«نعم... يمكننا القضاء على مرض السل»

شعار «يومه العالمي» لعام 2024

«نعم... يمكننا القضاء على مرض السل»
TT

«نعم... يمكننا القضاء على مرض السل»

«نعم... يمكننا القضاء على مرض السل»

يحتفل العالم بعد يوم غدٍ الأحد بـ«اليوم العالمي للسل»، تحت شعار: «نعم... يمكننا القضاء على مرض السل (Yes... We Can End TB)»، تجديداً للالتزام والإلهام واتخاذ الإجراءات للقضاء على السل، وتأكيداً على أنه لا يزال أحد أكثر الأمراض فتكاً في العالم.

يذكر أن السنوات الأخيرة قد شهدت زيادة مثيرة للقلق في حالات السل المقاوم للأدوية.

ووفق منظمة الصحة العالمية؛ ففي أعقاب اجتماع الأمم المتحدة الرفيع المستوى بشأن السل، في سبتمبر (أيلول) 2023، فإن منظمة الصحة العالمية/ أوروبا تشجعان على: الاستثمار - استيعاب أحدث توصيات منظمة الصحة العالمية - اعتماد الابتكارات - إشراك منظمات المجتمع المدني.

ويستمر التركيز على تكثيف الجهود النشطة لاكتشاف مرض السل، وضمان توفير العلاج الوقائي للسل للأشخاص المعرضين لخطر كبير، وزيادة الوصول إلى التشخيص السريع المضمون الجودة لمرض السل، وتحقيق الاستفادة الكاملة من وسائل التشخيص الفعالة للغاية، ونظم علاج آمنة وقصيرة لمرض السل والسل المقاوم للأدوية. تركز أحدث أنظمة العلاج على الأشخاص؛ مما يسهل على المرضى مواصلة حياتهم في أثناء خضوعهم للعلاج، دون الحاجة إلى الحقن، والحد الأدنى من العلاج في المستشفى.

أهمية «اليوم العالمي»

يصادف يوم 24 مارس (آذار) من كل عام الذكرى السنوية لليوم الذي جرى فيه اكتشاف البكتيريا المسببة لمرض السل، لأول مرة في عام 1882 بواسطة الدكتور روبرت كوخ، وهو المرض الذي يموت بسببه في كل عام ملايين الأشخاص، وكان يتسبب في وفاة شخص واحد من بين كل 7 أفراد في المجتمع. وهو مرض خطير يمكن أن يظل مخفياً لفترة طويلة.

لذا؛ فإن «مراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها (CDC)» الأميركية توصي الجميع؛ بصفتهم أفراداً في المجتمع، بالمشاركة الفاعلة بعمل التالي:

- إجراء فحص السل، وهو اختبار بسيط وسهل، يمكن أن يساعد في اكتشاف المرض مبكراً. في بعض الأحيان، قد تحتاج إلى هذا الاختبار للسفر أو عند التقدم للعمل. ويعدّ الحصول على سجل لهذا الاختبار أمراً جيداً ومهماً لصحتك.

- إخبار الآخرين عن مرض السل، فكثير من الأشخاص المصابين بالسل لا يعرفون أنهم مصابون به؛ خصوصاً عندما لا تظهر عليهم أي علامات. لذا؛ دع الآخرين يعرفون كيفية إجراء الاختبار وتوفر العلاج. ودائماً ما تكون الوقاية من المرض أفضل من محاولة علاجه لاحقاً.

- المساهمة في إقامة الفعاليات في جميع أنحاء العالم في «اليوم العالمي لمرض السل» لرفع مستوى الوعي وجمع الأموال. والعمل الجاد للتخلص من مرض السل.

تعزو منظمة الصحة العالمية أهمية «اليوم العالمي للسل» والتوصية بتلك الإجراءات، إلى الأسباب التالية:

- مرض السل يؤثر على كثير من الأشخاص، فعلى الرغم من أنه قد يبدو مرضاً قديماً، فإن نحو ثلث سكان العالم مصابون بالسل. وفي عام 2016، أصيب 10.4 مليون شخص بالسل، وتوفي 1.7 مليون بسببه.

