أطباء يتوقعون وتيرة فيروس «كورونا» خلال الشتاء المقبل

أشخاص ينظرون إلى الجدار التذكاري الوطني لـ«كوفيد» في لندن (رويترز)
أشخاص ينظرون إلى الجدار التذكاري الوطني لـ«كوفيد» في لندن (رويترز)
TT

أطباء يتوقعون وتيرة فيروس «كورونا» خلال الشتاء المقبل

أشخاص ينظرون إلى الجدار التذكاري الوطني لـ«كوفيد» في لندن (رويترز)
أشخاص ينظرون إلى الجدار التذكاري الوطني لـ«كوفيد» في لندن (رويترز)

ما زال فيروس «كورونا المتجدد» المعروف باسم «كوفيد - 19» ومتحوراته، يشغل بال العالم، خصوصاً مع اقتراب فصلَي الخريف والشتاء هذا العام.

ووفقاً لبيانات مياه الصرف الصحي في أميركا، من مراكز السيطرة على الأمراض، فإن عشرات الولايات لديها مستويات «مرتفعة جداً» أو «مرتفعة» من الفيروس في الوقت الحالي، مما يثير السؤال: ماذا يعني هذا لموسم الفيروسات التنفسية المقبل عندما ترتفع الأمراض مثل «كوفيد 19» عادةً؟

وتناوَلَ تقرير لصحيفة «هافبوست» الأميركية، ما يعنيه ارتفاع حالات الإصابة بفيروس «كورونا» في الصيف بالنسبة للأشهر القليلة المقبلة. وقال بعض الخبراء إنهم فوجئوا بارتفاع حالات الإصابة وتراجعها مراراً وتكراراً، مما يجعل من المستحيل القول بشكل قاطع ما سيحدث في الأشهر القليلة المقبلة، ولكنهم وضعوا بعض التوقعات التالية.

قال الدكتور سكوت روبرتس، المدير الطبي المساعد للوقاية من العدوى في مستشفى «ييل نيو هافن هيلث» في ولاية كونيتيكت الأميركية، إنه يتوقع انخفاض حالات الإصابة بفيروس «كورونا» في أوائل الخريف لفترة من الزمن.

وأضاف: «مع هذا الارتفاع غير المعتاد في الفترة من يوليو (تموز) إلى أغسطس (آب)، أتوقّع أننا سنخضع لهذا النمط من انخفاض الحالات الذي سيمتد على الأقل خلال الأشهر القليلة المقبلة». وقال: «لذا، ربما أتوقّع أن تكون لدينا نهاية لائقة نسبياً لشهرَي سبتمبر وأكتوبر، بناءً على النمط الطبيعي الذي رأيناه مع هذه الموجات».

ومن جانبها، قالت الدكتورة جينيفر نوزو، أستاذة علم الأوبئة ومديرة مركز الأوبئة في كلية الصحة العامة بجامعة براون في رود آيلاند: «لا يزال هناك كثير من حالات (كوفيد) في الوقت الحالي في بعض الأماكن، قد يبدأ الأمر للتو في التباطؤ، وربما يدخل لفترة من التراجع، ولكن في الحقيقة، هناك كثير من حالات (كوفيد) تحدث الآن».

ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في أميركا، انخفض معدل إيجابية الاختبارات بشكل طفيف منذ نهاية أغسطس. ومع ذلك، لا يتوقع روبرتس أن تستمر هذه الأرقام المنخفضة المتوقعة في الأمد البعيد.

ارتفاع الحالات خلال الخريف والشتاء

قال الدكتور ماثيو بينيكر، مدير علم الفيروسات السريرية في «مايو كلينيك» في روتشستر بولاية مينيسوتا: «أتوقع أن نشهد أعداداً أعلى من (كوفيد) بدءاً من أشهر الخريف والشتاء».

وأضاف: «عادةً ما تشهد أشهر الخريف والشتاء معدلاً أعلى من الفيروسات التنفسية مثل (كوفيد - 19) والإنفلونزا، حيث يظل الناس في تجمعات مغلقة أكثر، ويبدو أن (كوفيد) قادر على البقاء أو الاستمرار في درجات الحرارة الباردة، وتسمح معدلات الرطوبة المنخفضة بانتشار الفيروس بشكل أكبر».

