رندة كعدي لـ«الشرق الأوسط»: بكيت في «نظرة حب» كما عندما فقدت والدتي

برأيها أن الطبخة الدرامية يجب أن تكون متجانسة كي تنجح

ترى أن التجانس في المطبخ الدرامي ضروري (رندة كعدي)
ترى أن التجانس في المطبخ الدرامي ضروري (رندة كعدي)
TT

رندة كعدي لـ«الشرق الأوسط»: بكيت في «نظرة حب» كما عندما فقدت والدتي

ترى أن التجانس في المطبخ الدرامي ضروري (رندة كعدي)
ترى أن التجانس في المطبخ الدرامي ضروري (رندة كعدي)

لا يمكن أن تمرّ الممثلة رندة كعدي في أي دور تتقمصه مرور الكرام، وحتى لو كان العمل يحمل بعض الثغرات، فباستطاعتها أن ترممه بحضورها الطاغي.

وفي موسم رمضان الحالي تطل كعدي في مسلسل «نظرة حب». وهو من كتابة السوري رافي وهبي، وإخراج المصري حسام علي. ويلعب بطولته كل من كارمن بصيبص وباسل خياط، وتشارك فيه مجموعة من الممثلين السوريين واللبنانيين. وهو من إنتاج الشركة السورية «إيبلا الدولية للإنتاج التلفزيوني والسينمائي».

حمل المسلسل آمالاً كبيرة للمشاهد في موسم رمضان. فبطلاه يشكلان ثنائياً، يطلّ لأول مرة. كما أن تأليفه يعود إلى وهبي، المشهور بقلمه الجذاب. ولكن العمل لم يشهد النجاح المتوقع له بسبب ثغرات عدة تشوبه.

ولكن مشاركة رندة كعدي، كانت بمثابة العنصر الفني اللافت. فهي لأول مرة تجسّد شخصية الراوية. فكانت بمثابة عرّافة إغريقية تدرك طبيعة الأحداث ونهاياتها قبل حصولها. الدور يقتصر على أداء كعدي، وينحصر بنبرة صوتها وبنظرات عينيها. وعلى الرغم من ذلك فإنها عرفت كيف تشدّ المشاهد بهذه الشخصية الغريبة. فعادة ما تقدم كعدي دور الأم التي يتفاعل معها مشاهدها لاشعورياً. وبأدوار الشر أو الخير حجزت كعدي مكانة لا يستهان بها في الدراما العربية.

تجسد في {نظرة حب} دور الراوية على طريقة العرافة الإغريقية (رندة كعدي)

أما في مسلسل «نظرة حب» فدورها كان سوريالياً، يرتكز على كثير من الخيال. فحضور الراوي في أحداث الدراما المعاصرة لم يعد بالأمر المعتاد. وأنْ تجسّد دوراً يتطلب منها التمثيل بلغة الصوت والعينين فقط، فهو أمر غير متوقع.

تقول كعدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن دور «أم بحر» كان من أصعب ما قدمته في مشوارها الدرامي. وهو ما اضطرها للعودة إلى مخزونها الأكاديمي كي تستطيع إحداث الفرق. وتقول: «الدور جديد بحد ذاته، سبق وقمت بما يشبهه في أثناء دراستي الجامعية. والشخصية تعود لمجرد راوية تقصّ علينا الحدوتة. ولكنني حاولت أخذه إلى مكان آخر كي يحمل أبعاداً أخرى، فزودته بنظرة مختلفة، لا سيما أن (أم بحر) لا تستطيع الحركة، وفي حالة جمود دائمة. فجميع أعضائها الجسدية معطلة إلا حاسة البصر. ولذلك توجّب عليّ الركون إلى تقنيات درستها في الجامعة».

بالنسبة لكعدي فإن أسهل خطوط التمثيل هي تلك التي ترتكز على الفعل ورد الفعل. ولكن هذا الأمر كان غائباً عند «أم بحر»، إذ لا تستطيع التعبير ولا التفاعل. فعملت على نبرة صوت عميقة تشبه أعماق البحر. وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «تحدّيت نفسي بهذا الدور ولكنه انقلب علي تعباً وجهداً كبيرَين. فكنت أبكي كما الأطفال من شدة الإرهاق. حتى إني لا أبالغ إذا قلت إنني ذرفت كمية الدموع نفسها، التي بكيتها عند رحيل والدتي. فالأمر كان صعباً جداً، إذ كنت أحفظ الحكايات التي عليّ تلاوتها من دون أن أفهم معناها الحقيقي. فلا حوارات أتفاعل معها، ولا حتى مونولوغ يحيي أحاسيسي. فكان عليّ بذل كثير كي أوصل ما أقوله للمشاهد».

