كيف تتعامل مع إدمان وسائل التواصل الاجتماعي؟

تدفع الأطفال للحصول على الرضا والسعادة أولاً... ثم العزلة والاكتئاب لاحقاً

كيف تتعامل مع إدمان وسائل التواصل الاجتماعي؟
TT

كيف تتعامل مع إدمان وسائل التواصل الاجتماعي؟

كيف تتعامل مع إدمان وسائل التواصل الاجتماعي؟

مع تصاعد الأصوات التي تطالب بحظر استخدام المراهقين والأطفال، تحت سن 16 عاماً، وسائل التواصل الاجتماعي، والدعوات إلى توعية الشباب بضرورة التحكم في عدد الساعات المنقضية في مطالعة هذه الوسائل والحد منها، يجب على أولياء الأمور معرفة مزيد من المعلومات عن منصات التواصل، ولماذا يقبل عليها المراهق؟ وهل يمكن أن تمثل خطورة حقيقية عليه؟ وكيف يمكن حماية أبنائهم من هذه المخاطر؟

إدمان الإنترنت

على الرغم من عدم وجود أعراض سريرية لإدمان الإنترنت بشكل عام ووسائل التواصل بشكل خاص، فإنه في الأغلب الطريقة التي يتعامل بها معظم المراهقين مع هذه الوسائل أقرب ما يكون للسلوك الإدماني «Addictive behavior» من حيث اعتماد المراهق عليها للحصول على الرضا والسعادة؛ لأن تصميم هذه المنصات يكون بطريقة تساعد الطفل على فرز هرمون «الدوبامين (Dopamine)» في الجسم. ويسمى هذا الهرمون «هرمون السعادة»؛ لأنه يعزز الشعور بالرضا. وذلك ما يجعل من الصعب على المراهقين بشكل خاص مقاومة هذا الإحساس.

وتتمثل المشكلة في استخدام الوسائط الرقمية في أنها بطبيعتها تمنح المراهق ما يريده بسرعة وبشكل مستمر. ويحدث إطلاق لـ«الدوبامين» بشكل طبيعي.

وفي البالغين، ومع تطور القشرة المخية في المخ «prefrontal cortex» لديهم، يمكن السيطرة على الشعور بالرضا المستمر والتوقف عن إدمان المنصات. ولكن لسوء الحظ، في المراهقين لا تكون القشرة المخية تطورت بشكل كامل، ما يفسر اندفاع الشباب وتهورهم رغبة منهم في نيل الرضا والإعجاب. ولكن في الأغلب يمكن أن يؤدي إدمان الإنترنت إلى العزلة والاكتئاب لاحقاً مثل الإدمان الحقيقي.

وبالإضافة إلى خطورة ضياع وقت طويل على الإنترنت في المشاهدة السلبية وعدم ممارسة أي نشاط بدني، فإن هناك خطورة أخرى مرتبطة بنوعية المحتوى الذي يتعرّض له المراهق سواء أكان الترويج للعنف أم الآراء المتطرفة أم المواد الإباحية والأخبار المزيفة والمعلومات المضللة، وأيضاً للنصب والابتزاز الإلكتروني؛ مما يمكن أن يُعرّض المراهق لارتكاب جرائم.

علامات الخطر

هناك بعض العلامات التي تشير إلى أن استخدام المراهق وسائل التواصل الاجتماعي أصبح مشكلة تقترب من الإدمان مثل:

- الانسحاب من الأنشطة المعتادة له أو عدم الذهاب إليها من الأساس، مفضلاً قضاء الوقت على الإنترنت

- صعوبة التوقف عن استخدام أو حتى تقليل الوقت الذي يقضيه على المنصات المختلفة حتى في حالة الرغبة في ذلك. وفي بعض الأحيان يمكن أن يعاني الطفل من الوجود على الإنترنت مثل تعرضه للتنمر، ولكنه لا يستطيع التوقف عن استخدامه سواء أكان لمحاولة نيل الإعجاب والتخلص من التنمر، أم لرد التنمر بشكل أكثر عنفاً.

- نتيجة لإعطاء الأولوية للإنترنت، يتم إهمال مجالات أخرى مهمة في الحياة مثل الدراسة، والتمارين الرياضية، والعلاقات الاجتماعية مع الأصدقاء.

- هناك علامات أخرى شديدة الخطورة مثل اللجوء للكذب بشأن استخدام هذه الوسائل ومحاولة إخفاء مواقع البحث، وكذلك الاستمرار في قضاء الوقت على الإنترنت حتى لو تسبب ذلك في مشكلات للمراهق على الأصعدة كافة، سواء في علاقاته مع أصدقائه وأفراد عائلته، أم في الحياة الواقعية بشكل عام؛ في المدرسة أو النادي.

