الصورة النمطية لحَب الشباب وأثرها النفسي

دراسة تحذر من انتشار النفور الاجتماعي من المصابين به

الصورة النمطية لحَب الشباب وأثرها النفسي
TT

الصورة النمطية لحَب الشباب وأثرها النفسي

الصورة النمطية لحَب الشباب وأثرها النفسي

بصرف النظر عن توافر المعلومات الطبية في العصر الحالي عن طبيعة أي مرض وطرق الإصابة به والشفاء منه وإمكانية انتقاله من شخص إلى آخر، فإن المرضى الذين يعانون من أمراض جلدية تترك أثراً واضحاً على الوجه مثل «حَب الشباب (Acne)» ما زالوا يجدون أنفسهم في معاناة نفسية كبيرة من «الوصم المجتمعي (societal stigma)»، وفق أحدث دراسة نُشرت في مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي في مجلة «الرابطة الطبية الأميركية للأمراض الجلدية (JAMA Dermatology)»، وقد تناولت الأثر النفسي لحَب الشباب.

حَب الشباب

حَب الشباب يمكن أن يصيب أي مرحلة عمرية، ولكن في الأغلب يكون المراهقون الفئة الأكثر إصابة بالمرض. وربما يكون ذلك راجعاً للتغيرات الهرمونية. ويمكن أن توجد هذه الحبوب في مناطق مختلفة من الجسم مثل الصدر وأعلى الكتفين والجبهة، ولكنها تكون مركزة في الوجه معظم الأحيان، حيث تظهر على شكل حبوب فوق سطح الجلد لها رأس أسود أو أبيض، ويمكن أن يحدث فيها بثور ونتوءات، والمرض يصيب الفتيات أكثر من الذكور.

خلافاً للتصور العام لا يُعد حَب الشباب مرضاً في حد ذاته؛ لأنه يحدث عندما يكون هناك انسداد لبصيلات الشعر نتيجة الدهون أو خلايا الجلد السطحية الميتة مع زيادة إفراز الهرمونات في بعض الأفراد. وتلعب الحالة النفسية الدور الأهم في الشفاء من المرض؛ لأنه في أغلب الأحيان ينتهي من تلقاء نفسه مع بلوغ المراهقين سن الشباب وتقريباً قبل 25 عاماً. وهناك بالطبع علاج يعتمد على المراهم وبعض الأقراص، ولكن كلما كانت معنويات المراهق منخفضة زادت شدة المرض. وبعض الأنواع منه يمكن أن تترك أثاراً دائمة على الوجه «Nodular acne».

أوضحت الدراسة أن كثيرين يعتقدون أن المرض ناتج من عدم النظام أو عدم الاهتمام بالجلد بشكل كافٍ؛ ما يؤدي إلى النظرة السلبية للمرضى، بجانب أن الحبوب يمكن أن تؤثر في ملامح الوجه بالسلب، ما يضاعف من الضغوط النفسية على المراهق.

وقام الباحثون بعمل بحث على الإنترنت عن النظرة المجتمعية عن حَب الشباب من خلال عرض 4 صور لمراهقين جرى تعديلها رقمياً، ما أدى إلى إجمالي 12 صورة نهائية. وهذه الصور كانت لإناث وذكور من ذوي البشرة البيضاء والداكنة لديهم حَب شباب خفيف أو شديد الحدة «severe form»، بالإضافة إلى صورهم الأصلية التي كانت خالية من الحبوب.

تصورات اجتماعية

قام الباحثون بعد ذلك بعرض الصور بشكل عشوائي على عينة من المجتمع بلغت نحو 1360 مشاركاً، وكان متوسط عمر المشاركين في الدراسة 42 عاماً تقريباً، ومنهم 68 فى المائة من الإناث. ومعظم المشاركين كانوا من ذوي البشرة البيضاء، وأغلبهم على قدر عالٍ من التعليم، وقد اختيروا من منصة للأبحاث عبر الإنترنت «Research Match online platform»، وعُرضت الصور ثم سئلوا عن انطباعهم عن الشخص الظاهر في الصورة وموقفهم منه.