برأيها دور {أم بحر} كان من أصعب ما قدمته في مشوارها الدرامي (رندة كعدي)

وبالفعل تمكّنت كعدي من ترك الأثر الكبير عند مُشاهدها. واستطاعت أن تجذب انتباهه ليفكك ألغازاً تحكيها. فلم يكن مجرد شاهد صامت على قصص تتلوها. وراح يصغي إليها باهتمام كي يستطيع توضيح الفكرة في رأسه. فمن قصصها يستطيع أن يخمّن أحداثاً أساسية ومستقبلية للعمل. وهو بالفعل ما اكتشفه مع مرور حلقاته. وتشير كعدي إلى أنها لو استرجعت ذكريات مشوارها، فهي لن تجد دوراً صعباً كالذي قدمته في «نظرة حب».

أما ما زوّدها بالقوة لإكمال الدور، فكان كما تذكر لـ«الشرق الأوسط» استحضارها الطاقة التي يجب أن تبديها للسيطرة على الآخر. فأم بحر امرأة متسلطة وقاسية، لا تفرج عن مشاعرها إلا تجاه ابنها بحر (باسل خياط). كما أن عمق نبرة الصوت ولّدت عندها هذا التماهي مع الشخصية التي تجسدها. واستعارت من هذه التفاصيل التي تؤلف الشخصية صلابتها. «لقد شعرتُ وكأني أقدم عملاً مسرحياً. وتحديتُ نفسي ولكن الأمر آلمني وأبكاني. وكان هدفي إقناع المشاهد وجذبه إليّ. وهو ما كان يتطلب أجواءً خاصة ووجوهاً معبرة غير فارغة حولي، كي أتمكّن من إخراج ما في داخلي».

اشتهرت بدور الأم فحصدت شهرة عربية واسعة (رندة كعدي)

اعتقد البعض ممّن يتابع «نظرة حب» بأنّ رندة كعدي تقرأ ما تتلوه على شاشة ثابتة. ولكنها تدافع: «هذا الأمر غير صحيح بتاتاً، وكان الاتفاق أن أسجّل صوتي في الاستوديو في ظرف ثلاثة أيام. ولكن الواقع جاء مغايراً لأنه تطلب مني حفظ نصوص كثيرة. وقد خضعت بعض مشاهدي إلى مونتاج. ولم يبقَ سوى قليل من التي رويتها. وآمل أن أكون قد أقنعت المشاهد فيها».

المعروف عن رندة كعدي رفضها الانسياق في أعمال درامية تجارية لا تطبعها رسائل معينة. وفي ظل غياب نصوص ترضيها قبلت التحدي ودخلت تجربة «نظرة حب».

نحتاج لكتّاب دراما يمدوننا بالإبداع والإحساس المرهف

وفي موسم رمضان تتابع كعدي مسلسل «ع أمل». وتصفه بـ«المتكامل، الذي يمكن أن يشدّ المُشاهد بحبكة جيدة». وقد يكون الوحيد، كما تقول، بين الأعمال المعروضة في موسم رمضان يدور تصويره بإضاءة متوازنة. «غالبية الأعمال الحالية تحمل العتمة والمشاهد القاتمة. وعندما سألت المخرج سيف سبيعي في إحدى المرات عن سبب هذه الظاهرة، أوضح لي أنها نابعة من مدرسة الواقع، فهي تنقله كما هو. ولكن برأيي أن اللعبة الدرامية ترتكز على جمالية المشهد والأسلوب. هناك ما يمكن أن نسميه واقعاً، وآخر يمكن أن يندرج على لائحة النقل عن الواقع. ولا يتطلب منا الواقع أن نطفئ الأضواء ونمثل في العتمة. فالأمر ينعكس سلباً على المُشاهد الهارب من عتمة أيامه».

