعمل كأساس حيوي يعزز الألفة والارتباط العاطفي (رويترز)

نصائح للتحكم في النفس بنجاح

قدَّم موقع «سيكولوجي توداي» نصائح للتحكُّم في النفس؛ حيث قال إن التحكم في النفس يشير إلى مقاومة الرغبات

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك سيدات يلتقطن الصور وسط الأضواء الموسمية المعروضة للاحتفال بعيد الميلاد ورأس السنة في أسواق بيروت (إ.ب.أ)

هل ترغب في تقوية جهازك المناعي خلال العطلات؟ كل ما عليك معرفته

يسلِّط كل هذا النشاط الضوء على أهمية الحفاظ على صحة أنظمتنا المناعية. فما بعض العادات التي يجب على الجميع تبنيها؟

يوميات الشرق المقر الرئيسي لإدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي ايه) في ميريلاند (رويترز)

إدارة الغذاء والدواء الأميركية تحدث تعريف الأطعمة «الصحية»

اعتمدت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي ايه) يوم الخميس تغييرات جديدة والتي بموجبها سيتعين على الأطعمة المعلبة في الولايات المتحدة اتباع قواعد جديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك استئصال اللوزتين ربما يرتبط بالإصابة بالقلق لاحقاً

استئصال اللوزتين ربما يرتبط بالإصابة بالقلق لاحقاً

كشفت دراسة لعلماء من السويد عن احتمالية وجود ارتباط بين استئصال اللوزتين، وكذلك إزالة اللحمية وخطر الإصابة باضطرابات نفسية مرتبطة بالقلق في وقت لاحق من الحياة

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 6 معلومات عن برد الشتاء وتفاعل حرارة الجسم معه

6 معلومات عن برد الشتاء وتفاعل حرارة الجسم معه

رغم أجواء الشتاء المفعمة بالأنشطة الترفيهية، فإن المرء لا يزال عُرضة للبرد داخل المنزل وخارجه في فصل البرودة.

د. عبير مبارك (الرياض)

6 معلومات عن برد الشتاء وتفاعل حرارة الجسم معه

6 معلومات عن برد الشتاء وتفاعل حرارة الجسم معه
TT

6 معلومات عن برد الشتاء وتفاعل حرارة الجسم معه

6 معلومات عن برد الشتاء وتفاعل حرارة الجسم معه

رغم أجواء الشتاء المفعمة بالأنشطة الترفيهية، فإن المرء لا يزال عُرضة للبرد داخل المنزل وخارجه في فصل البرودة. ويزداد الأمر سوءاً مع موجات الصقيع أو الرياح أو الأمطار وتساقط الثلوج.

وقد يتحمل البعض ذلك؛ لكن كثيراً من صغار وكبار السن، والمُصابين بأنواع مختلفة من الأمراض المزمنة في القلب، أو المفاصل، أو الشرايين، أو السكري، أو غيرها، هم أعلى عُرضة للتضرر من موجات الصقيع. وهو ما يمكن أن يؤدي إلى مجموعة متنوعة من الإصابات البدنية التي تحدث، نتيجة عدم قدرة الجسم كله، أو أجزاء منه، على التكيف مع انخفاض حرارة الأجواء وموجات البرودة.

تأثيرات البرد

والإشكالية في شأن تأثر الجسم بأجواء برودة الشتاء، أنها إما أن تحدث بسرعة ومفاجئة، أو تحصل نتيجة غفلة وعدم تنبه، وخصوصاً من أولئك الأعلى عُرضة للتضرر من البرودة.

ولأهمية الأمر، إليك المعلومات التالية عن برد الشتاء وتفاعل حرارة جسمك معه:

1- كي يدرك المرء كيفية عمله على حفظ دفء حرارة جسمه عند الوجود في الأجواء الباردة، عليه أن يعلم أن الجسم من الممكن أن يفقد حرارة دفئه الداخلي إلى البيئة المحيطة به، عبر إحدى 4 آليات رئيسية:

- آلية الإشعاع Radiation: وهي الأهم؛ لأن معظم حالات فقدان حرارة الجسم تحصل نتيجة الحرارة التي تشعها وتسربها أسطح الجسم غير المحمية بطبقات الملابس، إلى البيئة الباردة المحيطة حوله.

- آلية التوصيل Conduction: وهي عملية فقدان الحرارة من خلال الاتصال الجسدي مع شيء جامد أو جسم آخر (الملامسة المباشرة)، كالسقوط في الماء البارد، أو المشي حافياً على الأرض الباردة.

- آلية الحمل الحراري Convection: يُعد تأثير برودة الرياح عاملاً مهماً في فقدان الحرارة؛ حيث تعمل الرياح التي يتعرَّض لها المرء في أجواء الشتاء الباردة على تبريد الجسم، عبر إزالة الطبقة الرقيقة من الهواء الدافئ من سطح بشرة الجسم.

