فيروسات الزومبي... خطر جديد قد يثير وباءً جديداً مرعباً

علماء يحذرون من فيروسات مدفونة منذ آلاف السنين تحت الجليد

منظر جوي لجزيرة ديفون في القطب الشمالي الكندي المرتفع (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر جوي لجزيرة ديفون في القطب الشمالي الكندي المرتفع (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

فيروسات الزومبي... خطر جديد قد يثير وباءً جديداً مرعباً

منظر جوي لجزيرة ديفون في القطب الشمالي الكندي المرتفع (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر جوي لجزيرة ديفون في القطب الشمالي الكندي المرتفع (أرشيفية - أ.ف.ب)

حذّر علماء من أن البشرية تواجه تهديداً وبائياً جديداً وغريباً، إذ يقولون إن الفيروسات القديمة المتجمدة في التربة الجليدية (الصقيعية) في القطب الشمالي يمكن أن تُطلق ذات يوم بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض وتطلق العنان لتفشي مرض كبير.

وذكر تقرير لصحيفة «الغارديان»، اليوم (الأحد)، أنه تم بالفعل عزل سلالات من ميكروبات الميثوسيلا - أو كما تُعرف بفيروسات الزومبي - من قبل الباحثين الذين أثاروا مخاوف من احتمال حدوث حالة طوارئ طبية عالمية جديدة، ليس بسبب مرض جديد على العلم، ولكن بسبب مرض من الماضي البعيد.

ونتيجة لذلك، بدأ العلماء في التخطيط لإنشاء شبكة مراقبة في القطب الشمالي، من شأنها أن تحدد الحالات المبكرة لمرض تسببه الكائنات الحية الدقيقة القديمة. بالإضافة إلى ذلك، ستوفر الحجر الصحي والعلاج الطبي المتخصص للأشخاص المصابين، في محاولة لاحتواء تفشي المرض، ومنع المصابين من مغادرة المنطقة.

وقال عالم الوراثة، جان ميشيل كلافيري، من جامعة «إيكس مرسيليا» بفرنسا: «في الوقت الحالي، تركز تحليلات التهديدات الوبائية على الأمراض التي قد تظهر في المناطق الجنوبية ثم تنتشر شمالاً». وتابع: «على النقيض من ذلك، لم يتم الاهتمام بالأمراض التي تظهر شمالاً ثم تنتقل للجنوب، وأعتقد أن هذا خطأ غير مقصود. هناك فيروسات لديها القدرة على إصابة البشر وبدء تفشي مرض جديد».

وقد أيّدت هذه النقطة عالمة الفيروسات ماريون كوبمانز من مركز «إيراسموس» الطبي في روتردام، وقالت: «لا نعرف ما هي الفيروسات الموجودة هناك في التربة الجليدية، ولكن أعتقد أن هناك خطراً حقيقياً من احتمال وجود فيروس قادر على التسبب في تفشي المرض. على سبيل المثال، شكل قديم من شلل الأطفال. علينا أن نفترض أن شيئاً من هذا القبيل يمكن أن يحدث».

في عام 2014، قاد كلافيري فريقاً من العلماء الذين عزلوا الفيروسات الحية في سيبيريا، وأظهروا أنها لا تزال قادرة على إصابة الكائنات وحيدة الخلية، على الرغم من أنها كانت مدفونة في التربة الجليدية لآلاف السنين. وكشفت أبحاث أخرى، نُشرت العام الماضي، عن وجود عدة سلالات فيروسية مختلفة من 7 مواقع مختلفة في سيبيريا، وأظهرت أنها يمكن أن تصيب الخلايا المزروعة. وكان عمر إحدى عينات الفيروس 48500 سنة.

وقال كلافيري: «الفيروسات التي عزلناها كانت قادرة على إصابة الأميبات فقط، ولم تشكل أي خطر على البشر». وتابع: «مع ذلك، هذا لا يعني أن الفيروسات الأخرى، المجمدة حالياً في التربة الجليدية، قد لا تكون قادرة على التسبب في أمراض لدى البشر. لقد حددنا آثاراً جينية لفيروسات الجدري وفيروسات الهربس، وهي من مسببات الأمراض البشرية المعروفة».