ويتوقّع بينيكر أن تكون المعدلات أعلى مما رأيناه خلال موجة الصيف، خصوصاً خلال أشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول)، ويناير (كانون الثاني).

وقال روبرتس إنه يتوقع أيضاً أن يشهد موجة شتوية، لكنه يعتقد بأنها ستكون أقل من فصول الشتاء السابقة.

وقال روبرتس: «أعتقد بأن احتمالات إصابة كل مَن يصابون بالعدوى الآن خلال فصل الشتاء أقل بكثير؛ لأنهم يحصلون على تعزيز مناعي ضد المتغيرات المنتشرة الحالية». «لذا، ما لم يكن هناك نوع من المتحورات لا نتوقعه، أتوقع أن تكون موجة الشتاء هذه في ديسمبر ويناير وفبراير أقل من موجات الشتاء القليلة الماضية. لكنني ما زلت أتوقع ارتفاعاً».

لا يزال «كوفيد - 19» فيروساً غير متوقع

إن فيروس «كوفيد - 19» غير متوقع، ونحن نعلم هذا من السنوات الأربع الماضية من وقت ظهوره. في حين أنه من المفيد توقع ما قد يفعله «كوفيد - 19» في الأشهر المقبلة، وقالت نوزو: «يمكنني أن أتخيل سيناريو يكون فيه عدد حالات (كوفيد) أقل قليلاً في الخريف والشتاء المقبلين، لأن كثيراً من الناس مرضوا خلال الصيف. لكنني لا أعرف أيضاً ماذا سيحدث مع كيفية تحور الفيروس، وما إذا ظهر متغير جديد أو متغير فرعي يمكن أن يغير الأمور».

إن عدم القدرة على التنبؤ بـ«كوفيد - 19» يعني أنه من الأفضل أن تفعل ما بوسعك لعدم الإصابة بالمرض أو تقليل الأعراض في حالة الإصابة.

قال بينيكر: «أفضل خطوة هي الحصول على لقاح كوفيد المحدث. تم تصميمه لإثارة الاستجابة المناعية ضد أحد المتغيرات الأكثر حداثة لفيروس (سارس - كوف - 2)».

بالإضافة إلى ذلك، إذا ظهرت عليك أي أعراض الإصابة، فابقَ في المنزل، كما قال بينيكر. سيساعد هذا على منع الآخرين من العدوى. وأشار إلى أنه إذا كان عليك الخروج، فارتدِ قناعاً.


مقالات ذات صلة

اكتُشف حديثاً في الصين ... فيروس ينتقل عن طريق القراد قد يسبب تلف الدماغ

آسيا اكتُشف حديثاً في الصين ... فيروس ينتقل عن طريق القراد قد يسبب تلف الدماغ

اكتُشف حديثاً في الصين ... فيروس ينتقل عن طريق القراد قد يسبب تلف الدماغ

يحذر العلماء من مرض جديد ينتقل عن طريق القراد يسمى فيروس الأراضي الرطبة (WELV) والذي تم اكتشافه مؤخراً في الصين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك مراهقات يرتدين أقنعة واقية خلال فترة كورونا في اليابان (أرشيفية - رويترز)

دراسة: أدمغة المراهقين ازدادت شيخوخة بسبب «كورونا»

وثَّقت دراسة حديثة وجود مشاكل في صحة المراهقين العقلية وحياتهم الاجتماعية بسبب وباء «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك عبوة من عقار أوزمبيك في بريطانيا (رويترز)

دراسة: «أوزمبيك» يقلل من مخاطر أعراض فيروس كورونا

أفادت دراسة حديثة بأن الأشخاص الذين يستخدمون 2.4 مليغرام من عقار سيماغلوتيد أقل عرضة للإصابة بحالات شديدة من كوفيد-19 عند استخدام هذا الدواء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك انقسام طبي حول إلزامية الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد (رويترز)

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

تحوّل «كوفيد-19» على مر السنوات الماضية من جائحة عالمية إلى فيروس «مستوطن» وفق خبراء الصحة، ما يعني أن وجوده سيصبح مستمراً، فكيف يجب أن نتعامل معه؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ (رويترز)

