كيف يمكن أن ترد إسرائيل على الهجوم الإيراني؟

إطلاق سابق لصواريخ دفاع جوي من نظام القبة الحديدية الإسرائيلي (أرشيفية- د.ب.أ)
إطلاق سابق لصواريخ دفاع جوي من نظام القبة الحديدية الإسرائيلي (أرشيفية- د.ب.أ)
TT

كيف يمكن أن ترد إسرائيل على الهجوم الإيراني؟

إطلاق سابق لصواريخ دفاع جوي من نظام القبة الحديدية الإسرائيلي (أرشيفية- د.ب.أ)
إطلاق سابق لصواريخ دفاع جوي من نظام القبة الحديدية الإسرائيلي (أرشيفية- د.ب.أ)

أطلقت إيران طائرات مُسيَّرة متفجرة وصواريخ على إسرائيل، في وقت متأخر من مساء أمس (السبت)، في أول هجوم مباشر تشنه على إسرائيل.

وجاء الهجوم رداً على ضربة يشتبه بأنها إسرائيلية، استهدفت القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية، في الأول من أبريل (نيسان)، وأسفرت عن مقتل سبعة من «الحرس الثوري».

وحذَّرت إيران اليوم (الأحد) إسرائيل من أنها ستتعرض لهجمات أكبر إذا ردت على الهجوم الذي شنته خلال الليل، مضيفة أن القواعد الأميركية ستُستهدف أيضاً إذا دعمت واشنطن أي عمل عسكري إسرائيلي ضد إيران.

فكيف يمكن أن ترد إسرائيل على الهجوم الإيراني؟

ذكر تقرير نشرته صحيفة «التلغراف» البريطانية، أن تحركات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التالية ستتوقف قبل كل شيء على مدى الضرر الذي أحدثه هجوم ليلة السبت، وعلى مدى أهمية المواقع التي استهدفتها إيران.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، في بيان «إحباط» الهجوم، مؤكداً اعتراض «99 في المائة» من الطائرات المُسيَّرة والصواريخ التي أُطلقت، بمساعدة حلفاء تتقدمهم الولايات المتحدة، ومشيراً إلى وقوع أضرار «طفيفة» في قاعدة نوفاطيم العسكرية، من دون أن تؤدي إلى تعطيل عملها.

ولفت تقرير «التلغراف» إلى أن ضرب عدد قليل من الأهداف العسكرية ربما سمح لإيران بالشعور بأنها «حققت هدفها في إخافة إسرائيل، دون إغراق المنطقة بأكملها في الحرب».

وقد تكون مثل هذه النتيجة ضمن السيناريوهات التي توقع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حدوثها، كنتيجة لشن الهجوم على القنصلية في دمشق، قبل أن يوافق عليه، ومن ثم فإنه قد لا يفكر في أي رد عليها.

وقالت البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة، في بيان لها، إنه يمكن بعد الضربة على إسرائيل «اعتبار الأمر منتهياً».

رد قوي

ومن جانب آخر، هناك توقعات بأن إسرائيل قد تقوم بالرد على الهجوم الإيراني.

ونقلت القناة «12» التلفزيونية الإسرائيلية، عن مسؤول إسرائيلي كبير لم تذكر اسمه، أن إسرائيل تعتزم توجيه «رد قوي» على «الهجمات الإيرانية غير المسبوقة».

وتوقع تقرير «التلغراف» أن نتنياهو قد يطلق رداً مماثلاً، تنفذ فيه إسرائيل غارات جوية على أهداف في إيران، على غرار تلك التي تم استهدافها في الهجوم الأخير، مثل القواعد العسكرية أو المباني الحكومية.

ومن الخيارات الواضحة الأخرى للانتقام الإسرائيلي، شن ضربات جوية على مقرات «الحرس الثوري» الإيراني أو قواعده.

ويقول بعض المحللين إن هذه الجولة من الهجمات المتبادلة قد تستمر بضعة أيام أو أسابيع. وفي مرحلة ما، قد يوقف الجانبان الهجمات، مع شعور كل منهما بأنه قد اتخذ الموقف المناسب.