- آلية التبخر Evaporation: يحصل فيها سحب لحرارة الجسم، مع تبخر الماء الموجود على سطح الجلد (سواء سائل العرق أو الماء).

2- ثمة أسباب «أولية» وأخرى «متقدمة» لانخفاض حرارة الجسم في الأجواء الباردة. ويحصل انخفاض حرارة الجسم بشكل أولي Primary Hypothermia عند عدم ارتداء ملابس كافية، حال التعرض للبرد الشديد، أو البقاء في البرد لفترة طويلة، وخصوصاً في المنزل دون تدفئة معتدلة، أو نتيجة بلل الملابس بالمطر وعدم تغييرها سريعاً.

ولكن في حالات انخفاض حرارة الجسم المتقدم Secondary Hypothermia، يؤدي مرض آخر أو حالة صحية أخرى، إلى إصابة الفرد بخفض حرارة الجسم بشكل أعمق وأسرع. ويؤدي الإرهاق البدني، والتقدم في العمر، والإصابة بالسكري، وكسل الغدة الدرقية، وسوء التغذية، والسكتة الدماغية، إلى تقليل قدرة الجسم على الإحساس بالبرودة، وضبط درجة حرارة الجسم الداخلية. ولذا ليس من المستغرب ألا يتمكن بعض كبار السن من التنبه لارتداء ملابس ثقيلة، أو ألا يتمكن مرضى التهابات المفاصل الحادة من التحرك سريعاً لتدفئة أجسامهم.

إصابات البرد

3- تقسِّم الأوساط الطبية إصابات البرد إلى 3 أنواع، وهي:

- إصابات برد موضعية أو طرفية Peripheral Cold Injury: وهي التي قد تُصيب أحد أجزاء الجسم عند التعرض المباشر للبرودة، وعدم اتخاذ المرء وسائل الوقاية والحماية لتدفئة أجزاء الجسم الطرفية.

- إصابات انخفاض درجة حرارة جوف الجسم Core Body Temperature: وهي التي تُسمَّى «إصابة البرد الشاملة» Systemic Cold Injury.

- إصابات برودة تشمل مزيجاً من الاثنين معاً: أي جوف الجسم وبعض أطرافه.

وثمة فرق بين «انخفاض حرارة جوف الجسم»، وبين «الشعور الذاتي بالبرودة الشديدة». وفي بعض الأحيان قد يشعر المرء ببرودة مزعجة خلال ظروف معينة في فصل الشتاء البارد، أو ببرودة غير طبيعية في غيره من الفصول الدافئة، ولكن درجة حرارة جسمه تكون ضمن المعدلات الطبيعية.

ولكن بالمقابل -وهو الأهم- ثمة حالات يحصل فيها بالفعل انخفاض حرارة الجسم إلى مستويات ضارة ومنذرة بالخطر، ومع ذلك لا يشعر ذلك الشخص بالبرودة. وخطورة الأمر أن ذلك يحول دون تنبهه لاتخاذ التدابير التي تمنع التدهور الحاصل في جسمه جراء ذلك الانخفاض في حرارة جوفه. وخصوصاً صغار وكبار السن والمُصابين بأمراض مزمنة.

4- يمتلك جسم الإنسان خاصية ضبط درجة الحرارة الداخلية والطرفية فيه، عن طريق الحفاظ على توازن دقيق بين نتائج عمليات «إنتاج» الحرارة داخلياً، ونتائج عمليات «فقدان» الحرارة للخارج. كما أن على الإنسان نفسه مساعدة جسمه، عبر تقليل تعرُّض أطراف الجسم بشكل مباشر للبرودة أو الحرارة الخارجية، في الشتاء والصيف.

وتوضح المصادر الطبية ذلك بأن الجسم يهدف إلى الحفاظ المتواصل على «درجة حرارة جوف الجسم» ضمن المعدلات الطبيعية التي تتراوح ما بين 36.5 و37.5 درجة مئوية. ولتحقيق هذا «الهدف الدائم»، يعمل الجسم على ضبط التوازن بين عمليات توليد الحرارة داخل الجسم وبين عمليات تسريبها منه. وهذا الضبط يجري تحت سيطرة منطقة دماغية تُسمى «ما تحت المهاد» Hypothalamus. وهي المنطقة التي تعمل كـ«ترموستات (منظم حرارة) الجسم» Body’s Thermostat. وطوال الوقت، تستجيب منطقة «ما تحت المهاد» الدماغية للرسائل العصبية التي تنقلها إليها المستقبلات العصبية الخاصة بمتابعة درجات الحرارة Temperature Receptors، وهي مستقبلات عصبية منتشرة في جميع أنحاء الجسم؛ أي الموجودة في داخل الجسم (مثل المثانة) وفي أطراف الجسم (مثل الجلد). واستجابة لها، تقوم منطقة «ما تحت المهاد» بإرسال التعليمات اللازمة لإجراء عدد من التعديلات الفسيولوجية المؤدية إلى الحفاظ على درجة حرارة ثابتة لجوف الجسم.