نصائح للآباء

وينصح الأطباء النفسيون الآباء بضرورة توخي الحذر في التعامل مع المراهق، وطمأنته بأنهم مهتمون بمساعدته في المقام الأول وليس عقابه ومحاولة إقناعه بالحد من مطالعة وسائل التواصل بالتدريج؛ لأن الطفل في ذلك الوقت يعاني من اعتياد أقرب ما يكون لأعراض الانسحاب المماثلة للإدمان الفعلي، مثل تعاطي المخدرات، ويحدث تقلب في المزاج ويعاني الطفل من اضطراب النوم والانفعال الشديد عندما يكون غير قادر على متابعة هذه الوسائل.

تُصمّم هذه المنصات لتساعد الأطفال على فرز هرمون «الدوبامين» في الجسم

يجب على الآباء مناقشة الأطفال والمراهقين في تنظيم الوقت على الإنترنت وعدم اللجوء إلى الحظر الصريح أو فرض وقت محدد حتى لا تكون النتيجة عكسية. ولكن يجب تشجيع المراهق على قضاء وقت مع العائلة والأصدقاء، وممارسة النشاط البدني، مع مشاهدة فيلم أو مقاطع فيديو بالمشاركة مع بقية أفراد العائلة. ويجب على أولياء الأمور أن يكونوا قدوة جيدة في التحكم في الوقت الذي يتم قضاؤه في مطالعة وسائل التواصل، حيث تشير الأبحاث إلى أن المراهقين أكثر عرضة لاستخدام الإنترنت بشكل عام عندما يكون لدى والديهم أيضاً استخدام مبالغ فيه بغض النظر عن المحتوى.

يجب تشجيع الأنشطة البديلة في وقت مبكر من الطفولة المبكرة؛ مثل الرياضة، وزيارة الأماكن المفتوحة، والقراءة، وحضور الحفلات المنظمة في المدرسة أو النادي؛ لأن الطفل عادة ما يقول «ليس لدي أي شيء آخر»، خصوصاً في أوقات العطلات الرسمية. لذلك فإن فكرة إيجاد أنشطة ممتعة خارج الشاشة وتنميتها مبكراً تمنح الطفل حينما يصبح مراهقاً بدائل ممتعة بعيداً عن الإنترنت.

يمكن أن تقوم الأسرة بتحديد مناطق خالية من الجوالات الذكية والألواح الإلكترونية في المنزل مثل غرف النوم، والحمامات، وأماكن تناول الطعام، حتى يتم وضع قواعد معينة ملزمة للجميع. ويجب أن يدرك الآباء أن هذه القواعد يمكن أن يتم كسرها، ولذلك يمكن عمل مكافآت لاتباع القواعد، وبالمثل عمل عقوبات معقولة ومنطقية لكسرها.

في النهاية يجب عمل موازنة بين فوائد مطالعة وسائل التواصل مثل العلاقات الاجتماعية والمعرفة ومتابعة الأخبار، وبين مخاطر استخدامها المفرط للدرجة التي تصل إلى الإدمان، ويجب أن يحاول الأطفال تجربة أشياء أخرى حقيقية، وتعلم مهارات جديدة تساعدهم على التخلص من مشاعر الملل، وتنمي قدراتهم الإبداعية والإدراكية.

• استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

استخدام الأسبرين بانتظام يقلل خطر إصابتك بنوع شائع من السرطان

صحتك سرطان القولون والمستقيم هو ثاني أكثر أسباب الوفاة شيوعًا بسبب مرض السرطان في جميع أنحاء العالم (رويترز)

استخدام الأسبرين بانتظام يقلل خطر إصابتك بنوع شائع من السرطان

يؤدي استخدام الأسبرين بشكل منتظم إلى إبعادك عن أطباء الأورام، على الأقل عندما يتعلق الأمر بسرطان القولون والمستقيم، وفقاً لدراسة جديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك فنجان قهوة (أ.ب)

7 نصائح لجعل قهوتك «صحية»

يمكن لتناول القهوة في الوقت المناسب وبالكمية المناسبة وبالمكونات المناسبة أن يساعد في الحصول على أقصى قدر من الفوائد الصحية لهذا المشروب الذي يشربه الملايين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك زيادة وتيرة الضحك من شأنها أن تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية (رويترز)

كيف يساعدك الضحك على حماية قلبك؟

وجد بحث أجرته جامعة محلية أن الضحك المنتظم يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب ويساعدك على العيش لفترة أطول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك النوم الجيد يُمكّن الأشخاص من الاستمتاع بصحة أفضل خلال حياتهم (رويترز)

هل النوم لمدة 6 ساعات كافٍ؟

يعاني البعض من الشعور بعدم الحصول على القدر الكافي من النوم رغم الاستغراق فيه لمدة 6 ساعات، ما يثير قلقهم بشأن حالتهم الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك 7 نقاط حول التعامل العلاجي مع حالات الأرق