وبالعودة إلى «ع أمل»، فهي تستمتع بمشاهدة ممثلين لبنانيين فيه من الطراز الرفيع. «يكفي أداء كارول عبود التي أتمنى أن أقدم معها يوماً ما عملاً درامياً خاصاً بنا. وكذلك يشارك فيه بديع أبو شقرا، والرائع عمار شلق. جميعهم ألفوا خلطة لبنانية جميلة لا يمكن تفويتها». ولا يمكن أن أنسى قلم كاتبته نادين جابر الشيق والمحبك بتأنٍ.

أستمتع في «ع أمل» بمشاهدة ممثلين من الطراز الرفيع

وفي موضوع كتّاب السيناريو، تفتقر رندة كعدي لنصوص كارين رزق الله وكلوديا مرشيليان وطارق سويد. «إنهم كتّاب دراما نحتاجهم ليمدونا بالإبداع والإحساس المرهف. فلا بأس أن نخرج قليلاً من واقع موجع ونجبله بجرعات من الخيال. هذا يسرقنا من ألمنا، وهو الدور البديهي للدراما، فنهرب معها إلى عالم آخر يريحنا بدل أن يزيد من أوجاعنا. الرحابنة كانوا يستوحون من واقعنا ويضعونه في قالب جميل وخيالي، فيزرعون الأمل في نفوسنا رغم بؤس نعيشه. الدراما هي المتنفس الوحيد عندنا اليوم».

وتختم كعدي متحدثة عن المطبخ الدرامي بوصفه أساساً يجب الالتزام بتنسيق مكوناته كي ينجح: «إذا كان هذا المطبخ لا يعمل فيه أشخاص متجانسون لا بد أن يفشل. فلماذا نستمتع بمشاهدة عمل مصري أو لبناني أو سوري بحت؟ فهذا التجانس يرخي بظلاله على العمل، وإلا يصبح مجرد خلطة درامية غير مقنعة، لا طعم لها ولا لون».


مقالات ذات صلة

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق زكي من أبرز نجوم السينما المصرية (أرشيفية)

مصر: تجدد الجدل بشأن مقتنيات أحمد زكي

تجدد الجدل بشأن مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، بعد تصريحات منسوبة لمنى عطية الأخت غير الشقيقة لـ«النمر الأسود».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تجسّد شخصية «دونا» في «العميل» (دانا الحلبي)

دانا الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: لو طلب مني مشهد واحد مع أيمن زيدان لوافقت

تُعدّ تعاونها إلى جانب أيمن زيدان إضافة كبيرة إلى مشوارها الفني، وتقول إنه قامة فنية كبيرة، استفدت كثيراً من خبراته. هو شخص متعاون مع زملائه يدعم من يقف أمامه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق آسر ياسين وركين سعد في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«نتفليكس» تطلق مسلسل «موعد مع الماضي» في «القاهرة السينمائي»

رحلة غوص يقوم بها بعض أبطال المسلسل المصري «موعد مع الماضي» تتعرض فيها «نادية» التي تقوم بدورها هدى المفتي للغرق، بشكل غامض.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

بشرى لـ«الشرق الأوسط»: الغناء التجاري لا يناسبني

الفنانة بشرى مع زوجها (حسابها على {فيسبوك})
الفنانة بشرى مع زوجها (حسابها على {فيسبوك})
TT

بشرى لـ«الشرق الأوسط»: الغناء التجاري لا يناسبني

الفنانة بشرى مع زوجها (حسابها على {فيسبوك})
الفنانة بشرى مع زوجها (حسابها على {فيسبوك})

وصفت الفنانة المصرية بشرى الأغاني الرائجة حالياً بأنها «تجارية»، وقالت إن هذا النوع لا يناسبها، وأرجعت غيابها عن تقديم أغنيات جديدة لـ«صعوبة إيجادها الكلمات التي تشعر بأنها تعبر عنها وتتشابه مع نوعية الأغنيات التي ترغب في تقديمها لتعيش مع الجمهور».

وقالت بشرى في حوار مع «الشرق الأوسط» إن «كثيراً من الأغنيات التي نجحت في الفترة الأخيرة تنتمي لأغاني (المهرجانات)، وهي من الأشكال الغنائية التي أحبها، لكنها ليست مناسبة لي»، معربة عن أملها في تقديم ثنائيات غنائية على غرار ما قدمته مع محمود العسيلي في أغنيتهما «تبات ونبات».