زوكربيرغ: البيت الأبيض ضغط على «فيسبوك» لفرض رقابة على محتوى «كورونا»

أقر الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ بقيام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالضغط على موقع «فيسبوك» لفرض رقابة على المحتوى المتعلق بجائحة كورونا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هل يمكن لطفل في العاشرة أن يكون مسؤولاً عن ارتكاب جريمة؟

هل يمكن لطفل في العاشرة أن يكون مسؤولاً عن ارتكاب جريمة؟
TT

هل يمكن لطفل في العاشرة أن يكون مسؤولاً عن ارتكاب جريمة؟

هل يمكن لطفل في العاشرة أن يكون مسؤولاً عن ارتكاب جريمة؟

من المعروف أن فترة الطفولة تمتد -من الناحية الطبية- حتى سن الثامنة عشرة، أي بداية دخول الجامعة في معظم الدول؛ لكن ابتداءً من سن المراهقة يحدث تغير كبير في سلوك الأطفال، ويكون أقرب ما يكون لأفعال البالغين. وحتى لو اتسمت هذه السلوكيات بالرعونة والتهور فإنها تظل أفعال إرادية.

سن المسؤولية الجنائية

ولذلك كان موضوع بداية السن التي يمكن معها تحديد المسؤولية الجنائية (criminal responsibility) عن ارتكاب فعل ضد القانون، موضوعاً جدلياً دائماً بين رجال القانون والأطباء. وأخيراً تجدد النقاش في أستراليا حول سن اعتقال الطفل، بعد أن رفعت إحدى الولايات الأسترالية العام الماضي سن المسؤولية الجنائية، من 10 إلى 12 عاماً.

وكان السؤال المطروح هو: «هل يمكن للطفل في العاشرة أن يرتكب جريمة؟». والحقيقة أن الإجابة على ذلك السؤال تستلزم معرفة الرأي العلمي لأطباء الأعصاب والأطباء النفسيين، في التغييرات التي تحدث في مخ الطفل بين سن 10 و14 عاماً، ومعرفة لأي مدى يمكن للأطفال في هذه المرحلة العمرية فهم عواقب أفعالهم. وذلك بعد إجراء مئات الأبحاث الجديدة حول نمو المراهقين التي أظهرت عدم نضج المخ بشكل كامل، ما دفع لجنة حقوق الطفل بالأمم المتحدة لرفع سن المسؤولية الجنائية إلى 14 عاماً، سنة 2007، بعد أن كانت 12 عاماً فقط.

ويقول رجال القانون إن المسؤولية الجنائية التي يمكن بها اعتبار شخص معين مذنباً تعتمد على عدة نقاط مهمة، مثل: «لأي مدى يكون الشخص قادراً على فهم تصرفه، ومعرفة ما إذا كان هذا التصرف خطأ قانونياً من عدمه»، بجانب أن يكون الشخص غير واقع تحت تأثير مادة معينة تتحكم في أفعاله. وعلى هذا الأساس يمكن لمن يدرك معنى فعل معين وقام بارتكابه أن يكون مجرماً ومستحقاً للعقوبة، بغض النظر عن سنه.

موقف علماء الأعصاب

يوضح علماء الأعصاب أن الأمر ليس بهذه البساطة؛ لأن تطور المخ؛ على الرغم من أنه يبدأ في مرحلة الطفولة المتأخرة -أي من 8 إلى 9 سنوات- فإن تغييرات مكثفة على المستوي الفسيولوجي والنفسي والإدراكي تحدث خلال مرحلة المراهقة المبكرة، من سن 10 إلى 14 عاماً. وهذه التغييرات تستمر حتى بداية العشرينات من العمر، ولا يتم الوصول إلى النضج المعرفي والعاطفي الكامل في الأغلب إلا في نحو سن 24 عاماً.