البرد وحرارة جوف الجسم

5- تأثير برودة الأجواء على حرارة الجسم الداخلية قد يكون طفيفاً. ولكن عندما تصل درجة حرارة جوف الجسم إلى 35 درجة مئوية وما دون، فإن الحالة تُسمَّى «انخفاض حرارة الجسم» Hypothermia. وهو ما يحصل في الغالب نتيجة تسرب وفقدان كمية كبيرة من الحرارة الداخلية للجسم عبر آليات عدة، عند الوجود في أجواء باردة، أو الغرق في المياه الباردة.

وهذا الانخفاض في حرارة الجسم يؤثر على عمل أعضاء مختلفة بالجسم، وتظهر أعراض وعلامات عدة نتيجة لذلك، وفقاً لشدة الإصابة الباردة. والارتجاف هو أول تفاعل تلقائي للجسم لتدفئة نفسه، والتغلب على انخفاض حرارته. وذلك من خلال إثارة العضلات الجلدية المتصلة بالشعر، والعضلات الصغيرة الأخرى، كي تعمل على الانقباض والانبساط بشكل متكرر، ويحصل توليد لطاقة حرارية.

ولكن قد يُفلح ذلك، وقد يتطور الأمر إلى تأثر القلب والجهاز التنفسي (بطء وضعف التنفس، وضعف نبض القلب)، وتأثر الجهاز العصبي (نعاس، ارتباك ذهني، اضطرابات الكلام، اضطراب التناسق الحركي للأطراف، فقدان الذاكرة، فقدان الوعي).

والإشكالية أن هذه الأعراض تبدأ في التدريج المتطور، وبالتالي قد لا يُدرك المصاب تدهور حالته. وحينئذ قد لا يتصرف بطريقة فاعلة للعناية بنفسه وحمايتها من تدهور تعرُّضه للبرودة. وللتوضيح، يسهل تشخيص انخفاض حرارة الجسم إذا كان المُصاب من متسلقي الجبال في الطقس الشديد البرودة. ولكن يصعب ذلك عندما يكون المُصاب شخصاً مسناً أو طفلاً صغيراً أو مريضاً بالسكري، وذلك عندما يُصاب بانخفاض حرارة الجسم عند التعرض لبيئة باردة داخل منزله، وخصوصاً أثناء النوم.

6- تجدر ملاحظة الأمهات والآباء أن الطفل الصغير يفقد الحرارة بصورة أسرع مقارنة بالبالغين. كما تجدر ملاحظة ضرورة الحرص على تغطية رأس وعنق الطفل وتدفئتهما، إضافة إلى ارتداء ملابس سابغة لتدفئة بقية الجسم لديه. وتدل الدراسات الفسيولوجية على أن درجة حرارة الرأس والعنق لدى الطفل أعلى من درجة حرارة الرأس والعنق لدى البالغين، ما يجعل الأطفال أكثر عرضة، وبشكل أكبر، لفقد حرارة الجسم عند التعرض للأجواء الباردة، حينما لا يرتدون القبعة أو الشال أو الكوفية التي تُغطي غالبية مناطق الرأس والرقبة.

الإرهاق البدني والتقدم في العمر والسكري تؤدي إلى تقليل قدرة الجسم على الإحساس بالبرودة

ولكن في أحيان كثيرة يتجاهل الأطفال برودة الطقس وهم في المنزل، ولا يستعدون لها قبل خروجهم، نتيجة عدم إدراكهم المخاطر المرتبطة بالطقس البارد. وهو ما يتطلب من الأمهات والآباء الاهتمام بتغذية أطفالهم الجيدة، وإلباسهم ملابس توفر الدفء لهم في المنزل، وتغطية الطفل بالبطانيات أو الألحفة خلال فترة النوم.

ويفيد الباحثون الطبيون من «مايو كلينك» بأنه للمساعدة في الوقاية من انخفاض الحرارة عندما يكون الأطفال خارج المنزل في فصل الشتاء:

- أَلبِس الرضع والأطفال الصغار طبقة واحدة إضافية عما قد يرتديه البالغون في الحالات نفسها.

- أدفئ الأطفال إذا بدأوا في الارتجاف، فهذه أول علامة على بدء انخفاض حرارة الجسم.

- اجعل الأطفال يدخلون المنزل مراراً وتكراراً لتدفئة أنفسهم عندما يلعبون في الخارج.

-لا تدع الأطفال ينامون في غرفة باردة.

* استشارية في الباطنية