خلل الكروموسومات والهوية الجنسية

حالات نادرة لتركيب جيني ذكري وشكل ظاهري أنثوي

الملاكمة الجزائرية إيمان خليف عند فوزها بالميدالية الذهبية
الملاكمة الجزائرية إيمان خليف عند فوزها بالميدالية الذهبية
TT

خلل الكروموسومات والهوية الجنسية

الملاكمة الجزائرية إيمان خليف عند فوزها بالميدالية الذهبية
الملاكمة الجزائرية إيمان خليف عند فوزها بالميدالية الذهبية

أثارت مباريات الملاكمة للسيدات أثناء دورة الألعاب الأوليمبية العديد من التساؤلات حول الهوية الجنسية للاعبات (تبعاً للتركيبة الجينية لهن) ومدى توافقها مع الشكل الخارجي.

«الهوية الجنسية» للاعبة إيمان خليف

وكان الجدل قد احتدم حول الهوية الجنسية للاعبة الجزائرية إيمان خليف بعد اتهامها من قبل منافستها الإيطالية بأنها أنثى متحولة trans female، وتحمل كروموسوماً ذكورياً Y «واي».

والحقيقة أن هذا الجدل راجع لأن الجمعية الدولية للملاكمة منعتها من الاشتراك في بطولة العالم في السنة الماضية، ولكن هذا الاتهام كان من دون دليل طبي ويعتمد على مجرد الشكل الخارجي الذي تتحكم فيه عدة عوامل تبعاً لتوازن الهرمونات. والجدير بالذكر أن اللجنة الأوليمبية ساندت البطلة التي حصلت على الميدالية الذهبية

التركيب الجيني والشكل الظاهري

والحقيقة أن التفريق بين التركيب الجيني genotype للشخص وشكله الظاهري Phenotype ليس دائماً بالأمر اليسير كما يتصور الجميع، وذلك لوجود حالات (نادرة جداً ولكن موجودة) يكون فيها التركيب الجيني رجلاً، أما الشكل الخارجي فهو أنثى والعكس.

وهو الأمر الذي يحدث نتيجة لخلل في عدد الكروموسومات ونوعيتها في الجنين ويتسبب في العديد من المشكلات النفسية والجنسية لهؤلاء المصابين.

إن عدد الكروموسومات الطبيعي في الإنسان هو 23 زوجاً متماثلاً منها زوج معين لتحديد الهوية الجنسية، ويكون XY في حالة المولود الذكر أو XX في حالة المولود الأنثى.

ولكن في بعض الأحيان ونتيجة للخلل الجيني وبعض الأمراض الأخرى ذات العيوب الخلقية يحدث تغيير في هذا العدد بزيادة كروموسوم جنسي أو نقصانه، مما يؤدي إلى تغييرات كبيرة حيث يجمع الطفل بين سمات كلا الجنسين في الأعضاء التناسلية الخارجية مما يسبب الشك في الجنس الحقيقي له.

الجنس المختلط

الجنس المختلط

لذلك أصبح هناك خلط في الحالة الجنسية لبعض الأطفال الذين يولدون بهذا التركيب الجيني والشكل الخارجي سُمي بالجنس المختلط أو Intersex. وفي حالة الأنثى عند الميلاد يكون لديها أعضاء جنسية داخلية مثل المبايض وشكل خارجي أقرب للرضيع الذكر (وفي بعض الأحيان لها أعضاء تناسلية خارجية تشبه الذكور). ولكن عند البلوغ يحدث لها تغيرات جنسية ثانوية ترسخ الشكل الذكوري (مثل الملامح الذكورية وكثافة شعر الشارب والذقن وخشونة الصوت).

وفي حالة الذكر يحدث العكس يولد الطفل ويكون تكون لديه خصيتان وشكل أقرب للأطفال الإناث وعند البلوغ يحدث التغيرات التي ترسخ الشكل الأنثوي.

