كيف تتعامل مع نوبات الدوار المتكررة؟

نصائح طبية لتدارك تأثيراتها السيئة

كيف تتعامل مع نوبات الدوار المتكررة؟
TT

كيف تتعامل مع نوبات الدوار المتكررة؟

كيف تتعامل مع نوبات الدوار المتكررة؟

يمكن أن تكون نوبات الدوار Vertigo مخيفة ومعيقة بشكل مؤقت، وخطيرة، ما يزيد من خطر السقوط والإصابات، حيث تتسبب هذه النوبات في شعور المريض وكأن العالم يدور من حوله أو يتحرك بطريقة ما. ويقول الدكتور ستيفن راوتش، المدير الطبي لمركز التوازن وأمراض الجهاز الدهليزي في مستشفى ماساتشوستس للعين والأذن، التابع لجامعة هارفارد: «قد تشعر وكأنك تتأرجح على سطح سفينة، أو تقفز على (عصا بوغو pogo stick) النطاطة، أو تقف في مصعد يسقط بك بضع بوصات».

وقد تستمر نوبات الدوار من دقائق إلى شهور، اعتماداً على السبب. وبالنسبة لكثيرين، فإن هذه النوبات تتكرر بشكل دوري، لكن لحُسن الحظ، هناك طرق للتخلص من النوبة وتقليل المعاناة، وقد تمكنك من منع الدوار مرة أخرى.

حدوث النوبات

لماذا تحدث تلك النوبات؟ عادةً ما ينتج الدوار المتكرر عن اضطراب في الجهاز الدهليزي vestibular system (المسؤول عن التوازن)، الذي يتضمن عدة قنوات صغيرة مملوءة بالسوائل، تُسمى القنوات شبه الدائرية semicircular canals داخل أذنيك. وهناك كثير من هذه الاضطرابات الدهليزية التي يمكن أن تحدث.

• دوار الوضعة الانتيابي الحميد Benign paroxysmal positional vertigo (BPPV) . وهو أحد أكثر أسباب حدوث نوبات الدوار الوضعي شيوعاً، ففي هذه الحالة، يمكن أن تتحرك البلورات الصغيرة الموجودة في الأذن الداخلية عن مكانها عند القيام بحركة معينة، مثل إمالة رأسك إلى الوراء لوضع قطرات العين. ثم تسقط تلك البلورات في المكان الخطأ داخل القنوات شبه الدائرية، وهي التي عادةً ما تساعد الدماغ على استشعار موضع وحركة الرأس.

وفي هذه الحالة، ترسل هذه البلورات السائبة إشارات مُربِكة إلى مركز التوازن في الدماغ.

ويقول الدكتور راوتش: «في اليوم الأول الذي يحدث فيه ذلك، قد تشعر بالدوار طوال اليوم، وبعد ذلك، في غضون الـ48 ساعة التالية، يحدث الدوار فقط عندما تغير وضعيتك، مثل عند الاستلقاء أو الجلوس أو تحريك رأسك لأعلى أو لأسفل. وبمجرد البقاء في وضع جديد، تستقر البلورات في مكان واحد ويتوقف الدوار».

مشكلات الرقبة والرأس

• دوار العنق: تحدث بعض أنواع نوبات الدوار بسبب وجود مشكلات في الرقبة (الجزء العنقي من العمود الفقري)، ويقول الدكتور راوتش إن «عضلات الرقبة هي جزء من نظام التوازن الخاص بك لأنها ترسل معلومات إلى الدماغ حول توازنك وحركتك، ويمكن لبعض المشكلات، مثل التهاب مفاصل الرقبة أو الإصابات المختلفة أن تؤثر على التواصل بين الرقبة والدماغ، كما أنها ترسل إشارات غير طبيعية تتسبب في الإيهام بوجود حركة».

ولكن لا يمكن التنبؤ بالحركات التي تسبب دوار العنق، إذ يقول الدكتور راوتش: «قد يحدث ذلك في إحدى المرات لأنك أدرت رأسك إلى اليمين، وفي المرة التالية قد يحدث الأمر لأنك نظرت إلى الأسفل على اليسار».

