«الشرق الوثائقية» تكشف خفايا سجن صيدنايا برفقة الناجين

أول فيلم وثائقي من داخل أكبر سجون سوريا وتفاصيل تظهر للمرة الأولى

يتناول الفلم الوثائقي شهادات سجناء تعرّضوا لشتّى أنواع التعذيب (الشرق الأوسط)
يتناول الفلم الوثائقي شهادات سجناء تعرّضوا لشتّى أنواع التعذيب (الشرق الأوسط)
TT
20

«الشرق الوثائقية» تكشف خفايا سجن صيدنايا برفقة الناجين

يتناول الفلم الوثائقي شهادات سجناء تعرّضوا لشتّى أنواع التعذيب (الشرق الأوسط)
يتناول الفلم الوثائقي شهادات سجناء تعرّضوا لشتّى أنواع التعذيب (الشرق الأوسط)

أطلقت «الشرق الوثائقية»: «خلف صيدنايا»، وهو أول فيلم يوثق قصص سجناء صيدنايا بعد سقوط نظام الأسد، ويعيد فتح تلك الأبواب السرية والقاسية.

وعلى امتداد 60 دقيقة، يتناول الوثائقي شهادات سجناء تعرّضوا لشتّى أنواع التعذيب، كما يعرض معاناة أهالي المفقودين في بحثهم المحموم عن أبنائهم أو حتى عن جثامينهم. ويوثق الفيلم التاريخ المؤلم لسجن صيدنايا العسكري، من ثمانينات القرن الماضي وحتى التحرير التاريخي في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024، والإفراج اللاحق عن المعتقلين، كاشفةً عن القصص غير المروية التي ظلَّت مخفية داخل جدران السجن لعقود.

يوثق الفيلم التاريخ المؤلم لسجن صيدنايا العسكري، من ثمانينيات القرن الماضي وحتى التحرير التاريخي (الشرق الأوسط)
يوثق الفيلم التاريخ المؤلم لسجن صيدنايا العسكري، من ثمانينيات القرن الماضي وحتى التحرير التاريخي (الشرق الأوسط)

وقال المحامي السوري، أنور البني، الذي عاش تجربة السجن أكثر من مرة: «الأهوال التي عاشها المعتقلون في سجن صيدنايا تلخّص فلسفة النظام السوري السابق القائمة على تجريد السوريين من إنسانيتهم».

تسلّلت كاميرا «الشرق الوثائقية»، إلى الزنازين وغرف الإعدامات والمكابس البشرية، لترصد المعاناة اليومية لعشرات آلاف المعتقلين، وهناك التقت بمحمد خليل، أحد السجناء الناجين من «صيدنايا»، ليحكي عن فترة اعتقاله. «كانوا يطلبون منا أن نصمت عن جثة أحد زملائنا في الزنزانة. يشترطون وجود جثتين أو 3 جثث حتى نتمكن من المطالبة بإخراجها من المهجع، كثيراً ما كنت أنام هنا بجوار جثة هامدة»، هكذا استذكر محمد التجربة المهولة التي عاشها هناك.

تتلخّص فلسفة النظام السوري السابق القائمة على تجريد السوريين من إنسانيتهم (الشرق الأوسط)
تتلخّص فلسفة النظام السوري السابق القائمة على تجريد السوريين من إنسانيتهم (الشرق الأوسط)

ويتتبع فيلم «خلف صيدنايا»، مصير جثث المعتقلين الذين قضوا تحت التعذيب أو إعداماً، ليصل إلى بعض المقابر الجماعية؛ حيث دفن النظام الجثث فيها على طبقات، فوق بعضها.

كما رصد الفيلم القصة الكاملة للسجين السوري الشهير مازن الحمادة، الذي لاحقه النظام إلى هولندا بعد لجوئه إليها هرباً من مرارة السجن وتجربة التعذيب المضنية، واستدرجه مجدداً إلى دمشق، ليعتقله مرة أخرى في صيدنايا. يروي شقيقه فوزي الحمادة معاناة أسرته وتجربة التعرّف إلى جثة مازن التي كانت مرمية في مستشفى حرستا عقب سقوط الأسد.