هرمونات الذكورة والأنوثة

من المعروف أن هرمونات الذكورة والأنوثة تُفرز في الجنسين، ولكن بنسب مختلفة. وفي الذكر الطبيعي يكون هناك العديد من الآليات التي تقاوم عمل هرمون الأنوثة وتضعف تأثيره على جسم الذكر (منها إنزيمات معينة يتم فرزها من الكبد) مما يحافظ على الشكل الخارجي المتعارف عليه للذكور. ولكن في الطفل المصاب يعاني من ضعف النمو الجنسي وظهور الخصائص الثانوية الجنسية الخاصة بالأنثى عند البلوغ مثل تضخم الثديين ونعومة الصوت بسبب التأثيرات غير المعارضة للإستروجين (هرمون الأنوثة) ونقص (الأندروجين) هرمون الذكورة.

يحدث العكس في الأنثى حيث يتم إفراز الأندروجين بشكل زائد مما يؤدي إلى نمو مفرط للعظام الطويلة وقوة عضلية أشبه بالذكور ويحدث نضج جنسي مبكر وخصائص ثانوية ذكورية مثل ظهور الشعر الزائد وحب الشباب. وفي الأغلب لا يحدث نمو كبير للثدي عند البلوغ ويكون أقرب لصدر الذكور ولا تحدث لهؤلاء الفتيات دورة شهرية مثل بقية الإناث. وهذه الخصائص فضلاً عن الشكل الذكوري يمكن أن تكسب هؤلاء الفتيات قدرة عضلية أكبر وقدرة على التحمل، وهو الأمر الذي سبب اللغط في المباريات الرياضية لتفوق إحدى اللاعبات بشكل واضح على الأخرى (بغض النظر عن صحة الادعاء الطبي من عدمه)

خصائص أنثوية وذكورية

في الأغلب يعاني هؤلاء الأطفال عند بداية المراهقة مع ظهور الخصائص الثانوية المحددة لكل جنس من أزمات نفسية كبيرة نتيجة لعدم القدرة على تحديد الهوية الجنسية ونتيجة للتنمر من الأقران لأن الطفل يكون مختلفاً في الشكل عن بقية أفراد جنسه (على الرغم من سهولة تحديد جنسه).

بمعنى أن يكون المراهق ظاهرياً ذكراً بخصائص أنثوية، أو العكس أنثى بملامح ذكورية مما يعرضهم لحرج بالغ. وفي النهاية يعتمد علاج هذه الحالات على التكامل بين العلاج العضوي المتمثل في العلاج بالهرمونات والجراحة في بعض الأحيان والعلاج النفسي المصاحب له.


مقالات ذات صلة

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

يوميات الشرق من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك العوامل المؤثرة على الأعراض الداخلية والخارجية للصدمات النفسية

العوامل المؤثرة على الأعراض الداخلية والخارجية للصدمات النفسية

تأثير الأحداث الحياتية المؤلمة في مرحلة الطفولة.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة ربما يؤدي إلى السكتة الدماغية

الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة ربما يؤدي إلى السكتة الدماغية

انعدام التوافر العاطفي وتجاهل المشاعر في مرحلة الطفولة يتسببان في معاناة ومشكلات صحية عضوية خطيرة لاحقاً في البلوغ.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك هل يُمكن أن يساعد الكافيين أثناء الحمل في منع الشلل الدماغي للمواليد الجدد؟

هل يُمكن أن يساعد الكافيين أثناء الحمل في منع الشلل الدماغي للمواليد الجدد؟

يقلل خطر نقص الأكسجين لدى الأطفال

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك توصيات حديثة لوصف الأدوية الأفيونية للأطفال

توصيات حديثة لوصف الأدوية الأفيونية للأطفال

إعطاء أقل جرعة كافية لتسكين الألم لأقصر وقت ممكن لتجنب الإدمان

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

تغيير وقت الذهاب إلى الفراش كل ليلة يؤثر على صحتك

يشكل النوم أهمية مركزية للصحة العامة ومستوى رفاهية الإنسان (جامعة ولاية أوريغون)
يشكل النوم أهمية مركزية للصحة العامة ومستوى رفاهية الإنسان (جامعة ولاية أوريغون)
TT

