المعارضة التركية تعدّ تعليقات إردوغان بمثابة «إعلان حرب» بعد حبس رئيس بلدية

حزب كردي يعلن عن لقاء ثان مع أوجلان

أنصار حزب «الشعب الجمهوري» يتظاهرون ضد اعتقال رئيس بلدية بشكتاش في إسطنبول (أ.ب)
أنصار حزب «الشعب الجمهوري» يتظاهرون ضد اعتقال رئيس بلدية بشكتاش في إسطنبول (أ.ب)
TT

المعارضة التركية تعدّ تعليقات إردوغان بمثابة «إعلان حرب» بعد حبس رئيس بلدية

أنصار حزب «الشعب الجمهوري» يتظاهرون ضد اعتقال رئيس بلدية بشكتاش في إسطنبول (أ.ب)
أنصار حزب «الشعب الجمهوري» يتظاهرون ضد اعتقال رئيس بلدية بشكتاش في إسطنبول (أ.ب)

أشعل قرار السلطات التركية حبس رئيس بلدية تابع لحزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة بالبلاد، تراشقاً حاداً بين الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس الحزب أوزغور أوزال.

وعدّ أوزال تعليقاً أدلى به إردوغان على قرار حبس رئيس بلدية بشكتاش، رضا أكبولاط، على خلفية اتهامات بالتلاعب في عطاءات، وقال فيه إن «رؤوس الفجل الكبيرة ما زالت داخل الكيس»، بمثابة «إعلان حرب»، قائلاً: «ونحن نقبل الحرب».

وقررت محكمة في إسطنبول، الجمعة، حبس أكبولاط بعدما اتهمته النيابة العامة بالتلاعب في نتائج عطاءات، وهو الاتهام الذي رفضه حزب «الشعب الجمهوري»، لافتاً إلى أن المدعي العام لمدينة إسطنبول يتحرك في القضية بـ«دوافع سياسية»، مطالباً مدعي العموم والقضاة بالاحتكام إلى ضمائرهم، ورفض التعليمات التي تُوجّه إليهم.

عناصر من الشرطة التركية تقتاد رئيس بلدية بشكتاش رضا أكبولاط إلى السجن (إعلام تركي)

واعتقلت قوات الأمن أكبولاط، و46 من موظفي البلدية، في مداهمات جرت، فجر الاثنين الماضي، في إطار تحقيقات يجريها المدعي العام في إسطنبول حول «منظمة إجرامية» يقودها «عزيز إحسان أكطاش»، متورطة في التلاعب بالمناقصات والعطاءات، عن طريق رشوة رؤساء البلديات وكبار المسؤولين التنفيذيين في البلديات.

وقررت النيابة العامة إحالة 40 شخصاً، بينهم أكبولاط وأكطاش، إلى المحكمة، والحجز على أموال وممتلكات أكطاش، الذي يملك مجموعة شركات فازت بعطاءات من العديد من البلديات والمؤسسات العامة في تركيا.

تراشق بين إردوغان وأوزال

وفي تعليق على قضية أكبولاط، قال إردوغان، خلال كلمة في المؤتمر الإقليمي لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في قونيا (وسط تركيا) الجمعة: «إنهم (المعارضة) يعرفون جيداً أن رؤوس الفجل الكبيرة لا تزال داخل الكيس. سيد أوزال، لا يحق لأحد، بمن في ذلك أنت، تجاهل القانون والأنظمة، ولا يمكن تحقيق أي نتائج من خلال تهديد مدعي العموم، وتوجيه أصابع الاتهام للقضاء، وعرقلة المحاكم عن القيام بعملها، ووضع أعضائها تحت الضغط».

إردوغان متحدثاً خلال مؤتمر حزب «العدالة والتنمية» في قونيا الجمعة (الرئاسة التركية)

وأضاف أنه من المستحيل شرح هذا الأمر لأولئك الذين تتمثل رؤيتهم الأكبر في إظهار «البطاقة الحمراء»، في إشارة إلى حملة «البطاقة الحمراء التي أطلقها المعارضة ضد إردوغان وحكومته للمطالبة بانتخابات مبكرة بسبب تردي الوضع الاقتصادي بالبلاد».