وأكدت أن «الأغاني الرائجة في الوقت الحالي والأكثر إنتاجاً تنتمي للون التجاري بشكل أكثر، في حين أنني أسعى لتقديم شكل مختلف بأفكار جديدة، حتى لو استلزم الأمر الغياب لبعض الوقت، فلدي العديد من الأمور الأخرى التي أعمل على تنفيذها».

وأرجعت بشرى عدم قيامها بإحياء حفلات غنائية بشكل شبه منتظم لعدة أسباب، من بينها «الشللية» التي تسيطر على الكثير من الأمور داخل الوسط الفني، وفق قولها، وأضافت: «في الوقت الذي أفضل العمل بشكل مستمر من دون تركيز فيما يقال، فهناك من يشعرون بالضيق من وجودي باستمرار، لكنني لا أعطيهم أي قيمة». وأضافت: «قمت في وقت سابق بالغناء في حفل خلال عرض أزياء في دبي، ولاقى رد فعل إيجابياً من الجمهور، ولن أتردد في تكرار هذا الأمر حال توافر الظروف المناسبة». وحول لقب «صوت مصر»، أكدت بشرى عدم اكتراثها بهذه الألقاب، مع احترامها لحرية الجمهور في إطلاق اللقب على من يراه مناسباً من الفنانات، مع إدراك اختلاف الأذواق الفنية.

وأضافت: «أحب عمرو دياب وتامر حسني بشكل متساوٍ، لكن عمرو دياب فنان له تاريخ مستمر على مدى أكثر من 30 عاماً، وبالتالي من الطبيعي أن يمنحه الجمهور لقب (الهضبة)، في حين أن بعض الألقاب تطلق من خلال مواقع التواصل، وفي أوقات أخرى يكون الأمر من فريق التسويق الخاص بالمطرب».

بشرى لم تخفِ عدم تفضيلها الحديث حول حياتها الشخصية في وسائل الإعلام، وترى أن إسهاماتها في الحياة العامة أهم بكثير بالنسبة لها من الحديث عن حياتها الشخصية، وتوضح: «كفنانة بدأت بتقديم أعمال مختلفة في التمثيل والغناء، وعرفني الجمهور بفني، وبالتالي حياتي الشخصية لا يجب أن تكون محور الحديث عني، فلست من المدونين (البلوغر) الذين عرفهم الجمهور من حياتهم الشخصية».

وتابعت: «قررت التفرغ منذ شهور من أي مناصب شغلتها مع شركات أو جهات لتكون لدي حرية العمل بما أريد»، لافتة إلى أنها تحرص على دعم المهرجانات الفنية الصغيرة والمتوسطة، مستفيدة من خبرتها بالمشاركة في تأسيس مهرجان «الجونة السينمائي»، بالإضافة إلى دعم تقديم أفلام قصيرة وقيامها بتمويل بعضها.

وأوضحت أنها تعمل مع زوجها خالد من خلال شركتهما لتحقيق هذا الهدف، وتتواجد من أجله بالعديد من المهرجانات والفعاليات المختلفة، لافتة إلى أن لديها مشاريع أخرى تعمل عليها، لكنها تخوض معارك كثيرة مع من وصفتهم بـ«مافيا التوزيع».

وعارضت المطربة والممثلة المصرية الدعوات التي يطلقها البعض لإلغاء أو تقليص الفعاليات الفنية؛ على خلفية ما يحدث في المنطقة، مؤكدة أن «المهرجانات الفنية، سواء كانت سينمائية أو غنائية، تحمل إفادة كبيرة، ليس فقط لصناع الفن، ولكن أيضاً للجمهور، وأؤيد التحفظ على بعض المظاهر الاحتفالية؛ الأمر الذي أصبحت جميع المهرجانات تراعيه».

وحول مشاريعها خلال الفترة المقبلة، أكدت بشرى أنها تعمل على برنامج جديد ستنطلق حملته الترويجية قريباً يمزج في طبيعته بين اهتمامها بريادة الأعمال والفن، ويحمل اسم «برا الصندوق»؛ متوقعة عرضه خلال الأسابيع المقبلة مع الانتهاء من جميع التفاصيل الخاصة به.