وجدت الدراسة أن أكثر من 25 في المائة من المشاركين يرون أن حَب الشباب مشكلة تجميلية، بمعنى أنها عيب واضح يجب علاجه، وهو رأى منطقي بطبيعة الحال. ومع ذلك معظم هيئات التأمين الطبي ترفض تغطية علاج الحبوب على أساس أنها ليست مشكلة طبية من الأساس، وهي ملحوظة هامة يجب على المجتمعات الطبية وضعها في الحسبان؛ لأن التكلفة الاقتصادية للعلاج لا توضع في الحسبان.

وعلى الرغم من إجماع نسبة من المشاركين بلغت 75 في المائة على أن حَب الشباب يمكن أن يختفي تماماً من تلقاء نفسه، فإنهم يرون أنه لا يزال مصدراً للنفور الاجتماعي والوصم المجتمعي الموجه نحو الضحية، خصوصاً بين أصحاب البشرة الداكنة.

وبالنسبة لصور الأشخاص الذين يعانون من «حَب الشباب الشديد (severe acne)»، ذكر معظم المشاركين أنهم يفضلون أن يكون هناك تباعد اجتماعي بينهم وبين المراهقين الذين يعانون من الحبوب الشديدة. بالإضافة إلى ذلك أعرب المشاركون عن عدم تفضيلهم أن يكونوا أصدقاء لشخص يعاني من حَب الشباب الشديد، مقارنة بشخص لا يعاني من حب الشباب على الإطلاق. والغريب أن عدم الرغبة في التعامل مع «المرضى» امتد ليشمل حتى المجالات العادية للتفاعل الاجتماعي، مثل عدم التوظيف، أو الظهور بالقرب من المريض في حافلة أو ما إلى ذلك.

الحالة النفسية الجيدة تلعب الدور الأهم في الشفاء

أوضح الباحثون أن لون البشرة كان عاملاً إضافياً هاماً في النظرة المجتمعية السلبية والرغبة في التباعد والصورة النمطية للمرض. وعلى سبيل المثال فإن المراهقين أصحاب البشرة الداكنة وفي الوقت نفسه يعانون من حَب الشباب الشديد كانوا أكثر عرضة لخطر الأحكام المسبقة عليهم لمجرد مظهرهم المختلف بأنهم عديمو النظافة وأغبياء وغير محبوبين وغير ناضجين بشكل كافٍ، ولا يمكن الثقة بهم، وحتماً سيجدون صعوبة أكبر في أن يصبحوا مقبولين من قبل الآخرين. وفي المقابل لم يكن لجنس الفرد أي تأثير واضح على نظرة المجتمع.

كان المشاركون الذين عانوا من حَب الشباب سابقاً أكثر تعاطفاً مع المصابين، وكانت نظرتهم لهم أقل سلبية. والغريب أن الدراسة وجدت أن التحيز ضد المصابين بحَب الشباب يكاد يكون موضع اتفاق على الرغم من الاختلافات في العِرق والجنس والمهنة، حتى أنه جرى الإبلاغ عنه بين العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يفترض بهم معرفة كل الحقائق حول المرض.

وأوصت الدراسة بضرورة نشر الوعي الصحي؛ حتى يمكن تجنب النزعة العنصرية والمتحيزة ضد المرضى، ما ينعكس بالإيجاب على نفسيتهم، ويساعدهم في التخلص من آثار الحبوب.

• استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

ما مقدار النوم المناسب لصحتنا كل يوم؟

صحتك الحصول على قسط قليل جداً من النوم يمكن أن يسبب تأثيرات سلبية كثيرة (أرشيفية - رويترز)

ما مقدار النوم المناسب لصحتنا كل يوم؟

من المعروف أن النوم له فوائد صحية مذهلة ولكن ما مقدار النوم الذي يعد أكثر من اللازم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جهاز قياس ضغط الدم (أرشيفية - رويترز)

كم ساعة تحتاجها أسبوعياً في التدريب لتحمي نفسك من «القاتل الصامت»؟

قالت دراسة جديدة إن الحفاظ على النشاط البدني أثناء مرحلة الشباب بمستويات أعلى من الموصى بها سابقاً قد يكون مهماً بشكل خاص لمنع ارتفاع ضغط الدم

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك كوب من القهوة وكابتشينو في متجر في بوغوتا - كولومبيا (أرشيفية - رويترز)

دراسة تحذر من الإفراط في القهوة... ومفاجأة عن «الشاي بالحليب»

