الحمل وتناول الأدوية... خطوات لوقاية الحامل والجنين

توصيات طبية حول مخاطر استعمال الدواء ومنافعه

الحمل وتناول الأدوية... خطوات لوقاية الحامل والجنين
TT

الحمل وتناول الأدوية... خطوات لوقاية الحامل والجنين

الحمل وتناول الأدوية... خطوات لوقاية الحامل والجنين

ضمن تحديثها للحقائق الطبية حول الحمل وتناول الأدوية في أبريل (نيسان) الماضي، أفادت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأميركية «CDC» أن: «استخدام الأدوية أثناء الحمل يُعد أمراً شائعاً. وأن جميع الحوامل تقريباً يواجهن ضرورة اتخاذ قرارات بشأن تناول الأدوية أثناء الحمل. ومع ذلك، لا نعرف إلا القليل عن تأثيرات تناول معظم الأدوية أثناء الحمل، لأن الحوامل غالباً لا يتم تضمينهن في الدراسات التي تحدد سلامة الأدوية الجديدة».

وأضافت المراكز الأميركية بما ملخصه أن ثمة احتياجاً لكثير من الحوامل إلى تناول الدواء للبقاء بصحة جيدة قبل الحمل وخلاله. وإذا كانت المرأة تخطط للحمل، فيجب عليها مناقشة الأدوية التي تتناولها في الفترة الحالية مع مقدم الرعاية الصحية الخاص بها، لأن بعض الأدوية يمكن أن تسبب تشوهات خلقية في وقت مبكر جداً من الحمل، وغالباً قبل أن تعرف الحامل أنها حامل. ويمكن أن يساعد هذا في وضع خطة علاج لحالتها الصحية قبل الحمل، وفي الحفاظ على صحتها خلال فترة الحمل وصحة جنينها.

الحمل والأدوية

وبخلاف أدوية الحديد وفيتامين الفوليت، التي تُوصف لغالبية الحوامل بشكل روتيني للوقاية من فقر الدم ومن أي اضطرابات في نمو الجهاز العصبي لدى الجنين، أضافت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأميركية قائلة إن: «9 من بين كل 10 حوامل، أبلغن عن تناولهن بعض أنواع الأدوية أثناء الحمل، و7 من كل 10 حوامل، أفدن بتناول دواء واحد على الأقل من فئات الأدوية التي لا يمكن الحصول عليها إلاّ بوصفة طبية. وخلال العقود الماضية (مقارنة بالسبعينيات من القرن الماضي)، ازداد استخدام النساء للأدوية التي لا يمكن الحصول عليها إلاّ بوصفة طبية، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، بأكثر من 60 في المائة».

والأساس، كما يقول الدكتور رافيندو جوناتيلاكي، الأستاذ المساعد واستشاري طب النساء والتوليد في كلية الطب بجامعة كريتون بفينيكس، هو أن: «في هذه الحالات، يجب على المرأة التحدّث إلى مُقدِّم الرعاية الصحية عن مخاطر استعمال الدواء ومنافعه. ويجب على المرأة الحامل وقبل استعمال أي دواء (بما فيها الأدوية غير الموصوفة) أو أي مكمّل غذائي (بما فيها الأعشاب الطبية)، أن تستشير مُقدِّم الرعاية الصحية. وقد يوصي مُقدِّم الرعاية الصحية بأن تستعمل المرأة بعض الفيتامينات والمعادن خلال الحمل».

والواقع أن كثيراً من الحوامل يحتجن إلى تناول الأدوية أثناء الحمل للسيطرة على حالة صحية سابقة لديهن أو تعرضن لها خلال فترة الحمل. ومن أهم الحالات المرضية التي قد تتطلب معالجة دوائية خلال فترة الحمل، حالات الربو، والاكتئاب، وأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، والصرع، ونوبات القيء أو الغثيان، وحالات الإسهال، والألم بأنواعه ومختلف مسبباته، واضطرابات الغدة الدرقية. إضافة إلى الالتهابات الميكروبية، مثل نزلات البرد والتهابات الجهاز التنفسي العلوي أو السفلي والتهابات المسالك البولية وغيره. وتعتبر حالات ارتفاع الكولسترول من الحالات التي تحتاج إلى توضيح عن مدى ضرورة معالجتها أصلاً خلال فترة الحمل. وكذلك أنواع الفيتامينات التي يجدر عدم تناولها خلال فترة الحمل. وأيضاً كيفية تلقي اللقاحات.