تغير المناخ... وكوب الزبادي

تغطي التربة الجليدية خمس نصف الكرة الشمالي، وتتكون من التربة التي تم الاحتفاظ بها عند درجات حرارة أقل من الصفر لفترات طويلة. واكتشف العلماء أن بعض الطبقات ظلت متجمدة لمئات الآلاف من السنين.

وقال كلافيري لصحيفة «الأوبزرفر»، الأسبوع الماضي: «النقطة الحاسمة فيما يتعلق بالتربة الجليدية هي أنها باردة ومظلمة وتفتقر إلى الأكسجين، وهو مثالي للحفاظ على المواد البيولوجية». وأردف: «يمكنك وضع الزبادي في التربة الصقيعية، وقد يظل صالحاً للأكل بعد 50 ألف عام».

لكن التربة الجليدية في العالم تتغير، ففي كندا وسيبيريا وألاسكا، يذوب جزء من هذه التربة مع تأثير تغير المناخ على القطب الشمالي بشكل غير متناسب. ووفقاً لخبراء الأرصاد الجوية، فإن حرارة المنطقة ترتفع عدة مرات أسرع من متوسط معدل الزيادة في ظاهرة الاحتباس الحراري.

ومع ذلك، فإن ذوبان التربة الجليدية ليس هو الذي يشكل الخطر الأكثر إلحاحاً، حسبما أضاف كلافيري، وفسر قائلاً لصحيفة «الغارديان»: «إن الخطر يأتي من تأثير آخر للاحتباس الحراري؛ اختفاء الجليد البحري في القطب الشمالي، وهذا يسمح بزيادة في الشحن وحركة المرور والتنمية الصناعية في سيبيريا. ويجري التخطيط لعمليات استخراج معادن بشكل ضخم، وسوف يؤدي ذلك إلى إحداث ثقوب واسعة في التربة الجليدية العميقة لاستخراج النفط والخامات».

وتابع الباحث: «ستطلق هذه العمليات كميات هائلة من مسببات الأمراض التي لا تزال تزدهر هناك. سوف يدخل عمال المناجم ويتنفسون الفيروسات. العواقب قد تكون كارثية».

وقد أكدت كوبمانز على هذه النقطة، إذ أشارت إلى أنه «إذا نظرت إلى تاريخ تفشي الأوبئة، فإن أحد المحركات الرئيسية هو التغيير في استخدام الأراضي. انتشر فيروس (نيباه) عن طريق خفافيش الفاكهة التي طردها البشر من بيئتها. وبالمثل، تم ربط مرض جدري القرود بانتشار التحضر في أفريقيا. وهذا ما نحن على وشك أن نشهده في القطب الشمالي، تغيير كامل في استخدام الأراضي، وقد يكون ذلك خطيراً، كما رأينا في أماكن أخرى».

ويعتقد العلماء أن التربة الجليدية في أعمق مستوياتها قد تحتوي على فيروسات يصل عمرها إلى مليون سنة، وبالتالي ستكون أكثر قدماً من جنسنا البشري، الذي يعتقد أنه ظهر قبل نحو 300 ألف سنة.

ويعمل كلافيري وآخرون مع «يو أركتيك»، جامعة القطب الشمالي، وهي شبكة تعليمية دولية في المنطقة القطبية، على خطط لإنشاء مرافق الحجر الصحي وتوفير الخبرة الطبية التي يمكنها تحديد الحالات المبكرة للعدوى وعلاجها محلياً لمحاولة احتوائها. ويقول كلافيري: «إننا نواجه الآن تهديداً ملموساً، وعلينا أن نكون مستعدين للتعامل معه».