وعن وثائقي «خلف صيدنايا»، قال محمد اليوسي، مدير عام قناة «الشرق الوثائقية»: «عبر هذا الفيلم، نفتح نافذة نادرة لاستعراض ما كان يدور في أحد أكثر الأماكن قسوة في العالم»، مشيراً إلى أن هذا الإنتاج الحصري ليس مجرد فيلم وثائقي، بل شهادات إنسانية تسلط الضوء على المعاناة والظلم اللذين عانى منهما ملايين السوريين».

يتتبع فيلم «خلف صيدنايا»، مصير جثث المعتقلين الذين قضوا تحت التعذيب أو إعداماً (الشرق الأوسط)
يتتبع فيلم «خلف صيدنايا»، مصير جثث المعتقلين الذين قضوا تحت التعذيب أو إعداماً (الشرق الأوسط)

يُذكر أن «الشرق الوثائقية» قناة متعددة المنصات تقدّم أفلاماً وثائقية عالية الجودة باللغة العربية مجاناً. وتوفر القناة للمشاهدين في المنطقة وصولاً غير مسبوق لآلاف الساعات من المحتوى المتميِّز والواقعي باللغة العربية، تقدم من خلالها نظرة عميقة لمواضيع عدة تتنوّع بين السياسة والاقتصاد والأعمال والتاريخ والقضايا الراهنة لتكون بمثابة مصدر شامل للمعرفة المتعمقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.


مقالات ذات صلة

عودة 100 ألف لاجئ سوري من تركيا منذ سقوط نظام الأسد

المشرق العربي سوريون ينتظرون عند معبر جيلفي غوزو الحدودي للعبور إلى سوريا بعد سقوط نظام الأسد... الصورة في مدينة ريحانلي في محافظة هاتاي التركية في 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

عودة 100 ألف لاجئ سوري من تركيا منذ سقوط نظام الأسد

أفادت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، اليوم (الاثنين)، بأن أكثر من 100 ألف لاجئ عادوا من تركيا منذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية الرئيس الروسي بوتين يتحدث مع الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني خلال محادثاتهما بعد انتهاء القمة الثالثة لمنتدى الدول المصدرة للغاز في طهران 23 نوفمبر 2015 (أرشيفية - غيتي)

تسريبات إيرانية... كيف أقنع روحاني بوتين بعدم التخلي عن الأسد؟

كشفت مجلة إيرانية تفاصيل أول لقاء بين روحاني وبوتين في 2013 حول مستقبل الأسد حيث ناقشا دعم الأسد مع تلميحات من بوتين حول خطة للطوارئ لفراره.

عادل السالمي (لندن)
المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع خلال إلقائه كلمة عقب «إعلان انتصار الثورة السورية» (الرئاسة السورية) play-circle

الشرع: آلاف المتطوعين انضموا إلى الجيش السوري الجديد

قال الرئيس السوري أحمد الشرع إن آلاف المتطوعين ينضمون إلى الجيش السوري الجديد، عقب إطاحة نظام الرئيس بشار الأسد وحلّ جيشه.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة (رويترز)

وزير الدفاع السوري: محاسبة الأسد أثيرت خلال زيارة بوغدانوف لدمشق

قال أبو قصرة إن الحكومة الجديدة في دمشق تتفاوض أيضا بشأن وضع القواعد العسكرية الأميركية والتركية في سوريا.

