مركَّبات طبيعية تقتل الطفيليات بشكل انتقائي داخل الأمعاء

دودة طفيلية حيّة عُثر عليها في دماغ أسترالية للمرّة الأولى في العالم عام 2023 (رويترز)
دودة طفيلية حيّة عُثر عليها في دماغ أسترالية للمرّة الأولى في العالم عام 2023 (رويترز)
TT

مركَّبات طبيعية تقتل الطفيليات بشكل انتقائي داخل الأمعاء

دودة طفيلية حيّة عُثر عليها في دماغ أسترالية للمرّة الأولى في العالم عام 2023 (رويترز)
دودة طفيلية حيّة عُثر عليها في دماغ أسترالية للمرّة الأولى في العالم عام 2023 (رويترز)

اكتشف فريق دولي من الباحثين بقيادة جامعة «تورنتو» الكندية، مجموعة من المركَّبات الطبيعية التي تمتلك إمكانيات بوصفها علاجات جديدة وأكثر فاعلية في قتل الديدان الطفيلية بشكل انتقائي.

وأوضح الباحثون أنها تعمل على إيقاف العملية الأيضية الفريدة التي تستخدمها الديدان للبقاء على قيد الحياة داخل أمعاء الإنسان؛ ونُشرت النتائج، الأربعاء، في دورية «نيتشر كميونيكيشنز».

وتُسبّب الديدان الطفيلية الموجودة في التربة مشكلات عدّة للبشر في الدول النامية بالمناطق المدارية، إذ تؤدّي العدوى بهذه الطفيليات إلى الضعف، وسوء التغذية، وأعراض أخرى قد تتسبّب بتشوّهات تعوق نمو الأطفال بشكل طبيعي.

وتعيش أنواع عدّة من الديدان الطفيلية جزءاً كبيراً من دورة حياتها داخل مضيف بشري. وللتكيُّف مع الظروف البيئية للأمعاء، خصوصاً نقص الأكسجين، يتحوّل الطفيل إلى نوع من التمثيل الغذائي الذي يعتمد على جزيء يُسمّى «رودوكوينون» (RQ).

وفحص الباحثون تأثير 25 ألفاً من المركَّبات الطبيعية المُستخلصة من النباتات والفطريات والبكتيريا على الديدان الخيطية (C. elegans)، التي تعتمد أيضاً على العملية الأيضية عينها في ظلّ غياب الأكسجين.

واكتشفوا عدداً من المركبات الطبيعية القوية جداً التي تؤثر في عملية التمثيل الغذائي هذه، بما فيها، للمرّة الأولى، مركَّب يمنع قدرة الديدان على إنتاج جزيء «رودوكوينون».

وأشاروا إلى أنّ دراستهم أدّت إلى اكتشاف عائلة مركَّبات «البنزيميدازول» (Benzimidazole) التي تقتل الديدان بالاعتماد على هذا النوع من التمثيل الغذائي.

ويقترح الباحثون نظاماً علاجياً متعدّد الجرعات يستخدم عائلة مركَّبات «البنزيميدازول» المُكتشفة حديثاً لعلاج الديدان الطفيلية. وفي حين أنّ العلاج بجرعة واحدة يكون أسهل في برامج إدارة الأدوية على نطاق واسع، فإنّ برنامج العلاج الأطول من شأنه القضاء على الطفيلي بشكل أكثر فاعلية.

ويرى فريق البحث، بمشاركة باحثين من «جامعة شيزوكا» اليابانية، أن هذه النتائج مجرّد بداية، إذ اكتشف عدداً من المركَّبات الأخرى القوية التي تؤثر في الديدان الطفيلية، بما فيها للمرّة الأولى، مركب يحجب قدرة الديدان على تصنيع «الرودوكينون».

وتتمثل الخطوات التالية للفريق في تحسين فاعلية هذه الفئة الجديدة من المركَّبات الطبيعية من خلال اختبارات إضافية في الجسم الحيّ باستخدام الديدان الطفيلية، والتي ستُجرى بواسطة مختبر «كيزر» في «جامعة بازل» في سويسرا.

ويأمل الباحثون أن تؤدّي هذه العملية إلى تطوير أدوية لعلاج الأمراض الطفيلية الرئيسية حول العالم.


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)
صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)
TT

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)
صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

وتشير نتائج الدراسة إلى أن الأدوية قد تقلل من خطر تدهور الكلى وفشلها، بغض النظر عما إذا كان الشخص مصاباً بمرض السكري أم لا.