الفوائد والمخاطر

ولكن في بعض الحالات، قد يكون تجنب أو إيقاف الدواء أثناء الحمل، أكثر ضرراً من تناوله. وفي الوقت نفسه، نعلم أن تناول بعض الأدوية أثناء الحمل يمكن أن يزيد من خطر حدوث تشوهات خلقية أو فقدان الحمل أو الخداج أو وفاة الرضع أو إعاقات النمو.

وحول سؤال: «إني أحتاج إلى تناول دواء أثناء الحمل. ماذا أفعل؟» توضح الـمراكز الأميركية في إجابتها قائلة: «إذا كنت حاملاً، تحدثي إلى مقدمي الرعاية الصحية قبل بدء أو إيقاف أي أدوية، بما في ذلك الوصفات الطبية والأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية والمكملات العشبية والغذائية والفيتامينات. احتفظي بسجل للأدوية التي تتناولينها. إذا كنت تعانين من حالات صحية معينة، مثل الربو أو الصرع أو ارتفاع ضغط الدم أو الاكتئاب، فقد تحتاجين إلى تناول الأدوية للبقاء بصحة جيدة أثناء الحمل. قد تكون بعض الحالات الصحية غير المعالجة أكثر ضرراً من الأدوية المستخدمة للسيطرة عليها. ومع ذلك، نحن نعلم أن بعض الأدوية يمكن أن تزيد من خطر حدوث عيوب خلقية أو فقدان الحمل أو الخداج أو موت الرضع أو إعاقات النمو. يمكن أن يساعدك أخصائي الرعاية الصحية في تقييم مخاطر وفوائد كل دواء وتحديد العلاج الأكثر أماناً لك ولطفلك».

وحول ما إذا تناولت الحامل دواءً قبل معرفتها بأنها حامل. تقول المراكز: «إذا كنت قلقة بشأن الأدوية التي تناولتها قبل أن تعرفي أنك حامل، فيمكنك التحدث مع مقدم الرعاية الصحية الخاص بك حول مخاوفك. ويمكن أن تكون بعض الأدوية ضارة عند تناولها أثناء الحمل، لكن من غير المحتمل أن يسبب البعض الآخر ضرراً».

والإشكالية الأهم في شأن تناول الحامل للأدوية، هو احتمالات وصولها إلى الجنين، الذي بالأصل ليس بحاجة لها، لأنه ليس هو المريض بالحالة المرضية التي لدى الحامل. وأيضاً احتمالات تأثير تلك الأدوية على الرحم والمشيمة.

التأثيرات على الجنين

ووصول الدواء إلى الجنين دونما حاجة، ربما يتسبب بأضرار لا تقتصر فقط على احتمالات نشوء تشوهات خلقية، بل قد يؤثر على عمل أعضاء الجسم لديه. كما قد يُؤثر على استقرار الحمل ومدى النجاح في إتمامه إلى حين بلوغ موعد الولادة، وربما قد يؤثر على حالته الصحية بعد الولادة. ولذا ليس الأمر مقتصراً فقط على ضمان سلامة الجنين نفسه، ولا متعلقاً فقط باحتمالات التسبب بالتشوهات الخلقية لديه.

وتلخص المصادر الطبية كيفية تأثيرات الأدوية التي تتلقاها الحامل على الجنين، من خلال الطرق التالية:

- يمكنها التأثير مباشرة في الجنين، ممَّا يؤدي إلى إلحاق الضرر بالجنين أو إلى تخلّقه بشكل غير طبيعي (ممّا قد يؤدي، ولو بنسبة ضئيلة، إلى عيوب خلْقية أو إلى وفاته).

- يمكنها إحداثُ تغييرٍ في وظيفة المشيمة، وذلك عادةً من خلال التَّسبُّب في تضيُّق الأوعية الدموية فيها، ومن ثَمّ خفض إمدادات الأُكسجين والمواد المغذية إلى الجنين من الأم. وتكون النتيجة أحياناً طفلاً ناقص الوزن أو متخلِّفاً في نمو بعض الأعضاء.

- يمكنها أن تتسبَّبَ في تقلص عضلات الرحم بقوة، ممَّا قد يؤدي إلى إصابة الجنين بطريقة غير مباشرة، من خلال خفض إمدادات الدَّم، أو تحريض حصول المخاض، أو حدوث الولادة قبل أوانها.

- يمكنها التأثير في الجنين بشكلٍ غير مباشر. وعلى سبيل المثال، قد تحدُّ الأدوية التي تُخفِّضُ ضغط الدَّم عند الأم من جريان الدَّم إلى المشيمة، وبذلك تُخفِّض إمدادات الأكسجين والمواد المغذية إلى الجنين.

