المسح المبكر للأطفال المعرضين للإصابة بالسرطان يقلل ظهور أورام جديدة

نسبة ذوي الاستعداد الوراثي منهم تصل إلى 15 %

المسح المبكر للأطفال المعرضين للإصابة بالسرطان يقلل ظهور أورام جديدة
TT

المسح المبكر للأطفال المعرضين للإصابة بالسرطان يقلل ظهور أورام جديدة

المسح المبكر للأطفال المعرضين للإصابة بالسرطان يقلل ظهور أورام جديدة

على الرغم من الدور الكبير الذي يلعبه العامل الجيني في زيادة فرص الإصابة بالأورام المختلفة، فإنه لم يكن من الواضح لدى الخبراء متى يجب بدء متابعة هذه الأورام وتشخيصها وعلاجها. وحسب الإحصاءات الطبية، فإن هناك نسبة تبلغ من 5 إلى 15 في المائة من الأطفال المصابين بالسرطان لديهم استعداد وراثي، لذلك يجب رصد هؤلاء الأطفال المعرضين لخطورة الإصابة مبكراً.

الاستعداد الوراثي للسرطان

من المعروف أن الاستعداد الوراثي (genetic predisposition) لا يزيد فقط من خطر الإصابة بالأورام المختلفة، ولكن يزيد من احتمالية عودة الإصابة سواء بالورم نفسه أو أورام أخرى جديدة بعد العلاج. وقد وجد العلماء في مستشفى سانت جود لأبحاث الأطفال (St. Jude Children’s Research Hospital) في ممفيس بولاية تنيسي الأميركية، أن المسح المبكر للأطفال يمكنهم من اكتشاف سرطانات جديدة لهؤلاء الأطفال في المراحل القابلة للعلاج.

وأوضحت الدراسة التي نُشرت في نهاية شهر يونيو (حزيران) من العام الحالي، في مجلة الرابطة الطبية الأميركية لعلم الأورام (JAMA Oncology)، أن بدء المتابعة عن طريق المسح الدوري بعد وقت قصير من التعرف على الاستعداد الجيني - سواء كان الطفل مصاباً بالفعل بنوع معين من السرطانات أو غير مصاب - يؤدي في الأغلب إلى اكتشاف ورم أو أكثر من دون أعراض.

ويمكن إزالة ما يقرب من نصف هذه الأورام بالكامل عن طريق الجراحة وحدها، وتجنب الحاجة إلى العلاج الكيميائي أو الإشعاعي، وبالتالي تجنب الأعراض الجانبية المتعددة المتعلقة بهذه الأنواع من العلاج.

وقال الباحثون إن اتباع بروتوكولات التشخيص في المتابعة الموحدة لكل المرضى المعرضين للخطورة، يوفر طريقة فعالة للغاية لاكتشاف الأورام الجديدة في مراحلها الأولى، ويؤثر بشكل كبير على الرعاية السريرية لهم حتى لو لم تظهر أعراض مرتبطة بالورم عليهم.

وفحص الباحثون 274 طفلاً ومراهقاً من أعمار مختلفة في مستشفى سانت جود (كان متوسط العمر 8 سنوات تقريباً) يعانون جميعاً من 35 عاملاً مختلفاً من مسببات السرطان على مدى 3 سنوات. وأظهرت النتيجة وجود أورام من دون أعراض في 27 طفلاً، وظهرت أورام أخرى بأعراض في 5 من المشاركين، وكانت هذه الأورام في معظم أجهزة الجسم؛ وبشكل خاص في الجهاز العصبي المركزي.

وفي الأغلب في الطريقة المعتادة للتعامل مع الطفل، تبدأ الإجراءات العلاجية بعد عدة أشهر وتطول في بعض الأحيان إلى عدة سنوات (خصوصاً إذا كان الطفل قد أُصيب بالفعل بورم معين أولي).

ولكن تبعاً للطريقة الجديدة في الدراسة فإنه يجب البدء بالفحوصات قبل الانتهاء من العلاج، والمتابعة عن طريق الفحوصات لمسح جميع أجزاء الجسم مباشرة بعد اكتشاف الاستعداد الوراثي والتعامل معها.

وقد تم التعرف على واحد من كل 3 أورام في أول متابعة بعد وقت قصير من التشخيص. وأيضاً تم التعرف على اثنين من كل 3 أورام في غضون عامين فقط من أول متابعة. والمثير للدهشة أن هذه الطريقة أسهمت في تشخيص أورام جديدة في مجموعة صغيرة من الأطفال يعالجون بالفعل من ورم مختلف.