ولكن إذا تصاعدت الأمور، فسوف يظل هناك احتمال لاندلاع حرب واسعة النطاق بين إيران وإسرائيل، وفقاً للمحللين.

وقد تستغل إسرائيل الهجوم الأخير لتدمير برنامج الأسلحة النووية الإيراني الذي تعمل منذ سنوات على تفكيكه، عبر ضربات سرية.

هل تريد إيران حقاً أن تخوض حرباً مع إسرائيل؟

هناك بضعة أسباب للشك في هذا الأمر.

ويقول الخبراء إن إيران لن تكون مستعدة عسكرياً للحرب، كما أنها تخضع بالفعل لعقوبات غربية معوقة. هناك أيضاً معارضة داخلية هائلة للنظام الإيراني، كما ظهر في حركة الاحتجاج الهائلة عام 2022.

لكن هذا الهجوم انطلق مباشرة من الأراضي الإيرانية، وهذا لا يتناسب مع نمط سلوك طهران السابق؛ حيث شنت هجمات سرية على إسرائيل، أو اعتمدت على وكلاء إقليميين لتنفيذ أوامرها.

وهذا يعني أن إسرائيل والغرب أصبحا الآن في منطقة مجهولة وخطيرة، وفقاً للمحللين.


مقالات ذات صلة

«وضع كارثي»... شبح المجاعة يخيم على شمال غزة

المشرق العربي احتمال حدوث المجاعة وشيك وكبير بسبب التدهور السريع للوضع في قطاع غزة (أ.ف.ب)

«وضع كارثي»... شبح المجاعة يخيم على شمال غزة

حذر تقرير أُعد بدعم من الأمم المتحدة، اليوم (السبت)، من أن شبح المجاعة يخيم على مناطق شمال قطاع غزة وسط تصاعد القصف والمعارك وتوقف المساعدات الغذائية تقريباً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي رجل فلسطيني يحمل طفلة مصابة من منزل أُصيب في غارة إسرائيلية على مخيم للاجئين في شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

14 قتيلاً بغارتين إسرائيليتين على مدرسة وخيام نازحين في غزة

أعلن الدفاع المدني في غزة، اليوم (السبت)، مقتل 14 فلسطينياً على الأقل، بينهم نساء وأطفال، في غارتين إسرائيليَّتين استهدفتا مدرسةً وخياماً تؤوي نازحين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ف.ب) play-circle 00:20

عراقجي: إسرائيل تهدد أمن العالم كله وليس المنطقة فقط

حذر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من أنه إذا توسعت الحرب الإسرائيلية فإن آثارها لن تقتصر على المنطقة وحدها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي إصابة عسكريين سوريين في غارات إسرائيلية على محيط حلب

إصابة عسكريين سوريين في غارات إسرائيلية على محيط حلب

استهدفت غارات إسرائيلية محيط مدينة السفيرة بريف حلب، حسبما وكالة الأنباء السورية (سانا)، التي أشارت إلى «معلومات أولية عن عدوان إسرائيلي» على محيط المدينة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (إ.ب.أ)

السوداني وترمب يتفقان على التنسيق لإنهاء الحروب في المنطقة

أجرى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الجمعة، محادثات هاتفية مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، واتفقا على التنسيق لإنهاء الحروب في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

«حادث دبلوماسي» يفاقم توتر العلاقات بين تل أبيب وباريس

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو متوسطاً وزير الداخلية الفلسطيني زياد الريح ومحافظة رام الله ليلى غنام خلال زيارة لحي في رام الله هاجمه مستوطنون إسرائيليون وأضرموا فيه النار يوم 7 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو متوسطاً وزير الداخلية الفلسطيني زياد الريح ومحافظة رام الله ليلى غنام خلال زيارة لحي في رام الله هاجمه مستوطنون إسرائيليون وأضرموا فيه النار يوم 7 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