أشارت دراسة جديدة إلى أن تناول المشروبات الغازية وعصائر الفاكهة، وأكثر من أربعة أكواب من القهوة يومياً قد يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
علوم سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)

إعلان الجوائز الأسبوع المقبل... 4 اكتشافات «مذهلة» كانت تستحق «نوبل» ولم تفز بها

سيتم تسليط الضوء على أفضل العقول في مجال العلوم الأسبوع المقبل عندما يتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الاختراق يأتي وسط «العصر الذهبي» لأبحاث السرطان (رويترز)

تجارب «مذهلة»... تركيبة دوائية توقف تطور سرطان الرئة لفترة أطول

أشاد الأطباء بنتائج التجارب «المذهلة» التي أظهرت أن تركيبة دوائية جديدة أوقفت تقدم سرطان الرئة لوقت أطول بـ40 في المائة من العلاج التقليدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

دراسة تحذر من الإفراط في القهوة... ومفاجأة عن «الشاي بالحليب»

كوب من القهوة وكابتشينو في متجر في بوغوتا - كولومبيا (أرشيفية - رويترز)
كوب من القهوة وكابتشينو في متجر في بوغوتا - كولومبيا (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة تحذر من الإفراط في القهوة... ومفاجأة عن «الشاي بالحليب»

كوب من القهوة وكابتشينو في متجر في بوغوتا - كولومبيا (أرشيفية - رويترز)
كوب من القهوة وكابتشينو في متجر في بوغوتا - كولومبيا (أرشيفية - رويترز)

أشارت دراسة جديدة إلى أن تناول المشروبات الغازية وعصائر الفاكهة، وأكثر من أربعة أكواب من القهوة يومياً قد يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.

واستندت الدراسة إلى دراسة أخرى بارزة تمت في عام 2017، والتي أجريت في 32 دولة على نحو 27 ألف فرد، إذ سعت الدراسة الأولى إلى تحديد أهمية عوامل الخطر القابلة للتعديل المحتملة للسكتة الدماغية في مناطق مختلفة من العالم.

وأجريت التحليلات الحالية لبيانات الدراسة التي عُرفت باسم «إنترستروك» بشكل تعاوني من قبل باحثين في جامعة ماكماستر في أونتاريو بكندا وجامعة جالواي في آيرلندا.

وتباينت المخاطر المرتبطة بالمشروبات إلى حدٍ ما، اعتماداً على الموقع الجغرافي والسكان في التحليلات الجديدة.

وهذه أبرز النتائج وفقاً للتحليلات:

* ارتبطت المشروبات الغازية، سواء المحلاة بالسكر أو المحلاة صناعياً، مثل المشروبات الغازية، بزيادة احتمالية الإصابة بالسكتة الدماغية الأولى أو السكتة الدماغية النزفية القلبية بنسبة 22 في المائة. وكان هذا الارتباط أقوى في أفريقيا وأوروبا الشرقية والوسطى والشرق الأوسط وأميركا الجنوبية.

* يزيد عصير الفاكهة والمشروبات الغازية من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية النزفية القلبية بنسبة 37 في المائة، حيث تكون النساء أكثر عرضة للخطر من الرجال. ويضاعف تناول مشروبين من هذا القبيل يومياً هذا الخطر ثلاث مرات. ويقترح الباحثون أن هذا قد يكون بسبب السكر والمكونات الأخرى المضافة إلى المشروبات التي تعتمد على الفاكهة والتي تطغى على خصائصها الصحية.

* يزيد شرب أكثر من أربعة أكواب من القهوة يومياً من احتمالات الإصابة بالسكتة الدماغية الأولى بنسبة 37 في المائة.

* لم يرتبط الاستهلاك اليومي المعتدل للقهوة - أقل من أربعة أكواب - بزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.

* وجدت التحليلات الجديدة أن الشاي له تأثير وقائي ضد السكتات الدماغية في أميركا الجنوبية والصين، لكنه ارتبط بزيادة احتمالات الإصابة بالسكتة الدماغية في جنوب آسيا.

* ووجد الباحثون أيضاً أن شرب أكثر من سبعة أكواب (56 أونصة) من الماء يومياً يقلل من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 18في المائة.