عوامل ذات علاقة بآثار الدواء على الحامل وعلى الجنين

توضح المصادر الطبية أن آثار الدواء على الحامل وعلى جنينها، قد تعتمد على العديد من العوامل، مثل:

- نوعية وفئة الدواء الذي تتناوله الحامل.

- مدى القوة التأثيرية للدواء في الجسم، ومقدار الجرعة المتناولة منه.

- وقت تناول الدواء أثناء مراحل الحمل الثلاث.

- مدى وجود حالات صحية أو مرضية أخرى، مزمنة أو حادة، لدى الحامل.

- فئات الأدوية الأخرى التي تتناولها الحامل.

- الخصائص الجينية لدى كبد وكليتي الأم في تعاملهما مع الدواء، وقدراتهما على التخلص منه أو تعطيل مفعوله.

- عمر الجنين، ومرحلة التكوين التي يمر بها، ودرجة تطور نمو الأعضاء في جسمه.

- سلامة المشيمة نفسها، ودرجة نفوذية المشيمة، ومدى سهولة مرور العقار نفسه من خلال تراكيبها، وصولاً إلى الجنين.

- عوامل أخرى مرتبطة بالأم. وعلى سبيل المثال، إذا كانت الأم تتقيأ، فقد لا يُمتص الكثير من الدواء، لذلك يتعرّض الجنين إلى كمية أقلّ منه.

ويوضح الدكتور جوناتيلاكي قائلاً: «تصل الأدوية التي تستعملها المرأة الحامل إلى الجنين بشكل رئيسي من خلال عبور المشيمة والدخول إلى جسم الجنين. وهو الطريق نفسه الذي يمرُّ من خلاله الأكسجين والمواد المغذية اللازمة لنمو الجنين وتخلّقه. ولكن، حتى الأدوية التي لا تعبر المشيمة قد تلحق الضرر بالجنين من خلال التأثير في الرحم أو المشيمة».

والمشيمة قرص ملتصق بباطن الرحم. يخرج منه الحبل السري إلى بطن الجنين. وآلية عبور الدواء عبر المشيمة تحصل بين نتوءات طويلة متشابكة ومتقابلة، طرف منها من الجنين والطرف الآخر من الأم، جميعها ضمن سماكة قرص المشيمة. وهذه النتوءات تحتوي على أوعية دموية، جانب منها قادم من الأم والجانب الآخر قادم من الجنين، ويفصل بينهما غشاء رقيق (الغشاء المشيمي). ومن خلال هذه التراكيب تعبر المواد الغذائية والسوائل والمركبات الكيميائية من الأم إلى الجنين، وبالعكس. وضمن عمليات العبور هذه، تعبر بعض الأدوية من دم الأم إلى دم الجنين.

نصائح للحامل حول الأدوية من إدارة الغذاء والدواء الأميركية

ضمن حديثها للحوامل حول تناولهن أي أدوية خلال فترة الحمل، تقول إدارة الغذاء والدواء الأميركية: «فيما يلي بعض النصائح لمساعدتك في معرفة المزيد حول كيفية تأثير الأدوية التي تُصرف دون وصفة طبية، عليك وعلى طفلك». ونقتطف منها نصيحتين هما الأهم، حيث تقول الهيئة:

1. اطرحي الأسئلة. تحدثي دائماً مع طبيبك أو ممرضتك أو الصيدلي، قبل تناول أي أدوية أو أعشاب أو فيتامينات. لا تتوقفي عن تناول الأدوية الخاصة بك حتى يقول مقدم الرعاية الصحية الخاص بك إنه لا بأس بذلك. واستخدمي هذه الأسئلة (في حديثك مع الطبيب):

- هل سأحتاج إلى تغيير أدويتي إذا أردت الحمل؟ قبل أن تحملي، اعملي مع مقدم الرعاية الصحية الخاص بك لوضع خطة لمساعدتك على استخدام أدويتك بأمان.

- كيف يمكن أن يؤثر هذا الدواء على طفلي؟ اسألي عن الفوائد والمخاطر بالنسبة لك ولطفلك.

- ما الأدوية والأعشاب التي يجب أن أتجنبها؟ يمكن لبعض الأدوية أن تضر بطفلك خلال مراحل مختلفة من الحمل. في هذه الأوقات، قد يطلب منك مقدم الرعاية الصحية تناول دواء آخر.

- هل سأحتاج إلى تناول جرعة أكثر أو أقل من دوائي؟ يعمل قلبك وكليتك بجهد أكبر عندما تكونين حاملاً. هذا يجعل الأدوية تمر عبر جسمك بشكل أسرع من المعتاد (مما قد يتطلب بعض التغيرات في مقادير جرعات الأدوية).