رصد الأورام بسرعة

حذرت الدراسة من خطورة الانتظار حتى ينتهي الطفل المصاب بأورام بالفعل من علاج السرطان الأول قبل البدء في فحص الأورام، لأنه في كثير من الأحيان يمكن أن يغفل الأطباء وجود الورم الجديد. وعلى سبيل المثال في الدراسة الحالية، تم اكتشاف ورم جديد في نحو 17 في المائة من الأطفال الذين كانوا لا يزالون يخضعون للعلاج من سرطان سابق، لذلك يجب على المستشفيات التي تعالج الأورام إدراك أهمية البدء بالمتابعة في الوقت نفسه الذي يثبت فيه وجود العامل الوراثي في الطفل المصاب.

وتبعاً للدراسة نجحت الجراحة المبكرة في التخلص بشكل شبه كامل من الأورام التي تم اكتشافها، وفي 70 في المائة من الحالات لم يكن هناك أي أثر مجهري للورم عند فحص الخلايا بعد الاستئصال. وقلت احتمالية العلاج بالإشعاع بعد الجراحة إلى حد كبير. وفي حالات كثيرة لم يكن هناك أي ضرورة لعلاج آخر.

والجدير بالذكر أن المتابعة المبكرة لعبت دوراً مهماً لأن معظم هذه الأورام التي تمت إزالتها بالفعل كانت من دون أعراض على الإطلاق، وإذا لم يتم المسح فإن معظم هؤلاء الأطفال سوف يصابون بالورم لاحقاً.

الاستعداد الوراثي يزيد من احتمالية عودة الإصابة بأورام جديدة حتى بعد العلاج

واستخدم العلماء كثيراً من الطرق للبحث عن الأورام المختلفة تبعاً لطبيعة كل ورم سواء تحاليل أو أشعة. وعلى سبيل المثال لتشخيص الأورام الصلبة قاموا بعمل رنين مغناطيسي كامل لجميع أجزاء الجسم، وأيضاً قاموا بعمل تحاليل لدلالات الأورام الخاصة بكل مرض. وعلى الرغم من وجود نتائج إيجابية كاذبة (false positive) ونتائج سلبية كاذبة (false negative) فإنها كانت قليلة جداً وبنسب لا تذكر (0.4 في المائة). وكانت معظم النتائج دقيقة وذات أهمية كبيرة في التشخيص، لأن ذلك يعني عدم الاحتياج إلى عمل إجراءات طبية غير ضرورية مكلفة أو مؤلمة أو إغفال أي أورام أساسية.

وقال الباحثون إن عمل مسح ومتابعة مستمرين للأطفال المهيئين جينياً للإصابة بالأورام على الرغم من كلفته المادية المرتفعة نتيجة للفحوصات المختلفة، فإنه يمكن أن يكون نوعاً من الإنقاذ لهؤلاء الأطفال. لذلك يجب على الحكومات المختلفة والمراكز المتخصصة في تشخيص وعلاج الأورام أن تقوم بهذا الدور بشكل تلقائي ومجاني لأي طفل تحمل جيناته احتمالية الإصابة، لأن كثيراً من الأطباء في الأغلب لا يطلبون إجراءات إضافية بعد علاج الورم الأولي لعلمهم بالتكلفة الكبيرة للفحوصات، خصوصاً في البلدان ذات الدخل المنخفض.

• استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق لا مانع من بعض العزلة للأطفال والحديث معهم عندما يكونون مستعدين لذلك (أرشيفية - وسائل إعلام أميركية)

طفلي لا يريد التحدث معي... ماذا أفعل؟

تنصح طبيبة نفسية بإعطاء الأطفال مساحتهم الخاصة عندما لا يريدون التحدث.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق يشجّع المهرجان الأطفال والشباب في مجال صناعة السينما (الشرق الأوسط)

الشيخة جواهر القاسمي لـ«الشرق الأوسط»: الأفلام الخليجية تنمو والطموح يكبُر

الأثر الأهم هو تشجيع الأطفال والشباب في مجال صناعة السينما، ليس فقط عن طريق الإخراج، وإنما أيضاً التصوير والسيناريو والتمثيل. 