- أنك لست بمأمن من الإصابة بمرض السل، والجرثومة المسببة له ليست بعيدة منك، فعلى الرغم من أن مرض السل يمثل مشكلة كبرى في بعض البلدان، فإنه يقترب أيضاً من المكان الذي تعيش فيه. في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، كان هناك أكثر من 9 آلاف حالة جديدة في عام 2014. وبحلول عام 2016، أبلغت جميع الولايات الخمسين عن حالات، وكانت كاليفورنيا وتكساس ونيويورك وفلوريدا الأكثر تسجيلاً.

- السل مرض يمكن وقفه، فمن خلال توعية وتثقيف مزيد من الأشخاص به، خصوصاً المعرضين للخطر، يمكننا مساعدتهم في الحصول على العلاج. وبعكس ما يعتقده بعض الناس من أن مرض السل لم يعد مشكلة كبيرة بعد الآن، فإنه بحصول الأشخاص الذين من المحتمل أن يصابوا بالمرض على حقنة وقائية، يمكنهم التخلص من هذا المرض، وربما لن يصابوا بالسل بعد الآن في حياتهم. يجمع «اليوم العالمي للسل» الجميع معاً لمحاربة هذه المشكلة الصحية الخطيرة.

تشخيص مرض السل

كيف يُكتشف ويشخّص مرض السل؟

* أولاً: الفحص المنهجي: يمكن إجراء «فحص منهجي لمرض السل (Systematic Screening for TB)» بين عامة السكان في المناطق التي يقدر فيها معدل انتشار السل بنسبة 0.5 في المائة أو أعلى.

- يُجرى الفحص المنهجي لمرض السل باستخدام: الفحص، والأعراض الأربعة المحددة من قبل منظمة الصحة العالمية (السعال - الحمى - فقدان الوزن - التعرق الليلي)، والأشعة السينية للصدر، واستخدام «بروتين سي التفاعلي» باستخدام نسبة قطع تزيد على 5 ملغم/ لتر، أو اختبارات التشخيص السريع الجزيئية التي أوصت بها المنظمة، بمفردها أو مجتمعة.

- يمكن إجراء فحص منهجي لمرض السل بين المجموعات السكانية الفرعية التي لديها عوامل خطر هيكلية للإصابة بالسل. ويشمل هذا المجتمعات الفقيرة في المناطق الحضرية، والمجتمعات المحلية التي لا مأوى لها، والمجتمعات المحلية في المناطق النائية أو المعزولة، والسكان الأصليين، والمهاجرين، واللاجئين، والمشردين داخلياً... وغيرهم من الفئات الضعيفة أو المهمشة التي لديها فرص محدودة للحصول على الرعاية الصحية.

- ينبغي فحص الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية بشكل منهجي بحثاً عن مرض السل في كل زيارة إلى المرفق الصحي.

- ينبغي إجراء فحص منهجي لمرض السل في السجون والمؤسسات الإصلاحية.

- يجب فحص العاملين الحاليين والسابقين في أماكن العمل التي تتعرض لـ«السيليكا» بشكل منهجي بحثاً عن مرض السل.

- قد يُفحص الأشخاص الذين يعانون من آفة متليفة غير معالجة تظهر على الصدر بالأشعة السينية بشكل منهجي بحثاً عن مرض السل.

* ثانياً: الفحوص المختبرية، وتشمل:

- «اختبار السلين الجلدي (Tuberculin Skin Test - TST)» أو اختبار «إطلاق إنترفيرون جاما (IGRA)» لاختبار «عدوى السل الكامنة Latent Tuberculosis Infection - LTBI)».

- «اختبارات الجلد المستندة إلى مستضد المتفطرة السلية (TBST)» لاختبار عدوى السل.

- اختبار «Xpert MTB/RIF» للتشخيص الأولي والكشف عن السل ومقاومة الريفامبيسين في البلغم بدلاً من الفحص المجهري، للبالغين والأطفال الذين يعانون من علامات وأعراض السل الرئوي.