مقالات ذات صلة

بريطانيا: أكثر من وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات «ستكون بسبب السرطان»

صحتك بحث يؤكد أن حالات الوفاة بالسرطان بين البريطانيين في ازدياد (رويترز)

بريطانيا: أكثر من وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات «ستكون بسبب السرطان»

خلص تقرير جديد إلى أن أكثر من حالة وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات في المملكة المتحدة ما بين الآن وعام 2050 ستكون بسبب السرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك شعار برنامج الدردشة الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي «شات جي بي تي» (رويترز)

دراسة: «شات جي بي تي» يتفوق على الأطباء في تشخيص الأمراض

كشفت دراسة علمية جديدة، عن أن روبوت الدردشة الذكي الشهير «شات جي بي تي» يتفوق على الأطباء في تشخيص الأمراض؛ الأمر الذي وصفه فريق الدراسة بأنه «صادم».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم بولينا براندبرغ قالت على «إكس» إنها تعاني من «أغرب رهاب للموز في العالم» (رويترز)

غرف خالية من الموز بسبب «فوبيا» وزيرة سويدية

تسببت فوبيا تعاني منها وزيرة سويدية في دفع مسؤولين حكوميين إلى طلب إخلاء الغرف من الفاكهة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الإصابة بحصوات الكلى والنقرس من الحالات الشائعة (المعهد الوطني للصحة بالولايات المتحدة)

أدوية للسكري تخفّض خطر الإصابة بحصوات الكلى

أظهرت دراسة جديدة أنّ نوعاً من أدوية علاج مرض السكري من النوع الثاني قد يساعد في تقليل خطر الإصابة بحصوات الكلى.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك علب من أدوية «أوزمبيك» و«ويغوفي» (رويترز)

أدوية «أوزمبيك» و«ويغوفي» المضادة للسكري تكبح التدهور المعرفي المرتبط بألزهايمر

كشف فريق من الباحثين الأميركيين أن عقار سيماغلوتيد، الذي يتم تسويقه تحت اسمي «أوزمبيك» و«ويغوفي» من شأنه أن يحسن بشكل ملحوظ استهلاك الدماغ للسكر.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)
أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)
TT

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)
أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

تسببت درجات حرارة المحيطات المرتفعة بشكل قياسي في زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية التي سُجّلت سنة 2024، بحسب دراسة نُشرت الأربعاء، ما يؤكد أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف.

وأظهرت هذه الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل من 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال معدّ الدراسة، دانييل غيلفورد، في حوار مع وسائل الإعلام: «لقد أثرت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة الأخرى على درجات حرارة سطح البحار في مختلف أنحاء العالم».

وفي خليج المكسيك، تسببت هذه الانبعاثات في ارتفاع درجات حرارة سطح البحر بنحو 1.4 درجة مئوية مما كانت عليه، لتكون في عالم لا يواجه تغيراً مناخياً.

وهذا الارتفاع في درجات الحرارة يفاقم رياح الأعاصير التي تزداد قوتها. وتحوّلت ظواهر مثل «ديبي» و«أوسكار» بشكل سريع من عواصف استوائية إلى أعاصير فعلية.

صورة تظهر الأضرار التي لحقت بمدينة أشفيل في ولاية كارولينا الشمالية الأميركية بعد مرور إعصار هيلين 29 سبتمبر 2024 (رويترز)

وارتفع مستوى أعاصير مثل «ميلتون» و«بيريل» على مقياس سافير-سيمبسون من الرابع إلى الخامس، بسبب التغير المناخي، بينما ارتفع مستوى إعصار «هيلين» من الثالث إلى الرابع.

ويُترجَم هذا الارتفاع في المستوى بزيادة القدرة التدميرية أربع مرات تقريباً.

وكان الإعصار «هيلين» مدمراً بشكل خاص، إذ أدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص، وعُدّ ثاني أعنف إعصار يضرب القارة الأميركية منذ أكثر من نصف قرن، بعد إعصار «كاترينا» عام 2005.

وبحسب دراسة أخرى أجراها «كلايمت سنترال» بين عامي 2019 و2023، باتت حدّة 84 في المائة من الأعاصير أكبر بكثير بسبب احترار المحيطات الناجم عن الأنشطة البشرية.

وعلى الرغم من أن دراستيهم ركزتا على حوض المحيط الأطلسي، فإن الباحثين أكدوا أن النهج الذي اعتمدوه يمكن تطبيقه على الأعاصير المدارية على نطاق عالمي.

وحذّر علماء المناخ من احتمال تفاقم التأثيرات مع تخطي الاحترار 1.5 درجة مئوية.