دواء تجريبي واعد لعلاج اللوكيميا لدى الصغار

يطيل الحياة... وله أعراض جانبية أقل ضرراً

دواء تجريبي واعد لعلاج اللوكيميا لدى الصغار
TT

دواء تجريبي واعد لعلاج اللوكيميا لدى الصغار

دواء تجريبي واعد لعلاج اللوكيميا لدى الصغار

كشفت أحدث دراسة نُشرت في مطلع شهر يونيو (حزيران) من العام الحالي في مجلة اكتشاف السرطان «Cancer Discovery»، التابعة لـ«الجمعية الأميركية لأبحاث السرطان (AACR)» عن نجاح تجارب المرحلة الثانية من دواء «تراميتينيب (Trametinib)» في علاج نوع نادر وعنيف من مرض اللوكيميا يصيب الرُّضَّع والأطفال الصغار.

وحتى الآن يظل العلاج الحالي هو زرع الخلايا الجذعية «stem cell transplant» المكوِّنة للدم مع العلاج الكيميائي. ولكن مع الأسف في الأغلب يحدث انتكاس بعد الزرع، ولذا من دون عملية زرع ثانية يموت نحو 90 في المائة من المرضى في غضون عامين. ولسوء الحظ لا يستجيب لعملية الزرع للمرة الثانية سوى ثُلث الأطفال فقط.

نتائج مشجعة

أوضح الباحثون من قسم أمراض الدم والأورام وزراعة النخاع في مستشفى الأطفال بسياتل في الولايات المتحدة، أن التجارب أظهرت بقاء 7 من أصل 10 أطفال على قيد الحياة في فترة المرحلة الثانية التي استمرّت عامين كاملين على العقار الذي يُستخدَم في علاج الأورام السرطانية في الجلد في البالغين. وتعني التجارب في المرحلة الثانية من تصنيع أي عقار جديد تقييم مدى فاعلية وكفاءة العقار بعد المرحلة الأولى التي تُقيِّم مدى الأمان، وقبل المرحلة الأخيرة التي يتم فيها تقييم أفضلية العلاج الجديد على العلاج الحالي من حيث الفاعلية والأمان.

وبذلك تُعد تجارب فاعلية الدواء في هذه المرحلة نقطة حاسمة في استكمال العلاج.

عند بدء الدراسة كان 3 أطفال قد عانوا بالفعل من انتكاسة المرض بعد أن تم زرع خلايا جذعية لهم، وكان هناك 7 أطفال لم يخضعوا أساساً للزرع لأن نوع المرض الذي كان لديهم مقاوم للعلاج الكيميائي بعد الزرع. وبعد استخدام الدواء حدث تحسن ملحوظ تام لطفلين من السبعة، وأيضاً حدثت استجابات جزئية لثلاثة أطفال تحسّنت حالاتهم، ولكن ليست بالقدر نفسه.

وفي المقابل استقرّت حالة الطفلين الآخرين وجميعهم بقوا على قيد الحياة خلال فترة متابعتهم التي بلغت عامين كاملين، وحدث تحسن كبير لأربعة مرضى كانوا غير مؤهلين سابقاً لعملية زرع النخاع وأصبحوا الآن في طريقهم لبداية زرع الخلايا الجذعية بعد تلقي العقار الجديد.

لا أعراض جانبية سيئة

أظهرت التجارب أن الدواء لا يسبب الأعراض الجانبية الخطرة التي تسببها الأدوية الكيميائية المعتادة التي تعالج الأورام. ولم يعانِ أي من المرضى من التسمم الدوائي المتعلق بتجاوز الجرعة العلاجية «dose-limiting toxicities»، وكذلك لم تحدث مشكلات تذكر في القلب، ولكن كانت هناك حالات عانت من نقص الصفائح الدموية في الدم بدرجات مختلفة نتيجة للعلاج. وكذلك حدثت بعض الأعراض الجانبية البسيطة مثل ارتفاع ضغط الدم والأنيميا ونقص نوع معين من كريات الدم البيضاء (neutropenia) المسؤولة عن المناعة.

تثبيط السرطان ومؤشرات الالتهاب

التحليلات التي أُجريت لعينات المرضى قبل وبعد العلاج أوضحت أنه بالإضافة إلى تثبيط خلايا السرطان قام العقار أيضاً بخفض مؤشرات الالتهاب ما ساعد على سرعة شفاء الأطفال الذين تم علاجهم. وقال الباحثون إن نتائج العلاج تزيد من الخيارات أمام الآباء الذين لا يريدون أن يتعرض أطفالهم للعلاج بزرع الخلايا الجذعية مرات عدة، خصوصاً أن بعض الحالات التي استجابت لم يتم الزرع لهم على الإطلاق.