ورد رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال، في تصريحات عقب اجتماع للجنة التنفيذية المركزية للحزب بمقره الإقليمي في إسطنبول استغرق 3 ساعات لبحث التحرك في قضية رئيس بلدية بشكتاش، قائلاً: «نحن نرى ما قاله إردوغان إعلاناً للحرب، ونقبله ومستعدون للحرب».

أوزال متحدثاً للصحافيين عقب اجتماع اللجنة المركزية لحزب «الشعب الجمهوري» في إسطنبول الجمعة (موقع الحزب)

وعدّ أوزال اعتقال رئيس بلدية بشكتاش، الذي أعقب اعتقال رئيس بلدية أسنيورت، أحمد أوزار في 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بتهمة دعم الإرهاب، «محاولة لتشويه سمعة الحزب».

مخاوف إمام أوغلو

بدوره، لم يستبعد رئيس بلدية إسطنبول، الذي يترأس أيضاً رئاسة اتحاد بلديات تركيا وينظر إليه على أنه أحد المرشحين الأوفر حظاً لرئاسة تركيا، إمكانية استهدافه بالتحقيق، بعد اعتقال رئيس بلدية بشكتاش، التي تعد مركز إسطنبول.

إمام أوغلو متحدثاً للصحافيين في إسطنبول الجمعة (من حسابه في إكس)

ورأى إمام أوغلو، في تصريحات الجمعة، أنه يجب على الجميع رفع أصواتهم ضد الظلم، وقال: «إن مشاهدة هذا والقول: (لن يحدث لي شيء) هو أمر لا يمكن تصوره. إنه مثل خداع الشخص لنفسه، لا ينبغي لأحد أن يفكر بطريقة أن هذا ليس من أجلي».

وقال: «لقد رأينا طريقة اعتقال وحبس رئيس بلدية بشكتاش، ومن قبله رئيس بلدية أسنيورت، الذي أُلقي به في السجن على عجل، ومر ما يقرب من 3 أشهر دون صدور لائحة اتهام ضده، لا أعتقد أنه كانت هناك فترة في تركيا استخدم فيها القضاء أداةً في السياسة بهذا الشكل».

مظاهرة لأنصار حزب «الشعب الجمهوري» أمام بلدية بشكتاش في إسطنبول للمطالبة بالإفراج عن رئيس بلديتها (موقع الحزب)

ويواجه إمام أوغلو حكماً بالحبس بين 3 و7 سنوات، وحظر نشاطه السياسي فترة مماثلة، في قضية تتعلق بتلاعب في مناقصات خلال رئاسته بلدية بيلك دوزو، قبل انتخابه رئيساً لبلدية إسطنبول في 2019، كما يواجه حكماً آخر بالحبس وحظر النشاط السياسي لمدة 5 سنوات، لا يزال في مرحلة الاستئناف بعد صدوره عام 2022، بتهمة إهانة موظفين عموميين، في تعليقه على قرارا المجلس الأعلى للانتخابات بإلغاء نتائج الجولة الأولى من انتخابات بلدية إسطنبول في 2019، والتي تغلب فيها على مرشح حزب «العدالة والتنمية» الحاكم رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم، والمعروفة إعلاميا بقضية «الأحمق».

الحوار مع أوجلان

على صعيد آخر، أعلن حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد أن لقاء ثانياً لوفد الحزب سيعقد قريباً مع رئيس حزب «العمال الكردستاني»، السجين مدى الحياة، عبد الله أوجلان في محبسه في جزيرة إيمرالي في ولاية بورصة جنوب بحر مرمرة غرب البلاد.

ووصف الحزب، في بيان نشره حسابه في «إكس»، الجمعة، حول اللقاءات التي عقدها الوفد المعروف إعلامياً بـ«وفد إيمرالي»، والذي يضم نائب رئيس البرلمان التركي نائب مدينة إسطنبول سري ثريا أوندر، ونائبة مدينة وان (شرق) بروين بولدان، والذي انضم إليه السياسي الكردي المخضرم أحمد تورك، مع أوجلان وقادة الأحزاب الممثلة بالبرلمان، بأنها كانت «إيجابية ومثمرة».

وأضاف الحزب، في البيان الصادر باللغتين التركية والكردية، أن كل اللقاءات، تقريباً، كانت صادقة وإيجابية بشكل واعد، وأعرب زعماء الأحزاب وممثلوها عن دعمهم لعملية السلام من حيث المبدأ، بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك مخاوف واقتراحات بشأن قضايا مختلفة، تتركز بشكل أساسي حول شفافية العملية وتنفيذها داخل البرلمان.