• مرض «منيير» Meniere's disease: في هذه الحالة، يحدث تورم داخل قناة صغيرة موجودة في الأذن لأسباب غير محددة، ولا يتسبب الأمر في حدوث نوبات الدوار فحسب، بل يؤدي أيضاً للشعور بالغثيان والامتلاء أو الطنين في الأذن حتى فقدان السمع، وعادةً ما تستمر النوبات لفترة أطول من الدوار الذي يحدث في حالات دوار الوضعة الانتيابي الحميد. ويوضح الدكتور راوتش أن «هذه النوبات تأتي بشكل مفاجئ وتستمر ما بين 20 دقيقة إلى 12 ساعة».

• الصداع النصفي الدهليزي: عندما نتحدث عن الصداع النصفي، فإنك عادةً ما تفكر في الصداع العادي، ولكن الشعور بالألم هو مجرد جانب واحد من جوانب الصداع النصفي، إذ يؤثر الصداع النصفي على الطريقة التي يتعامل بها الدماغ مع المعلومات الحسية، ما يسبب الحساسية للضوء أو اللمس أو الأصوات أو الروائح.

ويقول الدكتور راوتش إنه «اتضح أن حوالي 30 في المائة من المصابين بالصداع النصفي يصابون بنوبات دوار، وهنا نطلق عليه الصداع النصفي الدهليزي Vestibular migraine، فهذا النوع من الصداع يختلف عن الصداع العادي، خاصةً عند النساء اللواتي مررن بفترة انقطاع الطمث. وإذا كان الدوار يصاحبه في كل مرة شعور بعدم القدرة على تحمل الضوء الساطع، أو الصوت، فإنه يكون صداعاً نصفياً migraine».

العلاج

* رصد الحالة. على الرغم من أن الشعور بالدوار أو عدم التوازن للحظات يعد أمراً شائعاً نسبياً، فإن نوبات الدوار المفاجئة، التي تشعر فيها بأن العالم من حولك يتحرك أو يدور، تعدّ أقل شيوعاً. ولذا، فإنه عندما تشعر بدوار حقيقي لأول مرة، عليك أن تعتبر الأمر بمثابة تحذير، فإذا حدث الأمر بشكل مفاجئ، وكان مصحوباً بصعوبة مفاجئة في الكلام أو ضعف في جانب واحد من الجسم أو ارتباك، فحينها يتعين عليك أن تتجه فوراً إلى غرفة الطوارئ لاستبعاد إصابتك بسكتة دماغية.

وفي حال عدم الشعور بالأعراض السابقة المصاحبة للدوار، فإنه يجب مراجعة الطبيب لاستبعاد الأسباب المؤقتة للدوار، مثل بعض الآثار الجانبية للأدوية. وإذا استمر الدوار، فقد تحتاج إلى زيارة طبيب الأنف والأذن والحنجرة، لتحديد ما إذا كان السبب هو اضطراب متعلق بالتوازن. وقد تكون السيطرة على اضطرابات الجهاز الدهليزي بالأدوية هي الخطوة الأولى في العلاج.

* العلاج الطبيعي. يعد العلاج الطبيعي المُصمّم خصيصاً لاضطرابات التوازن جانباً مفيداً آخر من العلاج. تقول كاثي جوي، وهي إخصائية العلاج الطبيعي في مستشفى ماساتشوستس للعين والأذن: «العلاج الطبيعي يعلمك كيف تشعر بالراحة أثناء الحركة، ويمكن أن يتضمن البرنامج النموذجي تقنيات من أجل الاسترخاء والتنفس. ولذلك لا داعي للذعر عندما يبدأ الدوار، فهناك تمارين لمساعدتك على الشعور بمزيد من التماسك أثناء الحركة، مثل تمرين تاي تشي tai chi، الذي تقوم خلاله بتحويل الوزن ببطء من أحد جوانب جسمك إلى الجانب الآخر، فضلاً عن تدريب آخر هو (تحرير الأنسجة الرخوة) soft tissue release وهو شكل من أشكال التدليك لبعض المناطق في الرقبة».

