رغم الفوائد الاقتصادية والبيئية التي توفرها عملية تدوير النفايات وتحويلها إلى قيمة، تظل عملية رصدها وفرزها، خصوصاً في الأماكن التي تشهد وجود حشود غفيرة من البشر، مشكلة تتطلب الكثير من الجهد والوقت والأيدي العاملة، ولكن مع ثورة الذكاء الاصطناعي التي شهدها العالم أوجدت حلولاً مثالية لإدارة النفايات وتحليلها.
وتشير التقارير الحديثة إلى أن حجم النفايات في موسم الحج يقدر بـ30 ألف طن، ويشكل حتى الآن ثروة لم تستغل، أما حجم النفايات السنوية في المملكة فيقدر بـ130 مليون طن، يمكن إعادة تدوير 50 في المائة منها، في حين قُدّر احتياج موسم الحج خلال السنوات الخمس الماضية لعدد العمالة بمليارَي ريال.
ولتنظيم عمليات جمع النفايات ونقلها وفرزها وتخزينها ومعالجتها والتخلص النهائي منها بالطرق الآمنة، أسست المهندسة بدرية الخليفة، اختصاصية حوكمة بيانات، منصة ذكية لتحليل النفايات، مع شريكتها المهندسة سارة القثامي، تسهم في تسهيل حصر وفرز مكونات النفايات عن بعضها يدوياً مثل البلاستيك، والورق، والزجاج، والمعادن، وغيرها في أماكن تجمعها.
وترى بدرية الخليفة، أن هذا المشروع يسهم في بناء اقتصاد دائري مستدام، كما أنه سيطور قطاع إدارة النفايات من خلال الابتكار وتبني أفضل الممارسات والتقنيات الحديثة لتنفيذ عمليات الرصد والتوثيق والتحليل للبيانات بهدف تحسين جودة الحياة.
وتقوم فكرة المنصة على الاكتشاف الآلي للنفايات وتحليلها عبر خوارزميات الذكاء الاصطناعي، والمراقبة والكشف عن النفايات باستخدام كاميرات المراقبة المدعومة بميزات الذكاء الاصطناعي، وربطها مع لوحة تحكم تفاعلية، إضافة إلى سهولة اتخاذ القرارات، من خلال إحصاءات وتقارير تحليلية توفر رؤى شاملة في بيانات النفايات المرصودة تمكن الأطراف ذات العلاقة من اتخاذ القرارات الصحيحة في فترة زمنية قصيرة.
تقول بدرية الخليفة لـ«الشرق الأوسط»: شاركنا بفكرة المشروع لأول مرة عام 2022 مع «حجاثون» التابع لمعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة، وشاركنا المرة الثانية مع وزارة الحج والعمرة في «هاكثون» الحج والعمرة، وحصلنا على المركز الثامن من ضمن 15 فريقاً في عام 2022، والمرة الثالثة شاركت مع «نيوم» في مسرعة «أكساجون» في مدينة الرياض لعام 2023، وبعدها تبنّت وزارة الحج والعمرة المشروع، ودخلنا المسرعة لمدة ثلاثة أشهر.
وبيّنت بدرية أن الحل المقترح هو الاعتماد على الذكاء الاصطناعي باستخدام تقنيات الرؤية الحاسوبية والتعلم العميق، بالاستفادة من أكثر من أربعة آلاف كاميرا ذكية موزعة في المشاعر المقدسة، يتم تطوير الكاميرات بتقنيات وخوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تسمح بتحديد نوع الأشياء وموقعها في صورة أو فيديو.
وأوضحت أنه يمكن لهذه التقنيّة عدّ مجموع الأشياء في مشهد معين وتحديد مواقعها بدقة وتصنيفها، ومن خلال ربط الكاميرات بغرفة عمليات المراقبة الإلكترونية الموجودة في المشاعر المقدسة، تُجمع بيانات ضخمة متكاملة تفصيلية للنفايات التي رصدت، وتُخزّن البيانات التي جُمعت في لوحة تحكّم لحظية بيانية محدّثة بشكل فوري تمثل بيانات النفايات (الكمية، النوع، المواقع) برسوم وأشكال توضيحية.
ويهدف المشروع إلى حصر عدد النفايات المراد بيعها وتحديد قيمتها المالية، إضافة إلى تعزيز الجانب البيئي، والمساهمة في تحسين جودة الحياة، وتشجيع البحث والابتكار في مجال إدارة النفايات وتحليلها بالتعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث المحلية والعالمية.