وانتقد البيان ما وصفه بـ«النبرة التمييزية والمتحيزة التي نواجهها من وقت لآخر في الصحافة المكتوبة والمرئية»، وعدّ إنتاج وتداول روايات ملفقة لا يمكن حتى وصفها بأنها إشاعات ومحاولة خلق أجندات تدفع أحياناً إلى تجاوز الحدود الأخلاقية، يعد في أفضل الأحوال بمثابة «إثارة للحرب».


مقالات ذات صلة

تركيا: احتجاجات واعتقالات بعد عزل رئيس بلدية مؤيد للأكراد

شؤون إقليمية أنصار حزب «العمال الكردستاني» تظاهروا في أنحاء أوروبا السبت في الذكرى 26 لاعتقال أوجلان للمطالبة بإطلاق سراحه (أ.ف.ب)

تركيا: احتجاجات واعتقالات بعد عزل رئيس بلدية مؤيد للأكراد

اعتقلت الشرطة التركية عدداً من أنصار رئيس بلدية وان (شرق تركيا) المعارض عبد الله زيدان، الذي عزلته وزارة الداخلية من منصبه، وعيّنت والي المدينة وصياً عليها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أتراك يتظاهرون احتجاجاً على اعتقال أحد رؤساء البلديات من حزب «الشعب الجمهوري» المعارض (موقع الحزب)

إردوغان يتمسك بدستور جديد لتركيا... والبرلمان الأوروبي يندد باعتقالات معارضين

فيما أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بدستور جديد للبلاد قبل انتخابات 2028، ندد البرلمان الأوروبي بإجراءات بحق رؤساء بلديات معارضين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الصاروخ «ميتور» جو - جو (إعلام تركي)

تركيا تؤكد استمرار خططها لاقتناء صواريخ «ميتور» رغم معارضة اليونان

أكدت تركيا استمرارها في خطط اقتناء صواريخ «ميتور» التي تثير اعتراضات من جانب اليونان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أنصار رئيس بلدية إسطنبول أمام أكرم إمام أوغلو رافعين لافتة كبيرة تحوي صورة له مع عبارات: «لا نجاة لك وحدك... إما أن نكون معا أو لا نكون» خلال إفادته في تحقيقين أمام النيابة الأسبوع قبل الماضي (إ.ب.أ)

رئيس بلدية إسطنبول يواجه الحبس والحظر السياسي في محاكمتين

سيحاكم رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو في قضيتين أمام محكمتين مختلفتين في 11 أبريل المقبل يواجه فيهما عقوبات بالحبس وحظر نشاطه السياسي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي محتجون على خطط ترمب حول غزة أمام القنصلية الأميركية في إسطنبول (رويترز)

داود أوغلو يقترح الاستفتاء لربط غزة بتركيا لحين إقامة الدولة الفلسطينية

اقترح رئيس الوزراء التركي الأسبق رئيس حزب «المستقبل»، أحمد داود أوغلو، إجراء استفتاء على ربط غزة بتركيا مع منحها الحكم الذاتي حتى قيام الدولة الفلسطينية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

واشنطن وطهران لاتفاق نووي جديد

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
TT

واشنطن وطهران لاتفاق نووي جديد

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

رجح دبلوماسي أوروبي رفيع أن تسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، من خلال مفاوضات «مباشرة وسرية» بعد أكتوبر (تشرين الأول) 2025.

وقال الدبلوماسي المطلع على مفاوضات سابقة مع إيران، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأشهر المقبلة ستكون محورية للتوصل إلى اتفاق جديد مع طهران يحل محل الاتفاق الذي انسحبت منه إدارة ترمب الأولى والذي ينتهي مفعوله في أكتوبر المقبل.

وعبّر الدبلوماسي عن اعتقاده بأن واشنطن ستجري مفاوضات مع طهران «بشكل سري، ليس في الأماكن المعتادة التي استضافت محادثات شبيهة».

ورأى أن أي اتفاق قد يتم التوصل إليه الآن بين واشنطن وطهران «لن يكون أفضل من الاتفاق الذي عُرض على إيران قبل عامين ورفضته»، مشيراً إلى أن «إيران حالياً في وضع أضعف مما كانت عليه في السابق».