«حادث دبلوماسي» يفاقم توتر العلاقات بين تل أبيب وباريس

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو متوسطاً وزير الداخلية الفلسطيني زياد الريح ومحافظة رام الله ليلى غنام خلال زيارة لحي في رام الله هاجمه مستوطنون إسرائيليون وأضرموا فيه النار يوم 7 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو متوسطاً وزير الداخلية الفلسطيني زياد الريح ومحافظة رام الله ليلى غنام خلال زيارة لحي في رام الله هاجمه مستوطنون إسرائيليون وأضرموا فيه النار يوم 7 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

تسبّبت الشرطة الإسرائيلية في مدينة القدس بـ«إشكال» دبلوماسي بين باريس وتل أبيب، وهو أمر يمكن أن يفاقم العلاقات المتوترة أصلاً بين الطرفين.

وهذه ليست المرة الأولى التي تتصرف فيها الشرطة الإسرائيلية بطريقة غير لائقة، بحسب رأي الفرنسيين الذين يعتقدون أن هناك رغبة في تقليص نفوذهم في المدينة المقدسة من خلال التضييق على المسؤولين الفرنسيين خلال زياراتهم لها. وما زالت حاضرة في الأذهان قضية غضب الرئيس الأسبق جاك شيراك في عام 1996 لدى زيارته القدس عندما تبين له أن مرافقيه من الأمن الإسرائيلي يسعون لمنع تواصله مع الفلسطينيين في المدينة، فصرخ بوجه المسؤول عنهم: «هل تريدني أن أذهب إلى المطار وأستقل طائرتي للعودة إلى بلدي؟».

والأمر نفسه حصل مع الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون في عام 2020 عندما كان في زيارة رسمية لإسرائيل والأراضي المحتلة، إذ عمدت الشرطة الإسرائيلية إلى إعاقة دخوله إلى كنيسة القديسة حنة القائمة في المدينة القديمة، التي هي ملك للدولة الفرنسية منذ أكثر من 150 عاماً. وما كان لماكرون إلا أن توجه إلى المسؤول الأمني بقوله: «لا يعجبني ما فعلته أمامي، من فضلك، ارحل من هنا»، ما دفع الشرطة إلى إخلاء المكان.

الوزير بارو لدى لقائه يسرائيل كاتس وزير الدفاع الإسرائيلي الحالي (وهو وزير الخارجية السابق) (أ.ف.ب)

وما حصل الخميس لا يختلف كثيراً عن هذا السيناريو. فوزير خارجية فرنسا كان في زيارة رسمية لإسرائيل للمرة الثانية خلال شهر واحد، وغايته - كما قال - الدفع باتجاه وقف الحرب، سواء في غزة أو بين إسرائيل و«حزب الله». ولأن فرنسا تمتلك 4 مواقع دينية في القدس، ولأنها، منذ عقود، تعد رسمياً برعايتها، وتتولى الاعتناء بها عن طريق قنصليتها في القدس، فقد أراد الوزير جان نويل بارو زيارة أحدها، وهو المجمع المسمى «أليونا» الذي يضم ديراً وكنيسة «باتر نوستر» القائمة على «جبل الزيتون» المشرف على المدنية القديمة.