وقد يوضح لك المعالج أيضاً تمارين لإعادة تدريب الأذن على تحمل حركات الرأس، وإليك هذا المثال: «قف بشكل مستقيم، وتحسس قدميك على الأرض، وتدرب ببطء على إدارة رأسك إلى كل جانب لبضع ثوانٍ، كرر هذا 5 إلى 10 مرات»، بحسب المعالجة جوي.

تحرك البلورات الصغيرة الموجودة في الأذن الداخلية يؤدي إلى أكثر الأنواع الشائعة للدوار

مناورات دوار الوضعة الانتيابي الحميد

عندما يحدث دوار الوضعة الانتيابي الحميد، فإنه يمكن أن تؤدي مناورة بسيطة لتغيير مكان البلورات السائبة في الأذن، إلى تقليل الأعراض أو التخلص منها. تقول جوي: «هناك عدد من التدريبات المختلفة، كل منها يتضمن سلسلة من الحركات التي تتم أثناء الجلوس أو الاستلقاء، لكن أهمها مناورة إيبلي Epley maneuver، التي تعدّ المعيار الذهبي، فخلال هذا التدريب يعطيك طبيبك تدريباً لتجربته في المنزل، لكن عليك أن تكون حذراً، لأنه في حال لم تفعل ذلك بشكل صحيح، فقد ينتهي الأمر بالبلورات السائبة في المكان الخطأ، ما يؤدي إلى تفاقم حالة الدوار. ولذا، فإنه من الأفضل أن يكون لديك طبيب أو إخصائي علاج طبيعي يرشدك خلال ذلك في المرة الأولى».

وبمجرد أن تشعر بالراحة مع هذا التدريب، يمكنك تجربته في المنزل (إذا قال طبيبك إن الأمر آمن) عند ظهور أول مؤشر على الشعور بدوار، وقد يكون من المفيد مشاهدة مقطع فيديو حول هذا الموضوع للحصول على إرشادات (يوجد كثير منها على موقع «يوتيوب»)، عليك فقط التأكد من أن الخبير الموجود في مقطع الفيديو هو إخصائي علاج طبيعي معتمد.

وهناك أيضاً بعض التدريبات التي تساعد على تجنب المواقف التي تسبب دوار الوضعة الانتيابي الحميد، مثل وضعيات اليوغا التي تجعلك تتمدد على ظهرك.

صحيح أن هذه الأساليب وغيرها ليست ضماناً أن الدوار لن يعود مرة أخرى، لكن جوي تقول إنها «قد تساعدك على تجنب حدوث النوبة، كما تساعدك أيضاً على استعادة توازنك حتى تتمكن من العودة إلى القيام بالأعمال التي تحبها».

* رسالة «هارفارد» الصحية، خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

صحتك ممرضة تحمل اختباراً للدم (أرشيفية - رويترز)

اختبار دم يتنبأ بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية قبل حدوثها بـ30 عاماً

يقول الأطباء إن اختبار الدم البسيط «ثلاثي الأبعاد» يمكنه التنبؤ بدقة بخطر إصابة المريض بنوبة قلبية وسكتة دماغية قبل 30 عاماً من حدوثها

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ يمر أحد الركاب أمام لافتة تحذر من مرض «جدري القرود» في مطار سوكارنو هاتا الدولي بتانجيرانغ في 26 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

«يونيسف» تطرح مناقصة طارئة لتأمين لقاحات «جدري القردة»

طرحت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مناقصة طارئة لتأمين لقاحات «جدري القردة» للدول المتضررة من الأزمات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية

ما تأثير الملح على معدتك؟ وكيف تخفف أضراره؟

كان الملح جزءاً أساسياً من الحضارة لآلاف السنين. وأثبت أنه ذو قيمة كبيرة بصفته مادة حافظة للأغذية، واستُخدم سابقاً عملةً في التجارة. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك انقسام طبي حول إلزامية الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد (رويترز)