7 نقاط حول التعامل العلاجي مع حالات الأرق

ضمن الجهود العلمية المشتركة، عرض باحثون من مركز الأبحاث بجامعة «لافال» بكندا، مجموعة المستجدات العلمية الحديثة حول إدارة معالجة حالات الأرق Insomnia.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

استبدال هذه الأطعمة باللحوم المصنعة يقي من الخرف

اللحوم المصنعة تحتوي على مستويات عالية من الصوديوم والدهون المشبعة (جامعة هارفارد)
اللحوم المصنعة تحتوي على مستويات عالية من الصوديوم والدهون المشبعة (جامعة هارفارد)
TT

استبدال هذه الأطعمة باللحوم المصنعة يقي من الخرف

اللحوم المصنعة تحتوي على مستويات عالية من الصوديوم والدهون المشبعة (جامعة هارفارد)
اللحوم المصنعة تحتوي على مستويات عالية من الصوديوم والدهون المشبعة (جامعة هارفارد)

أثبتت دراسة أميركية أن استبدال المكسرات والبقوليات باللحوم المصنعة يقي من الخرف.

وأوضح الباحثون في كلية الطب بجامعة هارفارد أن تناول اللحوم المصنعة يرفع من احتمالية الإصابة بالخرف، حسب نتائج الدراسة التي عُرضت، الأربعاء، أمام المؤتمر الدّولي لجمعية ألزهايمر في فيلادلفيا.

والخرف هو اضطراب عصبي يسبب تدهوراً مستمراً في القدرات العقلية، مما يؤثر على التفكير والذاكرة والقدرة على اتخاذ القرارات.

ويعاني الأشخاص المصابون بالخرف من صعوبة في أداء المهام اليومية ويواجهون تغييرات ملحوظة في السلوك والشخصية.

وأصبحت الدراسات التي تبحث في النظام الغذائي وخطر التدهور المعرفي محور اهتمام الباحثين.

وخلال الدراسة الجديدة، تابع الفريق 130 ألف شخص في الولايات المتحدة لمدة 43 عاماً، في دراسة طويلة الأمد، وفي المجمل ظهرت 11 ألفاً و173 حالة من الخرف بين المشاركين خلال فترة الدراسة.

وقدم المشاركون بيانات عن نظامهم الغذائي كل عامين إلى 5 أعوام، بما في ذلك عدد المرات التي يتناولون فيها اللحوم الحمراء المصنعة مثل الهوت دوغ، والنقانق، والسّلامي، ولحوم الساندويتشات الأخرى.

وسُئل المشاركون أيضاً عن استهلاكهم للمكسرات والبقوليات، بما في ذلك زبدة الفول السوداني، والفول السوداني، والجوز، والمكسرات الأخرى، والفاصوليا الخضراء، والبازلاء، وحليب الصويا، والتوفو. كما نظر الفريق إلى «الشيخوخة الإدراكية» لدى مجموعة فرعية من نحو 17500 مشارك في الدراسة.

ووجد الباحثون أن استبدال وجبة يومية من المكسرات أو الفاصوليا أو التوفو كل يوم بوجبة يومية واحدة من اللحوم الحمراء المصنعة، قد يقلّل من خطر الإصابة بالخرف بنسبة 23 في المائة، وتأخير تدهور القدرات العقلية بمتوسط قدره 1.37 سنة.

ووجدوا أيضاً، أن تناول ربع وجبة أو أكثر من اللحوم الحمراء المصنعة يومياً يزيد من خطر الإصابة بالخرف بنسبة 14 في المائة.

ووجد الباحثون كذلك، أن كل وجبة إضافية من اللحوم الحمراء المصنعة التي تُتناول يومياً ترتبط بتسريع الشيخوخة الإدراكية التي تشمل تراجع قدرات اللغة، والوظيفة التنفيذية، والمعالجة العقلية بنحو 1.6 عام. وارتبطت هذه الوجبة الإضافية اليومية أيضاً بتسريع الشيخوخة المعرفية للذاكرة اللفظية، وهي القدرة على تذكّر وفهم الكلمات والجمل، بنحو 1.7 عام، وفقاً لفريق البحث.

وأشار الباحثون إلى أن النتائج تفيد بأن اللحوم المصنعة قد تكون ضارة للدماغ بسبب احتوائها على مواد حافظة مثل «نترات الصوديوم»، وقد ارتبطت أيضاً بزيادة خطر الإصابة بالسرطان وأمراض القلب والسّكري. كما تحتوي هذه اللحوم على مستويات عالية من الصوديوم والدّهون المشبعة، مما قد يسبب ارتفاع ضغط الدم وزيادة الوزن.