- هل يمكنني الاستمرار في تناول هذا الدواء عندما أبدأ في الرضاعة الطبيعية؟ يمكن لبعض الأدوية أن تدخل في حليب الثدي وتؤثر على طفلك.

- ما نوع الفيتامينات التي يجب أن أتناولها؟ اسألي عن فيتامينات خاصة للحوامل تسمى فيتامينات ما قبل الولادة. وهي قد تحتوي بعض الفيتامينات التي تحتاجين لها. ويساعد حمض الفوليك على منع العيوب الخلقية في دماغ الطفل أو العمود الفقري.

2. اقرأي الملصق. تحققي من ملصق الدواء والمعلومات الأخرى التي تحصلين عليها مع دوائك، للتعرف على المخاطر المحتملة للنساء الحوامل أو المرضعات. يُخبرك الملصق بما هو معروف عن كيفية تأثير الأدوية على النساء الحوامل. يمكن أن يساعدك مقدم الرعاية الصحية في تحديد ما إذا كان يجب عليك تناول الدواء. والملصقات الدوائية الجديدة تعطي معلومات مفيدة عن مخاطر الدواء، بدلاً مما كانت تحمله الملصقات القديمة في تصنيف الأدوية إلى فئات A و B و C و D و X.

• استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي

دراسة: الحروب تلحق أضراراً بالحمض النووي للأطفال

أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
TT

دراسة: الحروب تلحق أضراراً بالحمض النووي للأطفال

أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

خلصت دراسة جديدة إلى أن الأطفال الذين يعيشون في بلدان تمزقها الحروب لا يعانون فقط من مشكلات في الصحة النفسية بل من المحتمل أيضاً أن يتعرضوا لتغيرات بيولوجية في الحمض النووي (دي إن إيه) يمكن أن تستمر آثارها الصحية مدى الحياة.

وأجرى الباحثون تحليلاً للحمض النووي لعينات لعاب تم جمعها من 1507 لاجئين سوريين تتراوح أعمارهم بين 6 أعوام و19 عاماً يعيشون في تجمعات سكنية عشوائية في لبنان، وراجعوا أيضاً استبيانات أُجريت للأطفال والقائمين على رعايتهم شملت أسئلة عن تعرض الطفل لأحداث مرتبطة بالحرب.

وظهرت في عينات الأطفال الذين تعرضوا لأحداث الحرب تغيرات متعددة في مثيلة الحمض النووي، وهي عملية تفاعل كيميائي تؤدي إلى تشغيل جينات أو تعطيلها.

وقال الباحثون إن بعض هذه التغيرات ارتبطت بالجينات المشاركة في وظائف حيوية مثل التواصل بين الخلايا العصبية ونقل المواد داخل الخلايا.

وقال الباحثون إن هذه التغيرات لم تُرصد لدى مَن تعرضوا لصدمات أخرى، مثل الفقر أو التنمر، ما يشير إلى أن الحرب قد تؤدي إلى رد فعل بيولوجي فريد من نوعه.

وعلى الرغم من تأثر الأطفال من الذكور والإناث على حد سواء، ظهرت في عينات الإناث تأثيرات بيولوجية أكبر، ما يشير إلى أنهن قد يكن أكثر عرضة لخطر التأثيرات طويلة الأمد للصدمة على مستوى الجزيئات.

وقال مايكل بلوس، رئيس الفريق الذي أعد الدراسة في جامعة سري في المملكة المتحدة، في بيان: «من المعروف أن للحرب تأثيراً سلبياً على الصحة النفسية للأطفال، إلا أن دراستنا خلصت إلى أدلة على الآليات البيولوجية الكامنة وراء هذا التأثير».

وأشار بلوس أيضاً إلى أن التعبير الجيني، وهو عملية منظمة تسمح للخلية بالاستجابة لبيئتها المتغيرة، لدى الأطفال الذين تعرضوا للحرب لا يتماشى مع ما هو متوقع لفئاتهم العمرية، وقال: «قد يعني هذا أن الحرب قد تؤثر على نموهم».

وعلى الرغم من محاولات الباحثين لرصد تأثيرات مدى شدة التعرض للحرب، خلصوا في تقرير نُشر يوم الأربعاء في مجلة جاما للطب النفسي إلى أن «من المرجح أن هذا النهج لا يقدر تماماً تعقيدات الحرب» أو تأثير أحداث الحرب المتكررة على الأطفال.

وتشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إلى أن نحو 400 مليون طفل على مستوى العالم يعيشون في مناطق صراع أو فروا منها.