المشروبات الغازية والمحلات الصناعية

وعدَّ موقع «ميديكال نيوز توداي» أن الاستنتاج بأن المشروبات الغازية قد لا تكون صحية ليس مفاجئاً بشكل خاص، وفي هذا الصدد يقول كريستوفر يي، وهو جراح الأوعية الدموية المعتمد في مركز ميموريال أورانغ كوست الطبي في فاونتن فالي، بكاليفورنيا: «يمكن أن يساهم ارتفاع نسبة السكر في المشروبات الغازية العادية في السمنة ومرض السكري وارتفاع ضغط الدم، وكلها عوامل خطر رئيسية للسكتة الدماغية».

وقال يي، الذي لم يشارك في البحث: «وبالمثل، يمكن أن تتسبب إضافات السكر في مشروبات الفاكهة في ارتفاع سريع في مستويات السكر في الدم والإنسولين، مما قد يعزز الالتهاب وخلل وظائف البطانة، مما يزيد من خطر السكتة الدماغية».

أما بالنسبة للمشروبات المحلاة صناعياً، فقد لاحظت الدكتورة جين مورغان أنه «يمكن أن تؤثر السكريات الصناعية سلباً على صحة الأوعية الدموية ووظائف الأوعية الدموية، بل وتساهم حتى في الالتهاب، وبالتالي زيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية».

وتتابع مورغان: «كانت هناك العديد من الدراسات التي تدعم هذا الاكتشاف، بما في ذلك دراسة في عام 2019 وجدت أن الأشخاص الذين تناولوا مشروبين أو أكثر محلى صناعياً يومياً كانوا أكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية من أولئك الذين تناولوا أقل أو لم يتناولوا أياً من تلك المشروبات يومياً».

القهوة والشاي والماء... والحليب

ويقول يي عن شرب القهوة: «كما هو الحال مع معظم الأشياء التي يتم استهلاكها، فإن الاعتدال أكثر أماناً من الإفراط».

في حين أن الكافيين الموجود في القهوة يمكن أن يسبب ارتفاع ضغط الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، فإن القهوة تحتوي أيضاً على البوليفينول المفيد، ويقول يي إن البوليفينول «له خصائص مضادة للالتهابات ومضادات الأكسدة التي يمكن أن تقلل من تصلب الشرايين وتحسن وظائف الأوعية الدموية».

ويقول مورغان: «بيانات القهوة في كل مكان. لكن بيانات الشاي أكثر قابلية للتكرار ومتسقة. على وجه التحديد، ثبت أن الشاي الأخضر والأسود يقللان من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية».

في المناطق التي وجد فيها أن الشاي يقلل من المخاطر، كان للشاي المختلف تأثيرات مختلفة قليلاً، إذ وجد التحليل أن من ثلاثة إلى أربعة أكواب من الشاي الأسود يومياً يقلل من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 29 في المائة، كما أن نفس عدد أكواب الشاي الأخضر خفض من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 27 في المائة.

وتوضح مورغان: «يعتقد أن هذا التأثير يرجع إلى الكمية الغنية من مضادات الأكسدة الموجودة في الشاي. يمكن أن تقلل الكاتيكين والإبيكاتشين من الالتهاب في الأوعية الدموية، مما يقلل من الضرر التأكسدي الذي يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية».

وتابعت الطبيبة: «كما ارتبط الشاي بانخفاض ضغط الدم وتحسين وظيفة بطانة الأوعية الدموية، وبالتالي تقليل خطر الإصابة بالسكتة الدماغية».

أشارت البيانات في الدراسة أيضاً إلى أن إضافة الحليب إلى الشاي قلل من تأثيره المفيد ضد السكتة الدماغية، ربما بسبب تثبيطه لتأثيرات مضادات الأكسدة.

شرحت مورغان دور الماء في الحد من الجفاف، وهو عامل خطر كبير للسكتة الدماغية، ويتابع: «يتسبب الجفاف في زيادة لزوجة الدم مما يزيد من احتمالية تجلطه. كما يتدفق الدم الرقيق بسهولة أكبر إلى جميع مناطق الجسم، بما في ذلك الدماغ، مما يوفر الحماية من الجلطات والسكتة الدماغية. يمكن أن يؤدي الجفاف أيضاً إلى ارتفاع ضغط الدم حيث يكافح الجسم لتنظيم ضغط الدم».

وأضافت مورغان: «ارتفاع ضغط الدم هو عامل خطر كبير للسكتة الدماغية. حجم الدم الجيد ضروري لتنظيم ضغط الدم».