حصل «الإشكال» عندما سعى أفراد من الشرطة الإسرائيلية إلى الدخول إلى الكنيسة بسلاحهم ومن غير إذن من السلطات الفرنسية، ممثلة بقنصليتها في القدس. وحصل تلاسن بين هؤلاء وبين عنصرين من الدرك الفرنسي تابعين للقنصلية، ويتمتعان بالحصانة الدبلوماسية، لأنهما سعيا إلى منع الإسرائيليين من الدخول إلى حرم الكنيسة. وما كان من الشرطة، وفق ما أظهرته مقاطع فيديو، إلا أن دفعت أحد العنصرين أرضاً والانبطاح فوقه وتكبيل يديه وسوقه إلى سيارة تابعة لها ونقلته مع زميله إلى أحد المخافر. ولم يفرج عن الاثنين إلا بعد تدخل الوزير بارو مباشرة لدى السلطات. وبسبب هذا الحادث، الذي لم تعره إسرائيل أي اهتمام، نافية عنها أي تهمة أو تقصير، فقد ألغى بارو زيارة المجمع، واتهم الشرطة الإسرائيلية بأنها وصلت حاملة سلاحها ومن غير إذن، معتبراً أن ما حصل «أمر لا يمكن القبول به». واستطرد قائلاً: «من المرجح أن يتسبب هذا الاعتداء على سلامة مكان تحت إشراف فرنسا، في إضعاف الروابط التي جئت في الواقع لتنميتها مع إسرائيل، في وقت نحتاج فيه جميعاً إلى إحراز تقدم في المنطقة على طريق السلام».

من جانبها، أصدرت الخارجية الفرنسية بياناً، اعتبرت فيه أن «تصرفات (الشرطة الإسرائيلية) غير مقبولة»، وأن فرنسا «تدينها بشدة، خصوصاً أنها تأتي في وقت تبذل فيه (باريس) كل ما في وسعها للعمل على تهدئة العنف في المنطقة». وأوضح البيان أنه «سيتم استدعاء السفير الإسرائيلي في فرنسا إلى الوزارة في الأيام القليلة المقبلة»، ولكن من غير تحديد يوم بعينه.

رجال شرطة إسرائيليون يعتدون الخميس على عنصر أمني فرنسي عند مدخل مجمع «إليونا» الديني في القدس (أ.ف.ب)

النقمة الفرنسية إزاء الإهانة التي لحقت بباريس من دولة تعتبرها حليفة وصديقة لها، واجهتها إسرائيل بنفي أي مسؤولية عن شرطتها، وبالتأكيد على أن تنسيقاً مسبقاً حول الزيارة تم بين الطرفين. الأمر الذي نقضته المصادر الفرنسية. وإذا صحت الرواية الفرنسية، فإن عدة أسئلة تطرح نفسها حول الأغراض التي دفعت تل أبيب لافتعال «حادث دبلوماسي» جديد مع فرنسا.

وليس سراً أن علاقات البلدين تجتاز مرحلة من الفتور، بل التباعد، بعد السجال الذي حصل بين الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد دعوة الأول إلى وقف تصدير السلاح إلى إسرائيل كوسيلة وحيدة لوقف الحرب، أو طلب الحكومة الفرنسية استبعاد الشركات الإسرائيلية من معرضين عسكريين في فرنسا، في يونيو (حزيران) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضي، واتهام ماكرون الجيش الإسرائيلي مداورة بارتكاب «مجازر» في غزة، أو تذكير نتنياهو بأن إسرائيل قامت بفضل قرار من الأمم المتحدة، وبالتالي عليه ألا ينسى دور المنظمة الدولية التي يرفض الانصياع لقراراتها.

ويأخذ ماكرون على نتنياهو طريقة تعامله مع المبادرة الفرنسية - الأميركية لوقف الحرب، التي قبلها رئيس الوزراء الإسرائيلي ثم انقلب عليها.

ورجّح مصدر سياسي فرنسي أن تكون إسرائيل بصدد «توجيه رسالة مزدوجة» إلى باريس: أولاً، التأكيد على سيادتها التامة على القدس، وعلى ما تشتمله، بما في ذلك الأماكن العائدة لفرنسا والمستفيدة من حمايتها. وثانياً، إفهامها أنها لا تحتاج إليها، بل إنها تعتبرها عائقاً دون تحقيق أهدافها السياسية والعسكرية من الحرب المزدوجة (لبنان وغزة). والملفت أن ماكرون سعى لإصلاح ذات البين بينه وبين نتنياهو، وداوم على الاتصال به والإعلان عن تمسكه بأمن إسرائيل وبحقّها في الدفاع عن النفس. لكن محاولات الرئيس الفرنسي تظل، كما يبدو، دون نتيجة حتى اليوم.