إيمان الخطاف (الدمام)
صحتك إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

تجدد النقاش الطبي في جامعة «بريستول» حول إمكانية حماية الأطفال الخدج (المبتسرين) من المضاعفات الخطيرة للولادة المبكرة، أهمها على الإطلاق الشلل الدماغي (CP)

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
يوميات الشرق النسبة المئوية للاعتداءات الجنسية على الأطفال المرتبطة بتطبيقات التواصل الاجتماعي ترتفع (رويترز)

كيف تحمي أطفالك من التعرض للأذى الجنسي على وسائل التواصل الاجتماعي؟

وجدت دراسة أن نسبة 7 % من الأطفال الذين عولجوا من الاعتداء الجنسي في أحد مستشفيات كاليفورنيا قالت إن وسائل التواصل الاجتماعي سهلت تواصلهم مع مرتكب الجريمة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الضوء الساطع يُساعد في علاج الاكتئاب

العلاج بالضوء الساطع يستخدم عبر التعرض لضوء صناعي يحاكي الضوء الطبيعي (الجامعة الصينية في هونغ كونغ)
العلاج بالضوء الساطع يستخدم عبر التعرض لضوء صناعي يحاكي الضوء الطبيعي (الجامعة الصينية في هونغ كونغ)
TT

الضوء الساطع يُساعد في علاج الاكتئاب

العلاج بالضوء الساطع يستخدم عبر التعرض لضوء صناعي يحاكي الضوء الطبيعي (الجامعة الصينية في هونغ كونغ)
العلاج بالضوء الساطع يستخدم عبر التعرض لضوء صناعي يحاكي الضوء الطبيعي (الجامعة الصينية في هونغ كونغ)

وجدت دراسة برازيلية أن العلاج بالضوء الساطع يمكن أن يكون علاجاً مساعداً فعّالاً للاضطرابات الاكتئابية غير الموسمية.

وأوضح الباحثون بجامعة «بارا» الفيدرالية، أن هذا العلاج يمكن أن يُحسّن سرعة استجابة المرضى للعلاج الأولي، ونشرت النتائج، الأربعاء، في دورية «غاما نتورك». والاضطرابات الاكتئابية غير الموسمية هي حالات صحية عقلية تسبب شعوراً بالحزن الشديد وفقدان الاهتمام بالأنشطة التي كان الشخص يستمتع بها سابقاً.

وعلى عكس الاكتئاب الموسمي المرتبط بتغيرات الفصول، يمكن أن تظهر الاضطرابات الاكتئابية غير الموسمية في أي وقت من السنة.

وتشمل الأعراض فقدان الاهتمام، وتغيرات في الشهية، واضطرابات النوم، والشعور بالذنب أو اليأس، ما يؤثر على قدرة الشخص على العمل والاستمتاع بالحياة.

ويُستخدم العلاج بالضوء الساطع لعلاج الاكتئاب الموسمي، عبر التعرض لضوء صناعي يحاكي الضوء الطبيعي، ويُعتقد أنه يحسن المزاج عبر زيادة مستويات السيروتونين في الدماغ، ويُظهر فعالية خصوصاً في حالات نقص التعرض للضوء الطبيعي خلال أشهر الشتاء، مما يساعد في تحسين الحالة المزاجية وزيادة معدلات الشفاء، لكن تأثيره على الاضطرابات الاكتئابية غير الموسمية لم يكن واضحاً حتى الآن. واستهدفت هذه الدراسة تقييم فعالية العلاج بالضوء الساطع كونه علاجاً مساعداً لـ858 مريضاً بالاضطرابات الاكتئابية غير الموسمية.

وأظهرت النتائج أن المرضى الذين تلقوا العلاج بالضوء الساطع حققوا معدلات شفاء بلغت 40.7 في المائة، مقارنة بـ23.5 في المائة للمرضى الذين لم يتلقوا هذا العلاج. كما كانت معدلات الاستجابة للعلاج 60.4 في المائة مقابل 38.6 في المائة على التوالي.

وأظهر تحليل لمجموعة المرضى الذين تمت متابعتهم لفترات أقل من 4 أسابيع تحسناً ملحوظاً في معدلات الشفاء، حيث بلغت 27.4 في المائة بمجموعة العلاج بالضوء الساطع مقارنة بـ9.2 في المائة بالمجموعة الأخرى.

وأشارت النتائج إلى أن العلاج بالضوء الساطع يُسرع استجابة المرضى، حيث أظهرت البيانات تحسناً بعد 4 أسابيع من العلاج، مع استمرار النتائج الإيجابية بعد ذلك.

وقال الباحثون إن هذه النتائج تُعد خطوة مهمة لتحقيق فهم أفضل لكيفية استخدام العلاج بالضوء الساطع بوصفه وسيلة لتحسين النتائج العلاجية للمرضى الذين يعانون من الاكتئاب غير الموسمي. وأضافوا أن استخدام هذه الطريقة يمكن أن يعزز من فعالية العلاجات التقليدية، ما يفتح المجال لمزيد من الأبحاث حول دور الضوء الساطع في العلاج النفسي.