العالم العربي لجنة أممية توثّق نهباً منهجياً لممتلكات النازحين السوريين (أ.ف.ب)

لجنة أممية توثّق نهباً «منهجياً» لممتلكات نازحين خلال النزاع السوري

أفادت لجنة تابعة للأمم المتحدة بأنها وثّقت تدميراً ونهباً منهجياً لممتلكات نازحين خلال الحرب السورية، محذّرة من تغيير ديموغرافي بعد نحو شهرين من إطاحة الأسد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

صحافة ألمانيا تنتقد تدخل ماسك في سياستها الداخلية

إيلون ماسك ... أثار ضجة في الإعلام الألماني (أ ب)
إيلون ماسك ... أثار ضجة في الإعلام الألماني (أ ب)
TT
20

صحافة ألمانيا تنتقد تدخل ماسك في سياستها الداخلية

إيلون ماسك ... أثار ضجة في الإعلام الألماني (أ ب)
إيلون ماسك ... أثار ضجة في الإعلام الألماني (أ ب)

لم تتردّد الصحافة الألمانية في انتقاد تدخل الملياردير إيلون ماسك، صاحب منصة «إكس»، في السياسة الداخلية لألمانيا. ووصف معظم الصحف الرئيسية في البلاد دعمه حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، بأنه يشكل خطراً على الأسس الديمقراطية فيها.

حتى صحيفة «دي فيلت إم زونتاغ»، التي تصدر أيام الأحد والتي نشرت مقالاً لماسك يبرّر فيه دعمه للحزب المتطرف، بدت وسط صراع داخلي في قرارها نشر المقال. وإلى جانب مقال ماسك، أوردت مقالاً لرئيس تحريرها يان فيليب بورغارد، تحت عنوان: «لماذا يراهن ماسك على حزب البديل من أجل ألمانيا؟ ولماذا هو مخطئ؟».

وفي المقال، كتب رئيس تحرير الصحيفة اليمينية المحافظة، التي هي جزء من دار «أكسل شبرينغر» التي استحوذت على مجلة «بوليتيكو» الأميركية العام الماضي، أن ماسك «يعتقد أن حزب البديل يستطيع أن يُصلح البلد بشكل جذري، لكنه مخطئ تمام. إذ إن الحزب في جزء منه يعاني من كراهية الأجانب ومعادٍ للسامية، ولهذا فهو خطر على ألمانيا».

أليس فايدل (آ ب)
أليس فايدل (آ ب)

وأعطى بورغارد أمثلة على تورّط مسؤولين بارزين في الحزب في قضايا قانونية لتكرارهم عبارات نازية، مضيفاً أن على ماسك تذكَّر أن ذلك الحزب «ليس فقط (زعيمته) أليس فايدل». وتابع كاتب المقال أن حزب «البديل» معادٍ أيضاً لعلاقات وثيقة مع واشنطن، وفي المقابل يدعو إلى التقارب مع روسيا.

جدير بالذكر أن ماسك في سياق تبريره دعم الحزب المتطرف، كتب في مقاله الذي نشرته «دي فيلت إم زونتاغ» أن «زعيمة الحزب أليس فايدل متزوجة من امرأة من سريلانكا. هل يبدو هذا كهتلر بالنسبة إليكم؟!». وعدا عن تغريداته المستمرة دعماً للحزب، أجرى مالك منصة «إكس» مقابلة مع فايدل على منصته استمرت ساعة ونصف الساعة، ثم انضم إلى حفل انتخابي للحزب عبر دائرة الفيديو ملقياً كلمة أمام المشاركين وداعياً «إلى الخروج من عقدة الذنب التي تلاحق ألمانيا»، مما أثار انتقادات كبيرة له واتهامات بقلة فهمه للتاريخ.

من جهة ثانية، على الرغم من نشر «دي فيلت إم زونتاغ» مقالاً مضاداً لماسك، فإن قرار النشر أثار ما تشبه الثورة الداخلية في الصحيفة، وأدى إلى استقالة رئيس قسم المقالات فيها اعتراضاً. ويبدو أن علاقة الصداقة التي تربط بين ماسك ومدير عام دار نشر «أكسل شبرينغر» ماتياس دوبفنر كانت وراء قرار نشر المقال.

مجلة "دير شبيغل" (رويترز)
مجلة "دير شبيغل" (رويترز)

مع ذلك، لا يمكن اعتبار أن نشر الصحيفة للمقال خرج عن إطار انتقاد الصحافة الألمانية لتدخل ماسك. وحتى الصحيفة نفسها تعرّضت لانتقادات من صحف ومجلات أخرى لقرارها. فقد نشرت مجلة «دير شبيغل» مثلاً تحقيقاً موسّعاً تناول علاقة دوبفنر بماسك، وكيف جاء قرار نشر المقال، وما تبع النشر من «ثورة داخلية» في المؤسسة.