بناء على نجاح هذه المرحلة من التجارب سوف يستكمل الباحثون التجارب السريرية على المرضى باستخدام الدواء بوصفه علاجاً أولياً لهذا النوع من اللوكيميا وبديلاً عن زراعة الخلايا، خصوصاً أن الأعراض الجانبية للعقار أقل وطأة من عملية الزرع. والمعروف أن هناك عديداً من الأعراض الجانبية لزراعة الخلايا الجذعية، منها عدم تقبل الجسم لهذه الخلايا ورفضها. وفي المستقبل القريب يمكن إنقاذ هؤلاء الأطفال.

حقائق

7 من أصل 10

أطفال بقوا على قيد الحياة في فترة المرحلة الثانية من التجارب التي استمرت عامين كاملين على العقار الذي يستخدم في علاج الأورام السرطانية

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

يوميات الشرق من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك العوامل المؤثرة على الأعراض الداخلية والخارجية للصدمات النفسية

العوامل المؤثرة على الأعراض الداخلية والخارجية للصدمات النفسية

تأثير الأحداث الحياتية المؤلمة في مرحلة الطفولة.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة ربما يؤدي إلى السكتة الدماغية

الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة ربما يؤدي إلى السكتة الدماغية

انعدام التوافر العاطفي وتجاهل المشاعر في مرحلة الطفولة يتسببان في معاناة ومشكلات صحية عضوية خطيرة لاحقاً في البلوغ.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك هل يُمكن أن يساعد الكافيين أثناء الحمل في منع الشلل الدماغي للمواليد الجدد؟

هل يُمكن أن يساعد الكافيين أثناء الحمل في منع الشلل الدماغي للمواليد الجدد؟

يقلل خطر نقص الأكسجين لدى الأطفال

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك توصيات حديثة لوصف الأدوية الأفيونية للأطفال

توصيات حديثة لوصف الأدوية الأفيونية للأطفال

إعطاء أقل جرعة كافية لتسكين الألم لأقصر وقت ممكن لتجنب الإدمان

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص. وأوضحت أن قضاء وقت من دون حركة كافية لفترة أكثر من 6 ساعات يومياً، يمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم الانقباضي (الخارج من البطين الأيسر- systolic blood pressure) بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية، وذلك في الفترة العمرية من الطفولة، وحتى بداية مرحلة البلوغ.

الخمول ومؤشرات الأمراض

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعتي «بريستول» و«إكستر» في المملكة المتحدة، وجامعة «شرق فنلندا»، ونُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، في مجلة «الهزال وضمور العضلات» (Journal of Cachexia, Sarcopenia and Muscle). وأكدت أن النشاط والخمول يلعبان دوراً رئيسياً في تنظيم الضغط؛ حيث يساهم الخمول وعدم الحركة في رفع ضغط الدم، بينما يساهم النشاط البدني الخفيف بشكل يومي في خفض الضغط. وفي الماضي وقبل التقدم التكنولوجي المعاصر، ولأن الأطفال كانوا في نشاط مستمر، كان ارتفاع ضغط الدم من الأمور شديدة الندرة في الأطفال.

قام الباحثون بمتابعة 2513 طفلاً من دراسة خاصة بجامعة «بريستول» على أطفال التسعينات من القرن الماضي، وتمت المتابعة من سن 11 إلى 24 عاماً. وركَّز الباحثون على الأطفال الذين قضوا تقريباً 6 ساعات يومياً من دون أي نشاط يذكر، ثم 6 ساعات يومياً في ممارسة تمارين خفيفة (LPA)، وأخيراً نحو 55 دقيقة يومياً في نشاط بدني يتدرج من متوسط إلى قوي (MVPA)، وبعد ذلك في بداية مرحلة المراهقة والشباب قضوا 9 ساعات يومياً في حالة خمول، ثم 3 ساعات يومياً في التمارين الخفيفة، ونحو 50 دقيقة يومياً في تمارين متوسطة إلى قوية.