تغيير وقت الذهاب إلى الفراش كل ليلة يؤثر على صحتك

يشكل النوم أهمية مركزية للصحة العامة ومستوى رفاهية الإنسان (جامعة ولاية أوريغون)
يشكل النوم أهمية مركزية للصحة العامة ومستوى رفاهية الإنسان (جامعة ولاية أوريغون)

من المتعارف عليه أن النوم كل ليلة في ساعات غير منتظمة ليس جيداً للصحة العامة، ولكن دراسة جديدة تشير إلى أنه قد يكون مميتاً.

وتشير الأبحاث الجديدة إلى أن اتباع روتين نوم غير منتظم يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب أو السكتة الدماغية، حتى لو كنت تحصل على 7 أو 9 ساعات من النوم الموصي بها في الليلة.

وركزت الدراسات السابقة في الغالب على النتائج الصحية لمدى النوم بدلاً من تأثير وجود دورة نوم واستيقاظ مستقرة، لذا فإن هذه النتائج مهمة، وفقاً لما ذكرته صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية في تقرير لها.

قال فريق البحث في الدراسة: «تشير نتائجنا إلى أن انتظام النوم قد يكون أكثر أهمية من مدة النوم الكافية في تعديل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية الرئيسية».

وفي الدراسة، ارتدى 72 ألفاً و269 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 40 و79 عاماً جهازاً لتتبع النشاط لمدة أسبوع لتقييم أنماط نومهم. ولم يكن لدى أي من المشاركين تاريخ من أمراض القلب أو السكتة الدماغية.

وتم بعد ذلك جمع البيانات لحساب درجة مؤشر انتظام النوم لكل مشارك. وعُدّ أولئك الذين حصلوا على درجة أعلى من 87 أن لديهم نمط نوم منتظماً، وتم تحديد أولئك الذين حصلوا على درجات أقل من 72 أن لديهم نمط نوم غير منتظم. تم تصنيف أولئك الذين كانوا في المنتصف على أنهم «منتظمون إلى حد ما».

ثم جمع فريق البحث البيانات حول حوادث السكتة الدماغية، وفشل القلب، والنوبات القلبية على مدى السنوات الثماني التالية، ووجد أن الأشخاص الذين ينامون بشكل غير منتظم كانوا أكثر عرضة بنسبة 26 في المائة لتجربة حدث قلبي وعائي رئيسي من أولئك الذين ذهبوا إلى الفراش في الوقت نفسه تقريباً كل ليلة.

كان المشاركون الذين كان جدول نومهم منتظماً إلى حد ما أقل عرضة بنسبة 8 في المائة للإصابة بهذا النوع من الأعراض المهددة للحياة.

وأظهرت الدراسة أيضاً أن الأشخاص الذين لديهم جدول نوم منتظم كانوا أكثر عرضة لتحقيق ساعات النوم الموصى بها في الليلة، التي تعد من 7 إلى 8 ساعات لمن تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ومن 7 إلى 9 ساعات لمن تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عاماً.

وعلاوة على ذلك، وجدوا أن محاولة تعويض النوم المفقود لم تعوض عن مخاطر القلب والأوعية الدموية لدى الأشخاص الذين ينامون بشكل غير منتظم.

نُشرت هذه النتائج، الثلاثاء، في مجلة «علم الأوبئة والصحة المجتمعية».

ويشير هذا البحث الجديد إلى وجود صلة قوية بين عدم الذهاب إلى الفراش في الوقت نفسه كل ليلة وخطر الإصابة بأمراض القلب أو السكتة الدماغية.

وقال مؤلفو الدراسة: «تشير النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة إلى ضرورة إيلاء المزيد من الاهتمام لانتظام النوم في إرشادات الصحة العامة والممارسة السريرية بسبب دوره المحتمل في صحة القلب والأوعية الدموية».