ووفقاً للبحث، كان الانخفاض الإجمالي في خطر الفشل الكلوي وتدهور وظائف الكلى والوفاة بسبب أمراض الكلى بنسبة 19 في المائة.

وتُعرف هذه الأدوية باسم «محفزات مستقبلات (جي إل بي - 1)»، وهي تحاكي عمل هرمون يسمى «الببتيد» الشبيه بـ«الجلوكاغون 1»، والذي يحفز إنتاج الإنسولين ويخفض مستويات السكر في الدم، وقد تم تطويرها في الأصل لعلاج مرض السكري.

ومؤخراً، ظهرت هذه الأدوية علاجات فعالة للسمنة، وإبطاء عملية الهضم، وزيادة الشعور بالشبع وتقليل الجوع.

وقال المؤلف الرئيس للدراسة البروفسور سونيل بادفي، زميل معهد جورج للصحة العالمية وجامعة نيو ساوث ويلز في سيدني، إن الدراسة وسعت المعرفة الحالية حول الأدوية في مجالات رئيسة، بما في ذلك الفوائد للأشخاص المصابين بأمراض الكلى المزمنة، والأشخاص المصابين بالسكري وغير المصابين به.

وقال بادفي: «هذه هي أول دراسة تظهر فائدة واضحة لمستقبلات (جي إل بي - 1) في الفشل الكلوي أو مرض الكلى في المرحلة النهائية، مما يشير إلى أنها تلعب دوراً رئيساً في العلاج الوقائي للكلى والقلب للمرضى الذين يعانون من حالات طبية شائعة مثل مرض السكري من النوع الثاني، أو زيادة الوزن أو السمنة مع أمراض القلب والأوعية الدموية».

وتابع المؤلف الرئيس للدراسة: «هذه النتائج مهمة بشكل خاص للمرضى الذين يعانون من أمراض الكلى المزمنة. إنه تقدم يؤدي في النهاية إلى الفشل الكلوي الذي يتطلب غسيل الكلى أو زرع الكلى، والمرتبط بالوفاة المبكرة، ومعظمها بسبب أمراض القلب. ولها تأثير كبير على نوعية حياة المرضى وتتسبب في تكاليف رعاية صحية كبيرة».

وفي الدراسة التي نشرت بمجلة «لانسيت»، أجرى الباحثون تحليلاً لـ11 تجربة سريرية واسعة النطاق لمستقبلات «جي إل بي - 1» شملت ما مجموعه 85373 شخصاً.

وتم التحقيق في 7 مستقبلات «جي إل بي - 1» مختلفة من بين التجارب، بما في ذلك «سيماغلوتيد» (semaglutide) بصفته دواءً لعلاج مرض السكري من النوع الثاني، وجرى تسويقه لأول مرة باسم «أوزمبيك».

وأظهرت النتائج أنه مقارنة بالأدوية الوهمية، فإن مستقبلات «جي إلى بي - 1»، قللت من خطر الفشل الكلوي بنسبة 16 في المائة، وتدهور وظائف الكلى بنسبة 22 في المائة.

وأكد التحليل أيضاً النتائج السابقة التي تفيد بأن الأدوية تحمي صحة القلب، مع انخفاض بنسبة 14 في المائة بخطر الوفاة القلبية، والنوبات القلبية غير المميتة، والسكتة الدماغية غير المميتة، مقارنة بالدواء الوهمي. وكانت الوفاة لأي سبب أقل بنسبة 13 في المائة بين المرضى الذين عولجوا بمستقبلات «جي إل بي - 1».

وقال البروفسور فلادو بيركوفيتش، زميل الأستاذ في معهد جورج، وعميد جامعة نيو ساوث ويلز بسيدني والمشارك في الدراسة: «يُظهر هذا البحث أن مستقبلات (جي إل بي - 1) يمكن أن تلعب دوراً مهماً في معالجة العبء العالمي للأمراض غير المعدية». وأردف: «سيكون لدراستنا تأثير كبير على المبادئ التوجيهية السريرية لإدارة أمراض الكلى المزمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية لدى الأشخاص المصابين بالسكري وغير المصابين به».

وتابع بيركوفيتش: «هناك حاجة الآن إلى مزيد من العمل لتطبيق نتائج هذه الدراسة في الممارسة السريرية وتحسين الوصول إلى مستقبلات (جي إل بي - 1) للأشخاص الذين سيستفيدون منها».