المشكلة الحقيقية أن التطور الإدراكي والمعرفي لا يحدث في السن نفسها لدى كل البشر. وينضج المخ بشكل مختلف؛ خصوصاً أن فترة المراهقة المبكرة تتميز بزيادة هرمونات البلوغ، مثل هرمون الذكورة، التستوستيرون (testosterone)، وهرمون الأنوثة، الإستروجين (estrogen)، والتي بدورها تؤدي إلى حدوث تغييرات عصبية في المخ بجانب تأثيرها الهرموني. وعلى الرغم من أن هذه الهرمونات تزداد بشكل حاد بين سن العاشرة والخامسة عشرة فإن تأثيرها التدريجي يستمر حتى أوائل العشرينات من العمر.

والتغيرات التي تُحدثها هذه الهرمونات فسيولوجية في الأساس، بمعنى أنها تؤثر على منطقة معينة في المخ تسمى «amygdala»، مسؤولة عن العواطف، وهي من أبطأ المناطق في المخ التي يحدث لها تطور، ما يجعل المراهق أكثر استجابة للأفعال العاطفية التي تثير الإعجاب، وتعتمد على الحماسة والاندفاع حتى لو كانت بإرادته الكاملة، ولكنه في الحقيقة يكون مدفوعاً بالرغبة في نيل الإعجاب والإطراء، ذلك أن تأثير هرمونات المكافأة على المخ مثل تأثير المخدرات. وهذا الأمر يُفسر قيام المراهقين بتنفيذ جرائم عنيفة جداً لأسباب تافهة، مثل الإقدام على قتل شخص مشهور لمجرد لفت نظر فتاة.

ويكون المراهق في هذه السن -من العاشرة وحتى الخامسة عشرة- عرضة للعواطف بدرجة كبيرة، لذلك على الرغم من اكتمال المخ عضوياً فإنه لا يكون جاهزاً لاتخاذ قرار معقد تترتب عليه تبعات خطيرة؛ لأن قدرته على التفكير في العواقب وحسابات المكسب والخسارة تحجبها العاطفة، وذلك لأن عملية اتخاذ القرار تعتمد على كثير من الوظائف العصبية الأساسية، بما في ذلك مرونة المخ والذاكرة، والقدرة على التحكم في الدوافع وإدارة الغضب.

كل من يدرك معنى فعل معين ارتكبه يستحق العقوبة بغض النظر عن سنه

وقد أظهرت الأبحاث أن الأطفال الذين تتراوح سنهم بين 13 و14 عاماً شعروا بالتشتت والعجز عن إكمال مهمة معينة، وكانوا أقل قدرة على التحكم في سلوكهم عندما شاهدوا صوراً جعلتهم يشعرون بمشاعر سلبية، بجانب أن الحياة الاجتماعية للمراهقين لها تأثير كبير على كيفية اتخاذهم للقرارات؛ خصوصاً في مرحلة المراهقة المبكرة؛ حيث يتطلع المراهقون الذين تتراوح سنهم بين 12 و14 عاماً إلى أقرانهم، ويحاولون تقليد سلوكهم وطريقتهم في التعامل.

وفي تجارب سابقة على مراهقين في بداية المراهقة، تبين أنهم يميلون إلى اتخاذ قرارات أكثر خطورة، وتميل إلى التهور والحدة، عندما يكونون مع أقرانهم، مقارنة بالقرارات التي يتخذونها وهم بمفردهم. وهو الأمر الذي يُفسر لماذا تكون معظم الجرائم في هذه الفترة جماعية، وفي الأغلب وليدة اللحظة وغير مبررة، مثل السطو على المتاجر، على الرغم من الحالة الاجتماعية الجيدة لمرتكبي هذه الجرائم؛ لأن الغرض لا يكون السرقة في الأساس، ولكن الرغبة في المكافأة والتميز وإظهار الشجاعة.

هناك أيضاً عدد من الأسباب التي يمكن أن تجعل مخ المراهقين يتطور بشكل مختلف عن البالغين، نتيجة لتغيير في أنسجة المخ، مثل الإعاقة العصبية (neurodisability) نتيجة لإصابة المخ بعد الولادة، أو تأثير شرب الأم الكحوليات خلال الحمل، وكذلك مرض نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) والتأخر العقلي، فضلاً عن الصدمات النفسية المختلفة، ما يجعل المراهق في هذه السن غير مسؤول تماماً عن أفعاله.

* استشاري طب الأطفال