إسرائيل تتابع بقلق نهج ترمب للمفاوضات مع إيران

واشنطن لا تضع شرطاً بالتخلي التام عن المشروع النووي

ترمب ونتنياهو خلال لقائهما في البيت الأبيض الأسبوع الماضي (رويترز)
ترمب ونتنياهو خلال لقائهما في البيت الأبيض الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

إسرائيل تتابع بقلق نهج ترمب للمفاوضات مع إيران

ترمب ونتنياهو خلال لقائهما في البيت الأبيض الأسبوع الماضي (رويترز)
ترمب ونتنياهو خلال لقائهما في البيت الأبيض الأسبوع الماضي (رويترز)

عبّر وزير الشؤون الاستراتيجية في الحكومة الإسرائيلية، رون ديرمر، عن قلق حكومته إزاء المباحثات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران حول البرنامج النووي، التي عُقدت يوم السبت في سلطنة عمان، ويتوقع أن تُستأنف الأسبوع المقبل في العاصمة الإيطالية روما.

في حين ترى واشنطن وطهران في هذه المفاوضات خطوة إيجابية نحو خفض التوتر، تعتبرها إسرائيل تطوراً مقلقاً قد تترتب عليه انعكاسات استراتيجية بعيدة المدى تمسّ أمنها القومي.

وأفاد تقرير لصحيفة «معاريف» بأن الولايات المتحدة أطلعت إسرائيل على نتائج الجولة الأولى من المفاوضات مع إيران، مشيرة إلى أن المحادثات لا تزال في مراحلها الأولية، وتقتصر حالياً على قضايا بروتوكولية وتنظيمية.

ومع ذلك، فإن معطيات وردت من مصادر أخرى تفيد بأن الجانب الأميركي لم يناقش مع الإيرانيين تفكيك البرنامج النووي بالكامل، بل تحويله إلى مشروع مدني. ويفهم من ذلك، بحسب التقرير، أن «طهران قد تمنح هامشاً للمناورة والمراوغة على الأرض، وهو ما يعزز الشكوك حول إمكانية الوثوق بها».

وقال رون ديرمر، في مكالمة هاتفية أجراها الاثنين مع مبعوث الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف، إن المؤسسة الأمنية والسياسية في إسرائيل ترى أن أي تقدم إيجابي في المفاوضات بين واشنطن وطهران، من شأنه أن يؤدي إلى تخفيف جزئي للعقوبات المفروضة على إيران، ما سيوفر لها مليارات الدولارات. وتخشى تل أبيب أن يُستخدم جزء من هذه الأموال في دعم ما تعتبره «أنشطة معادية» لها في المنطقة.

وتتزايد في الأوساط الإسرائيلية أيضاً المخاوف من تداعيات استراتيجية أوسع، إذ ترى أجهزة الأمن أن تحسن العلاقات بين طهران وواشنطن قد يضعف من خصوصية الشراكة الاستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة، ويعيد رسم موازين القوى في الشرق الأوسط.

وفي ظل هذه التطورات، يُطرح كذلك تساؤل حول إمكانية أن تمنح المفاوضات لطهران شرعية دولية رغم استمرار خطابها العدائي تجاه إسرائيل. وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن طهران لن تُبدّل نهجها الخطابي، بل ستواصل التمسك بمواقفها المتشددة دون إظهار أي ليونة في هذا السياق.

فيما يخص الملف النووي، تسود الأوساط الإسرائيلية حالة من التباين في التقديرات. فمن جهة، قد تسفر المفاوضات عن اتفاق يُقيّد القدرات النووية الإيرانية، غير أن هذا الاتفاق نفسه قد يُضفي طابعاً من الشرعية على بعض جوانب البرنامج النووي لطهران، وهو ما يثير قلقاً واسعاً في إسرائيل.

وترى مصادر إسرائيلية أن توقيت هذه المحادثات يطرح علامات استفهام؛ خصوصاً في ظل استمرار إيران في تخصيب اليورانيوم بنِسَب تفوق 60 في المائة، وهو ما يُفسَّر في إسرائيل بأنه «مناورة تهدف إلى كسب الوقت». كما أعربت تل أبيب عن مخاوفها من إمكانية أن تقدم الإدارة الأميركية على تقديم تنازلات في قضايا محورية تتعلق بالملف النووي، مقابل تحقيق تقدم دبلوماسي محدود «لا يغيّر من الواقع شيئاً».

ونقلت صحيفة «هآرتس»، عن مصادر سياسية في تل أبيب، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أوعز بعدم إخراج الخلافات مع الولايات المتحدة بشأن الملف الإيراني إلى العلن، والإبقاء عليها ضمن إطار الحوار الثنائي المغلق بين البلدين، تفادياً لإثارة غضب ترمب. غير أن تسريبات من داخل أروقة الحكومة كشفت عن أبرز هذه الخلافات.

ونقل أحد المصادر الحكومية أن ما وصفه بـ«غياب الشفافية» في المحادثات الجارية خلف الأبواب المغلقة، من دون تنسيق حقيقي أو مشاركة مباشرة من الجانب الإسرائيلي، يثير استياءً شديداً في تل أبيب ويفاقم حالة القلق داخل المؤسسات الأمنية.