- اختبار «Xpert Ultra» للبالغين والأطفال الذين يعانون من علامات وأعراض السل الرئوي ولديهم تاريخ سابق من السل وانتهى العلاج خلال السنوات الخمس الماضية.

الدليل العالمي للعلاج

وفقاً لبروتوكول العلاج المعتمد في 2020 من «مراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها (CDC)»، و«الوكالة الكندية للأدوية والتقنيات الصحية (Canadian Agency for Drugs and Technologies in Health, CADTIH)»، و«الجمعية الأميركية لأمراض الصدر (ATS)»، و«المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها (ECDC)»، و«جمعية أمراض العدوى الأميركية (IDSA)»؛ فهذا ملخص مقتضب لدليل العلاج:

- يجب أن يتلقى المرضى الجدد المصابون بالسل الرئوي نظاماً يحتوي على ريفامبيسين لمدة 6 أشهر على مرحلتين (2HRZE/4HR): الأولى لمدة شهرين من آيزونيازيد (H)، وريفامبيسين (R)، وبيرازيناميد (Z) وإيثامبوتول (E). تليها المرحلة الثانية وتستمر لمدة 4 أشهر من أيزونيازيد وريفامبيسين، وكلما كان ممكناً؛ يكون تكرار الجرعات الأمثل للمرضى الجدد المصابين بالسل الرئوي يومياً طوال فترة العلاج.

- من المستحسن أن يتلقى مرضى السل المصابون بفيروس نقص المناعة البشرية مدة علاج السل نفسها على الأقل مثل مرضى السل السلبيين لفيروس نقص المناعة البشرية.

- للمرضى الذين عولجوا بنظام يحتوي على الريفامبيسين طوال فترة العلاج، إذا عُثر على مسحة بلغم إيجابية عند الانتهاء من المرحلة المكثفة، فلا يوصى بتمديد المرحلة المكثفة.

- قد يتلقى الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 12 عاماً أو أكثر والمصابون بالسل الرئوي الحساس للأدوية نظاماً مدته 4 أشهر من آيزونيازيد وريفابنتين وموكسيفلوكساسين وبيرازيناميد.

- للمرضى الذين يحتاجون إلى إعادة علاج السل، يجب إجراء اختبار الحساسية للأدوية لتوجيه اختيار نظام العلاج الجيد.

- للمرضى الذين يعانون من السل الحساس للأدوية، يوصى باستخدام الأقراص المركبة ذات الجرعة الثابتة (fixed-dose combination - FDC) بدلاً من تركيبات دوائية منفصلة.

- للمرضى الذين يعانون من التهاب السحايا السلي، يجب استخدام علاج كورتيكوستيرويد مساعداً أولياً مع ديكساميثازون أو بريدنيزولون على مدى من 6 إلى 8 أسابيع.

الوقاية من العدوى

* أولاً: توصيات مكافحة العدوى، وتشمل:

- على مستوى مرافق الرعاية الصحية: ضرورة وضع وتطبيق برنامج للوقاية من العدوى ومكافحتها (IPC) مع فريق مختص ومدرب في كل منشأة من مرافق الرعاية الصحية الحادة بغرض مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات من خلال الممارسات الجيدة للوقاية من العدوى ومكافحتها (IPC).

- يوصى بفرز الأشخاص الذين يعانون من علامات وأعراض السل، أو المصابين بمرض السل، للحد من انتقال عدوى السل إلى العاملين الصحيين في الأماكن المعرضة لخطر انتقال العدوى.

- للحد من انتقال عدوى السل إلى الآخرين، يوصى بالتالي: فصل/ عزل مرضى الجهاز التنفسي المصابين بالسل المعدي، والبدء الفوري في العلاج الفعال للمصابين، والنظافة التنفسية (بما في ذلك آداب السعال) للمصابين بالسل المفترض أو المؤكد.