هذا، ودأبت «دير شبيغل»، إلى جانب صحف ومجلات أخرى عريقة في ألمانيا، مثل «دي تزايت» و«سود دويتشه تسايتونغ» و«فرانكفورتر تسايتونغ» و«تاغس شبيغل»، على انتقاد تصريحات ماسك واعتبار أنها «تقوّض الديمقراطية». وغالباً ما تركّز مواضيع هذه الصحف على آيديولوجيات حزب «البديل من أجل ألمانيا» المتطرفة التي تُعرّض التماسك الاجتماعي للخطر. وكذلك نشرت صحف ألمانية مقالات تركز على «تطبيع» تأييد ماسك للأحزاب المتطرفة من خلال دعمه لها.

مما يُذكر أن ماسك واجه سيل انتقادات من الإعلام الألماني بعد انتقاده فشل السلطات في منع اعتداء ماغديبورغ الذي وقع إبان عطلة الميلاد، حين دهس لاجئ سعودي، مطلوب من السعودية ولكن ألمانيا رفضت تسليمه، عدداً من مرتادي السوق وقتل خمسة أشخاص.

ماسك واجه سيل انتقادات من الإعلام الألماني بعد انتقاده فشل السلطات في منع اعتداء ماغديبورغ الذي وقع إبان عطلة الميلاد

وفي المقال، انتقد الكاتب تدخل «مليونير» في السياسة الألمانية، مشيراً إلى أن «السلطة حين تكون متجمعة في يد شخص واحد تشكل تهديداً لنظامنا الليبرالي».

وفي إطار الموضوع ذاته الذي يناقش تركز السلطات في يد ماسك واستغلاله موقعه، بثَّت «إذاعة برلين وبراندنبرغ» برنامجاً يتساءل عن «ما مدى خطورة قوة (سلطة) ماسك؟». ونقلت الإذاعة عن محللين وصحافيين في «دير شبيغل» و«آر تي إل»، قولهم أن تدخل ماسك «يطبّع اليمين المتطرف». ولقد انتقد كل المشاركين قرار «فيلت إم زونتاغ» نشر مقال ماسك؛ وقال نيكولاوس بلوم، رئيس قسم السياسة في «آر تي إل» -وكان نائب رئيس تحرير مجلة «دير شبيغل» وصحيفة «بيلد» سابقاً- إن المقال عُدَّ «سبقاً صحافياً» لكنه لو كان ليتخذ القرار لما كان نشره. وأضاف مبرّراً ذلك أن المقال «كان ضعيفاً، ولم أقرأ في حياتي دعوة سطحية للاقتراع مثله، بل يمكن نشر ذلك كإعلان مدفوع». وتابع منتقداً علاقة ماسك بدوبفنر الذي قرر نشر المقال من دون اعتباره إعلاناً. وللتذكير كانت دار «أكسل شبرينغر» قد استحوذت على مجلة «بوليتيكو» الأميركية، الأمر الذي ربما يبرّر حسابات مدير المجموعة.

من جهة أخرى، من الصحف والمجلات الألمانية مَن ذهب أبعد من ذلك، وصولاً إلى اعتبار ماسك «تهديداً للديمقراطية في أوروبا»، مثل مجلة «فوكس» المحافظة، التي نشرت مقالاً ينتقد «مساعي ماسك إلى قلب أوروبا رأساً على عقب». وفي المقال المنشور لكيشور سريدار، وهو كاتب متخصص يعمل في المجلة، ورد أن «ماسك يسعى بشكل ممنهج إلى خلق آراء سياسية في أوروبا... وهو بالطبع لا يقوم بذلك من مبدأ المثالية، فهو كان وما زال وسيبقى رجل أعمال يحاول دائماً أن يؤمّن مزايا لشركاته، وهو يفعل ذلك من خلال الفوضى الخلّاقة».