تم أخذ عينات دم بعد فترة صيام لعدة ساعات للأطفال بشكل متكرر، لتثبيت العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ارتفاع ضغط الدم، مثل قياس مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية (TG)، وأيضاً تم قياس منحنى الغلوكوز لكل 3 شهور (hba1c) في الدم، وكذلك هرمون الإنسولين، ودلالات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي سي (C-reactive protein)، وقاموا بقياس معدل ضربات القلب.

بعيداً عن التحاليل الطبية، قام الباحثون برصد بقية العوامل المؤثرة في ارتفاع ضغط الدم، وتم سؤال الأطفال عن التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بجانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للعائلة، وحالة الطفل النفسية، وتعامل العائلة معه، وأيضاً نوعية الغذاء، وهل تحتوي على دهون أم لا، واستخدام ملح الطعام باعتدال. وبالنسبة للمراهقين والبالغين تم سؤالهم عن حالة التدخين، بالإضافة إلى قياس كتلة الدهون في الجسم، وكذلك الكتلة العضلية.

ضغط الدم في الأطفال

قال العلماء إن الدراسة الحالية تُعد أكبر وأطول دراسة متابعة في العالم، لرصد العلاقة بين حجم النشاط البدني ومستوى ضغط الدم في الأطفال والمراهقين، وصولاً لمرحلة البلوغ. وحتى تكون الدراسة معبرة عن التغيرات الطبيعية التي تحدث للضغط في المراحل العمرية المختلفة، قام الباحثون بقياس ضغط الدم بعد فترات الخمول والتمرينات الخفيفة ومتوسطة الشدة، في عمر الحادية عشرة (نهاية فترة الطفولة) وفي عمر الخامسة عشر (فترة المراهقة والتغيرات الهرمونية) وأخيراً في عمر الرابعة والعشرين (مرحلة البلوغ).

وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم في مرحلة الطفولة كان 106/ 56 ملِّيمتراً زئبقياً، وبعد ذلك ارتفع إلى 117/ 67 ملِّيمتراً زئبقياً في مرحلة الشباب. ويرجع ذلك جزئياً -في الأغلب- إلى النمو الفسيولوجي الطبيعي المرتبط بالسن، وأيضاً ارتبطت الزيادة المستمرة في وقت الخمول من سن 11 إلى 24 عاماً بزيادة ضغط الدم الانقباضي في المتوسط بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية.

لاحظ الباحثون أن المشاركة في التمرينات الخفيفة بانتظام من الطفولة وحتى البلوغ، ساهمت في خفض مستوى الضغط الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية تقريباً. وفي المقابل تبين أن ممارسة التمرينات الشاقة والقوية لم تساهم في خفض الضغط بعكس المتوقع، وذلك لأن زيادة حجم الكتلة العضلية ارتبط بزيادة الدم المتدفق إليها، مما سبب زيادة طفيفة في ضغط الدم، ما يوضح الأهمية الكبرى للنشاط البدني الخفيف بانتظام؛ لأنه يُعد بمثابة وقاية من خطر ارتفاع ضغط الدم.

النشاط البدني الخفيف المنتظم يقي من خطره

أكد الباحثون أن أي فترة صغيرة في ممارسة النشاط الحركي تنعكس بالإيجاب على الطفل. وعلى سبيل المثال عندما استُبدلت بعشر دقائق فقط من كل ساعة تم قضاؤها في حالة خمول، فترة من التمرينات الخفيفة (LPA) في جميع مراحل النمو من الطفولة إلى مرحلة الشباب، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية، وضغط الدم الانبساطي بمقدار ملِّيمترين زئبقيين، وهو الأمر الذي يُعد نوعاً من الحماية من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5 ملِّيمترات زئبقية فقط يقلل بنسبة 10 في المائة من الذبحة الصدرية وجلطة المخ.

من المعروف أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أصدرت تقارير تفيد باحتمالية حدوث 500 مليون حالة مرضية جديدة من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالخمول البدني بحلول عام 2030، ونصف عدد هذه الحالات بسبب ارتفاع ضغط الدم. ونصحت المنظمة بضرورة ممارسة النشاط البدني الخفيف لمدة 3 ساعات على الأقل يومياً، للحماية من الإصابة بضغط الدم، وأيضاً لأن هذه التمرينات بمثابة علاج للضغط العالي للمرضى المصابين بالفعل. وأكدت أن النشاط البدني لا يشترط وقتاً أو مكاناً معيناً، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وحتى القيام بالأعمال المنزلية البسيطة.

* استشاري طب الأطفال