وتستند إسرائيل في مخاوفها إلى الاتفاق النووي لعام 2015، الذي تعتبره نموذجاً لـ«اتفاق فاشل»، إذ سمح – بحسب تقديرها – لإيران بمواصلة «تطوير قدراتها الصاروخية، وفتح المجال أمامها لدعم جماعات مسلحة في المنطقة، دون فرض قيود فعالة تردع هذه الأنشطة».

تحذّر الأوساط الإسرائيلية من «منح النظام الإيراني غطاءً دولياً»، معتبرة أن ذلك يشكّل «مساساً مباشراً بأمن إسرائيل القومي». وترى تل أبيب أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في رسم ملامح مستقبل البرنامج النووي الإيراني، بما يحمله من تداعيات محتملة على أمنها، وعلى مكانتها الإقليمية، فضلاً عن تأثيره على طبيعة علاقتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة في ظل إدارة ترمب.

وكان الرئيس ترمب قد أعلن عن المحادثات مع إيران بشكل مفاجئ، الأسبوع الماضي، وذلك خلال حديث مع الصحافيين في البيت الأبيض؛ حيث كان يلتقي نتنياهو، الذي زار البيت الأبيض في ثاني زيارة له منذ تنصيب ترمب. وأكد نتنياهو بعد ذلك أنه «في حال عدم التوصل إلى اتفاق مع إيران، سنلجأ إلى الخيار العسكري»، مشيراً إلى أنه ناقش هذا الملف «بشكل موسّع» مع ترمب، واتفقا على أن إيران «لن تمتلك سلاحاً نووياً».


مقالات ذات صلة

إيران تحصن مواقع نووية وسط المحادثات مع أميركا

شؤون إقليمية صورة الأقمار الاصطناعية «بلانت لبس» من منشأة «نطنز» لتخصيب اليورانيوم على مسافة 120 كيلومتراً شمال أصفهان... أبريل العام الماضي (أ.ب)

إيران تحصن مواقع نووية وسط المحادثات مع أميركا

في ظل تصاعد التهديدات الأميركية والإسرائيلية، عزَّزت إيران إجراءاتها الأمنية حول مجمّعين أنفاقيين مرتبطين بمنشأتها النووية في «نطنز».

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن)
المشرق العربي منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400» (موقع الصناعات الدفاعية التركي)

تحذير أميركي من نشر تركيا صواريخ «إس 400» في سوريا

حذر نائبان أميركيان من إقدام تركيا على نشر منظومة الدفاع الجوي الصاروخي الروسية «إس 400» في قاعدة جوية تسعى لإقامتها في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني يتحدث خلال مؤتمر صحافي يناير الماضي (إيسنا)

«الحرس الثوري»: سنردّ بشكل حازم ومُوجِع على أي اعتداء

أعلن «الحرس الثوري» الإيراني جاهزيته للرد «على أي عدوان»، وذلك بعد تقارير عن استعداد إسرائيلي لاستهداف البرنامج النووي، وسط تهديدات أميركية باستخدام القوة.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
تحليل إخباري نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت في غرفة عمليات تحت الأرض يتابعان ضربة موجهة لإيران في أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

تحليل إخباري انقسام في إسرائيل حول خيار الضربة العسكرية لإيران

منذ انطلاق المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، تعيش إسرائيل عاصفة من النقاشات، سواء في العلن أو خلف الأبواب المغلقة، حول توجيه ضربة استباقية لطهران.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث يتحدث خلال اجتماع ترمب ونتنياهو في البيت الأبيض 7 أبريل (رويترز) play-circle

قلق إسرائيلي من نتائج المحادثات الأميركية - الإيرانية

أعربت إسرائيل عن قلقها من المحادثات الأميركية الإيرانية، فيما ذكرت مصادر إسرائيلية احتمال انهيار المفاوضات بمجرد عرض الشروط الأميركية الكاملة.

«الشرق الأوسط» (لندن - تل أبيب)

إيران: العلاقات مع «الترويكا» الأوروبية «متراجعة» ونقترح استئناف الحوار

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)
TT

إيران: العلاقات مع «الترويكا» الأوروبية «متراجعة» ونقترح استئناف الحوار

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)

اقترح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الخميس، استئناف الحوار مع بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقال في منشور على «إكس» إن العلاقات مع «الترويكا» الأوروبية «متراجعة» حالياً، وذلك في وقت تستعد فيه طهران لجولة ثالثة من المحادثات النووية مع الولايات المتحدة، يوم السبت، في سلطنة عُمان.

وأكد عراقجي أنه مستعد لاتخاذ الخطوة الأولى بزيارة باريس وبرلين ولندن، مؤكداً أن تدهور العلاقات بين إيران والبُلدان الثلاثة لا يخدم مصلحة أحد.

وقال عبر منصة «إكس» إن الكرة الآن في ملعب بريطانيا وفرنسا وألمانيا، مشدداً على أن لديهم فرصة لتبنِّي نهج مختلف في التعامل مع إيران.

وأضاف عراقجي أن ما ستفعله العواصم الأوروبية الثلاث في هذه المرحلة «سيحدد على الأرجح شكل العلاقات خلال المستقبل القريب».