قد تكون الممثلة ورد الخال من بين الفنانين القلة الذين يحظون بمحبة غالبية اللبنانيين، ويعدّونها وجهاً قريباً إلى قلوبهم، ونموذجاً للمرأة اللبنانية الأنيقة بحوارها وإطلالتها وتمثيلها.
أخيراً، خاضت ورد الخال تجربة التقديم في «مهرجان الزمن الجميل». وقفت على المسرح تشارك في إحياء واحدة من الحفلات الفنية التي يترقبها كثر. تحدثت بنبرتها المتزنة، وقدّمت ضيوفها من الجيل الذهبي. صبرت وحافظت على هدوئها خلال مواقف تقول إنها جرحتها، فأكملت مهمتها على المستوى المطلوب، لا سيما أن المكرّمين هم من عمالقة الفن الجميل، ويتملّكها انبهار الأطفال تجاه بعضهم، ممن كانت تسمع بهم ولم تتعرف إليهم من قبل. وتقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «عشت حالة تأثر كبيرة وأنا أراقب ضيوف الحفل يتوالون على المسرح. وفي الكواليس كنت أستمتع بسماع أصوات أصيلة، فيما اليوم أصوات النشاز تسود. فهؤلاء يمثلون جيلاً تعب واجتهد ولم يستسهل الأمر أو يسخّفه».
وخلال تكريم الراحل فادي إبراهيم، لم تستطع كبت دموعها فبكت تأثراً.
تصف ورد الفنانين المكرمين بأنهم كانوا متعبين ولكنهم فرحون بهذه المبادرة تجاههم. «كنت أراهم وأتخيل نفسي بعمرهم في الوقت نفسه. ولكن فكرة القائم بهذا الحفل ومنظمه دكتور هراتش ساغبزاريان تشعرنا بالفخر. فهو يطمئنهم لأنه يعرف كيفية تقدير مشوارهم. هذه الشعلة التي رفعها دكتور هراتش من الضروري أن تستمر وتبقى. إنها بلسم لجراح فنانين كثيرين».
تؤكد الخال، أنها شعرت أحياناً بالغصة لرؤيتها فنانين تقدموا بالسن وصاروا بالكاد يستطيعون السير على أقدامهم. «عشت لحظات انفعال كبيرة، حاولت السيطرة على مشاعري. فكانوا يحملون مشوارهم وإنجازاتهم وبالوقت نفسه غدر الزمن بهم. ولكن ما كان يواسيني هو رؤية الفرحة على وجوههم».
شهد الحفل تكريمات لفنانين مصريين وسوريين ولبنانيين. ومن بين هؤلاء الممثل صلاح تيزاني الذي تعثّر وهو يعتلي المسرح، فصفق له الحضور احتراماً. كذلك تم تكريم الإعلامية المخضرمة يولا سليمان. فحصل بينها وبين ورد الخال نوع من الصدام الصامت، إثر تجاوزها الوقت المحدد للتكلم على المسرح. وتخبرنا الخال: «لطالما كنت أتابع هذا النوع من الحفلات وأشاهد أشخاصاً يطيلون الحديث إثر تكريمهم ويضطر المقدم إلى مقاطعتهم. حاولت أن أنبهها إلى ذلك لنحو ثلاث مرات، ولكنها لم تكترث للأمر وواصلت الكلام. حصل هرج ومرج وخسرت سليمان فرصة إيصال رسالتها. كنت أتمنى لو أنها تفاعلت معي ولم تتجاهلني. لقد احترمتها وقدّرت معاناتها بكل تهذيب. وكان من الأجدى أن ترد علي باحترام بدل أن ترميني بنظرات جانبية. فإعلامية بمستواها وقدرها من المفروض أن تتمتع باللياقة. ولا أنكر أني (زعلت منها) ولكنني لم أظهر ذلك».
تنتقد ورد الخال عالم السوشيال ميديا: «لا يشبه الناس الذين نلتقيهم على الطرقات. هو عالم افتراضي غير حقيقي ومهما بلغت شهرة أحد الـ(تيكتوكرز) فهناك أعداد من الناس لا تعرفهم. وبرأيي أنها تجارة رائجة، ويبيعوننا سلعاً لا معنى لها. فنحن اليوم نعيش زمن الربح السريع والغاية تبرر الوسيلة. أشعر بالأسف لأجيال شابة متأثرة بهم. فما نخوضه اليوم عبر هذا العالم بعيد كل البعد عن الرقي».
تقول إن أحلى ثناء تتلقاه هو عندما يؤكد لها أحدهم أنها أمام الكاميرا وخلفها تبقى هي نفسها وحقيقية. «لا أحب الغش والتزييف، ومرتاحة مع نفسي. فإذا قمت بغير ذلك أتعب. لا أكذب بتاتاً، كوني لست مضطرة لذلك. بعضهم قد يكّون أفكاراً مغلوطة عني بسبب أدوار ألعبها، لكنهم عندما يتعرفون إلي عن قرب يدركون العكس. فكوني ممثلة علي التنويع في أدواري».
يبلغ مشوار ورد الخال في عالم التمثيل نحو 30 عاماً، ولا تزال حتى اليوم تستقطب شرائح اللبنانيين من أعمار مختلفة. فهي تتمتع بأسلوب تمثيلي محترف بحيث تستطيع إقناع المشاهد تلقائياً، بالشخصية التي تلعبها. وتعلّق: «منذ 30 عاماً أحاول بناء اسمي على قواعد وركائز متينة. فمجالنا صعب، ولذلك كنت منذ بداياتي منضبطة، وأمشي نحو هدفي بخطوات واثقة».
سبق وخاضت ورد الخال تجربة تقديم مشابهة. «يومها قدمت حفل (مس إيليت) في ثنائية مع المنتج غازي فغالي. ولكن هذه المرة تختلف كثيراً عن الأولى، لا سيما أنها تحمل المحتوى الغني والهدف السامي. وهنا لا بد من توجيه تحية لمنتج الحدث رالف معتوق. فهو الجندي المجهول الذي يقف وراء أعمال تلفزيونية وفنية ناجحة جداً».
عشت حالة تأثر كبيرة بتكريم فادي إبراهيم... والدراما المحلية ما عادت موجودة!
من ناحية ثانية، تقلل ورد الخال من إطلالاتها الدرامية. وكان أحدثها مشاركتها في مسلسل «للموت 3» بشخصية كرمى التي لاقت نجاحاً كبيراً. فهل هناك أيضاً من يحاول إزاحة ممثلين أكفاء عن الواجهة والاستعاضة عنهم بما يشبه زمن السوشيال ميديا؟ ترد: «أكيد هناك من يرغب بذلك ويطبّقه على أرض الواقع. ولكننا نعاني أيضاً من شحّ في الأعمال الدرامية. ومع الأسف صار يمكننا القول إن الدراما المحلية ما عادت موجودة. فالوضع غير سليم بتاتاً، وغير مقبول. في المقابل يخسر التلفزيون مكانته يوماً بعد يوم، إذ تحول الناس إلى المنصات الإلكترونية. وهناك ممثلون انتظروا الدور المناسب والكاتب البارع كي تبرز مهاراتهم. كنا على مستوى هذا التحدي، ولكن التحدي بحد ذاته لم يكن جاهزاً لملاقاتنا». وتكمل ورد الخال حديثها معتبرة أن الوقت يمر وأن ممثلين شباباً ومحترفين لا يزالون مهمشين لأسباب معروفة. وتختم: «هذا المجال بات يشبه النظام السياسي بحيث يعمل ضد الشعب ورغباته».