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

تحوّل «كوفيد-19» على مر السنوات الماضية من جائحة عالمية إلى فيروس «مستوطن» وفق خبراء الصحة، ما يعني أن وجوده سيصبح مستمراً، فكيف يجب أن نتعامل معه؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

نصف حالات «الخرف» يمكن الوقاية منها أو تأخيرها... كيف؟

يحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات لتجنب «الخرف» (رويترز)
يحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات لتجنب «الخرف» (رويترز)
TT

نصف حالات «الخرف» يمكن الوقاية منها أو تأخيرها... كيف؟

يحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات لتجنب «الخرف» (رويترز)
يحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات لتجنب «الخرف» (رويترز)

أظهر مسح جديد شمل 1563 شخصاً بالغاً، ونشر نتائجه موقع «سيكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية والعلوم السلوكية، أن ثلاثة أرباع البالغين الذين تبلغ أعمارهم 40 عاماً أو أكثر يشعرون بالقلق بشأن تدهور صحة أدمغتهم في المستقبل.

ويحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات مثل حل الكلمات المتقاطعة وتناول المكملات الغذائية لتجنب «الخرف» – وهو مصطلح يُطلق على مجموعة من الأعراض التي تصيب قدرات الذاكرة والتفكير والقدرات الاجتماعية – لكن هل تأتي هذه الأساليب والاستراتيجيات بنتيجة؟

تُظهر الأبحاث أنه من الممكن منع أو تأخير 45 في المائة من حالات الخرف من خلال سلسلة من التغييرات الشخصية والمجتمعية، وفق «سيكولوجي توداي».

ويسلط تقرير جديد في مجلة «لانسيت» العلمية، نشر بتاريخ 31 يوليو (تموز) 2024، الضوء على عاملين جديدين «قابلين للتعديل» من عوامل الخطر التي قد تسبب الخرف، وهما فقدان البصر وارتفاع نسبة الكوليسترول، ما يرفع إجمالي عوامل الخطر المعروفة إلى 14.

ووفقاً لتقرير عام 2024، الذي أعدته «لجنة لانسيت للخرف»، والذي يسلط الضوء عوامل الخطر المتعلقة بالخرف وكيفية الوقاية منها، فإن العوامل الـ14 هي: «قلة التعليم، وحدوث إصابة في الرأس، وقلة النشاط البدني، والتدخين، والإفراط في تناول الكحول، وارتفاع ضغط الدم، والسِمنة، والإصابة بمرض السكري، وفقدان السمع، والاكتئاب، وقلة التواصل الاجتماعي، وتلوث الهواء، وفقدان البصر، وارتفاع نسبة الكوليسترول».

ووفق «سيكولوجي توداي»، فإن ضبط وتعديل جميع عوامل الخطر الـ14 من شأنهما أن يؤخرا أو يمنعا 45 في المائة من حالات الخرف، سواء كان الشخص يحمل جين «ألزهايمر» أم لا.

وتوصي «لجنة لانسيت» بعدة ممارسات للوقاية من الخرف أو تأخيره، مثل: «ضمان توفير التعليم الجيد للجميع، وتشجيع الأنشطة المحفزة للإدراك في منتصف العمر لحماية الإدراك، وجعل الأدوات المُعينة على السمع في متناول الأشخاص الذين يعانون من فقدان السمع، وتقليل التعرض للضوضاء الضارة، وعلاج الاكتئاب بشكل فعال، وتشجيع استخدام الخوذات، وحماية الرأس في الرياضات وعند استخدام الدراجة، وتشجيع ممارسة الرياضة، والحد من التدخين، والحفاظ على وزن صحي وعلاج السمنة، وجعل الفحص والعلاج لأمراض ضعف البصر متاحين للجميع، والحد من التعرض لتلوث الهواء».

وتوصي اللجنة بأنه يجب على الأشخاص وضع اعتبار جاد حيال الاهتمام بالوقاية من عوامل الخطر بدءاً من وقت مبكر من الحياة، وأن يظل هذا الانتباه مستمراً معنا طوال الحياة.