- استخدام أنظمة الأشعة فوق البنفسجية المبيدة للجراثيم في الغرف، وكذلك استخدام أنظمة التهوية (بما في ذلك التهوية الطبيعية والمختلطة والميكانيكية والهواء المعاد تدويره من خلال هواء جسيمات عالي الكفاءة - مرشحات HEPA)، وأيضاً استخدام أجهزة التنفس الجزيئية، في إطار برنامج حماية الجهاز التنفسي، للحد من الإصابة بـ«المفطورة السلية».

* ثانياً: العلاج الوقائي لمرض السل، ويشمل:

- يجب أن يتلقى البالغون والمراهقون المصابون بفيروس نقص المناعة البشرية العلاج الوقائي للسل بوصف ذلك جزءاً من حزمة شاملة من رعاية مريض فيروس نقص المناعة البشرية، وإعطاء العلاج لأولئك الذين يتلقون العلاج المضاد للفيروسات القهقرية، وللنساء الحوامل، ولأولئك الذين سبق علاجهم من مرض السل.

- الرضع الذين تقل أعمارهم عن 12 شهراً والذين يعيشون مع فيروس نقص المناعة البشرية والذين هم على اتصال بشخص مصاب بالسل، يجب أن يتلقوا العلاج الوقائي من السل.

- الأطفال الذين تتراوح أعمارهم حول نحو 12 شهراً والذين يعيشون مع فيروس نقص المناعة البشرية والذين من غير المرجح أن يكونوا مصابين بالسل النشط، ينبغي أن يحصلوا على العلاج الوقائي من السل ضمن جزء من حزمة شاملة للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية، والرعاية، إذا كانوا يعيشون في بيئة ترتفع فيها معدلات انتقال مرض السل، بغض النظر عن الاتصال بالسل.

- جميع الأطفال المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والذين أكملوا علاج مرض السل بنجاح، يجب أن يتلقوا علاجاً وقائياً من السل.

- الأطفال الذين تقل أو تزيد أعمارهم على 5 سنوات والمراهقون والبالغون الذين هم على اتصال منزلي بأشخاص مصابين بـ«السل الرئوي المؤكد بكتريولوجيّاً» والذين تبين أنهم غير مصابين بالسل النشط، يمكن أن يحصلوا على علاج وقائي من السل.

- في اتصالات منزلية مختارة عالية الخطورة للمرضى المصابين بالسل المقاوم للأدوية المتعددة، يمكن النظر في العلاج الوقائي بناءً على تقييم المخاطر الفردي والمبرر السريري السليم.

- يجب فحص البالغين والمراهقين المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية بحثاً عن مرض السل وفقاً لخوارزمية سريرية. أولئك الذين لم يبلغوا عن أي من أعراض السعال الحالية أو الحمى أو فقدان الوزن أو التعرق الليلي من غير المرجح أن يكونوا مصابين بالسل النشط، ويجب أن يحصلوا على علاج وقائي.

نهاية السل

وفقاً لـ«الجمعية الدولية للأمراض المعدية (International Society for Infectious Diseases, ISID)»، فإنه لتحقيق السيطرة على مرض السل على مستوى العالم والقضاء عليه في نهاية المطاف، نحتاج إلى كثير من الإجراءات؛ منها: زيادة الاستثمارات لتسريع خط إنتاج لقاحات السل الجديدة الواعدة؛ وتنفيذ استراتيجيات مناعية جديدة لتحسين تصميم اللقاحات؛ وعلاجات جديدة و/ أو أنظمة علاجية؛ واختبار تشخيصي جديد؛ وتنفيذ الوقاية من خلال الفحص باستخدام الاختبارات التشخيصية القديمة والجديدة الموحدة؛ وتنفيذ الاختبارات التشخيصية غير البلغمية؛ وتنفيذ اختبارات لتحديد الأشخاص الذين يحتاجون إلى العلاج بشكل أفضل.

ويجب على حكومات البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل أن تستثمر المزيد في جهود مكافحة السل، وربطها بأهداف منظمة الصحة العالمية للتنمية المستدامة المتمثلة في الحد من الفقر وسوء الإسكان وسوء التغذية. وعندها فقط يمكننا أن نقول: «نعم... يمكننا القضاء على مرض السل».

* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

يوميات الشرق الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب بجميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)

التوتر قد يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية في منتصف العمر

يقول الخبراء إن هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

حذرت دراسة جديدة من الاستخدام الزائد لمنتجات العناية الشخصية مثل المكياج وخيط تنظيف الأسنان وصبغة الشعر بين النساء الحوامل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

يفترض الباحثون أن شبكة الذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها على اكتشاف الحيوانات المتخفية يمكن إعادة توظيفها بشكل فعال للكشف عن أورام المخ من صور الرنين المغناطيسي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الرجال المتزوجون يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب (رويترز)

الزواج يبطئ شيخوخة الرجال

أظهرت دراسة جديدة أن الرجال المتزوجين يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب، إلا إن الشيء نفسه لا ينطبق على النساء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

دراسة: الحروب تلحق أضراراً بالحمض النووي للأطفال

أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
TT

دراسة: الحروب تلحق أضراراً بالحمض النووي للأطفال

أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

خلصت دراسة جديدة إلى أن الأطفال الذين يعيشون في بلدان تمزقها الحروب لا يعانون فقط من مشكلات في الصحة النفسية بل من المحتمل أيضاً أن يتعرضوا لتغيرات بيولوجية في الحمض النووي (دي إن إيه) يمكن أن تستمر آثارها الصحية مدى الحياة.

وأجرى الباحثون تحليلاً للحمض النووي لعينات لعاب تم جمعها من 1507 لاجئين سوريين تتراوح أعمارهم بين 6 أعوام و19 عاماً يعيشون في تجمعات سكنية عشوائية في لبنان، وراجعوا أيضاً استبيانات أُجريت للأطفال والقائمين على رعايتهم شملت أسئلة عن تعرض الطفل لأحداث مرتبطة بالحرب.

وظهرت في عينات الأطفال الذين تعرضوا لأحداث الحرب تغيرات متعددة في مثيلة الحمض النووي، وهي عملية تفاعل كيميائي تؤدي إلى تشغيل جينات أو تعطيلها.

وقال الباحثون إن بعض هذه التغيرات ارتبطت بالجينات المشاركة في وظائف حيوية مثل التواصل بين الخلايا العصبية ونقل المواد داخل الخلايا.

وقال الباحثون إن هذه التغيرات لم تُرصد لدى مَن تعرضوا لصدمات أخرى، مثل الفقر أو التنمر، ما يشير إلى أن الحرب قد تؤدي إلى رد فعل بيولوجي فريد من نوعه.

وعلى الرغم من تأثر الأطفال من الذكور والإناث على حد سواء، ظهرت في عينات الإناث تأثيرات بيولوجية أكبر، ما يشير إلى أنهن قد يكن أكثر عرضة لخطر التأثيرات طويلة الأمد للصدمة على مستوى الجزيئات.

وقال مايكل بلوس، رئيس الفريق الذي أعد الدراسة في جامعة سري في المملكة المتحدة، في بيان: «من المعروف أن للحرب تأثيراً سلبياً على الصحة النفسية للأطفال، إلا أن دراستنا خلصت إلى أدلة على الآليات البيولوجية الكامنة وراء هذا التأثير».

وأشار بلوس أيضاً إلى أن التعبير الجيني، وهو عملية منظمة تسمح للخلية بالاستجابة لبيئتها المتغيرة، لدى الأطفال الذين تعرضوا للحرب لا يتماشى مع ما هو متوقع لفئاتهم العمرية، وقال: «قد يعني هذا أن الحرب قد تؤثر على نموهم».

وعلى الرغم من محاولات الباحثين لرصد تأثيرات مدى شدة التعرض للحرب، خلصوا في تقرير نُشر يوم الأربعاء في مجلة جاما للطب النفسي إلى أن «من المرجح أن هذا النهج لا يقدر تماماً تعقيدات الحرب» أو تأثير أحداث الحرب المتكررة على الأطفال.

وتشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إلى أن نحو 400 مليون طفل على مستوى العالم يعيشون في مناطق صراع أو فروا منها.